العراقيون منقسمون حتى في تحديد موعد الانتخابات

العراقيون منقسمون حتى في تحديد موعد الانتخابات


05/08/2020

ارتبكت قوى سياسية عراقية لحظة إعلان رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، لموعد الانتخابات المبكرة، التي عدت محاولة من الأخير لإحراج تلك القوى أمام الشارع المحلي، الناقم على سوء الأوضاع الحياتية عموماً.
الجديد في الموعد الانتخابي هذه المرة؛ إجراؤها في فصل الصيف، وهو موسم احتجاجي عادة لمختلف العراقيين، على سوء الخدمات، لا سيما في مناطق الجنوب والفرات الأوسط (معقل جمهور الإسلام السياسي الشيعي)؛ إذ تكمن الخشية السياسية من تأثير رداءة الأوضاع الخدمية في ظلّ الطقس الساخن، في قرار الناخب العراقي المتطلع إلى التغيير، وخسارة "الكتل الكلاسيكية" الممسكة بزمام النظام، لمكاسبها الحالية. 

الأمم المتحدة: مستعدون لتقديم الدعم والمشورة الفنية على النحو الذي يطلبه العراق لضمان انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، تكسب ثقة الشعب العراقي، ونرغب في رؤية العراق وهو يزدهر

وأعلن الكاظمي، الجمعة 31 تموز (يوليو) الماضي، أنّ السادس من حزيران (يونيو) من العام المقبل، سيكون موعداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وهي من المهام الرئيسة للحكومة الانتقالية، التي جاءت على أنقاض حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، جراء احتجاجات تشرين "الدموية" التي شهدها العراق. 

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي
وأكّد رئيس الحكومة العراقية؛ أنّ حكومته ستعمل على إنجاح هذه الانتخابات وحمايتها، مطالباً مجلس النواب بإرسال قانون الانتخابات الجديد إلى رئيس الجمهورية للمصادقة عليه.

ترحيب أممي بتحديد الموعد الانتخابي 
بعيد تحديد الحكومة العراقية موعداً للانتخابات المبكرة، رحّبت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بهذه الخطوة، وعدّتها مطلباً شعبياً رئيساً على طريق تحقيق المزيد من الاستقرار والديمقراطية في البلاد.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، في بيان لها: إنّ "إجراء انتخابات ذات مصداقية وحرة ونزيهة وشاملة بشكل صحيح يمكن أن يعيد تنشيط النظام السياسي، ويبني ثقة الجمهور، ويمنح الشعب صوتاً، ويحقق تطلعاته إلى تمثيل سياسي أفضل"، وأضافت: "تقع على عاتق الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية وأصحاب الشأن الآخرين مسؤولية ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، في بيئة مواتية تضع مصالح البلاد فوق كلّ الاعتبارات الأخرى".

اقرأ أيضاً: الاستراتيجية التركية في تأسيس النفوذ بسوريا والعراق
وأكّدت أنّ "الأمم المتحدة مستعدة لتقديم الدعم والمشورة الفنية على النحو الذي يطلبه العراق لضمان انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، تكسب ثقة الشعب العراقي"، وتابعت قولها: "نحن على ثقة بأنّ جميع القوى السياسية ترغب في رؤية العراق وهو يزدهر ويخرج من أزماته".
العامري يرحّب بها ويعارض موعدها 
من جهته، رحّب رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، بإجراء انتخابات مبكرة، لكنّه خالف الكاظمي بموعد إجرائها، في حزيران (يونيو) القادم.
 وقال في بيان مقتضب: "نرحّب بإجراء الانتخابات المبكرة، ونعتقد أنّ الوقت الأفضل لها هو بداية شهر نيسان المقبل من العام 2021".
وعن سبب رفض التوقيت الانتخابي؛ يقول النائب عن كتلة الفتح حسن الدراجي، إنّ كتلته "دائماً ما تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة وتحديد موعد لها"، مبيناً أنّ تحالفه "اقترح موعداً في شهر نيسان المقبل، ليكون الطقس أفضل، وقبل شهر رمضان".

رئيس تحالف الفتح هادي العامري
وأكّد الدراجي لـ "حفريات"؛ أنّ "الفتح مع إجراء الانتخابات المبكرة، التي سبق أن حدِّدت، وبطلب من الكتل السياسية، وفي مقدمتها تحالفنا، على أن تكون من أولويات البرنامج الحكومي للحكومة الحالية"، لافتاً إلى أنّ "التحالف سيعمل مع باقي الكتل السياسية لاستكمال تشريع قانون الانتخابات والمحكمة الاتحادية، تمهيداً لإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المقرر".
ودعا النائب الدراجي إلى "ضرورة المشاركة الفعالة لكلّ من يريد الإصلاح والتغيير للأفضل".
الحلبوسي يغازل والمالكي يخاتل

وفي إطار ردود الأفعال السياسية على موعد إجراء الانتخابات المبكرة، طالب رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، بتعجيل موعد الانتخابات النيابية وإجرائها بموعد أقرب من الموعد الحكومي المقترح.
وقال الحلبوسي، الذي يعدّ زعيماً سنّياً حليفاً لمحور إيران في العراق: إنّ "الحكومات المتعاقبة لم تنفّذ برنامجها الحكومي، ومنهجها الوزاري لم يتعدَّ السطور التي كتبت به، ما أدّى إلى استمرار الاحتجاجات الشعبية؛ بسبب قلّة الخدمات وانعدام مقومات الحياة الكريمة".

اقرأ أيضاً: الأتراك ممنوعون من دخول العراق في هذه الحالة
 ودعا، عبر تغريدة له بتويتر، إلى "انتخابات (أبكر)، وعقد جلسة طارئة مفتوحة علنية بحضور الرئاسات الثلاث والقوى السياسية للمضي بالإجراءات الدستورية، وفق المادة (64) من الدستور؛ فهي المسار الوحيد لإجراء الانتخابات المبكرة". 
أما زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، فقد انضمّ الى قائمة المرحّبين، لكنّه أكّد أنّ إجراء الانتخابات يجب أن يكون بموافقة البرلمان.

ويفترض على البرلمان العراقي أن يحلّ نفسه قبل 6 أشهر من تحديد موعد الانتخابات النيابية، وإثر ذلك؛ علّق المالكي بأنّ "حلّ مجلس النواب يعتمد على فئتين، الأولى: الجهات التي لها حقّ طلب الحلّ، والثانية الجهة التي بيدها قرار الحلّ، ويكون بتصويت المجلس على حلّ نفسه، ولا صلاحية لأيّة جهة بحلّه دون موافقته" في إشارة إلى عدم صواب قرار الكاظمي.
تحالف الحكيم: الانتخابات مطلب شعبي
وتنصّ المادة (64) من الدستور على أنّه "يُحلّ مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناء على طلب من ثلث أعضائه أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية ولا يجوز حلّ المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.. ويدعو رئيس الجمهورية عند حلّ مجلس النواب إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها ستين يوماً من تاريخ الحلّ ويعدّ مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية".

يقول النائب عن كتلة الفتح حسن الدراجي لـ"حفريات" إنّ كتلته دائماً ما تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة وتحديد موعد لها، مبيناً أنّ تحالفه اقترح موعداً في نيسان المقبل

من جهته، أكّد تحالف "عراقيون"، بزعامة عمار الحكيم؛ أنّ إجراء الانتخابات المبكرة يمثل الإرادة الشعبية التي مثلتها ساحات الاحتجاجات في العراق كلّه.
وقال النائب عن التحالف، لطيف الخفاجي، لـ "حفريات": إنّ "قرار الحكومة بإجراء الانتخابات، في حزيران (يونيو) القادم، هو التزام بما تعهّدت به للجمهور المطالب بالإصلاح"، مبيناً أنّ تحالفه "يرى في هذا القرار مرونة وعقلانية تتيح لجميع القوى تنظيم صفوفها والاستعداد لخوض الانتخابات".

اقرأ أيضاً: هل ينجح الكاظمي في تجفيف منابع الميليشيات والسيطرة على الحدود العراقية؟
وأكّد الخفاجي؛ أنّ "البرلمان حالياً يمضي نحو استكمال القانون الانتخابي بالتوافق مع مختلف الكتل السياسية فيه".
ناشطون: توقيت الانتخابات توقيت ذكي
وفي غضون ذلك، رأى ناشطون عراقيون؛ أنّ قرار الحكومة بإجراء الانتخابات، في حزيران (يونيو) المقبل، بمثابة ضربة للكتل السياسية ذات الصبغة العقائدية تحديداً، مؤكّدين أنّ تلك الكتل متهمة من الشارع المحلي بـ "الفشل السياسي".

رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي
وقال كريم اللامي، وهو ناشط احتجاجي بساحة التحرير البغدادية: إنّ "ترحيب الكتل السياسية بموعد الانتخابات هو ترحيب غير جدّي، فهي تعارض إجراء الانتخابات المبكرة؛ كونها تخشى الناخب العراقي المحتجّ على أدائها الفاشل في السلطة"، لافتاً إلى أنّ "توقيت الكاظمي توقيت ذكي، وهو في فصل الصيف؛ حين تشتد الأزمة بين الكتل والجمهور الغاضب على سوء الخدمات، والطاقة الكهربائية خاصة".
وأضاف اللامي لـ "حفريات": "تلك الكتل دائماً ما تصوّت على موعد انتخابي يكون قريباً من المناسبات الدينية، لا سيما الشعائرية، لتعبئة الناس طائفياً واستثمار صوتهم انتخابياً، لكن هذه المرة جاء التوقيت عكس ما يريدون، بل كان توقيتاً سلبياً بالنسبة إليهم".
أما الناشط البصري، ليث قاسم، فأبلغ "حفريات": بأنّ "الانتخابات المبكرة هي نقمة على الأحزاب التقليدية الكبيرة"، معرباً عن أمله بـ "مشاركة جماهيرية واسعة من أجل التغيير الحقيقي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية