الغنوشي يفكر في الترشح لرئاسة تونس رغم تآكل شعبيته

الغنوشي يفكر في الترشح لرئاسة تونس رغم تآكل شعبيته


15/10/2020

صغير الحيدري

 في رسالة جديدة، كشفت عن مدى تأزم الوضع داخل حركة النهضة الإسلامية في تونس وجهت ما باتت تُعرف إعلاميا بمجموعة "المئة" انتقادات لاذعة لرئيس الحركة، راشد الغنوشي، الذي يتشبث بالتمديد له في رئاستها رغم أن ذلك يخالف النظام الداخلي للحزب.

ولكن ما يسترعي الانتباه في هذه الرسالة، التي تأتي في وقت يتصاعد فيه الحديث عن فرضية تأجيل مؤتمر حركة النهضة الحادي عشر، هو حديث هؤلاء القياديين الغاضبين من الغنوشي عن فرضية ترشح الأخير للانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2024.

وقال هؤلاء في الرسالة، التي كشفتها إذاعة خاصة، إننا "وجهنا هذه الرسالة الثانية لما وقفنا عليه من سعي الغنوشي إلى التمدید وتغییر القانون الأساسي والتمطیط وتأخیر البدء في الإعداد للمؤتمر الحادي عشر إلى أن أدركنَا الموعد وتجاوزناه بكثیر بسبب الدحرجة التي اعتمدها رئیس الحركة، بل إنه أعلن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسیة سنة 2024".

وأثارت فرضية ترشح الغنوشي، البالغ من العمر 83 سنة، الذي تتآكل شعبيته حيث أظهرت جل استطلاعات الرأي أنه شخص لا يثق فيه التونسيون، جدلا واسعا خاصة وأن التوقيت يعد باكرا للحديث عن الاستحقاق الرئاسي المُقبل أولا وحظوظ الغنوشي الضعيفة في الفوز ثانيا.

وقال الإعلامي والمحلل السياسي خليفة بن سالم، إن "الغنوشي منذ مدة يدفع نحو الذهاب في مصالحة مع رموز النظام السابق، ربما بهذه الطريقة يكون هناك إجماع حول شخصه في ظل التجاذبات السياسية التي تشهدها البلاد". وأضاف بن سالم في تصريح لـ"العرب" "من المبكر جدا الحديث عن الانتخابات الرئاسية المُقبلة لكن المؤكد أن الغنوشي تطلع إلى الرئاسة في الانتخابات الماضية لكن السياق السياسي حال دون ذلك.. ربما هذه المرة يقدم على هذه الخطوة ".

وتابع "في المحصلة الغنوشي يريد أن يكون طرفا يساهم في صياغة الموقف الرسمي والمعادلات السياسية في البلاد.. وهذا نجح فيه في الترشح للانتخابات البرلمانية حيث ترأس مجلس النواب (البرلمان) ما مكنه من التحرك أكثر".

ويرى مراقبون أن حظوظ الغنوشي لن تكون أفضل من حظوظ مرشح الحركة الإسلامية في انتخابات 2019، عبدالفتاح مورو، والذي انهزم منذ الدور الأول الذي شهد صعودا مفاجئا للرئيس الحالي قيس سعيد ورجل الأعمال نبيل القروي إلى الدور الثاني.

وتُجمع جل استطلاعات الرأي في تونس على أن الغنوشي أكثر شخصية لا يثق فيها التونسيون.

وفي استطلاع لمؤسسة "سيغما كونساي" الخاصة اعتبر 68 في المئة من التونسيين الذين شاركوا فيه، أن الغنوشي أكثر شخصية سياسية لا يثقون فيها ولا يريدون منها أن تلعب أي دور سياسي في البلاد.

وفي سياق آخر، يرجح أن يتم إرجاء مؤتمر حركة النهضة الإسلامية المقرر نهاية هذا العام، حيث كشفت مصادر لـ"العرب" في وقت سابق عن أن الغنوشي يدفع نحو إرجاء المؤتمر لامتصاص غضب جماعة "المئة".  وكشفت هذه الرسالة الجديدة التي وجهتها الجماعة عن امتعاضها من الأوضاع المتأزمة التي باتت ترزح تحت وطأتها حركة النهضة.

وقال هؤلاء في الرسالة إن "الوضع لا يُطاق.. لن نتنازل ولن نتسامح"، مضيفين "كنا نأمل في أن يبقى الحوار داخليا غير أننا تفاجأنا مثلكم بخروج الرسالة إلى الإعلام بعد يوم من تسليمها إلى السيد رئيس الحركة.. بدا لنا أن الأمر عملية مقصودة للنيل من مصداقيتنا والتشكيك في التزامنا كما في ولائنا للمشروع وإظهارنا بمظهر المهدد لوحدة الحركة".

وفي تعليقه على مضمون الرسالة والانتقادات اللاذعة التي وجهها المئة قيادي للغنوشي يؤكد خليفة بن سالم أن "الأزمة داخل حركة النهضة باتت مؤكدة وهي تتمحور حول القيادة.. هناك شقان داخل الحركة واحد يتوجس من مآلات خروج الغنوشي من قيادة الحركة إذ قد يؤدي ذلك إلى انفجار الحركة وتشتتها وانقسامها لذلك يفضل هذا الشق بقاءه".

ويضيف "وهناك شق آخر يعتبر أن الوقت قد حان للاحتكام إلى الديمقراطية للفصل في مسألة القيادة وأن يلتزم الغنوشي بمخرجات المؤتمر العاشر الأخير، أي أن يخرج من قيادة الحركة حيث لا يسمح النظام الداخلي له بالبقاء رئيسا لها".

وكان مجموعة من الغاضبين وعددهم 100 قيادي قد وجهوا في وقت سابق رسالة إلى الغنوشي في محاولة لثنيه على الترشح لترأس النهضة مرة أخرى.

وقالت هذه الرسالة، التي حملت توقيع قيادات بارزة على غرار وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي وعماد الحمامي وسمير ديلو وجميلة الكسيكسي وغيرهم، إنه من الضروري التأكيد على مبدأ التداول السلمي على رئاسة حركة النهضة واحترام مقتضيات الفصل 31 من النظام الداخلي للحركة.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية