أحمد محمد الشحي
نشأ تنظيم «الإخوان» حزباً سياسياً وصولياً، يستخدم الشعارات البراقة والدعايات المضللة للتغرير بالناس واستقطابهم، ومحاولة استغلال عواطفهم الدينية، وظروفهم الاجتماعية.
وتوظيف أي شأن أو قضية في هذا المجتمع أو ذاك لتشويه الأطراف التي ترفض توجهاتهم وأيديولوجياتهم، ومحاولة التسلق بذلك لتحقيق مكاسب سياسية، مستخدمين في سبيل ذلك أساليب الكذب والخداع والخيانة والتآمر، دون أن يتحرك في نفوسهم وازع من دين أو أخلاق.
هكذا نشأ التنظيم، وهكذا سعى لتنفيذ خططه عبر مراحله المختلفة، ما أعطى قناعة راسخة لدى العلماء والمفكرين والمثقفين والمراقبين والقادة والشعوب، بخطورة هذا التنظيم، ومدى ما يتحلى به من نهج وصولي ماكر لتحقيق مآربه، وقد مر التنظيم بمحطات كثيرة فضحت أجنداته أمام المجتمعات، وصولاً إلى السنوات الأخيرة التي شهدت سقطات مدوية له على كافة المستويات، ما أدى بالمجتمعات إلى أن تلفظه بعد أن انكشف لها المزيد من خيانته وتآمره وعنفه وإرهابه.
ومن هذه المحطات التاريخية، أحداث ما سمي بـ«الربيع العربي» وما تلاها من صعود التيارات «الإخوانية» في بعض الدول إلى سدة الحكم، فكان الواقع حينئذ أبلغ برهان على انحراف هذه التيارات، وكذب ادعاءاتها حول شعارات الإصلاح وغيره، ومدى جناياتها على الشعوب.
فقد أثبتت ممارسة هذه التيارات للسياسة فشلها في إدارة الدول، ليس على مستوى انعدام الخبرة والمعرفة والحكمة في القيادة والإدارة وعقم تعاملها مع السياسة الداخلية والخارجية فقط، بل أيضاً على مستوى المسار الأيديولوجي والفكري للتنظيم، وتبعيته المطلقة لمكتب الإرشاد، ما يعني أمراً واحداً يترتب على الوصول السياسي لهذا التنظيم.
وهو اختطاف التنظيم للدولة المدنية ومؤسساتها، والسعي للتغلغل في مفاصلها، وتمكين أعضاء التنظيم من تولي المناصب، وضرب مصالح المجتمعات عرض الحائط، وممارسة الدكتاتورية والاستبداد في سبيل تمكين التنظيم، وهذا ما كان، ما خلق حالة استياء كبيرة لدى المجتمعات، التي عاينت حقيقة هؤلاء الأدعياء، وممارساتهم الاستبدادية والحزبية، وكشفت معدنهم الزائف.
ومع زيادة حالة الاحتقان واستمرار «الإخوان» في سياساتهم العقيمة، انفجرت الأوضاع في وجوههم، وتلا ذلك سقوط مدوٍّ لهم من سدة الحكم، فسقطوا على أم رؤوسهم، وركضوا هاربين وهم يجرون أذيال الخيبة والفشل الذريع.
لقد كانت هذه المرحلة واقعاً مريراً ذاقته المجتمعات، وأبصرت بعين اليقين أن هذه التيارات المدعية، ليس لها من شعاراتها شيء، ولا يهمها من قريب أو بعيد مصالح الشعوب كما تزعم، ولا تعلق لممارساتها بالعدالة والحرية والتنمية وحقوق الإنسان، كما كانت تتبجح، وإنما كان غرضها الأساس وهدفها الأول والأخير هو خدمة مصالح التنظيم، وتنفيذ أوامر المرشد.
ولم تتوقف فضائح التنظيم «الإخواني» عند هذا الحد، بل ازداد انكشاف حاله أمام المجتمعات وسقوط أقنعته في المرحلة التي تلت سقوطه السياسي، فقد تبع ذلك محاولات خطيرة من قبل التنظيم لاسترداد الحكم عن طريق أعمال العنف والتحريض، ومحاولة إدخال المجتمعات في صراعات داخلية، وخلق تصادم عنيف مع مؤسسات الدولة، واستعمال خطاب العنف والتكفير والتحريض كأسلحة ضد من يعارض أجنداتهم السياسية، وضجت منصاتهم بهذه الخطابات السوداء، كما قام رموزهم في الخارج بدعمهم تأجيجاً وتحريضاً.
وكادت هذه المجتمعات أن تغرق في نفق مظلم وتدخل في صراع داخلي مرير لولا لطف الله تعالى ورحمته، ما كشف للمجتمعات حقيقة هذه التنظيمات، ونهجها الخطير في العنف والتعصب والانغلاق، واستعدادها لإحراق الأخضر واليابس في صراع البقاء السياسي لهذا التنظيم.
ومع مرور الأيام لا يُثبت التنظيم إلا مزيداً من خيانته للأوطان، وخصوصاً أولئك الهاربون، الذين لا يتركون منبراً إلا ويحرضون ضد أوطانهم، ولا يتركون جهة مشبوهة تخدمهم إلا وتحالفوا معها ضد مجتمعاتهم ودولهم، وها نحن اليوم نراهم عبر التطبيقات المختلفة يعترفون بشكل صريح بانصراف المجتمعات عنهم، ويبررون ذلك بتوزيع الاتهامات على المجتمعات، ووصفها بالجبن والخور، واعتبار أنفسهم الأبطال المناضلين، فكيف لا تلفظهم المجتمعات؟!
إن «الإخوان» هم خونة الأوطان، وقد أثبتوا أنهم على استعداد للتحالف مع الشيطان نفسه لإسقاط الدول والأنظمة، وبرهنوا على ذلك فكراً ونهجاً وممارسة وواقعاً، فمتى يعقلون؟!!
عن "البيان" الإماراتية