التيار العوني وحلفاؤه يتنمّرون: هل يخلف ميقاتي الحريري؟

التيار العوني وحلفاؤه يتنمّرون: هل يخلف ميقاتي الحريري؟


25/07/2021

مرة أخرى تتوجه الأنظار إلى قصر بعبدا في بيروت، حيث من المقرر أن يفتح الرئيس الللباني العماد ميشال عون الباب أمام الترشيحات لتشكيل الحكومة اللبنانية، بعد اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، الخميس قبل الماضي، لوجود تناقضات في فهم التشكيلة اللبنانية التي قدمها الحريري لعون، ولم يتم الاتفاق عليها.

الحريري قال في مؤتمر صحفي بعد انسداد الآفاق عقب لقائه عون إنه لم يتوصل إلى اتفاق مع الرئيس، قائلاً: "من الواضح أننا لن نتمكن من التوصل إلى اتفاق". وأضاف: "الله يكون في عون البلد".

في غضون التلاسنات وإلقاء التهم بين الفرقاء اللبنانيين، دعت الأمم المتحدة إلى "تشكيل حكومة لبنانية ذات صلاحيات كاملة يمكنها وضع البلاد على طريق التعافي"

وبعد هذا المفترق/ المأزق الذي انتظر اللبنانيون الخروج منه بعد أكثر من ثمانية أشهر من الترقب، يفتح الباب مجدداً أمام شخصية أخرى لتشكيل الحكومة، مع إعلان الرئيس اللبناني ميشال عون يوم غد الإثنين موعداً لبداية الاستشارات النيابية لتسمية مكلف بتشكل حكومة جديدة.

 وبرز اسم رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي كأبرز المرشحين لخلافة سعد الحريري المعتذر. ويرى مراقبون أنّ مهمة ميقاتي، إن حصل على إجماع داخلي بتكليفه ستكون صعبة، إذ إنه يشارك الحريري نفس الرؤية السياسية.

 الرئيس الللباني العماد ميشال عون

ويستوجب تكليف ميقاتي أن يكون الأخير محل إجماع داخلي وحتى خارجي (أمريكي – فرنسي) لتولي مهمة تكليف حكومة جديدة، فيما يؤكد مراقبون أنّ الأخير يواجه نفس العراقيل والصعوبات التي واجهت سلفه الحريري، بحسب صحيفة "العرب" اللندنية.

ويشير هؤلاء إلى أنّ مَن عرقل الحريري في تشكيلة حكومة لن يبدّل موقفه بتعاونه مع ميقاتي الذي يتمسك بالعناوين السياسية التي طرحها الأول.

ماذا يحتاج ميقاتي؟

ومن أجل تزكية ميقاتي يحتاج الأخير إلى دعم تيار المستقبل الذي يقوده الحريري إلى جانب رؤساء الحكومات السابقين، إضافة إلى دار الإفتاء في لبنان، وهو ما لم يتبين إلى حد الآن.

ولم يُبد ميقاتي أي تجاوب أو تلميحات بشأن استعداده لتشكيل حكومة جديدة يواجه في تشكيلها المعوقات ذاتها التي اعترضت سلفه.

وتشير مصادر سياسية إلى أنّ ميقاتي يعد الشخصية الوحيدة القادرة على نيل رضا تيار المستقبل ورؤساء الحكومات السابقين، إضافة إلى أنه يحظى بدعم القوى الدولية التي لم تخفِ رضاها عنه في العديد من النقاشات اللبنانية.

اقرأ أيضاً: لبنان.. من التكليف إلى التأليف

لكنّ نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش قال في تصريحات صحفية "لا يمكن الإجابة عن سؤال عما ستكون عليه المرحلة المقبلة في لبنان، إنما حتى الساعة الأفق مسدود وإمكانية تشكيل حكومة برئاسة شخصية سنية لها ثقل ضئيلة جداً".

ويدعم هذا التصريح، المغلف باليأس، ما غرد به المسؤول عن العلاقات الدولية في التيار العوني طارق صادق، أمس السبت، "نحن لن نسمي الميقاتي رئيساً للحكومة، ونعطي فرصة قصيرة للتشكيل قبل الاستقالة من المجلس النيابي. والميقاتي مرشح الأميركان والمنظومة الفاسدة، بينما نواف سلام كان سفيراً للبنان في الأمم المتحدة، ويملك تاريخاً عروبياً ومناصراً لفلسطين". وتابع المغرد العوني: "بفهم بري والحريري وجنبلاط يمشو بميقاتي، بس حزب الله ليش؟".

وأشارت معلومات، تداولتها مواقع إعلامية لبنانية، إلى أنّ التيار العوني طلب من نوابه إلغاء إطلالاتهم الإعلامية لحين انعقاد اجتماع التكتل النيابي العوني صباح غد الإثنين، لاتخاذ القرار النهائي في موضوع الاستشارات النيابية.

اتهامات بالفساد لميقاتي

ومن جهة أخرى، رأى عضو تكتل "لبنان القوي" النائب حكمت ديب أنّ "على الرئيس نجيب ميقاتي شبهة في الإثراء غير المشروع وفي مواضيع عدة أخرى"، سائلاً: "هل سيقبل الرأي العام اللبناني والمجتمع المدني بشخص لديه هذه الارتكابات؟". وأكد أنّ التكتل متوجه إلى عدم التسمية، أو تسمية شخص آخر إذا توّفر الحظ له.

في غضون هذه التلاسنات وإلقاء التهم بين الفرقاء اللبنانيين، دعت الأمم المتحدة إلى "تشكيل حكومة لبنانية ذات صلاحيات كاملة يمكنها وضع البلاد على طريق التعافي". وجاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عبر دائرة تلفزيونية مع الصحفيين بمقر المنظمة الدولية في نيويورك.

اقرأ أيضاً: هبوط جديد لليرة اللبنانية أمام الدولار... ما علاقة الحريري؟

وقال حق إنّ "دعوة الأمم المتحدة جاءت على لسان المنسقة الأممية الخاصة إلى لبنان جوانا ورونيكا، خلال جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي عقدت الخميس الماضي 22 تموز، وحضرها وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيير لاكروا".

وأضاف أنّ "ورونيكا سلطت الضوء في إفادتها على الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والسياسية المتعددة والمتراكمة في البلاد وتأثيرها على الناس، وجددت دعوات الأمم المتحدة لتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة يمكنها وضع البلاد على طريق التعافي".

وأشار حق إلى أنّ "وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيير لاكروا سيزور الشرق الأوسط في الفترة من 25 إلى 30 تموز الجاري".

وأوضح المتحدث أنّ "لاكروا سيعقد خلال زيارته إلى كل من لبنان وإسرائيل اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين وأصحاب المصلحة الرئيسيين لمناقشة عمليات قوات حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان (يونيفيل)".

وأشار المتحدث إلى أنّ رئيس الحكومة اللبناني المكلف سعد الحريري أعلن قبل نحو أسبوعبن من القصر الرئاسي اعتذاره عن تشكيل حكومة جديدة، بعد 9 أشهر على تسميته، في خطوة من شأنها أن تعمق معاناة البلاد الغارقة في أسوأ أزماتها الاقتصادية. وحال الخلاف المعلن بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري دون تشكيلة تخلف حكومة تصريف الأعمال القائمة برئاسة حسان دياب، التي استقالت في العاشر من آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ بيروت أودى بحياة أكثر من 200 شخص، وتسبب في دمار أحياء من العاصمة.

فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين

وأعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قبل أيام عن توجه لفرض عقوبات على قادة ومسؤولين لبنانيين بسبب التعطيل قبل نهاية الشهر الجاري.

وتعزّز هذه الضغوط الدولية احتمالية أن تسفر الساعات المقبلة عن تحديد المسار الذي تنتظره الحكومة اللبنانية التي يرزح شعبها تحت ضغوط لم يألفها من قبل.

وفي قراءته للسيناريوهات القريبة المحتملة، يقول المعلق السياسي اللبناني منير الربيع، لا بد قبل معرفة موقف عون من انتظار اتضاح موقف كتلة المستقبل، خصوصاً أنّ الحريري أعلن أنه لن يسمي أي شخصية، ولن يدعم أي حكومة. لكن اتصالات كثيرة تستمر لحثه على التراجع عن هذا الموقف.

تشير مصادر سياسية إلى أنّ نجيب ميقاتي يعد الشخصية الوحيدة القادرة على نيل رضا تيار المستقبل ورؤساء الحكومات السابقين، إضافة إلى أنه يحظى بدعم القوى الدولية

وهناك احتمال أن تحتاج المشاوارت إلى مزيد من الوقت لإنضاج ظروف التكليف. وهذا يعني تأجيل الاستشارات.

ولكن، يقول الربيع، في مقال بموقع "المدن": "فلنعتبر أنّ التكليف حصل. فكيف يكون مسار التأليف؟ لا شك في أنّ المسار صعب ومتعرج بسبب شروط عون، التي لا يبدو أنه في وارد التنازل عنها. بل يصر على الانطلاق من حيث وصل مع الحريري. لا سيما في ما يتعلق بوزارتي العدل والداخلية.

ولنفترض أنّ ميقاتي تنازل عن هاتين الوزارتين، وهذا مستبعد حتى الآن. لكن يمكنه الاختباء خلف موقف الحريري الذي تنازل عنهما. وهل يكون ميقاتي المكلف جاهزاً لتقديم تنازلات أكثر في ما يخص الوزراء المسيحيين، أو الثلث المعطل؟".

وفي حال موافقته على شروط عون لتشكيل حكومة، يكون ميقاتي قد "ثبت التفسير العوني للطائف ضارباً عرض الحائط شهوراً من إدعاء ميقاتي الدفاع عن الطائف في إطار رؤساء الحكومة السابقين. أما إذا رفض ذلك، فما الذي يدفع عون إلى التنازل للميقاتي، وتغيير شروطه التي فرضها على الحريري؟".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية