التقية والانتهازية... جماعة الإخوان الليبية في عام 2023

التقية والانتهازية... جماعة الإخوان الليبية في عام 2023

التقية والانتهازية... جماعة الإخوان الليبية في عام 2023


26/12/2023

خلّف عام 2023 الكثير من المكتسبات للإخوان، الذين اتبعوا مبدأ التقية والانتهازية وتلونوا بلون الأوضاع والأحداث وحتى الحكومات، للحفاظ على الملاذ الأخير لهم وحصنهم الوحيد، بعدما لفظهم العديد من البلدان في المنطقة، وعلى رأسها مصر وتونس والمغرب، وباتوا لدى حاضنتهم الأقوى (تركيا).

الإخوان المسلمون وجدوا في غرب ليبيا البيئة المناسبة، خاصة مع تنامي الجماعات الإسلامية المتطرفة والمسلحة، فكانوا لهم حلفاء وحُماة، والجدار الذي يستترون خلفه ليمارسوا السياسة المتطرفة، وفق صحيفة (الشاهد).

وقد قدّم الإخوان مصالحهم على الجميع، حتى الوطن، وتحالفوا مع الحكومات المتعاقبة على غرب ليبيا، واتخذوا موقفاً معادياً من مجلس النواب، ورفضوا الانتخابات، بعدما رفضهم الشعب، وأقصاهم من البرلمان، فكان وجودهم قائماً على الخلافات والانهيارات والأزمات التي أرهقت البلاد والعباد.

وكللت الجماعة عام 2023 بالتحالفات المشبوهة، للوصول إلى اتفاق مع حكومة الوحدة الوطنية التي تسيطر على غرب ليبيا، يضمن بقاءها فترة أطول بالواجهة، ويثبت وجودها في الساحة السياسية بشكل أو بآخر.

وتسيطر جماعة الإخوان على مجلس الدولة الاستشاري، واستمرت في السيطرة عليه، بإقامة تحالف قوي مع حكومة الدبيبة المتمسكة بالسلطة، التي وجدت في تلك الجماعة الحليف الأفضل، بعدما تلاقت مصالحهما معاً، تحت حماية الميليشيات والجماعات المسلحة التي تحصل بين الحين والآخر على مكافآت نظير خدماتها للطرفين.

الإخوان المسلمون وجدوا في غرب ليبيا البيئة المناسبة

تفاصيل الاتفاق بدأت بخلاف نشب بين رئيس مجلس الدولة الاستشاري السابق خالد المشري، وبين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وعلى الرغم من كون المشري إخوانياً عتيداً، إلا أنّ مصالحهما لم تتلاقَ، ممّا جعل الدبيبة يتحرك للإطاحة به من رئاسة المجلس الاستشاري.

وبالفعل، حرك الدبيبة كتلته وحلفاءه من أعضاء المجلس خلال الانتخابات الأخيرة، وانتهى التصويت لصالح محمد تكالة، وتم إعلانه رئيساً جديداً، وكان الهدف من هذا التحرك هو محاولة من الدبيبة من أجل البقاء في السلطة، دون أن يكون هناك من يؤرق وجوده وسلطته في ليبيا.

وبالعودة إلى الوراء، حول أسباب الخلاف بين المشري والدبيبة، نجد أنّ المشري طالب الدبيبة بترك منصبه، بعدما رأى أنّ دوره انتهى، وكان هناك من بين الفاعلين بجماعة الإخوان يرون ما يراه المشري، إلا أنّ المؤيدين لتكالة المتحالف مع الدبيبة، كان لهم رأي آخر.

 

جماعة الإخوان قدمت مصالحها على الجميع، حتى الوطن، وتحالفت مع الحكومات المتعاقبة على غرب ليبيا، واتخذت موقفاً معادياً من مجلس النواب ورفضت الانتخابات.

 

ويسعى تكالة للإيحاء بأنّه مدافع عن إجراء الانتخابات، وعن حق الشعب الليبي في اختيار من يتولى شؤون الحكم في البلاد.

ويستغل الدبيبة الحلف الذي شكّله مع تكالة من أجل مجابهة مجلس النواب الليبي برئاسة عقيلة صالح، من خلال استغلال صلاحيات مجلس الدولة الاستشاري، والتصدي لأيّ قرارات يصدرها البرلمان الليبي، في محاولة لتحصين نفسه من الشعب ومن ممثليه.

هذا، وتعرّض إخوان ليبيا خلال الأشهر الماضية لانتقادات من برلمانيين وسياسيين ليبيين تتعلق بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، فقد رفض رئيس مجلس الدولة في ليبيا الإخواني خالد المشري إجراءها، معلناً عدم مشاركته كناخب أو كمرشح، وطالب بانتخابات برلمانية فقط في شباط (فبراير) المقبل.

كذلك، وجهت اتهامات لهم من قبل عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية الليبية علي أبو زربية في أيلول (سبتمبر) الماضي، بانتهاز الفرص والقفز على مطالب الشعب لتحقيق مبتغاهم، حسبما نقلت (بوابة أفريقيا).

 

الجماعة كللت عام 2023 بالتحالفات المشبوهة، للوصول إلى اتفاق مع حكومة الوحدة الوطنية التي تسيطر على غرب ليبيا، يضمن بقاءها فترة أطول بالواجهة

 

ومن المراحل الصعبة التي مرت بها جماعة الإخوان في ليبيا خلال العام الجاري، إدانة محكمة الجنايات بطرابلس لرئيس بعثة دولة ليبيا لدى جمهورية أوغندا، القيادي في تنظيم الإخوان فوزي بوكتف، خلال الفترة الممتدة من عام 2013 حتى العام 2017.

وأمرت المحكمة، وفق بلاغ لمكتب النائب العام، بحبس رئيس البعثة مدة (13) شهراً، ومدة عام واحد في حق المراقب المالي، وببراءتهما من تهمتين أخريين، واعتبرت أوساط سياسية أنّ الحكم بمثابة إدانة للجماعة، وسوف تفتح الباب أمام فساد العشرات من قادتها.

وقد بدأت الجماعة نشاطها أواخر أربعينيات القرن الماضي إبّان حكم الملك إدريس السنوسي، ومرّت بمرحلتين مفصليتين خلال حكم القذافي؛ الأولى كانت تتسم بالتوافق والتعاون، حيث لعب الإخوان دوراً بارزاً في وقوفهم إلى جانب القذافي الأب في انقلابه على الملك إدريس السنوسي عام 1969.

كما أكسب تعاونهم مع القذافي بعض قياداتهم مناصب عليا في الدولة، وأظهروا توافقاً مع النظام، لكنّ ذلك لم يدم طويلاً، ففي عام 1973 أقدم القذافي على الإطاحة بالجماعة حين أصدر قراراته بمنع نشاطها وحظرها.

ودفعت الاعتقالات التي طالت إخوان ليبيا لإعلان حلّ الجماعة، حيث أدى الإعلان لتوقف محاكمتهم والإفراج عنهم.

وفي مرحلة ثانية حظر النظام أنشطة الإخوان في إطار توجه عام يشمل سائر الأحزاب والتيارات السياسية تحت شعار أطلقه النظام "من تحزّب خان".

هذه الفترة دفعت أعضاء الجماعة للفرار إلى الخارج، ومن هناك راقبوا من بعيد، وعززوا خبرتهم السياسية التي اكتسبوها في الأعوام الأخيرة لحكم القذافي.

وفي عام 1998 اكتشفت السلطات الليبية تنظيما سرياً للإخوان، فاعتقلت (150) قيادياً، ليتبع ذلك تدخل سيف الإسلام القذافي وتقديمه مشروع مصالحة تحت اسم "ليبيا الغد".

 

جماعة الإخوان تسيطر على مجلس الدولة الاستشاري، واستمرت في السيطرة عليه بإقامة تحالف قوي مع حكومة الدبيبة المتمسكة بالسلطة

 

واستطاع سيف الإسلام بعد التفاوض معهم في السجون أن يجعلهم شركاءه في المشروع، وأفرج عنهم في آذار (مارس) عام 2006، فغادر قسم منهم إلى خارج البلاد، بينما فضل قسم آخر البقاء تحت ظل سيف الإسلام.

وبعد الإطاحة بنظام القذافي عام 2011 عاشت جماعة الإخوان عصراً سياسياً جديداً، وأنشأت "حزب العدالة والبناء"، وخاضت به غمار انتخابات المؤتمر الوطني العام عام 2012.

وحلت في الانتخابات في المركز الثاني، لكنّ تنظيم الإخوان سرعان ما مُني بخسارة فادحة في انتخابات المؤتمر الوطني عام 2014.

في المقابل رفض الإخوان النتائج، وأعلنوا الانقلاب عليها، وحشدوا الميليشيات في عملية "فجر ليبيا"، ونصبوا أنفسهم بقوة السلاح على طرابلس.

مواضيع ذات صلة:

حوار الـ (5) الكبار.. مسار جديد للحل السياسي في ليبيا

تركيا ومصالح متجددة في ليبيا... ما القصة؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية