العراق يتهم تركيا بقصف مطار في السليمانية... لماذا تتهرب أنقرة من تبني العملية؟

العراق يتهم تركيا بقصف مطار في السليمانية... لماذا تتهرب أنقرة من تبني العملية؟

العراق يتهم تركيا بقصف مطار في السليمانية... لماذا تتهرب أنقرة من تبني العملية؟


21/09/2023

لم تعلن تركيا رسمياً تبنيها لعملية قصف مطار ثانوي في محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، لكنّها دعت السلطات العراقية إلى مكافحة تواجد قوات (حزب العمال الكردستاني التركي) المعارض في المدينة الحدودية مع تركيا. فيما أدانت مختلف البعثات الدولية عملية القصف الذي طال مطار عربت في السليمانية، وأسفر عن سقوط (6) عناصر أمنية، دون تسمية الفاعل، كما أعلنت الحكومة العراقية.

ونددت الزعامات الكردية العراقية بحادث الاستهداف الأخير، ويُعدّ الحادث فرصة للملمة البيت الكردي من جديد بعد صراعات سياسية نشبت بين الحزبين الحاكمين (الديمقراطي الكردستاني)، و(الاتحاد الوطني الكردستاني)، في إقليم كردستان. إذ طالب زعيم الاتحاد بافل الطالباني الحكومة المركزية في بغداد بـ "تحمل مسؤوليتها في حماية أرض وسماء العراق، بما فيها كردستان"، واكتفت رئاسة الجمهورية بتوجيه مذكرة احتجاج إلى السفير التركي لدى العراق.

ونادراً ما تستهدف القوات الأمنية في كردستان بهجوم كهذا، على الرغم من أنّ الإقليم المتمتّع بحكم ذاتي يشهد مراراً قصفاً يُنسب إلى تركيا وإيران، يستهدف فصائل كردية معارضة من كلا البلدين، ومتواجدة في شمال العراق منذ عقود.

ويقع شمال العراق منذ عقود في مرمى نيران النزاع الدائر بين أنقرة و(حزب العمال الكردستاني) الذي تصنّفه تركيا وحلفاؤها الغربيون تنظيماً "إرهابياً". وتقيم تركيا منذ (25) عاماً قواعد عسكرية في شمال العراق لمواجهة متمرّدي حزب (العمّال الكردستاني) الذين لديهم معسكرات تدريب وقواعد خلفية في المنطقة.

وقتل الأحد الماضي (4) مقاتلين بينهم مسؤول كبير من حزب (العمّال الكردستاني)، بقصف "طائرة مسيّرة تابعة للجيش التركي"، استهدف سيارتهم في منطقة سنجار في شمال العراق، وفق بيان لجهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان.

لم تعلن تركيا رسمياً تبنيها لعملية قصف مطار ثانوي في محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق

وفي نيسان (أبريل) 2023 اتّهم العراق تركيا بشنّ قصف في محيط مطار السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان العراق. ووقعت تلك الضربات تزامناً مع تواجد قوات أمريكية، وقائد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، في المطار.

اتهام عراقي صريح

وقد شابَ الغموض حول هوية الطائرة المسيّرة التي استهدفت مطار عربت في مدينة السليمانية، فجر الإثنين، إلى أن أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية  أنّ الطائرة التي استهدفت المطار دخلت حدود العراق عبر تركيا.

ويقول اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة: إنّ "طائرة مسيّرة دخلت الأجواء العراقية عبر الحدود مع تركيا، وقصفت مطار عربت في محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، ممّا أدى إلى استشهاد (3) من أبطال جهاز مكافحة الإرهاب وإصابة (3) آخرين".

الرئيس العراقي يستدعي السفير التركي في بغداد لتسليمه رسالة احتجاج موجّهة إلى الرئاسة التركية بشأن قصف مطار عربت في السليمانية

وأضاف أنّ "هذا العدوان يشكّل انتهاكاً لسيادة العراق، وأمنه وسلامة أراضيه، ويمثل إخلالاً وتهديداً للسلم والأمن في المنطقة والعالم، وخرقاً لأحكام القانون الدولي، وانتهاكاً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة"، مؤكداً أنّ "هذه الاعتداءات المتكررة لا تتماشى مع مبدأ علاقات حسن الجوار بين الدول، وتهدد بتقويض جهود العراق في بناء علاقات سياسية واقتصادية وأمنية طيبة ومتوازنة مع جيرانه".

وتابع: "يحتفظ العراق بحقه بوضع حدٍّ لهذه الخروقات، الرحمة والخلود لشهدائنا الأبرار والشفاء العاجل للجرحى".

في غضون ذلك، وجّه رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد بتسليم مذكرة احتجاج إلى السفير التركي لدى العراق، بعد استدعائه إلى القصر الرئاسي في بغداد.

وفي بيان لرئاسة الجمهورية، قال: إنّه "تم استدعاء الوزارات الأمنية العراقية المختصة للاستماع منها لتقرير مفصل، واستدعاء السفير التركي في بغداد لتسليمه رسالة احتجاج موجّهة إلى الرئاسة التركية بشأن قصف مطار عربت في السليمانية". مؤكداً أنّ "الهجمات العسكرية الممنهجة على الأراضي العراقية، وتحديداً في إقليم كردستان، تتصاعد يوماً بعد آخر، ودون مسوّغ عسكري أو أمني".

أنقرة تتهرّب من المسؤولية

بالمقابل، علقت وزارة الخارجية التركية على الحادث الذي استهدف المطار العراقي، دون أن تتبنّى مسؤولية استهدافه، لكن طالبت السلطات العراقية، بضرورة مكافحة تواجد المعارضة التركية المتمثلة بـ (حزب العمال الكردستاني التركي)، داخل إقليم كردستان.

وقالت الخارجية في بيان لها بعد يوم على الحادث: إنّ "تطورات الانفجار الذي وقع في 18 أيلول (سبتمبر) الجاري في مطار عربت بمدينة السليمانية شمالي العراق مثيرة للاهتمام".

الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول

وأوضحت أنّه تبين أنّ عناصر من "مجموعة مكافحة الإرهاب، التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، كانت تجري تدريبات مع إرهابيي (بي كي كي/ وإي بي جي) أثناء الانفجار".

وأضافت: "يُعدّ هذا التطور خطيراً، لأنّه كشف بوضوح تعاون بعض العناصر الأمنية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني مع عناصر التنظيم الإرهابي". وأشارت إلى أنّ هذا "الحادث الأخير أكد مجدداً مدى دقة تدابيرنا حيال السليمانية، التي احتجز التنظيم الإرهابي سكانها كرهائن".

سفيرة واشنطن لدى بغداد أكدت على دعم بلادها لاحترام سيادة العراق ووحدة أراضيه، معتبرةً أن ذلك ضروري لاستقرار العراق وأمنه، معربةً عن تعازيها لذوي الضحايا

وتابعت: "نتطلع من الحكومة المركزية العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق تصنيف (بي كي كي) وأذرعه كتنظيمات إرهابية، ومكافحة الإرهاب بشكل صادق وملموس".

لكنّ حكومة إقليم كردستان ردّت على مزاعم تركيا بتعاون "الاتحاد الوطني" مع "العمال الكردستاني التركي"، وقالت: إنّ "المطار الذي استهدفه القصف عبارة عن مطار زراعي، لكنّ قوات التحالف الدولي رممته قبل بضعة أشهر، ليصبح مكاناً لتدريب قوة تتبع للاتحاد الوطني الكردستاني".

سفيرة واشنطن تحسم الجدل

وبشأن اتهام تركيا بخرق الحدود العراقية، وتأكيدها أحقية ملاحقة معارضيها داخل العراق، وتعاون بعض القوى في إقليم كردستان مع (العمال الكردستاني التركي)، حسمت السفارة الأمريكية لدى بغداد الجدل حيال الموقف الأخير في مدينة السليمانية، وطالبت تركيا بضرورة احترام سيادة العراق، ووحدة أراضيه.

وأدانت السفيرة الأمريكية آلينا رومانسكي الاستهداف الذي طال مطار عربت في السليمانية، وجدّدت السفيرة الأمريكية، عبر منصة (إكس)، التأكيد على دعم بلادها لاحترام سيادة العراق ووحدة أراضيه. معتبرةً أنّ ذلك "ضروري لاستقرار العراق وأمنه"، معربةً عن تعازيها لذوي الضحايا.

وفي السياق ذاته، أدانت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) الهجوم على المطار، وأكدت  في بيان رسمي لها على "ضرورة أن تتوقّف الهجمات التي تنتهك السيادة العراقية بشكل متكرّر"، داعيةً إلى "الحوار والدبلوماسية وعدم اللجوء إلى الضربات".

مواضيع ذات صلة:

النفط بين تركيا والعراق: هل يكون الأكراد حصان طروادة؟

إيران تلوّح بعمليات عسكرية داخل العراق.. هذا ما قاله متحدث باسم الحرس الثوري

إدانات عراقية واسعة للهجوم التركي على أراضي العراق



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية