القصاص والإخوان... مطبخ صناعة الكذب

القصاص والإخوان... مطبخ صناعة الكذب

القصاص والإخوان... مطبخ صناعة الكذب


28/01/2024

ناصر الحزيمي

من ضمن وسائل صناعة الكذب والتعصب مجالس القصاص والمذكرين (الوعاظ)، وفي العصر الحديث أصبحوا يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي، وهي مشكلة قديمة قد وعى لخطورتها العلماء.

يقول ابن قتيبة في وصف القصاص: "...فإنهم يميلون وجوه العوام إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والغرائب والأكاذيب ومن شأن العوام ملازمة القاص ما دام يأتي بالعجائب الخارجة، عن نظر العقول".

ويذكر الذهبي في تاريخ الإسلام ترجمة: "محمد بن محمد بن عليّ، أبو الفتح الفُرَاويّ الواعظ. [المتوفى: 514 هـ]
كان حَسَن الوعْظ، حُلْو الإيراد، مليح الإشارة، قدِم بغداد، وعقد بها مجلس الوعظ والإملاء، وحدث عن: أبي القاسم القُشَيْريّ، وغيره، وكانت وفاته بالرَّيّ.

قال ابن الجوزيّ: لكنّه كان يروي الكثير من الموضوعات. قال: وكذلك مجالس الغزالي الواعظ، وابن العبادي فيها العجائب المخترعة والمعاني التي لَا توافق الشّريعة، وهذه المحنة تعمّ أكثر القُصّاص، بل كلّهم، لاختيارهم ما يَنْفُق على العوام...".

ويقول السيوطي في مقدمة كتاب "تحذير الْخَواص من أكاذيب الْقصاص": "وَقد استفتيت فِي هَذِه الْأَيَّام فِي رجل من الْقصاص يُورد فِي مجْلِس ميعاده أَحَادِيث ويعزوها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَازِمًا بهَا وَلَا أصل لَهَا عَنهُ بل مِنْهَا مَا اشْتهر فِي كتب بعض أَرْبَاب الْفُنُون وَلَا أصل لَهُ عِنْد الْمُحدثين وَمِنْهَا مَا هُوَ بَاطِل مَكْذُوب من ذَلِك أَنه روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكذب عَلَيْهِ وحاشاه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَسْتَغْفِر الله قبل إِيرَاده من حكايته وَلَوْلَا الضَّرُورَة إِلَى حكايته لأجل بَيَان أَنه كذب مَا حكيته أَنه قَالَ لجبريل حِين نزل قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين} هَل أَصَابَك من هَذِه الرَّحْمَة شَيْء فَقَالَ نعم خلق الله قبلي ألوفا من الْمَلَائِكَة كلهم يُسمى جِبْرِيل وَيَقُول الله لكل مِنْهُم من أَنا فَلَا يعرف الْجَواب فيذوب فَلَمَّا خلقني وَقَالَ لي من أَنا قَالَ لي نورك يَا مُحَمَّد قل أَنْت الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت إِلَى آخر مَا قَالَ من الْكَذِب أسْتَغْفر الله من حِكَايَة ذَلِك فأفتيت بِأَن هَذَا لَا أصل لَهُ وَهُوَ بَاطِل لَا تحل رِوَايَته وَلَا ذكره وخصوصا بَين الْعَوام والسوقة وَالنِّسَاء وَأَنه يجب على هَذَا الرجل أَن يصحح الْأَحَادِيث الَّتِي يَرْوِيهَا فِي مَجْلِسه على مَشَايِخ (الحَدِيث) فَمَا قَالُوا إِن لَهُ أصلا يرويهِ وَمَا قَالُوا إِنَّه لَا أصل لَهُ لَا يذكرهُ هَذَا نَص الْفتيا أَولا فَنقل إِلَيْهِ ذَلِك فاستشاط غَضبا وَقَامَ وَقعد وَقَالَ مثلي يصحح الْأَحَادِيث على الْمَشَايِخ مثلي يُقَال لَهُ فِي حَدِيث رَوَاهُ إِنَّه بَاطِل أَنا أصحح على النَّاس أَنا أعلم أهل الأَرْض بِالْحَدِيثِ وَغَيره إِلَى غير ذَلِك من الإشارات ثمَّ أغرى بِي الْعَوام فَقَامَتْ عَليّ الغوغاء وتناولوني بألسنتهم وتوعدوني بِالْقَتْلِ وَالرَّجم
فَلَمَّا بَلغنِي ذَلِك أعدت الْجَواب وزدت فِيهِ وَمَتى لم يصحح الْأَحَادِيث الَّتِي يَرْوِيهَا على الْمَشَايِخ وَعَاد إِلَى رِوَايَة هَذَا الحَدِيث بعد أَن بَين لَهُ بُطْلَانه وَاسْتمرّ مصرا على نقل الْكَذِب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَفْتيت بضربه سياطا
فازداد هُوَ حِدة وتزايد الْأَمر من عصبَة الْعَوام شدَّة وثاروا ثورة كبرى وَجَاءُوا شَيْئا إمرا وَقد ألفت هَذَا الْكتاب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وسميته "تحذير الْخَواص من أكاذيب الْقصاص...".

هذه هي حقيقة أكثر القصاص الذين نشاهدهم على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل التي من خلالها يبثون أكاذيبهم وشائعاتهم لصالح الإسلام السياسي، المتمثل غالبا في جماعة الإخوان المسلمين ومموليهم.

عن "العربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية