العراق: شجار ينهي جلسة برلمان كردستان... والمعارضة تصف ما جرى بالمسرحية... ماذا حصل؟

العراق: شجار ينهي جلسة برلمان كردستان... والمعارضة تصف ما جرى بالمسرحية... ماذا حصل؟

العراق: شجار ينهي جلسة برلمان كردستان... والمعارضة تصف ما جرى بالمسرحية... ماذا حصل؟


25/05/2023

يعيش إقليم كردستان العراق حراكاً سياسياً بعد فترة من الجمود والقطيعة وانعدام التواصل بين قطبي السلطة الحاكمة في الإقليم؛ إذ يسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، على مقاليد الحكم هناك، وفقاً لمنطق قوة السلاح، ولغة الأرقام داخل البرلمان الكردي.

وشهد برلمان إقليم كردستان ضجةً كبرى، بعد اندلاع شجار بالأيدي بين نواب الكتلتين الرئيستين؛ كتلة "الديمقراطي الكردستاني" وكتلة "الاتحاد الوطني"، إثر خلاف على تفعيل مفوضية الانتخابات داخل الإقليم، والتمهيد للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 18 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

واعتبرت قوى المعارضة الكردية أنّ ما جرى "سيناريو مُعدٌّ مسبقاً" من قبل الحزبين الحاكمين، وقد عزت السلوك الأخير إلى محاولة الطرفين كسب شارعهما الانتخابي مجدداً. في حين يؤكد "الاتحاد الوطني" أنّ الحوار ما يزال قائماً مع "الديمقراطي الكردستاني" للوصول إلى اتفاق سياسي شامل.

وينتظر إقليم كردستان إجراء انتخابات البرلمان، لكنّ حدة الخلافات بين الأحزاب حول قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية تدفع إلى تأجليها. ويتمتع الإقليم الشمالي، منذ تسعينيات القرن الماضي، بحكم ذاتي في الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية.
شجار في البرلمان

في إطار المساعي لإجراء الانتخابات المحلية، تباينت مواقف برلمان كردستان بشأن تفعيل عمل المفوضية وتعديل قانون الانتخابات وإجرائها في موعدها المحدد، نهاية عام 2023. وقد نشبت، منتصف الأسبوع الجاري، معركة بين كتلتي الحزبين الكرديين، تطوّرت إلى العراك بالأيدي بين نواب الكتلتين، وذلك أثناء عرض إدارة الجلسة لفقرة التصويت على عمل المفوضية العليا للانتخابات. حيث يصر "الديمقراطي الكردستاني" على تفعيل عمل المفوضية، والمضي نحو انتخابات برلمانية جديدة، فيما يشدد "الاتحاد الوطني" على ضرورة التأجيل، لحين توصل كافة القوى الكردية إلى اتفاق سياسي عام.

النائب والقيادية بحركة الجيل الجديد المعارضة سروة عبدالواحد

ويسيطر "الديمقراطي الكردستاني" على برلمان الإقليم بواقع (45) مقعداً من أصل (111) مقعداً، ويمتلك "الاتحاد الوطني" (21) مقعداً، أمّا بقية المقاعد، فقد توزعت على قوى كردية صغيرة. واندلع الخلاف النيابي خلال جلسة الإثنين بعدما اعترضت كتلة "الاتحاد" على إدراج فقرة التصويت على مفوضية الانتخابات، وهي فقرة لم يكن متفقاً في شأنها مسبقاً في جدول الأعمال، لتتطوّر الأمور إلى العراك بالأيدي بين عدد من نواب كلا الحزبين.

جلسة البرلمان جاءت على وقع خلاف كبير امتد لـ 6 أشهر، واتهامات متبادلة بالفساد والاغتيالات، فضلاً عن انسحاب وزراء "الاتحاد الوطني" من الكابينة الحكومية التي يرأسها مسرور بارزاني

وذهبت رئيسة البرلمان عن حزب "الاتحاد الوطني" ريواز فائق إلى إعلان تأجيل الجلسة، والتي سبق لها أن رفضت إدراج الفقرة، لكنّ نائبها عن "الحزب الديمقراطي" هيمن هورامي، وسكرتيرة رئاسة البرلمان عن التركمان منى قهوجي أدرجا الفقرتين للمناقشة. وأعلن الديمقراطي الكردستاني فيما بعد استمرار الجلسة النيابية، وصوّت خلالها (58) نائباً لمصلحة تمديد عمل مفوضية الانتخابات.

أزمة جديدة

ودخل إقليم كردستان في أزمة سياسية جديدة على وقع المواجهة المباشرة بين نواب الحزبين الحاكمين في الإقليم، ويتهم كلّ منها الآخر بعرقلة مسار التفاوض نحو حل سياسي للأزمات الداخلية في الإقليم.

وجاءت جلسة البرلمان الأخيرة على وقع خلاف كبير وقطيعة امتدت لـ (6) أشهر، واتهامات متبادلة بالفساد والاغتيالات، فضلاً عن انسحاب وزراء "الاتحاد الوطني" من الكابينة الحكومية التي يرأسها مسرور بارزاني.  

وسبق لـ "الديمقراطي الكردستاني" أن حمّل "الاتحاد الوطني" مسؤولية اغتيال ضابط المخابرات هاوكار عبد الله رسول، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ممّا أدى إلى سلسلة من الحوادث التي أفسدت ترتيبات تقاسم السلطة، ونفى "الاتحاد" بشدة هذه الاتهامات، وقال إنّها ذات دوافع سياسية.

قيادي في الاتحاد الوطني يؤكد أنّ الحوار مع الحزب الديمقراطي ما يزال قائماً، ويرجح أن يصل الطرفان إلى صيغة نهائية بشأن الانتخابات القادمة

وشهد الأسبوع الماضي انفراجة سياسية بين الحزبين الحاكمين؛ إذ التقى رئيس الوزراء مسرور بارزاني نائبه قوباد طالباني، لأول مرة منذ حادثة الاغتيال، واتفقا على العمل معاً لتجاوز خلافاتهما. وجاءت هذه الانفراجة بعد أيام من زيارة وفد من وزارة الخارجية الأمريكية، يضم باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، إلى أربيل ولقائه قادة من الجانبين.

جدية الحوارات

وكانت الأمم المتحدة والبعثات الدولية والقنصليات العامة في إقليم كردستان العراق  قد دعت إلى الالتزام بالموعد المحدد لإجراء الانتخابات 18 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، واعدة السلطات في كردستان بتقديم الدعم والمساندة لها لإتمام عملية الانتخابات العامة.

جانب من العراك الذي نشب بين نواب كتلتي بارزاني وطالباني في برلمان إقليم كردستان العراق

ويقول كوران فتحي، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني: إنّ "هناك ضغوطات دولية لإجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان"، وأضاف: "نحن في الاتحاد الوطني في حوارات مستمرة مع الحزب الديمقراطي، من أجل الوصول إلى صيغة نهائية بشأن الانتخابات في الإقليم".

وبشأن ما جرى بين الحزبين، يرى أنّ "الخلافات داخل البيت الكردي كانت كبيرة جداً، لكن حالياً نشهد هدوءاً داخل ذلك البيت، وحوارات جادة للوصول إلى صيغة توافقية جادة للمضي نحو الاستحقاق التشريعي القادم". لافتاً إلى أنّه "بعد أشهر من القطيعة جاء لقاء المكتبين السياسيين للحزبين، فضلاً عن لقاء ممثليهما في حكومة الإقليم، وعودة وزراء الاتحاد الوطني الذين علقوا حضورهم في تلك الحكومة".
ورجّح فتحي أنّ "الحوار الجاري بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، ممكن أن ينقذ إقليم كردستان من أزماته الفعلية الراهنة". ولم يُعلّق القيادي الكردي عمّا جرى مؤخراً في البرلمان.
المعارضة تشكك

من جهتها، اعتبرت قوى كردية معارضة للحزبين الحاكمين في إقليم كردستان أنّ ما حصل في برلمان الإقليم هو "سيناريو" مُعدٌّ سلفاً. مؤكدةً أنّ الحزبين يحاولان تحشيد جمهوريهما الناقم عليهما عبر خلافات مفتعلة، لكسب تعاطف قواعدهما من جديد.

سروة عبد الواحد: العراك النيابي مفتعل، لأنّ كلا الحزبين بحاجة لكسب جماهيرهما المنزعجين من الأداء السياسي لهما، لا سيّما أنّ الشارع الكردي يعاني من أزمات عدة

وتمثل المعارضة السياسية الكردية في برلمان إقليم كردستان العراق نسبة 35%، موزعة ما بين القوى العلمانية الليبرالية والأخرى الإسلامية بنسختيها الإخوانية والسلفية. ومنذ (6) أشهر يحاول كلّ من "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني" كسب قوى المعارضة لصالحه نتيجة الانفراط المؤقت لعقد الائتلاف السياسي الذي جمع الحزبين الرئيسين.

وتُعلق النائب سروة عبد الواحد على العراك الذي شهدته قاعة البرلمان الكردستاني بين نواب كتلتي الحزبين الحاكمين الأسبوع الجاري، وتصف ما حصل بأنّه "سيناريو اختلقه الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، ولم يكن عراكاً حقيقياً بدوافع مصلحية عامّة".

وتوضح القيادية في حركة الجيل الجديد المعارضة أنّ "الشجار الذي اندلع بين نواب الحزبين الكرديين، تزامن مع لقاء سياسي مهم جمع رئيس الحكومة مسرور بارزاني، ونائبه قوباد طالباني، الذي علّق وحزبه المشاركة في الحكومة لأشهر عدة". مبينةً أنّه "في الوقت الذي خرجت صور لقاء بارزاني وطالباني إلى الإعلام، حدثت المشاجرة بالأيدي بين نواب الجهتين داخل برلمان الإقليم".

برلمان إقليم كردستان

وتتساءل عضو مجلس النواب عن "كيفية انتشار الصور والفيديوهات التي وثقت العراك داخل برلمان الإقليم، في ظل مركزية الإعلام في تلك المؤسسة، التي تمنع تسريب أيّ صورة دون موافقتها"؟

وتتابع قولها: "لديّ أدلة تثبت أنّ ما حصل كان دراما معدّة مسبقاً من قبل الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين"، لافتة إلى أنّ نواب كتلتها "كانوا يرفعون مطالب احتجاجية بالضد من الادخار الإجباري، وقضايا تخص المواطن الكردي داخل البرلمان، ولكنّ إدارة البرلمان كانت تمنع تصوير أيّ تعليق معارض للحكومة". وتضيف: "أتساءل كيف انتشر الشجار الذي حصل مؤخراً بهذه الطريقة والسرعة المفاجئة؟".

وعن دواعي افتعال العراك النيابي، إن صحّ ذلك، تقول عبد الواحد: إنّ "الحزبين الحاكمين بحاجة إلى كسب جماهيرهما المنزعجين من الأداء السياسي لهما، خصوصاً أنّ الشارع الكردي برمّته يعاني من أزمات اقتصادية وخدمية وسياسية، ويحمّل الحكومة ومن يقودها مسؤولية تلك الأزمات"، وتشير إلى أنّ "العراك المفتعل يأتي من أجل شدّ الجمهور لحزبيهما من جديد".

مواضيع ذات صلة:

نار الخلاف تستعر داخل المكوّن المسيحي في العراق.. ما علاقة الحشد الشعبي؟

العراق: اتهامات لسياسيين بدعم النزاعات العشائرية على حساب سلطة الدولة... كيف ولماذا؟

هل يتدخل المجتمع الدولي لحل أزمة المياه بين العراق وإيران وتركيا؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية