الذكاء الاصطناعي وفضيحة "الإخوان" في "تسريبات السجون"

الذكاء الاصطناعي وفضيحة "الإخوان" في "تسريبات السجون"

الذكاء الاصطناعي وفضيحة "الإخوان" في "تسريبات السجون"


25/09/2023

عمرو فاروق

خرجت علينا قنوات جماعة "الإخوان المسلمين"، التي تبث من خارج القاهرة، بتسريبات من داخل السجون المصرية، نقلاً عن "اليوتيوبر"، علي حسين مهدي، الموالي للجماعة، الذي زعم بقدرته في الحصول على اختراق كامل لأكثر من 80 ساعة من داخل "سجن بدر المركزي" في القاهرة (مجمّع التأهيل والإصلاح بمدينة بدر)، وهو يحوى عدداً من قيادات جماعة "الإخوان" المحكوم عليهم جنائياً في قضايا متعلقة بالإرهاب والعنف.

من اللحظات الأولى، ندرك أنّ اللقطات المصورة التي انتشرت تحت عنوان "تسريبات سجون مصر"، قائمة على محاكاة مقرّ السجون الأصلية، من خلال تقنية "الذكاء الاصطناعي"، وذلك عن طريق تحليل الفيديوهات التي قام بعرضها "اليوتيوبر" حسين مهدي، بخاصة في ظل قيام وزارة الداخلية المصرية بنشر فيديوهات وصورة حيّة لمقرّ مجمّع التأهيل والإصلاح في مدينة "بدر"، خلال افتتاحه في نهاية عام 2021، على مساحة 85 فداناً، وفقاً للمعايير الدولية.

توظيف تقنية الذكاء الاصطناعي، في بناء كيانات موازية ومشابهة لأي مؤسسة أو مصلحة حكومية أو منشأة إصلاحية أو سجن، أمر لا يحمل في ذاته أية صعوبة حالياً، في ظلّ توافر الأكواد الخاصة بهذه البنايات، فضلاً عن إمكان احتوائها على عشرات الأشخاص المراد وضعهم فيها تخيلاً، سواء كانوا مسؤولين أو موظفين، أو حتى سجناء، أو من قيادات "الإخوان".

تسريب المحتويات الخاصة بالكاميرات الداخلية لمصلحة السجون المصرية، أمر مستبعد تماماً في ظلّ الاعتماد على برامج تكنولوجية متطورة، في عملية الرقابة والإحكام للمنظومة الأمنية الداخلية، فضلاً عن أنّ وضع كاميرات المراقبة داخل منظومة مصلحة السجون، ينفي عنها تماماً مزاعم جماعة "الإخوان" بتعذيب وإهانة سجنائها أو غيرهم، في ظل الرقابة المشدّدة من الجهات المعنية.

الطريقة التي قام بها "يوتيوبر"، جماعة "الإخوان" من داخل ولاية "شيكاغو" الأميركية، بعرض فيديوهات التسريبات المزعومة، حملت نبرة مرتفعة وحادّة، ومغلّفة باهتزاز صوتي، في إطار محاولة لتأكيد حقيقة انفراده وصحته من عدمه أمام متابعيه، أي أنّه مارس نوعاً من التضليل والخداع الإعلامي من أجل التغطية على التشكّك في بضاعته الفاسدة.

خيوط وجوانب الحالة النفسية البارزة في غالبية فيديوهات ولقاءات "اليوتيوبر" علي حسين مهدي، تفيد بتمتعه بشخصية صدامية حادّة، تغلب عليها النزعة الانتقامية، والميول والرغبة في "الشهرة المرضية"، بناءً على تحليلات المتخصّصين في الطب النفسي، بخاصة أنّه قبل هروبه من القاهرة، تعرّض داخل سجنه لعملية اعتداء جنسي من قِبل سجناء جنائيين، وفقاً لاعترافاته أمام مراسلي عدد من الصحف والقنوات الأميركية.

اعترف حسين مهدي في فيديوهاته التي اعتاد من خلالها على مهاجمة النظام السياسي المصري، والرئيس عبد الفتاح السيسي، بتواصله الدائم مع عناصر من الإدارة الأميركية على المستويين الديبلوماسي والاستخباراتي، فضلاً عن دوره في تمرير الأكاذيب والشائعات والتلفيقات التي تتداولها جماعة "الإخوان" وأعوانهم، حول ملف حقوق الإنسان في الداخل المصري.

يمثل "اليوتيوبر" على حسين مهدي ذراعاً لجماعة "الإخوان" وحلفائها ومموليها، تمّت صناعتها في الداخل الأميركي، بهدف توظيفها في مهاجمة الدولة المصرية، كبديل للأرجوازات التي صنعوها من قبل، وفشلت في إتمام دورها، مثل المقاول محمد علي، وعبدالله الشريف، ومعتز مطر، ومحمد ناصر، وأسامة جاويش، وغيرهم.

الهدف المباشر من تسريبات "السجون" المزعومة، هو التحريض على اقتحام السجون المصرية، وتهريب قيادات "الإخوان" وقواعدها التنظيمية، المحكوم عليهم جنائياً، فضلاً عن تعمّد تشويه صورة الدولة المصرية، وتحريض المؤسسات الحقوقية في الخارج ضدّها، في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان.

حجم الفيديوهات التي تمّت فبركتها على مدار العشر سنوات الماضية، من قِبل جماعة "الإخوان" وأذرعها وأبواقها الإعلامية، وتناولت الشأن المصري، لا تُعدّ ولا تُحصى، سواء المتعلقة بمصلحة السجون المصرية، أو بـ"فضّ اعتصام رابعة المسلح"، أو بالمادة الفلمية والوثائقية المتعلقة بالأوضاع داخل سيناء، أو بتزوير الأحداث المتعلقة بالشأن العام السياسي والاقتصادي.

حملة الشائعات التي أطلقتها أخيراً، جماعة "الإخوان" ضدّ مصلحة السجون المصرية، والإساءة والتحريض المستمرين للقائمين عليها، تعمل على إشعال الموقف، وتنفيذ مخطط اقتحام السجون على غرار ما تمّ في 25 كانون الثاني (يناير) 2011، متناسية حجم التطورات والتأمينات الهائلة على المستوى التكنولوجي والأمني التي نفّذتها الحكومة المصرية في حماية السجون المركزية، والتي استبدلتها بمنظومة دور الرعاية والتأهيل والإصلاح، وعلى رأسها مجمّع "وادي النطروان" المركزي.

ما زالت جماعة "الإخوان" وحلفاؤها ومناصروها يستخدمون أساليبهم القذرة في تقليب الداخل المصري، ويرغبون في تمرير سيناريو الفوضى، والزج بالشارع المصري في غياهب الحرب الأهلية تحت أي مسمّى وتحت أي ظروف، معتمدين على فبركة الفيديوهات التي تنال من رموز المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية.

مخطط "الإخوان" يستهدف محاولة إرباك المشهد السياسي، استغلالاً للاستحقاق الرئاسي المزمع إجراؤه خلال الأشهر المقبلة، من خلال تكثيف الشائعات، والنيل من النظام السياسي، أملاً في منحها قبلة الحياة عبر مرشح توافقي من داخل الحركة المدنية اليسارية، يعيد توازنها مرة أخرى، لتفادي حالة الجمود التي أصابت كياناتها التنظيمية، وانحدارها السياسي والشعبي.

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية