التنظيمات الإرهابية في الهند.. الخارطة والانتشار

التنظيمات الإرهابية في الهند.. الخارطة والانتشار

التنظيمات الإرهابية في الهند.. الخارطة والانتشار


08/07/2024

تولي التنظيمات الإرهابية اهتماماً خاصاً بالهند، ويطلق تنظيم القاعدة على أحد فروعه (قاعدة أنصار الله بشبه القارة الهندية)، ويشمل مسرح عملياته ليس الهند وحدها بل ما جاورها من دول في جنوب شرق آسيا، وأمّا تنظيم داعش، فإنّه يطلق على أحد فروعه (ولاية خراسان) التي تشمل أيضاً جنوب شرق آسيا ووسطها وغربها إلى موسكو، وفي هذا المثل الأكبر على أولوية الاهتمام والانتشار.

خارطة الإرهاب في الهند

تتشكّل خارطة الجماعات داخل الهند من عدة أحزاب وجماعات؛ أهمّها جماعة الإخوان التي تعمل تحت اسم الجبهة الشعبية للهند، وقد ازداد نشاطها بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين، ممّا اضطر الحكومة لحظرها لمدة (5) أعوام بتهمة أنّ لها صلات بجماعات إرهابية، وقد داهمت مكاتبها في عدة ولايات، واعتقلت العديد من قادتها، وعلى رأسهم رئيسها أو إم إيه سلام، ونائب رئيسها إي إم عبد الرحمن، والسكرتير نصر الدين المرام، وهو ما واجهته الجبهة بالتظاهر في عدة ولايات تنتشر فيها؛ وهي ولايات: أندرا براديش، وآسام، ودلهي، وكارناتاكا، وكيرالا، وماديا براديش، وماهاراشترا، وبودوتشيري، وراجستان، وتاميل نادو، وأوتار براديش.

تعمل الجبهة الشعبية للهند وشركاؤها أو المؤسسات التابعة لها على أجندة سرّية لجماعة الإخوان

وتعمل الجبهة الشعبية للهند وشركاؤها أو المؤسسات التابعة لها أو الجبهات بشكل علني كمنظمة اجتماعية واقتصادية وتعليمية وسياسية، لكنّها تعمل على أجندة سرّية لجماعة الإخوان.

على الجانب الموازي تعمل الحركة الإسلامية لطلاب الهند (سيمي) كمنظّمة جهادية، ترتبط بصلات وثيقة مع جماعة الإخوان، وهي محظورة من قبل الحكومة الهندية، وتم تشكيلها في عليكرة في ولاية أتر برديش في نيسان (أبريل) عام 1977.

وتهدف (سيمي)، وفق ميثاقها، إلى "تحرير الهند" من التأثير الثقافي المادي الغربي وتحويل مجتمعها المسلم إلى العيش وفقاً لقواعد السلوك الإسلامية، وتصفها الحكومة الهندية بأنّها منظمة إرهابية، وحظرتها في عام 2001، بعد وقت قصير من هجمات 11 أيلول (سبتمبر). وقد تم رفع الحظر في آب (أغسطس) 2008 من قبل محكمة خاصة، ولكن أعيد الحظر بوساطة قاضي القضاة في 6 آب (أغسطس) 2008 لأسباب تتعلق بـ "الأمن القومي"، وهي ما تزال محظورة.

 

مقاربة الهند للإسلام السياسي مثقلة بالتحديات، وهذا بسبب قلة إدراك الحكومات المتعاقبة لهذه الظاهرة، وعدم قدرتها على اتخاذ خطوات استباقية.

 

أمّا جماعة المجاهدين ببنغلاديش JMB، فهي جماعة مركزها الرئيسي بنغلاديش، إلا أنّ لها نشاطاً ملحوظاً داخل الهند، ممّا دفع الأخيرة لحظرها.

الأخطر هو تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، الذي كان يترأسه عاصم عمر، قبل مقتله، وله نشاط كبير وخزّان بشري يمكنه من تنفيذ بعض العمليات، وصدر عنه في 6 حزيران (يونيو) 2022 إصدار مرئي بعنوان "ثكلتنا أمهاتنا" يهدِّد فيه بتنفيذ هجمات انتقامية عنيفة ضد أيّ شخص يسيء للنبي محمد. وأشار الإصدار كذلك إلى أنّ أعضاء الحزب القومي الهندوسي (بهاراتيا جاناتا) سُيستهدفون في المدن الكبرى، مثل دلهي ومومباي، فضلاً عن ولايتي أوتار براديش وجوجارات. ومن أبرز أعضاء تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، مفتيه الكبير محمد رافي عثماني، الذي تم الإعلان عن وفاته يوم 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.

ويستخدم التنظيم آلة دعائية تستخدم الجو الديني المشحون في الهند، والطائفية، في محاولة واضحة لحشد المسلمين في الهند، وقد ازداد نشاطه عقب مقتل الظواهري، وهو ما يدلل على استقرار التسلسل الهرمي لقيادته في هذه المنطقة، وبروز قادة مؤثرين آخرين مثل تميم العدناني (بنغلاديش)، كأحد قواد القاعدة في شبه القارة الهندية.

وينشط منظّرو ودعاة القاعدة في الهند بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن أخرى، ويشنون ما يُسمّى الجهاد "القاعدي" الطويل والسرّي، وقد أثبتوا فاعلية كبيرة خلال الفترة الماضية في التجنيد والاستقطاب (العدناني برز في إصدار "تحريض وحض الأمّة" المسلمة.

وتستغل القاعدة منطقة كشمير المتنازع عليها، وتقوم عن طريقها بالدعاية المستهدفة لتجنيد عناصر جدد والتحريض على تمرد جديدة في المنطقة، وأصبح تركيزها ينصبّ على توحيد الجماعات المسلحة المتباينة في هيكل متماسك، وإنشاء جهاز إعلامي فعال، ونشر الرسائل الإيديولوجية المستهدفة لتجنيد المتعاطفين وحشدهم.

جماعة المجاهدين ببنغلاديش JMB هي جماعة مركزها الرئيسي بنغلاديش إلا أنّ لها نشاطاً ملحوظاً داخل الهند ممّا دفع الأخيرة لحظرها

ويتوسع تنظيم القاعدة بشكل عام، فضلاً عن القاعدة بشكل خاص، في الهند، على المستوى الإعلامي والدعائي وكذلك الحركي والميداني، وله موقع خاص تحت اسم (مدونة السحاب بري).

واتضح من خلال دعوة زعيم تنظيم "أنصار غزوة الهند" المدعو "عبد الحميد لحنري"، الذي دعا في تسجيل صوتي إلى إنشاء مجلس شورى مستقل لتقرير العمليات التي يتعين القيام بها، أنّ تنظيم القاعدة والمنظمات القريبة منه مثل عسكر جنجوي، وعسكر طيبة، والقاعدة في شبه القارة الهندية وغيرها، لها محاولات للتوحّد تحت مجلس شورى واحد، ونجاح القاعدة في ذلك سيؤدي إلى خطورة كبيرة.

ويستفيد تنظيم القاعدة بشكل كبير من جهود جماعة الإخوان بالهند، وتنظيم الجماعة الإسلامية في كشمير، والجبهة الشعبية، وهذه الشبكات تقوم بالحملات الدعائية نفسها حول قضايا استهداف المسلمين وغيرها، ومقاطعة المنتجات الغربية والهندية.

يتوسع تنظيم القاعدة بشكل عام، فضلاً عن القاعدة بشكل خاص، في الهند

على الطريق ذاته أعلن تنظيم داعش عن ولاية له عام 2019، وتعمّد اللعب على ورقة الانقسام في الهند متعددة الأقليات والأديان والطوائف، لجذب الشباب للانضمام إلى صفوفه، باستغلال ظروفهم والتأثير عليهم ودعوتهم إلى الجهاد.

ويرتبط داعش في الهند بتنظيم ولاية خراسان، الذي ينتمي إليه الكثير من الهنود، وتتركز أعدادهم في محافظة كونار الجبلية، وهناك تداخل بينهم وبين بعض المجموعات الموجودة في كشمير؛ مثل عسكر طيبة، وجماعة جيش محمد، وحركة الجهاد الإسلامي الكشميرية.

مستقبل الإرهاب في الهند

من المرجح تصاعد الإرهاب في شبه القارة الهندية لعدة أسباب أهمها؛ وصول طالبان إلى حكم أفغانستان، وما أعطاه تفاوضها مع الغرب وإيران وروسيا من شرعية تكفيرها ببند الموالاة للمرتدين.

ويساهم انتقال عناصر إرهابية من سوريا إلى تلك المنطقة في تصاعد النشاط الإرهابي، كما أنّ مقاربة الهند للإسلام السياسي مثقلة بالتحديات، وهذا بسبب قلة إدراك الحكومات المتعاقبة لهذه الظاهرة، وعدم قدرتها على اتخاذ خطوات استباقية؛ لأنّ الديمقراطية فيها، ولوبي حقوق الإنسان، يجعلان ذلك أمراً في غاية الصعوبة، مثل عدم اتخاذ إجراءات استباقية، كحظر منظمات مثل تنظيم الجبهة الشعبية الهندية، وغيرها.

يساهم تطور شكل الأنشطة التحريضية والدعايات الإعلامية للتنظيمات في دعم تواجد هذه التنظيمات خاصة مع عدم وجود إصلاحات هندية للمجتمع المسلم وحلّ مشكلة كشمير

 ويساهم تطور شكل الأنشطة التحريضية والدعايات الإعلامية للتنظيمات في دعم تواجد هذه التنظيمات، خاصة مع عدم وجود إصلاحات هندية للمجتمع المسلم، وحلّ مشكلة كشمير وحساسيتها بالنسبة إلى المسلمين، وتسببها في إنتاج العديد من التنظيمات.

والخلاصة؛ أنّ خارطة الجماعات الإرهابية تعقّدت في جنوب شرق ووسط آسيا، وتداخل العديد من هذه التنظيمات، مع وجود شبكة من الممولين، وتجارة المخدرات والهيروين في تلك العمليات التمويلية، مع الأسباب سالفة الذكر سيؤثر مستقبلياً على تواجد وحجم الأنشطة المتعلقة بالعمليات الإرهابية في شبه القارة الهندية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية