المخابرات الألمانية: مركز اجتماعي متورط بدعم حزب الله مالياً

المخابرات الألمانية: مركز اجتماعي متورط بدعم حزب الله مالياً


21/07/2020

بعد نحو أسبوع على كشف الكويت خلية تابعة لحزب الله اللبناني متورطة في غسل أموال، كشف جهاز المخابرات المحلية في بريمن شمالي ألمانيا، أنّ أحد المراكز الاجتماعية في المنطقة، وهو "مركز المصطفى المجتمعي"، متورّط بتقديم الدعم المالي لحزب الله.

ويستخدم حزب الله اللبناني مركزاً في برلين، بالإضافة إلى مواقع أخرى تنتشر في جميع أنحاء ألمانيا، لتجنيد أعضاء وجمع أموال لشراء الأسلحة وتمويل الإرهاب، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "تاغيسبيغل" الألمانية، العام الماضي، تحت عنوان: "كيف يعمل حزب الله سراً في ألمانيا؟".

ووصل إلى ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، منذ العام 2015، غالبيتهم العظمى من الشباب الذين يبحثون عن عمل لتأمين حياتهم ولا يتكلمون لغة البلد، الأمر الذي تستغله العصابات، والميليشيات كحزب الله.

وتناولت الصحيفة الألمانية، بشكل مفصل، كيفية استخدام حزب الله لألمانيا للقيام بأنشطة غير مشروعة "تدر أموالاً وأرباحاً" تستخدم في أغراض شراء الأسلحة وتمويل الهجمات (الإرهابية)".

أحدث اختراقات حزب الله في ألمانيا

أحدث اختراقات حزب الله في ألمانيا، كشف عنه، مؤخراً، تقرير نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، أظهر أنّ أجهزة المخابرات الألمانية أماطت اللثام عن مركز "المصطفى" الذي يعمل تحت غطاء اجتماعي لخدمة الطائفة الشيعية في ألمانيا "تبيّن أنه يجمع الأموال ويحوّلها إلى حزب الله في لبنان".

اقرأ أيضاً: حزب الله يقض أمن الخليج: الكويت تفكك شبكة لغسيل الأموال

وأشار التقرير إلى أنّ "50 شخصاً من مناصري حزب الله ينشطون في بيرمن من خلال مركز المصطفى الذي بات يجسّد نقطة وصل بين الشيعة في المنطقة، وخصوصاً اللبنانيين منهم، وحزب الله". وبينما لم يحدّد التقرير حجم التحويلات المالية عبر المركز، يقدّر أنّ للحزب 1050 شخصاً بين أعضاء ومناصرين في أنحاء ألمانيا.

كشف جهاز المخابرات المحلية في بريمن شمالي ألمانيا، أنّ أحد المراكز الاجتماعية في المنطقة، وهو "مركز المصطفى المجتمعي"، متورّط بتقديم الدعم المالي لحزب الله

وأشار التقرير إلى أنّ "المصطفى" أرسل الأموال لأسر مقاتلي حزب الله، وعمل على ملء الفراغ الناتج عن حظر الحكومة الألمانية "مشروع اليتيم اللبناني" على أراضيها عام 2014.

تهديد أمني لمصالح أوروبا

وكانت الاستخبارات الداخلية الألمانية "هيئة حماية الدستور" كشفت في تقريرها السنوي للعام 2019 عن وجود تهديد أمني لمصالح أوروبا، بالتزامن مع تقارير أشارت إلى هجمات محتملة قد يشنها عناصر تابعون لحزب الله اللبناني، المدعوم من إيران. مؤكداً أنّ "إيران استغلت المركز الإسلامي في مدينة هامبورغ الذي تُشرف عليه شخصيات مدعومة من طهران، لإنشاء شبكة من الاتصالات داخل العديد من المساجد والجمعيات الشيعية الإسلامية، بهدف السيطرة عليها بالكامل".

وفي وقت سابق، كان تقرير لوكالة الاستخبارات في هامبورغ أشار إلى أنّ نحو 30 مسجداً ومركزاً ثقافياً في ألمانيا تربطهم صلات بحزب الله اللبناني.

ووفقاً لما أورده تقرير صحيفة "تاغيسبيغل"، يستخدم أعضاء حزب الله ألمانيا في تهريب المخدرات وتجارة السيارات المسروقة وغسل الأموال، وتوجد وثائق مؤكدة تثبت تورط الحزب بتجارة المخدرات بألمانيا". وأضاف التقرير، بحسب "العربية نت"، أنّ "المسارات الرئيسية لحزب الله تنتقل حالياً من أمريكا الجنوبية إلى أفريقيا، ومنها إلى الاتحاد الأوروبي، حيث يتم تهريب الكوكايين إلى ألمانيا بشكل أساسي عبر موانئ روتردام وأنتويرب وهامبورغ".

اقرأ أيضاً: لبنان بلد جميل لكن من غير حزب الله

وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" قد نشرت حصرياً في آب (أغسطس) العام الماضي، أنّ مسجداً تابعاً لحزب الله في مدينة مونستر الألمانية نشر مقطع فيديو مروعاً على صفحته على "فيسبوك"، ويعلن فيه عن فخره بما تم تصنيفه أنشطة إرهابية وولائه لإيران والمرشد الأعلى علي خامنئي. وقالت إنّ عضواً لبنانياً من الطائفة الشيعية في مونستر، أعلن: "نحن ننتمي إلى حزب روح الله (الخميني). لقد اتهمنا بأننا إرهابيون، (فليكن) نحن فخورون بالإرهاب".

تعاون حزب الله مع عصابات عائلية

وفي سياق متصل، كشفت تقارير عن تعاون حزب الله مع عصابات عائلية في ألمانيا، توسّعت على نحو لافت خلال الأعوام الماضية.

اقرأ أيضاً: ما قصة مافيا العائلات في ألمانيا... وما علاقة حزب الله؟

وأشار تقرير نشرته جريدة "العرب" اللندنية إلى أنّ تعاون حزب الله مع العصابات العائلية يجعله قادراً على تسيير أموره في أوروبا وليس في ألمانيا فقط.

ويعتبر الباحث اللبناني الألماني رالف غضبان، الذي أصدر كتاباً بعنوان "العشائر العربية ـ الخطر المستهان به" أنّ الخوف من التمييز بحقّ الأقليات جعل من الممنوع الحديث عن عصابات ذات طابع عرقي، بحسب المصدر ذاته.

وقال غضبان إنّ العصابات و"العشائر العربية" تُعدّ من الحلفاء الموثوقين لحزب الله في العمليات الإجرامية في ألمانيا.

ويرى أنّ حزب الله قد يعتمد الآن أكثر على هذه العصابات بعد حظره، لافتاً إلى أنه بالرغم من أنّ الاستخبارات الألمانية تعدّ 1050 شخصاً أعضاء منتمين إلى حزب الله في ألمانيا، فإنّ أعدادهم الحقيقية قد تكون أكبر بكثير من ذلك. إذ إنّه منذ سقوط جدار برلين عام 1991 وصلت موجة كبيرة من اللبنانيين إلى ألمانيا، بينهم عدد كبير من الشيعة.

وأضاف أنّ هؤلاء وصلوا حاملين معهم انتماءاتهم السياسية نفسها؛ أي إنّهم في غالبيتهم مؤيدون لحزب الله وحركة أمل، ما يعكس الانتماءات السياسية للشيعة في لبنان.

شباب عرضة للتجنيد

ويعود سبب رغبة هذه العصابات في زجّ اللاجئين الشباب في هذه الأعمال إلى أنّ الكثير منهم "وصلوا وحيدين إلى ألمانيا وليست لديهم ملفات قضائية"، ما يقلل من احتمال سجنهم في حال التوقيف، بحسب ما أفاد المسؤول في الشرطة الألمانية بنيامين يندرو، لكنهم، بحسب مراقبين، يبقون عرضة للتجنيد على يد أعضاء في حزب الله ناشطين في ألمانيا.

الكاتب مشاري الذايذي: ألمانيا ليست فقط مركزاً مهماً لحزب الله اللبناني، بل لمجموعات إخوانية عربية وتركية منذ عقود وعقود، فهل حانت لحظة اليقظة من الغفوة؟

وكانت ألمانيا حظرت أنشطة حزب الله على أراضيها، وصنّفته منظمة إرهابية في نيسان (إبريل) الماضي، بعد قرارها التخلّي عن الفصل بين الجناح السياسي للحزب وجناحه العسكري.

وفي تعليقها على هذا القرار، قالت الكاتبة سوسن الشاعر، في مقال نشرته جريدة "الوطن" البحرينية إنّ "الخطوة الألمانية الأخيرة بإعلان حزب الله منظمة إرهابية بجناحيه العسكري والسياسي، ثم منع السلطات الألمانية للمسيرة الإيرانية السنوية، تعد تحولاً عظيماً في العلاقات الأوروبية الإيرانية، إذ إنّ ألمانيا ليست أي حلقة بالتمدد الإيراني، بل تعتبر ألمانيا الرئة التي تتنفس منها إيران أوروبياً".

المعلومات الاستخباراتية الغربية

وقالت الكاتبة: "القرار لم يظهر فجأة، فالمعلومات الاستخباراتية الغربية أبلغت السلطات الألمانية أنّ إيران تنوي أن تنقل جزءاً من عملياتها إلى الأراضي الأوروبية انطلاقاً من ألمانيا، وكانت هناك محاولات عديدة من قبل لإصدار مثل هذا القرار، ولكن الصراعات في الداخل الألماني بين الأحزاب أجّلت هذا القرار أكثر من مرة".

اقرأ أيضاً: البطريرك الماروني يحشد المسيحيين ضد هيمنة حزب الله على لبنان

وأضافت الشاعر: "هذه (بركات) الأحزاب اليمينية الغربية التي تتعامل بنظرة واقعية لا مثالية رومانسية وهمية كاليسار المتحالف مع الجماعات الإرهابية العربية، ظناً منه أنها تمثل الشعوب كالإخوان المسلمين وكالميليشيات الممولة من إيران".

ورأى عدد من الكتاب العرب أنّ القرار الألماني جاء بعد ضغوط أمريكية إسرائيلية، بينما تساءل كتاب آخرون عما إذا كان قرار ألمانيا سيتبعه قرارات مماثلة من دول أوروبية أخرى، حيث كتب الصحفي مشاري الذايدي في جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية: "ما هي الدول الأوروبية التي ما زالت بعد غافية على وسادة الوهم، ولم ترَ بعد الوجه الإجرامي الكالح لهذه الشبكة الدولية المحترفة للإرهاب والاغتيالات والتفخيخ، وصناعة العبوات الناسفة، وغسل الأموال وتجارة المخدرات والتعاون مع الشبكات الإرهابية الأخرى مثل تنظيم القاعدة؟"

اقرأ أيضاً: اللبنانيون يضيقون ذرعا بسلاح حزب الله

وأضاف: "عجيبٌ جداً هذا الصمت الأوروبي عن النشاط الإرهابي الإيراني، عبر ذراعه اللبناني حزب الله، أو مباشرة من خلال الحرس الثوري، رغم ثبوت الأدلة المادية على تورط هذه الشبكات الإيرانية بعمليات اغتيالات أو تفجيرات جماعية".

وتساءل الكاتب: "ألمانيا ليست فقط مركزاً مهماً لحزب الله اللبناني، بل لمجموعات إخوانية عربية وتركية منذ عقود وعقود، فهل حانت لحظة اليقظة من الغفوة، أم هي خطوة منبتّة فريدة لا تعني انقلاباً غربياً أوروبياً على إدمان النوم مع الشيطان؟"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية