العقوبات الغربية على موسكو.. لماذا فشلت بعض الشركات العالمية في مغادرة روسيا؟

العقوبات الغربية على موسكو.. لماذا فشلت بعض الشركات العالمية في مغادرة روسيا؟


17/03/2022

على وقع العمليات العسكرية التي تشنها روسيا على أوكرانيا، ورد الغرب بفرض عقوبات سياسية واقتصادية على موسكو، تتزايد الشركات والماركات العالمية المنسحبة من السوق الروسية، لكن مجموعة من هذه الماركات ما زالت موجودة وتمارس نشاطها في البلاد، ويقول أصحابها إنهم غير قادرين على إغلاقها.

شركات لم تستطع الانسحاب

ومن بين الشركات التي قال مُلاكها إنّهم لا يستطيعون وقف عملياتهم في روسيا شركة "ماركس آند سبنسر" و"برغر كينغ" ومجموعات الفنادق "ماريوت" و"أكور" بسبب قيود مرتبطة بصفقات امتياز معقدة تمنعهم من الانسحاب.

اقرأ أيضاً: زيارة وزير خارجية إيران لموسكو... هل تثمر عن تفاهمات حول مفاوضات فيينا؟

وتمتلك ماركات مثل "ماركس آند سبنسر" 48 فرعاً مازالت مفتوحة في روسيا، ولا يزال لدى "برغر كينغ" 800 مطعم مفتوح، بينما يوجد لدى "ماريوت" و"أكور" 28 و57 فندقاً مفتوحاً، وفق ما أورده موقع "بي بي سي"، بسبب الاتفاقيات المبرمة مع شركات روسية تمنع هذه الشركات العالمية من وقف عملياتها.

ووفق تقرير لـ "بي بي سي"، فإنّ هذه العلامات التجارية مرتبطة باتفاقيات امتياز قانونية، مما يجعل من الصعب عليها إزالة اسمها من المتاجر ومراكز التسوق في روسيا.

واستعانت الشركات بمصادر خارجية للشركات الروسية لأطراف ثالثة ولا تمتلك العمليات التي تحمل أسماءها. وعقد الكثير من الشركات الغربية مثل هذه الاتفاقيات.

 فعلى سبيل المثال، تم تشغيل متاجر "ماركس آند سبنسر" من قبل شركة تركية تسمى "فيبا"، والتي تمتلك حقوق بيع منتجات التجزئة في جميع أنحاء أوروبا الشرقية منذ عام 1999. 

العلامات التجارية التي فشلت بالانسحاب مرتبطة باتفاقيات امتياز قانونية، مما يجعل من الصعب عليها إزالة اسمها من المتاجر ومراكز التسوق في روسيا

 

وقالت شركة "ريستورانت براندز إنترناشونال"، مالك "برغر كينغ"، لـ "بي بي سي" إن مطاعمها يديرها أصحاب الامتياز. وأضافت أنّ "الاتفاقيات القانونية القائمة منذ فترة طويلة ليس من السهل تغييرها في المستقبل المنظور".

ويوجد أيضاً مجموعات الفنادق "ماريوت" و"آي إتش جي" وسلسلة فنادق "أكور" الفرنسية، التي تضم علاماتها التجارية "أيبس" و"نوفوتيل" وتعمل جميعها في روسيا بموجب صفقات مماثلة.

اقرأ أيضاً: وزير خارجية إيران يتوجه لموسكو... هذه أجندة مشاوراته

وتقول "ماريوت" إنّ فنادقها في روسيا مملوكة لأطراف ثالثة لكنها قالت إنها "ستواصل تقييم قدرة هذه الفنادق على أن تظل مفتوحة"، مشيرة إلى أنها تدرس اتفاقيات الامتياز الخاصة بها.

ما هي اتفاقيات الامتياز؟

والامتياز هو طريقة عمل لتوزيع المنتجات أو الخدمات، وتقوم على اتفاق يشمل صاحب حق الامتياز، وهي شركة أسست اسم العلامة التجارية، وحاصل على حق الامتياز، وهي شركة تدفع رسوماً مقابل الحق في القيام بأعمال تجارية تحت اسم صاحب الامتياز وبيع منتجاته.

تقول "ماريوت" إنّ فنادقها في روسيا مملوكة لأطراف ثالثة

ويرى جرايم باين، المتخصص في حقوق الامتياز في المملكة المتحدة والدولية في شركة المحاماة "بيرد آند بيرد"، لـ "بي بي سي" إنّ الامتياز مفيد للعلامات التجارية الغربية التي ترغب في دخول الأسواق في بلدان مختلفة، ولكن ليس لديها معرفة محلية أو أموال أو قدرة على دخولها.

وقال باين "يمكنك بصفتك فرداً من الجمهور أن تفكر لماذا لا يغلقون متاجرهم فقط؟ ولكن فقط من منظور تجاري وتعاقدي خالص، من الصعب جداً القيام بذلك دون بعض العواقب القانونية بعيدة المدى.

قد تواجه هذه الشركات تداعيات مالية خطيرة ومن الممكن أن تتعرض للمقاضاة من قبل أصحاب الامتياز إذا قاموا بخرق أي اتفاقية

وقد تكون لهذه العواقب تداعيات مالية خطيرة على الشركات الغربية، والتي من الممكن أن تتعرض للمقاضاة من قبل أصحاب الامتياز إذا قاموا بخرق أي اتفاقية، والتي غالباً ما تكون مدتها 10 أعوام أو أكثر.

وقالت فيكتوريا هوبز، الشريكة في شركة بيرد آند بيرد التي تتعامل مع نزاعات الامتياز، إنه "إذا تبين أنّ صاحب الامتياز له صلات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو تعرض للعقوبات، فمن وجهة نظر بريطانيا، يمكن إنهاء الصفقة".

على الرغم من ذلك، قالت هوبز إنه على الرغم من أنّ الاتفاقيات غالباً ما تحتوي على بند ينص على أنه "إذا كان صاحب الامتياز يفعل شيئاً يضر بسمعتنا، فيمكننا إنهاءه، فإنّ المشكلة حالياً في روسيا هي أنّ العديد من أصحاب الامتياز أنفسهم لا يفعلون شيئاً خاطئاً".

اقرأ أيضاً: حظر واردات النفط الروسي: هل تجر واشنطن أوروبا لمواجهة أخرى مع موسكو؟

وأضافت "هذا يمثل تحدياً كبيراً بالنسبة لهم لأنهم، من منظور القانون الإنجليزي، ليس لديهم الحق في إنهاء الاتفاقية - هذه هي المشكلة".

وحتى لو نجحت العلامة التجارية في الحصول على حكم من محكمة بريطانية ضد امتياز في روسيا، "فإنّ المحاكم الروسية لن تطبقه"، وفقاً لجون برات، الشريك في أكبر فريق من محامي الامتياز المتخصصين في أوروبا.

شركات تمكنت من الانسحاب

وانسحبت مئات الشركات العالمية من روسيا مؤخراً، استجابة لعقوبات غير مسبوقة فرضتها الدول الغربية على روسيا وشملت كافة المجالات، بدءاً من الطاقة والسيارات، ووصولاً إلى القطاع المالي والترفيه والوجبات السريعة، وماركات الملابس.

ففي قطاع صناعة السيارات، مثلاً، أعلنت شركة "فورد" الأمريكية وقف عملياتها في روسيا، علماً بأنها تملك 50 في المئة من شركة "فورد سولر"، وهذه الأخيرة عبارة عن مشروع مشترك مع شركة "سولر الروسية"، ويقوم بتشغيل 4 آلاف شخص.

في المنحى نفسه، أعلنت شركة "جنرال موتورز" الأمريكية تعليق كافة صادراتها إلى روسيا، حتى إشعار آخر، بينما أعلنت "تويوتا" وقف صناعة السيارات في روسيا، وهو ما قامت به أيضاً شركة "فولكس فاغن".

وفي مجال الطيران، قالت شركة "بوينغ" الأمريكية إنها ستوقف تقديم الدعم لشركات النقل الجوي الروسية، مثل الصيانة والدعم التقني، فضلاً عن وقف أبرز العمليات الجارية في موسكو.

اقرأ أيضاً: باحث من موسكو لـ "حفريات": احتمالات الحرب في أوكرانيا كارثية

وهي خطوة اتخذتها أيضاً شركة "إيرباص"،  فأعلنت عن وقف تقديم الدعم لشركات النقل الجوي الروسية، بما ذلك عدم الإمداد بقطع الغيار، وفق ما أورده موقع "سكاي نيوز".

أعلنت شركة "أبل" الأمريكية العملاقة وقف بيع منتجاتها في السوق الروسية، وقامت بفرض قيود على بعض الخدمات الرقمية في البلاد مثل "أبل باي"

في غضون ذلك، أعلنت شركة "أبل" الأمريكية العملاقة وقف بيع منتجاتها في السوق الروسية، وقامت بفرض قيود على بعض الخدمات الرقمية في البلاد مثل "أبل باي"، فضلاً عن تقييد الوصول إلى منابر الإعلام الروسية خارج روسيا.

وبادرت شركات أخرى في مجال التقنية إلى وقف بعض خدماتها في روسيا، أو فرضت قيوداً على المحتوى الإعلامي الروسي، مثل "سبوتيفاي" و"روكو" و"يوتيوب" و"غوغل" و"إير بي إن بي"و"مايكروسوفت" و""آي بي إم" و"أمازون".

واتخذت شركات مالية إجراءات للحد من نشاطها في روسيا مثل "ماستر كارد" و"فيزا" و"أمريكان إكسبريس" و"موديز".

وحتى في مجال الإعلام والترفيه، لم تسلم موسكو من العقوبات الغربية، بعدما انضمت شركات مثل "ديزني" و"دايركت تي في" و"وارنر ميديا" إلى تقييد أنشطتها في روسيا.

اقرأ أيضاً: هل تشارك أنقرة في العقوبات ضدّ موسكو؟.. وزير الخارجية التركي يجيب

وفي قطاع التجزئة، تم تقييد أنشطة عدة شركات في روسيا من بينها "زارا" و"ايكيا" و"إتش آند إم" و"ماذر كير".

حتى شركات الوجبات السريعة انضمت بدورها إلى جهود عزل روسيا، فقامت كل من "ماكدونالدز" و"ستاربكس" و"كي إف سي" و"بيتزا هت" بوقف الأنشطة في روسيا.

قال حزب "روسيا الموحدة"، وهو الحزب الحاكم في روسيا، إن لجنة حكومية وافقت على الخطوة الأولى نحو تأميم ممتلكات الشركات الأجنبية التي تغادر البلاد

يذكر أنّ موسكو قد كشفت يوم أمس الأربعاء، عن موافقة على خطوة أولى لتأميم الشركات الأجنبية التي غادرت روسيا.

وقال حزب "روسيا الموحدة"، وهو الحزب الحاكم في روسيا، إنّ لجنة حكومية وافقت على الخطوة الأولى نحو تأميم ممتلكات الشركات الأجنبية التي تغادر البلاد.

وأضاف الحزب في بيان على تطبيق تيليغرام، أنّ اللجنة الحكومية المعنية بنشاط سن القوانين تدعم مشروع قانون يسمح بضم الشركات التي يمتلك فيها الأجانب من "الدول غير الصديقة" أكثر من 25 بالمائة إلى إدارة الخارجية لمنع إفلاسها وإنقاذ الوظائف، وفق ما أورده موقع "العربية" نقلاً عن وكالة "رويترز".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية