الإيكونومست: جماعة الإخوان تمزق نفسها

الإيكونومست: جماعة الإخوان تمزق نفسها


13/12/2021

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

عندما أسّس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ ما يقرب من قرن من الزّمان، ناشد أتباعه السّعي وراء «التّضحية بالنّفس، وليس تحقيق المنفعة الشّخصيّة». لكنّهم، اليوم، يكافحون من أجل الامتثال لهذا القول.

 إنّ أقدم حركة إسلامويّة وأقوى حركة إسلامويّة في يوم من الأيّام تمزّق نفسها الآن. يتبادل قادتها في إسطنبول ولندن الإهانات، ويتّهمون بعضهم البعض بالفساد أو - وهذا هو الأسوأ - خدمة أجهزة تجسّس أجنبيّة.

اقرأ أيضاً: علماء الإخوان ينحازون إلى منير... هل ينصاع حسين وموالوه؟

كانت هناك خلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين حول الإستراتيجيّة والتّكتيكات منذ إنشائها. لكن الخلاف تفاقم بعد إطاحة أوّل حكومة تقودها جماعة الإخوان المسلمين في مصر في عام 2013. نشأت الخلافات حول كيفيّة الرّدّ على ذلك.

أعطى «الحرس القديم» الأولويّة لبقاء الإخوان ودافع عن نهج براغماتيّ في التّعامل مع الدّولة المصريّة. وفضّل آخرون موقفاً أكثر تصادميّة. وتحوّل بعض الأعضاء إلى العنف.

منير، الّذي يعيش في لندن، يُشرف على الشّبكة الدّوليّة للإخوان المسلمين وله علاقات جيّدة مع الحكومات الأجنبيّة. لكن حسين، الّذي يعيش في إسطنبول، يتحكّم في الموقع الإلكترونيّ للجماعة

اليوم، تكمن أولويّة القواعد، وفقاً للعديد من الأعضاء، في الإفراج عن السّجناء. لكن جهودهم تعرقلت بسبب نشوء خلاف جديد بين أعضاء «الحرس القديم» حول من يجب أن يقود جماعة الإخوان. من جهة، هناك إبراهيم منير، الذي خلف محمود عزّت في منصب المرشد بالنّيابة بعد القبض على الأخير في مصر العام الماضي. ومن جهة أخرى، هناك محمود حسين، الأمين العامّ السّابق، الذي علّق منير عضويّته في تشرين الأوّل (أكتوبر)، مع خمسة أعضاء بارزين آخرين، بسبب مزاعم فساد. وقد رفض حسين هذا القرار وأصدر هو والأعضاء الخمسة بياناً يقيل منير من منصبه.

الخلاف العلنيّ غير المعتاد

منير، الّذي يعيش في لندن، يُشرف على الشّبكة الدّوليّة للإخوان المسلمين وله علاقات جيّدة مع الحكومات الأجنبيّة. لكن حسين، الّذي يعيش في إسطنبول، يتحكّم في الموقع الإلكترونيّ للجماعة وحساباتها المصرفيّة، ولديه مفاتيح شبكة تلفزيون الجماعة في إسطنبول، تلفزيون «وطن». يتّهمه منتقدوه بإطاحة خصومه ووقف المدفوعات لأسر السّجناء. يقول عزّام التّميميّ، وهو منظّر إسلامويّ يعيش في الأردن: «إنّه يتعامل مع الإخوان على أنّها ملك له».

اقرأ أيضاً: هل ينجح التنظيم الدولي للإخوان في جمع شتات جبهتي منير وحسين؟

أدّى الخلاف العلنيّ غير المعتاد، الّذي ينطوي على حملات تشهير من الجانبين، إلى إلقاء جماعة الإخوان المسلمين في حالة اضطّراب في وقت يتصارع فيه الإسلامويّون السّنّة في أنحاء العالم العربيّ كافّة. وقد أطاحتهم الانتخابات في العراق والمغرب من الحكومة، بينما أطاحهم رجال أقوياء في تونس والسّودان من السّلطة.

قدّمت تركيا الّتي يقودها إسلامويّون وقطر الملاذَ للإخوان في المنفى ودعمت الجماعة كوسيلة لإظهار نفوذها. لكن قطر وتركيا لديهما الآن أولويّات أخرى: تسعى الدّولتان إلى المصالحة مع الجيران المناهضين للإسلامويّين. طلبت قطر من نشطاء الإخوان المسلمين المغادرة. ومارست تركيا ضغوطاً على المحطّات التّلفزيونيّة الفضائيّة الإسلامويّة لخفض حدّة النّقد. يقول التّميميّ: «الحركة العالميّة لم تعد موجودة».

 أقدم حركة إسلامويّة وأقوى حركة إسلامويّة في يوم من الأيّام تمزّق نفسها الآن. يتبادل قادتها في إسطنبول ولندن الإهانات، ويتّهمون بعضهم البعض بالفساد والعمالة لجهات أجنبية

وثَبَت الجماعة من حالات مماثلة في الماضي. لكن ليس من الواضح كيف ستعالج نفسها هذه المرّة، حيث يقع على عاتق قادتها عادةً تسوية الخلافات الدّاخليّة. الأعضاء منقسمون بشأن من ينبغي عليهم اتّباعه. وعلاوة على ذلك، يشعر الكثير منهم بخيبة أمل. يقول البعض إنّ قادتهم لم يبذلوا جهداً كافياً للتّوصّل إلى اتّفاق عفو مع الرّئيس المصري عبد الفتّاح السّيسيّ. ويشتكي الأعضاء الأصغر سنّاً من قلّة الوجوه الجديدة في المناصب العليا.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

الإيكونومست، 9 ديسمبر 2021

https://www.economist.com/middle-east-and-africa/2021/12/09/the-muslim-brotherhood-is-tearing-itself-apart




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية