أشعل داعية أردني الجدل القائم اصلا منذ طرح مشروع قانون حقوق الطفل بالأردن، وذلك بعدما تقدمت به الحكومة الأردنية لأول مرة لمجلس النواب بعد مطالبات مستمرة منذ عام 2006 من مؤسسات رسمية تعنى بحقوق الطفولة والأسرة، ومؤسسات المجتمع المدني، ومنظمات دولية.
ونشر الداعية الإسلامي الأردني الدكتور إياد قنيبي عبر قناته الرسمية على يوتيوب حلقة تطرق فيها لما وصفه بـ"السلبيات الخطيرة" التي يتضمنها هذا المشروع، ردا على المدافعين عن القانون.
وللمرة الأولى في تاريخ الأردن، وبعد أعوام من النقاش المستفيض، تمكنت الحكومة الأردنية أخيرا من إحالة مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022 إلى البرلمان للمصادقة عليه، إلا أنه اصطدم باعتراض العديد من النواب.
وانتهت الجلسة بإحالة مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022 إلى لجنة نيابية مشتركة من لجنتي القانون والمرأة وشؤون الأسرة، مع توصيات من بعض النوّاب بالتأني في مناقشة مشروع القانون لضمان عدم مخالفته للقيم والثوابت المستندة إلى الشريعة الإسلامية.
وبحسب الداعية الأردني، فإن "مشروع القانون يستند إلى اتفاقية حقوق الطفل، والتي تتضمن العديد من الإشكاليات التي تتصادم مع الإسلام، مثل: حق الطفل في التعليم الجنسي الشامل، واعتبار ممارسة الجنس بدون زواج حقا من حقوقه، ومنح الطفل الحق في تغيير دينه واختيار الدين الذي يوافق هواه…".
كما اعتبر الدكتور أياد أن "إيجابيات هذا المشروع شكلية، ويصعب تطبيقها في مجتمعاتنا، بينما الإشكاليات الخطيرة بالقانون أنه يدعم تطبيقها بالتمويل والكوادر والمراقبة والمتابعة الحثيثة من قبل العديد من المنظمات والجمعيات الدولية".
وخلال الحلقة، أطلق قنيبي وسم #قانون_الطفل_مسموم الذي تفاعل معه كثير من الرافضين للقانون، الذين رأوا أنه "يشكل تهديداً اجتماعياً لقيم الأسرة العربية والإسلامية".
و يخشى كثير من المحافظين من تمرير بنود تلك الاتفاقيتين ضمن القانون الجديد، خاصة تلك المتعلقة بحق حرية الفكر والدين والصحة الجنسية و التبني، وغيرها.
ويرى كثيرون أن تلك الاتفاقيات تتعارض مع الضوابط الدينية وتؤسس لفكرة استقلال الطفل فكريا وعقائديا عن أسرته.
ويرى هؤولاء ان القانون "مستورد غربي يسعى لتدمير الأسرة والطفل"، وذلك من خلال "نقل رعاية الطفل ومسؤولياته من العائلة والأبوين للدولة"، وبالتالي تدمير دور الأسرة في التربية والعناية والتنشئة الدينية والاجتماعية، وتعظيم دور الفرد مما يفسخ ويدمر المجتمعات، على حد وصفهم.
كما يرى المعارضون للقانون أن المواد 7 و8 و24 أخطر ما في القانون، خاصة أنها تمنح الطفل الحق في التعبير عن آرائه، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو أي وسيلة يختارها، والحق في احترام حياته الخاصة، وحظر تعريضه لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته أو منزله أو مراسلاته من دون رقابة من الأسرة، والسماح للطفل بالاتصال مع مقدمي خدمات المساعدة القانونية من دون أي قيد، وفق المعارضين.
وفي المقابل دافع آخرون عن القانون من خلال وسم #مع_قانون_حقوق_الطفل ، مؤكدين على الحاجة الماسة لإقراره "لما يتضمنه من تكريس وترسيخ لحقوق الطفل الأردني وأسرته"، ومشيرين في ذات الوقت إلى "عدم تعارض نصوصه مع الشريعة أو العادات والتقاليد المجتمعية".
فقالت المحامية والناشطة الحقوقية هالة عاهد: "رفض القانون بحجة أنه مطلب غربي يستهدف الأردن فيه تجنٍ على ثقافتنا وقيمنا، وكأن لسان حال المعارضين يدعي أن احترام كرامة الطفل وإنسانيته وحمايته من العنف والإهمال والاستغلال والإساءة الجنسية هي مفاهيم غربية"
ومن جهته، قال ناظم نمري: "مع قانون حقوق الطفل لأن استخدام العنف ضد الأطفال تحت ذريعة تربيتهم ينتج إما أجيالاً خانعة أو متمردة على كل شيء؛ فالعنف لا يؤسس لأية قيم تقنع عقل الطفل ليتبناها، وبالتالي لا ينتج العنف مواطناً صالحاً لمجتمعه، وإنما انتهازيا مراوغاً".
ويقول القانوني والمحامي الدكتور أشرف الراعي إن "المشكلة في أن معظم من هاجموا مشروع قانون حقوق الطفل لم يقرأوه!"، وقدم قراءته الخاصة لبنوده.
ويقر كثيرون بأن تمرير القانون وتقبله داخل المجتمع الأردني لن يكون سهلا، نظرا لطبيعة "النظام العشائري" والأعراف التي تحكم المجتمع الأردني، بالإضافة لانعدام "الثقة بين المواطن والحكومة".
وأول مسودة لسنّ قانون يحمي حقوق الأطفال في المملكة، تعود إلى عام 1998، في حين عرض أول قانون على البرلمان في 2004، لكنه ظل مركونا في رفوف مجلس النواب لسنوات عديدة، قبل أن تقوم الحكومة بسحبه في 2008.
عن "ميدل إيست أونلاين"