المساعدات الأمريكية الخاصة: الأرقام وما وراءها

المساعــدات الأميركية الخاصــة: الأرقام ومــا وراءهــا

المساعدات الأمريكية الخاصة: الأرقام وما وراءها


11/01/2024

عوفر شيلح وهداس شبتاي

تحظى إسرائيل بالمكانة الأولى بين الدول التي تحصل على المساعدات الأمنية من الولايات المتحدة، في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي. منذ إقامة الدولة في 1948 حولت الولايات المتحدة لإسرائيل في هذا الإطار اكثر من 130 مليار دولار. في العقود الأخيرة تم تحديد مبلغ المساعدات في مذكرة تفاهمات بين الدولتين لعشر سنوات. الاتفاق الأخير تم التوقيع عليه في العام 2016 ودخل إلى حيز التنفيذ في العام 2019، وسيبقى ساري المفعول حتى العام 2028. في إطاره ستبلغ المساعدات السنوية 3.8 مليار دولار، 500 مليون منها مخصصة بالذات للدفاع الجوي الناجع – القبة الحديدية ومقلاع داود ومنظومات أخرى.

في إطار اتفاق التفاهمات الحالي تحدد أيضا أنه من بداية العام 2023 سيقل بالتدريج بند التحويل (أو.اس.بي) الذي في إطاره 26.3% من المساعدات السنوية، 815 مليون دولار، قابلة للتحويل إلى شواكل، أي أن جهاز الأمن في إسرائيل يمكنه شراء معدات أو خدمات إسرائيلية وأن يدفع لها بالشواكل التي هي استبدال للدولارات التي حصلت عليها من الولايات المتحدة. هذا البند يمكن أن يقل بالتدريج كل سنة وأن يصل إلى الصفر في العام 2028. والمعدل المتوسط في العشر سنوات التي يكون فيها الاتفاق ساري المفعول هو 16%. معنى تقليص بند الاستبدال هو كبير وخطير بالنسبة للصناعات الأمنية الإسرائيلية، بالأساس الصناعات المتوسطة والصغيرة التي هي غير قادرة على فتح مصانع في أميركا من اجل أن تسمح لنفسها بالاستفادة من ميزانية بالدولار.

المساعدات الخاصة في الحرب الحالية

بعد فترة قصيرة على بدء الحرب في القطاع قدمت الإدارة الأميركية للكونغرس اقتراحا لمساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل بمبلغ غير مسبوق وهو 14.25 مليار دولار، أي اقل بقليل من المبلغ الذي كانت إسرائيل ستحصل عليه في اربع سنوات من المساعدات حسب الخطة العادية.

حتى كتابة هذه السطور فإن مشروع الاقتراح ما زال عالقا في الكونغرس بسبب السياسة الداخلية. فالرئيس الأميركي، جو بايدن، ربط زيادة المساعدات لإسرائيل بمبلغ اكبر مخصص لدعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، ومن اجل إقامة عائق ضد اختراق المهاجرين للولايات المتحدة ولمساعدة تايوان. المبلغ الإجمالي الذي طلب المصادقة عليه هو 106 مليارات دولار. معظم هذا المبلغ كما قلنا لمساعدة أوكرانيا، وهو الأمر المختلف عليه بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري. مشكلة أخرى هي مصدر التمويل، حيث إن الحزب الجمهوري في الكونغرس يريد أن يأتي من خلال تقليص ميزانية سلطة ضريبة الدخل. المساعدات لإسرائيل متفق عليها بين جانبي الخارطة السياسية الأميركية، لكن الرئيس الأميركي غير مستعد للمصادقة عليها بشكل منفصل. لذلك، في هذه الأثناء هذه المساعدات لم تتم المصادقة عليها من مجلس النواب وهي غير متاحة لإسرائيل.

في المقابل، وزارة المالية أصبحت تضمن المبالغ المخصصة في كلفة تمويل الحرب وميزانية العام 2024. ويشار إلى أنه في 30 كانون الأول 2023 اعلن وزير الخارجية الأميركي عن تحويل مساعدات لإسرائيل، ما يمكن فعله بدون مصادقة الكونغرس (هذه هي المرة الثانية التي تمت فيها المصادقة على المساعدات، المرة الأولى كانت في 9 كانون الأول). من غير الواضح إذا كان هذا المبلغ سيتم شمله في نهاية المطاف في مبلغ المساعدات الإجمالية التي ستتم المصادقة عليها.
على فرض أنه في نهاية المطاف سيتم حل الاختلاف الأميركي الداخلي، ورزمة المساعدات لإسرائيل ستتم المصادقة عليها، فمن الجدير استعراض تفاصيل البنود المشمولة في هذا الاقتراح من اجل فهم ما يمكن حقا لجهاز الأمن أن يستنتجه من ذلك فعليا، سواء في تمويل الحرب أو في النظر إلى الأمام. هذا في إطار الإعداد لميزانية العام 2024 الذي يمكن أن يكون عام حرب، وبنظرة إلى المستقبل.

توضيحات وملاحظات للبنود المختلفة (كل الاقتباسات

هي من داخل وحسب مشروع القانون الذي تم تقديمه للكونغرس)

البند «أ» - وهو مخصص بالأساس لاستكمال النواقص الناتجة بسبب الحرب في القبة الحديدية ومقلاع داود والحيتس، وزيادة الاحتياطي في القذائف الاعتراضية التي توجد لدى إسرائيل أمام خطر توسع واستمرار المواجهات. في مشروع القانون لا يوجد تفصيل للاستخدام المحدد. ولكن الحديث يدور عن مبلغ بثمانية أضعاف عن المبلغ السنوي المخصص لهذا البند. لذلك، يمكن أن يستخدم ليس فقط لزيادة مخزون القذائف الاعتراضية، بل أيضا لبطاريات أخرى. يجب التذكر بأن الرئيس جو بايدن قد حول لإسرائيل مليار دولار إضافة إلى المبلغ المنصوص عليه في اتفاق المساعدات بعد عملية «حارس الأسوار» في العام 2021.

القذائف الاعتراضية للقبة الحديدية يتم إنتاجها، سواء في إسرائيل أو الولايات المتحدة، حيث تم نقل إلى هناك جزاء من الإنتاج حسب طلب من أميركا. في مشروع القانون نفسه لا يوجد تفصيل حول مكان إنفاق المبالغ، وربما أن الأمر يحتاج إلى اتفاق منفصل بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول هذا الشأن.

البند «ب» – حسب مشروع القانون فإن الحديث يدور عن شراء عتاد للجيش. ويمكن الافتراض أن القصد هو السلاح للقوات البرية، الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي بنطاق واسع في القتال الحالي. من مشروع القانون غير واضح إذا كان المبلغ يغطي تكلفة السلاح الذي ارسل في السابق لإسرائيل في إطار «القطار الجوي»، الذي أرسلته الإدارة من الأيام الأولى للقتال. لكن من الواضح أن هذا القطار سيتيح لإسرائيل مبلغا مهما، 3 مليارات شيكل، لتجديد المخزون أثناء القتال وبعده. هذا إضافة إلى «التخزين المسبق» الأميركي الذي يسمح لإسرائيل باستخدامه في حالة الطوارئ حسب اتفاق بين الدولتين تم التوقيع عليه قبل عدة سنوات، الذي تشير إليه المادة 8.

الأمر نفسه بخصوص البند «ج» بالنسبة لسلاح البحرية، والبند «د» بالنسبة لسلاح الجو.

البند «هـ» - هذا فعليا مضاعفة لمرة واحدة بالنسبة للمساعدات العادية، 3.8 مليار دولار في السنة. يجب التذكر بأن هذه الميزانية تستخدم بالأساس لشراء ما يسمى «معدات أساسية»، مثل طائرات «اف ــ 35» أو الطائرات المروحية للنقل، التي وقعت إسرائيل على صفقة لشرائها مع شركة «بوينغ» من اجل أن تستبدل الطائرات المروحية «يسعور» المتقادمة.

يمكن أن تمول هذه الميزانية المشتريات التي تنبع من دروس الحرب، مثل زيادة عدد الطائرات المروحية القتالية أو أنظمة الدفاع النشطة (هذه أمثلة للتوضيح، كُتاب المقال لا يعرفون عن القرارات التي تم اتخاذها بالفعل). وبنظرة أخرى، يمكن رؤية في هذا المبلغ زيادة لحجم المساعدات العادية، من 33 مليار دولار في الأعوام 2019 – 2023، إلى 36.5 مليار دولار.

في مشروع القانون كتب بشكل صريح بأن إسرائيل يمكنها استخدام الـ 3.5 مليار دولار الإضافية لشراء معدات وخدمات أمنية في إسرائيل. المعنى هو زيادة واضحة على المبلغ القابل للاستبدال بالشواكل، الذي يساوي اربع سنوات من الاستبدال في الخطة الأصلية – أو ثلثي إجمالي بند الاستبدال على طول اتفاق المساعدات الحالي.
الحديث يدور عن 12 مليار شيكل حسب سعر الصرف الحالي – التي حسب صيغة القانون سيكون بالإمكان إنفاقها في إسرائيل في السنوات القريبة القادمة – ما توجد له معان كثيرة بالنسبة لوزارة الدفاع والصناعات الأمنية الإسرائيلية، بالأساس الصناعات المتوسطة والصغيرة. مع ذلك، الولايات المتحدة أظهرت في السابق حساسية كبيرة للاستخدام الذي تقوم به إسرائيل لأموال الاستبدال، لأنه بالنسبة لها المساعدات استهدفت تعزيز أمن إسرائيل وليس بالتحديد تعزيز الصناعات الإسرائيلية. هكذا فإن الأمر يحتاج إلى الحذر والتنسيق حول الاستخدام لهذه الأموال.

البند «و» والبند «ز» – ميزانية منفصلة لتطوير منظومة «الشعاع الحديدي» للحماية من سلاح الليزر شديد الانحدار وقصير المدى، التي تنقسم لأسباب أميركية داخلية إلى بندين. يجب التذكر بأن منظومة «الشعاع الحديدي» لم تدخل إلى حيز التنفيذ بعد. ورغم الإنجازات العلمية المسجلة خلال تطويرها في شركة رفائيل، فإن هناك خلافات حول تفضيلها على بدائل أخرى للحماية من الصواريخ والقذائف.

البند «ح» – في مشروع القانون جاء أن هذه الإضافة هي من اجل «عمليات وصيانة، في كل مجال الدفاع»، للرد على أي هجوم ضد إسرائيل. وكتب أيضا بأنه سيستخدم لتجديد مخزون وزارة الدفاع وتمويل خدمات قدمت لإسرائيل. البند لا يفصل اكثر من ذلك.

يمكن الافتراض أن الأمر يتعلق قبل أي شيء آخر بتجديد «التخزين المسبق» الذي يوجد في إسرائيل (بالأساس قذائف للمدافع والدبابات)، والذي انخفض حتى قبل 7 تشرين الأول بسبب الحرب في أوكرانيا.

حسب ما نشر في أيار 2023 فإن الأميركيين نقلوا في تلك السنة من إسرائيل حوالى ألف حاوية من المعدات العسكرية، منها مئات آلاف قذائف المدفعية (155 ملم).
من المرجح أن الجيش الإسرائيلي يستخدم ما تبقى في القتال الحالي. لكن لأن البند يتحدث عن إضافة لميزانية الدفاع الأميركية وليس عن مساعدات لدول أجنبية (مثلما في البند هـ)، فيمكن الفهم أن القرار حول كم من الميزانية سيحول فعليا إلى إسرائيل، هو موجود في يد «البنتاغون».

البند «ط» – هذه الميزانية غير مخصصة لمساعدة إسرائيل، بل لتمويل نفقات وزارة الخارجية التي تنبع عن الحرب في الشرق الأوسط، مثل إخلاء مدنيين أميركيين من مناطق القتال.

إضافة إلى ذلك يجب التذكير بأنه حسب جزء المساعدات الذي يتم استخدامه في أميركا فإن وزارة المالية تجبي ضريبة القيمة المضافة، 17%، التي يتم دفعها من ميزانية الدفاع «الصافية»، أي ميزانية بالشيكل من خزينة الدولة. مثلا، عن المشتريات في الولايات المتحدة بمليار دولار فإنه سيحول من ميزانية الدفاع لوزارة المالية (حسب سعر الصرف 3.7 شيكل للدولار) 600 مليون شيكل تقريبا، التي يتم دفعها من ميزانية الدفاع، لكنها لا «تخلق» الأمن. المعنى هو أنه عن الجزء نفسه من المساعدات الخاصة التي يدور الحديث عنها هنا، التي سيتم استخدامها في الولايات المتحدة لشراء القذائف الاعتراضية أو عتاد لسلاح الجو أو أشياء أساسية يتم إنتاجها هناك، ستجبى ضريبة القيمة المضافة التي ستقلص بشكل كبير الميزانية بالشيكل، المتاحة أمام منظومة الدفاع لاستخدامات أخرى، إلا إذا تم الاتفاق خلافا لذلك بين وزارة المالية (خزينة الدولة) ومنظومة الأمن.

الخلاصة

مشروع القانون حول مساعدات خاصة لإسرائيل، الذي لم تتم بعد المصادقة عليه في الكونغرس رغم تأييد طرفي الخارطة السياسية الأميركية، سيمنح إسرائيل جزءا كبيرا من تكلفة الحرب الحالية. 4.85 مليار دولار تم تخصيصها لهذا الأمر مباشرة (البنود من «أ» وحتى «د»)، ومبلغ 4. 4 مليار دولار التي تم تفصيلها في البند «ح» يوجد في يد وزارة الدفاع الأميركية، التي يمكنها تحويله إلى إسرائيل من اجل تمويل تجديد احتياطي السلاح للقوات البرية والاحتياجات الجارية الأخرى. بدون الدخول هنا إلى تحليل نفقات الحرب الفعلية فإن الحديث يدور فقط، من اجل المقارنة، عن مبلغ اكبر بخمسة أضعاف من تكلفة تجديد الاحتياط بعد 51 يوما في عملية الجرف الصامد، التي تحددت بعد المفاوضات بين وزارة المالية ووزارة الدفاع بمبلغ 7 مليارات شيكل.

عن "الأيام"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية