"التضامن المصرية" تدرس وقف الدعم النقدي للأسر التي تزوّج القاصرات.. ما القصة؟

"التضامن المصرية" تدرس وقف الدعم النقدي للأسر التي تزوّج القاصرات.. ما القصة؟


31/05/2021

تواصل الدولة المصرية بشتى الطرق والوسائل القانونية الممكنة تصديها لظاهرة "زواج القاصرات" في مصر، والتي تُعدّ جريمة مكتملة الأركان يعيشها المجتمع المصري، ويشارك فيها الأهل وبعض الأئمة والمحامين، لتترك آثاراً قاسية ليس على ضحاياها فحسب، إنما على المجتمع المصري بشكلٍ عام.

وصل عدد المتزوجين دون سن السابعة عشرة إلى أكثر من 117 ألف حالة زواج، أي 40 بالمئة من إجمالي حالات الزواج في البلاد

ورغم الحديث عن قضية "زواج القاصرات"، منذ أعوام طويلة ومحاولات الدولة الحثيثة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة عبر تغليظ العقوبات، وتعديل بعض القوانين للحد من الزواج المُبكّر، إلّا أنّ هذه العادة ما زالت متجذرة في المجتمعات الريفية خاصة في صعيد مصر، تحت غطاء العادات والتقاليد التي تنهش في أجساد فتيات صغار لا يعلمن شيئاً عن الزواج، تُقتل طفولتهن بمشكلات صحية ونفسية.

حقائق وأرقام

طبقاً لآخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، فإنّ نسب الزواج المُبكّر ارتفعت بشكل ملحوظ؛ إذ وصل عدد المتزوجين دون سن السابعة عشرة إلى أكثر من 117 ألف حالة زواج، أي 40 بالمئة من إجمالي حالات الزواج في البلاد، أي ما يعادل 0.8 بالمئة لمجمل السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً.

واعتبر التقرير الصادر عن جهاز التعبئة والإحصاء، زواج القاصرات انتهاكاً صارخاً للمرأة المصرية، وعائقاً أمام تعليم الفتاة وانخراطها في العمل، مشيراً إلى أنّ السبب الرئيسي وراء ترك التعليم وارتفاع نسبة الأمية، هو الزواج المبكّر خاصة بين الفتيات، حيث وصلت نسبة التهرّب من التعليم بينهن إلى 36 بالمئة، وفقاً لصحيفة "الأهرام" المصرية.

ستمنع التعديلات المقترحة بشروط برنامج تكافل وكرامة، الأسر التي تزوج الفتيات دون سن الـ 18 عاماً من الحصول على الدعم

وتُعدّ هذه الظاهرة أيضاً تحدياً لا يستهان به في زيادة أعداد المواليد وزيادة نسبة الطلاق ومعدلات زيادة أطفال الشوارع في مصر؛ فقد أظهرت دراسة أعدّها المجلس القومي للمرأة، وهي جهة حكومية مصرية، أنّ عدد حالات زواج الفتيات الذي تمّ دون السن القانونية (18 عاماً) بلغ أكثر من 170 ألف حالة خلال العام 2020، و64 بالمئة من هذه الزيجات انتهى بالفشل، ما خلّف 26 ألف طفل يعانون من التفكّك الأسري نتيجة طلاق الوالدين.

كذلك، وصل عدد الدعاوى القضائية لإثبات الزواج إلى 14 ألف حالة، معظمهم أنجبوا أطفالاً من تلك الزيجات ثم أنكروها.

اقرأ أيضاً: زواج القاصرات في مصر.. كيف يتحايل المجتمع على الشرع والقانون؟

كما أنّ نسبة إقدام الفتيات القاصرات على محاولة الانتحار خلال الأعوام الـ 3 الأخيرة ازدادت كثيراً، جراء سوء المعاملة التي يتعرضن لها من قبل الأهل أو الأزواج.

"التضامن الاجتماعي" تواجه الظاهرة

وفي خطوة جديدة لمواجهة هذه الظاهرة، تدرس وزارة التضامن الاجتماعي في الوقت الحالي، إجراء بعض التعديلات في شروط الحصول على الدعم النقدي "تكافل وكرامة" الذي يُعدّ أكثر برامج الحياة الاجتماعية نجاحاً في البلاد لتقديمه دعماً نقدياً للمواطنين، من أهمها عدم تزويج الفتيات القاصرات دون السن القانوني (18 عاماً).

اقرأ أيضاً: زواج القاصرات يُهدر أحلام ملايين الفتيات في الصومال

وقالت الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي إنّ برنامج "تكافل وكرامة" تنموي يُقيّم الأسرة وفقاً لمؤشرات تخص أضعف الفئات فيها وهي الأطفال، مؤكدة أنّها الفئة الأحق بالاهتمام.

وأضافت "القباج" خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "حضرة المواطن" الذي يُقدّمه الإعلامي سيد علي، عبر قناة "الحدث اليوم"، أنّ بعض الأسر الفقيرة تضطر إلى تزويج الأبناء أو تشغيلهم في سن صغيرة، ما يؤثر سلباً على حياة الأطفال والمجتمع بأكمله بالتبعية.

اعتبر تقرير صادر عن جهاز التعبئة والإحصاء المصري، زواج القاصرات انتهاكاً صارخاً للمرأة المصرية وعائقاً أمام تعليم الفتاة وانخراطها في العمل

وستمنع التعديلات المقترحة بشروط برنامج تكافل وكرامة الأسر التي تزوج الفتيات دون سن الـ 18 عاماً من الحصول على الدعم، لأنّ هذا الزواج غير الرسمي يزج بالفتاة في مشكلات تؤثر على نسب الأطفال وعلى إثبات حقها في حقوق الزواج، وعلى ضياع حقها حال وقوع انفصال أو طلاق، بما يشمل جميع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، وكذلك لما يشكله من تهديدات على صحة الفتاة وسلامتها.

ردع وليس عقاباً

ورداً على الانتقادات التي وجّهت بشأن دراسة الوزارة لوقف الدعم النقدي عن الأسر التي تزوج الفتيات القاصرات، أكدت الوزيرة أنّ "الأطفال ليسوا ملكية خاصة ولهم حقوق"، لافتة إلى دور الدولة بكافة مؤسساتها لحمايتهم إذا تم حرمانهم من هذه الحقوق.

اقرأ أيضاً: منظمات حقوقية: هذا ما يحدث للقاصرات السوريات في تركيا

وينص الدستور المصري في المادة 80 على أنّه يُعدّ طفلاً كل من لم يبلغ الـ 18 من عمره، ونصت المادة الخامسة من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية والمعدل بالقانون رقم 126 لعام 2008، "ألّا يجوز توثيق عقد زواج لمن لا يبلغ من الجنسين 18 عاماً، ويعاقب تأديبياً كل من وثّق زواجاً بالمخالفة لأحكام هذه المادة"، وفق ما أوردته صحيفة "الأهرام".

ينص الدستور المصري في المادة 80 على أنّه يُعدّ طفلاً كل من لم يبلغ الـ 18 من عمره

وأضافت القباج أنّ الزواج المبكر يحرم البنت من طفولتها وصحتها وتعليمها، مشيرة إلى أنّ بعض الأسر تلجأ لتزوير الأوراق لتزويج بناتها قبل السن القانوني، وقد ينتج عن هذا أطفال لا يمكن تسجيلهم رسمياً.

ووفق الوزيرة، يأتي منع الدعم النقدي عن الأسر التي تزوج القاصرات في إطار الردع وليس العقاب، وذلك ضمن منظومة متكاملة لعلاج هذه الظاهرة، من خلال عدة خطوات على رأسها تحسين الوعي، والتمكين الاقتصادي للمرأة.

يأتي منع الدعم النقدي عن الأسر التي تزوج القاصرات في إطار الردع وليس العقاب، وذلك ضمن منظومة متكاملة لعلاج هذه الظاهرة

يشار إلى أنّه رغم تجريم القانون المصري لزواج الفتيات دون بلوغ السن القانونية وإصدار دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية تُفيد بأنّ زواج القاصرات حرام شرعاً ومخالف قانوناً لأنّه يؤدي إلى الكثير من المفاسد والأضرار في المجتمع، إلّا أنّ تحايل المجتمع بمساعدة بعض رجال الدين والمحامين يأخذ العديد من الأشكال لإتمام زواج الفتاة القاصر.

اقرأ أيضاً: زواج القاصرات في إيران: العمائم تزفّ ابنة التاسعة

ومن أشهر أشكال التحايل، هو إتمام الزواج بصيغة عرفية (دون توثيق)، وذلك عبر عقد القران شفهياً أمام أسرة الزوجين في دور المناسبات أو المساجد، ويتم ذلك غالباً بتواطؤ مأذون شرعي لمباركة تلك الصفقة، وهو ما يُطلق عليه اسم "زواج السنة"، أمّا الشكل الثاني للتحايل فيتمثل بتزوير أوراق رسمية للفتاة القاصر تثبت أنّها قد بلغت السن القانونية للزواج.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية