الغارديان البريطانية تكشف عن تورط إخوان بنغلاديش في ارتكاب إبادة جماعية

الغارديان البريطانية تكشف عن تورط إخوان بنغلاديش في ارتكاب إبادة جماعية

الغارديان البريطانية تكشف عن تورط إخوان بنغلاديش في ارتكاب إبادة جماعية


28/11/2024

في تقرير مطول لها، رصدت (الغارديان) البريطانية تفاصيل متعددة حول أحداث العنف الطائفي الأخيرة التي تشهدها بنغلاديش، حيث بدأت مؤشرات العنف في الظهور منذ سقوط نظام حسينة واجد في 5 آب (أغسطس) الماضي.

وتصف (الغارديان) في تقريرها الحملة التي استهدفت الهندوس في بنغلاديش، بسبب الضغط الذي مارسه التيار الإسلاموي، وخاصّة أعضاء حزب التحرير، والجماعة الإسلامية، وحفظة الإسلام، وغيرها من الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وفي خضم هذه الاضطرابات، قلل رئيس الوزراء محمد يونس، في مقابلة أجريت معه مؤخراً، من خطورة هذه الهجمات على الأقليات. ورفض التقارير التي تتحدث عن وقوع أعمال عنف باعتبارها "تحدث في بعض الحالات فقط". وزعم أنّ معظم الشكاوى "مبالغ فيها تماماً".

الجماعة الإسلامية تقود موجة الإرهاب

تتحرك الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، وهي تشعر بأنّها سوف تفلت من العقاب على جرائمها، مدعومة بتواطؤ الدولة والصمت الدولي. ومع غضّ المجتمع العالمي الطرف، تُرك الملايين من الهندوس لتحمّل أهوال لا يمكن تصورها، ممّا يثير أسئلة ملحة حول المساءلة والعدالة والمسؤولية الأخلاقية للعالم، كما تقول (الغارديان).

مع الإطاحة بالشيخة حسينة، أصبح صعود الذراع الإخوانية في بنغلاديش واضحاً بشكل متزايد. فالجماعات الإسلامية، التي تشجعت بسبب الافتقار إلى المساءلة، تمارس سلطات مطلقة في الشارع، وقد ظهرت علاقات مريبة بينها وبين تنظيمي (القاعدة وداعش)، وتظهر أعلامها من حين إلى آخر في بنغلاديش. ويقود الإخوان هذه الموجة من الإرهاب، ممّا يحوّل البلاد إلى معقل للتطرف. بينما دأب بعض الوزراء والساسة، إضافة إلى الداعمين المؤثرين للنظام الثوري في دكا، على إنكار اضطهاد الهندوس. وبدلاً من ذلك يتهمون وسائل الإعلام الهندية "بنشر معلومات مضللة" حول العنف المستمر.

وفي ظل هذا المناخ من الإنكار، دعت جماعات متطرفة مثل حفظة الإسلام إلى ذبح الهندوس، ولم يقابل نظام يونس هذه الدعوات العلنية إلى الإبادة الجماعية بأيّ إجراء قانوني.

ترامب يُحذر

يكشف التقرير الذي نشرته (الغارديان) عن وجود حالة من الارتباك لدى الجماعة الإسلامية، بعد أن أصدر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بياناً قوياً يدين العنف ضدّ الهندوس في بنغلاديش. ووصف ترامب الوضع في بنغلاديش بأنّه "عبارة عن حالة من الفوضى الكاملة". وقد لفتت تصريحاته الانتباه إلى الظروف المزرية التي يواجهها المجتمع الهندوسي.

ومن المتوقع أن ينفذ ترامب إجراءات صارمة ضدّ بنغلاديش. وقد تشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات واسعة النطاق، أو قيوداً تستهدف أفراداً محددين مسؤولين عن الإبادة الجماعية المستمرة. وتعمل المجموعة المتطرفة في حرية كاملة، وتنفذ أحكاماً الإعدام الجماعي ضدّ العشرات من الأفراد، وخاصة الهندوس. وعلى الرغم من تصاعد العنف، يظل الجناة بمنأى عن المساءلة؛ الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

الرئيس الأمريكي المنتخب: دونالد ترامب

يُذكر أنّ رئيس الحكومة البنغالية محمد يونس، هو أحد المتبرعين الرئيسيين لمؤسسة كلينتون، وتربطه علاقات طويلة الأمد بشخصيات مؤثرة مثل آل كلينتون، وباراك أوباما، وجورج سوروس. وفي أعقاب فوز ترامب على هيلاري كلينتون في العام 2016، أعرب يونس عن خيبة أمله الشديدة، مشيراً إلى نتيجة الانتخابات باعتبارها "كسوفاً للشمس".

وكشفت برقيات مسربة من العام 2007 أنّ هيلاري كلينتون ضغطت على الجيش البنغالي لتعيين يونس رئيساً للحكومة المؤقتة آنذاك، وهو ما يؤكد عمق العلاقة بينهما.

بعد الإطاحة بالشيخة حسينة، أعربت إدارة بايدن بسرعة عن استعدادها للتعاون مع الحكومة المؤقتة بقيادة يونس. واحتفلت مراكز الأبحاث المؤيدة ليونس بهذا الموقف، مسلطة الضوء على شبكته الواسعة داخل أروقة السلطة في واشنطن. وقد نال يونس إعجاب الجمهوريين المناهضين لترامب، لمعارضته الصريحة للرئيس السابق.

وخلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، عزز يونس علاقاته مع آل كلينتون وسوروس. وأشاد بِل كلينتون علناً بيونس ورفاقه، لدورهم في "الثورة المناهضة لحسينة"، في إشارة إلى موافقته الضمنية على تصرفات النظام الحالي.

ويؤكد تقرير (الغارديان) أنّ مواجهة تلوح في الأفق بين ترامب والنظام الحالي في بنغلاديش، لأنّه يعتبر يونس عدواً شخصياً له، أضف إلى ذلك التحركات المريبة، التي تجمع يونس بالإسلاميين.

إطلاق سراح زعيم القاعدة

في تطور صادم للأحداث، تمّ إطلاق سراح مفتي جاشيم الدين رحماني، زعيم جماعة أنصار الله البنغالية، التابعة لتنظيم القاعدة، بعد الإطاحة بحسينة واجد.

ولم يهدر رحماني أيّ وقت في الدعوة إلى الجهاد ضدّ الهند، وحث على تحرير ولاية البنغال الغربية من "حكم مودي". ولم تعترض إدارة بايدن على إطلاق سراح هذا الجهادي سيّئ السمعة، الذي كان مسؤولاً عن مقتل المواطن الأمريكي أفيجيت روي في العام 2015، على الرغم من الجهود الأمريكية السابقة لمحاسبته. ففي كانون الأول (ديسمبر) 2021، أعلن جهاز الأمن الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، من خلال مكتبه "مكافآت العدالة"، عن مكافأة قدرها (5) ملايين دولار أمريكي مقابل معلومات عن الهجوم الإرهابي في دكا، الذي أسفر عن مقتل المواطن الأمريكي أفيجيت روي، وإصابة زوجته رافيدا بونيا بجروح خطيرة.

أُطلق سراح رحماني، إلى جانب عشرات الإسلاميين والجهاديين المسجونين. وبعد وقت قصير من إطلاق سراحه، ظهر رحماني في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع، داعياً رئيسة وزراء ولاية البنغال الغربية، ماماتا بانيرجي، إلى "تحرير البنغال من حكم مودي وإعلان استقلالها.

أزمة الهندوس تتفاقم

يكشف تقرير (الغارديان) عن تفاقم محنة الهندوس في بنغلاديش بشكل كبير. فقد أُجبر مئات الموظفين الحكوميين الهندوس، ومنهم المعلمون، على الاستقالة بحجة كونهم "متعاونين مع الحكم الفاشي للشيخة حسينة". كما تتزايد الدعوات التي تطالب الهندوس بمغادرة بنغلاديش والهجرة إلى الهند، مدفوعة بحملة عنف تقودها عصابات إسلامية.

 تتزايد الدعوات التي تطالب الهندوس بمغادرة بنغلاديش والهجرة إلى الهند، مدفوعة بحملة عنف تقودها عصابات إسلامية

وتحشد الجماعات الهندية الأمريكية جهودها لدفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات ضد نظام يونس، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية. وقد وصلت التقارير عن جرائم القتل والاغتصاب والحرق العمد التي تستهدف الهندوس إلى مستويات مثيرة للقلق، ومع ذلك يبدو يونس غير مبالٍ بهذه الفظائع.

إنّ اضطهاد الهندوس في بنغلاديش ليس ظاهرة حديثة. فمنذ العصور الوسطى واجه الهندوس قسوة لا يمكن تصورها، بما في ذلك القتل، والتحول القسري، والاستيلاء غير القانوني على ممتلكاتهم. كما تم تدمير المعابد أو إعادة استخدامها كمساجد ومدارس دينية. والموجة الحالية من الفظائع هي استمرار لهذا التاريخ الطويل من القمع، ولكنّها فشلت في جذب قدر كبير من الاهتمام الدولي.

ووفقاً لتقارير إعلامية، يخطط الأمريكيون الهنود للتعاون مع إدارة دونالد ترامب والكونجرس العام المقبل، للضغط من أجل اتخاذ إجراءات ضدّ النظام الذي يقوده يونس في بنغلاديش، والسعي إلى فرض عقوبات اقتصادية، مستشهدين بالاضطهاد المتواصل للمجتمع الهندوسي. فقد تجاوزت بالفعل درجة الهجمات المنظمة والقتل والاغتصاب والحرق العمد التي تستهدف الهندوس في بنغلاديش المستوى المقلق.

وتقول (الغارديان): إنّ الإبادة الجماعية ضد الهندوس في بنغلاديش تشكل أزمة حقوق إنسان، تتطلب اهتماماً عالمياً عاجلاً. فصمت زعماء العالم، إلى جانب تواطؤ إدارة بايدن الواضح، شجع الجناة. وبينما يراقب العالم، فإنّ ملايين الأرواح معلقة في الميزان.  

إنّ محنة الهندوس في بنغلاديش تشكل أزمة إنسانية خطيرة، تتطلب اهتماماً دولياً فورياً، وينبغي للعالم ألّا ينتظر المزيد من التصعيد قبل اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الضعفاء ومحاسبة المسؤولين. ولا يمكن كسر دائرة العنف إلّا من خلال الضغط العالمي الجماعي والتدخل الحاسم، ممّا يوفر الأمل والأمان لملايين الهندوس الذين ما زالوا يعانون.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية