الجزائر: هل تهدف حملة الحجاب في الجامعات إلى "الأدلجة" و"التدجين"؟

هل تهدف حملة الحجاب في الجزائر إلى "الأدلجة" و"التدجين"؟

الجزائر: هل تهدف حملة الحجاب في الجامعات إلى "الأدلجة" و"التدجين"؟


24/05/2023

تشهد الجزائر حالياً حملة واسعة لحثّ طالبات الجامعات على ارتداء الحجاب، وهو ما أسفر عن تجاوب المئات في مشاهد جابت عدّة جامعات محلية، لتُفجّر المسألة جدلاً عارماً بين فريق استحسن الأمر، ومجموعة أخرى اعتبرت القضية محاولة لـ "الأدلجة" و"التدجين".  

وبموجب المبادرة الطلابية الموسومة "حجابي سترتي"، عرفت جامعات العفرون وخنشلة والجزائر العاصمة وغيرها تنظيم تظاهرات صاخبة احتفالاً بارتداء ما لا يقلّ عن (300) طالبة الحجاب، وعلى وقع الزغاريد والدموع، أبرزت بثينة وسندس وأسماء وسلمى ونهى وغيرهن من المتحجبات حديثاً، أنّهنّ اقتنعن بـ "زينة الحجاب والتُقى والعفة والعفاف"، بينما علّق جمال محرزي أحد أعضاء نادي الفردوس للقرآن الكريم أنّ "المعطى يثلج الصدور ويعطي جرعة أمل، ويضرب كل حملات تشويه الحجاب".

عرّابو المبادرة: احتفال ارتداء الحجاب ظهر وسط الأسر الجزائرية والجامعات والمساجد كعادة جديدة لتشجيع الفتيات البالغات على الستر والعفاف والتمسّك بالقيم في الأعوام الأخيرة

وحرص عرّابو المبادرة على استبعاد أيّ خلفية سياسية، وأفادوا في منشورات على جدران الجامعات ومنصات التواصل الاجتماعي أنّ "احتفال ارتداء الحجاب ظهر وسط الأسر الجزائرية والجامعات والمساجد كعادة جديدة لتشجيع الفتيات البالغات على الستر والعفاف والتمسّك بالقيم في الأعوام الأخيرة".

استعراض

أكّد منظّمو الحملة عزمهم على إقناع المزيد من مواطناتهنّ بجدوى ارتداء حجاب واسع لا يُظهر زينتهن ولا مفاتنهنّ، وهي تصريحات أجّجت الجدل في منصة التواصل "فيسبوك".

أكّد منظّمو الحملة عزمهم على إقناع المزيد من مواطناتهنّ بجدوى ارتداء حجاب واسع لا يُظهر زينتهن ولا مفاتنهنّ

في هذا الشأن، قدّر محمد بنز أنّ "العملية لا تحتاج لهذا الصخب الإعلامي، إلا إذا كانت بداية لعودة شيء ما"، وقال الناشط كريم باحي: "في الحقيقة ما لا يعلمه كثيرون أنّ الحدث لا يخرج عن محاولة استعراض الخلايا الإخوانية الوهابية لعضلاتها من أجل ابتزاز السلطة لافتكاك بعض الامتيازات التي فقدوها في مرحلة ما بعد سقوط بوتفليقة... يريدون القول: امنحونا ما نحبّ، وإلا سنُشوّش عليكم في الجامعات؛ وهذا ما كان"، وعلى المنوال ذاته، كتب ربيع عاشور جازماً: "دعوة الطالبات لارتداء الحجاب عملية أدلجة وتدجين للجامعات الجزائرية".

وتمنّى محمد شواي وعبد الحليم مصطفاوي ألّا يكون الأمر "محض ترند"، وتطلّع حمزة بلقوريشي إلى أن تكون "المتحجبات الجديدات في مستوى الحجاب"، وصنّف فيه موسى رملي وسيلينا لانا وسامي كلوش الموضوع في خانتي "الموضة" و"الترند".

وأعرب عبد الرحمن هلال عن أمنيته في أن يكون "حجاباً بمعنى الكلمة، وليس مثلما نظنّ"، ولاحظت أشواق مزياني أنّ الاحتفاليات تمّت بـ "الحجاب والماكياج والتيجان على الرؤوس".

الأخلاق قبل الملبس

لاحظ فتحي بتجي: "الأصحّ في التعامل وتطبيق شروط الحجاب"، وهو ما شاطره لخضر جمعي: "المظهر خدّاع، قبل الحجاب الدعوة كانت مهملة"، واستفهم إسماعيل لوسي: "وحجاب القلوب؟"، ليردّ مهدي ماحي: "الحجاب مجردّ مظهر لا أكثر، الأخلاق هي ما يمثّل الإنسان لا الملبس".

وغرّد الناشط زين الدين بركاني: "الستر منيح، لكن قبل أن يكون عند النساء حجاب شرعي، ولحية وقميص للرجال، الأفضل لو تتحلى أيضاً بأخلاق الإسلام لأنّك بهذا المظهر العميق أنت تمثل دينك".

وعلّق الأستاذ الجامعي محمد هنّاد: "معنى ذلك أنّ هؤلاء الفتيات لا شخصية لهنّ، وإلا لماذا انتظرن حتى تحثهنّ جهة ما على ارتداء الحجاب فيفعلن ذلك جماعياً، بينما ارتداء الحجاب قناعة تخص كل فتاة وحدها، هذا تحجّب فلكلوري، ومصلحة الأمّة ليست في ارتدائهن الحجاب، بل بالتفوق في مختلف مجالات العلم والمعرفة".

لم يفوّت عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة السلم، أكبر واجهة محلية للإخوان، الفرصة دون الخوض في القضية، زاعماً أنّ حملة الحجاب أثارت انزعاجاً كبيراً لدى الإدارة وأعقبها استجوابات أمنية للطلبة

من جهته، شدّد علي بن علي: "المطلوب منهنّ الدراسة وطلب العلم، أمّا الحجاب، فترتديه كل واحدة من دارها، فلماذا يتمّ ذلك في احتفال فلكلوري؟"، وتابع رامي محديد: "المشكل ليس في الحجاب، بل فيما يأتي بعد الحجاب، بأن يعاهدن الله على ترك المعاصي، ويتخذن من الدين القويم سبيلاً من صلاة وكفّ أذى ونهي عن منكر وأمر بالمعروف".

واستغرب محمد زواينية: "سبحان الله، أفهمونا سبب كل هذا اللغط والتغليط والتهويل، هنّ لبسن الخمار أم دخلن الإسلام؟".

بدورها، استهجنت يقين نور "التهريج في كل شيء"، وأردفت: "كنّا ننتظر أبحاثاً وإبداعاً وعلماً ومعرفة، لكنّ الجامعة الجزائرية صارت مكاناً للدعششة".

إنجاز جميل

اختار قطاع آخر من ناشطي شبكات التواصل الدفاع عن حملة الحجاب، في هذا الصدد  اعتبرت مينة رابحي: "الحجاب لإرضاء الخالق وليس المخلوق، فلماذا كل هذه الاستعراضات، إنّ الله يعلم الجهر وما يخفى، ويعلم من هو الانسان الصادق في أعماله، ومن هو المنافق".

في حين عارض البعض الحملة معتبرينها أدلجة واستعراضاً أيدها آخرون كونها تدعو للستر

وكتبت سناء مجبر: "لست أفهم سببية التعليقات السلبية، هذه الأمور تسعدنا، خاصةً ونحن في زمن كثر فيه العري والفسق"، كما غرّدت نور الهدى بوراوية: "المبادرة جميلة، والدين ترغيب وليس ترهيباً"، وعلّقت ابتسام ميرك في حذر "جميل... ولكن هل سيتغير السلوك؟"

وتقاطعت معها آمال رحال: "هي حملة جميلة وتؤشر إلى مرحلة مشرقة في مسار بناء الجزائر الجديدة"، وباللسان ذاته نطق الأستاذ زين العابدين خوجة: "هنّ جميعاً شابات جميلات... وزادهنّ الحجاب جمالاً على جمال، بينما يعتبر معلقون الأمر مخيفاً، لست أدري أين هو الشيء المخيف؟ العُري هو الذي يخيف، أمّا الستر، فلا قول فيه".

وتوافق توفيق قمرة وعبد الله بن محمد ومحمد بلعباس وماريا عميري على أنّ الأمر يتعلق بـ "أجمل مبادرة"، لكنّ الناشط مالك بالاف دعا المعنيات إلى "عدم نسيان الأخلاق"، وركّز د. محمد توفيق قديري على أنّ "الأهمّ هو الإخلاص في النية في ذلك، والثبات على العمل الصالح قدر المستطاع".

وفي منشور حادّ، سجّل زكرياء زبير: "معظم المبادرات التي حدثت في الجامعات الجزائرية أحسن وأهون وأفضل من ذلك التبرج الفاحش"، وهاجم زبير من قال إنّهم ينتمون إلى طابور "المنافقين وبني علمان وأصحاب الفكر الأمازيغي الملوّث بالعلمانية الليبرالية"، على حدّ تعبيره.

الإخوان يدخلون على الخط

لم يفوّت عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة السلم (أكبر واجهة محلية للإخوان) الفرصة دون الخوض في القضية، زاعماً أنّ حملة الحجاب أثارت انزعاجاً كبيراً لدى الإدارة وأعقبها استجوابات أمنية للطلبة.

وفي منشور على صفحته الرسمية في شبكة "فيسبوك" تساءل مقري: "لماذا لا يستاء الإداريون والأمنيون من الحفلات الصاخبة التي يقيمها بعض الطلبة والطالبات في الجامعة؟ هل الحفلة الصاخبة حلال والحجاب حرام؟ لماذا لا تجتهد الإدارة والأجهزة الأمنية بمواجهة انتشار المخدرات وشبكات الفساد التي تنتشر في الجامعات؟".

وطالب مقري من وصفهم بـ "المستائين" لـ "التمعنّ في المغزى الوطني والتاريخي والحضاري لحفلات الحجاب"، مفضّلاً ربط ما يحدث حالياً بما شهدته الجزائر عام 1958، أيام ثورتها التحررية حين ردّ الثوّار آنذاك بقوة على محاولات المحتلّ الفرنسي القديم تشجيع الجزائريات على خلع "الحايك" حجاب ذلك الزمن.

وأحال مقري على تصريح الفيلسوف الفرنسي فرانز فانون، الذي كان داعماً للثورة الجزائرية: "التفكير الاستعماري يرى أنّ تحطيم بنية المجتمع الجزائري وقدرته على المقاومة، يمرّ أولاً بهزيمة النساء، والذهاب إلى حيث يختبئن وراء الحجاب، وفي البيوت حيث يُخفيهن الرجال عن الأنظار".

وعليه انتهى مقري إلى أنّ ما يحدث حول الحجاب "هي حساسيات لا يجب إثارتها، لأنّها تأزيم لسنا في حاجة إليه".

مواضيع ذات صلة:

"أنا والحجاب".. هاشتاغ جديد يمنح النساء حرية البوح

ثورة جديدة على "الحجاب الإجباري" في إيران.. هل تنجح؟

أسرار أشهر فنانات مصريات خلعن الحجاب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية