الإيرانيون يثورون على المؤسسة الدينية... وغموض يصاحب "شرطة الأخلاق"

الإيرانيون يثورون على المؤسسة الدينية... وغموض يصاحب "شرطة الأخلاق"

الإيرانيون يثورون على المؤسسة الدينية... وغموض يصاحب "شرطة الأخلاق"


07/12/2022

من إسقاط العمائم إلى خلع الحجاب، ظاهرة بدأت تتنامى في إيران، التي تفرض قيوداً صارمة على اللباس، والتي تشهد احتجاجات لم تهدأ منذ منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، تنديداً بممارسات الشرطة الدينية التي تسببت في وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني.

ويقول المتظاهرون إنّهم سئموا عقوداً من القمع الاجتماعي والسياسي، بما في ذلك قواعد اللباس، ولعبت النساء دوراً قيادياً في الاحتجاجات، فقد خلعن الحجاب، وألقين به في النار، في إشارة إلى رغبتهن في التحرر.

ومنذ أعوام عدة تشعر النساء الإيرانيات اللواتي يغامرن بالخروج من منازلهن، ولو في مهمة بسيطة، بالقلق خوفاً من مواجهة هذه الوحدة سيئة السمعة.

نساء إيران يرمين الحجاب

وبحسب تقارير صحفية، فقد برز بشكل لافت في الشارع الإيراني تقليص قواعد اللباس الصارمة، حيث تزايد عدد النساء اللاتي يسرن دون ارتداء الحجاب، وبالقرب من قوات الباسيج.

وأصبح من الشائع في طهران رؤية النساء يسرن في شوارع المدينة دون حجاب، لا سيّما في المناطق الأكثر ثراء، ولكن أيضاً بدرجة أقل في الأحياء الأكثر شعبية. وفي بعض الأحيان تسير النساء غير المحجبات أمام شرطة مكافحة الشغب وقوات الباسيج، وفقاً لما نشرته صحيفة "العرب" اللندنية.

برز بشكل لافت في الشارع الإيراني تقليص قواعد اللباس الصارمة

هذا، ونشرت فرزانه جمامي مدربة فريق "كنكو" لكرة السلة للسيدات في إيران صورة جماعية لها ولاعبات فريقها بدون حجاب، وكتبت: علّمي ابنتك أنكِ ذات قيمة، ولا يمكن تعويضك، لا تخفي نفسك، وقاومي.

ومنذ بدء المظاهرات في مختلف مدن إيران، استمر المحتجون في إضرام النار في صور المرشدين الإيرانيين، وخلعت النساء حجابهن، تحدياً للقمع والتعتيم اللذين تفرضهما السلطات الإيرانية.

منذ بدء المظاهرات في مختلف مدن إيران، استمر المحتجون في إضرام النار في صور المرشدين الإيرانيين وخلعت النساء حجابهن تحدياً للقمع والتعتيم اللذين تفرضهما السلطات الإيرانية

وأظهرت مقاطع فيديو، نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تلميذات مدارس إيرانيات يخلعن الحجاب، ويطردن مسؤولين في وزارة التربية والتعليم من المدرسة.

والسبت الماضي قالت وكالة أنباء "إيران واير": إنّه قد تم هدم منزل عائلة المتسلقة الرياضية الإيرانية إلناز ركابي، بعد أن صعدت إلى الصدارة العالمية هذا الخريف، لتسلقها في المسابقة وهي مكشوفة الرأس دون ارتداء الحجاب.

وتُعتبر قضية الحجاب مسألة حساسة في إيران، إذ يتواجه فيها معسكران؛ المحافظون الذين يصرون على بقاء قانون (1983) من جهة، والتقدميون الذين يريدون منح المرأة الحق في اختيار ارتداء الحجاب أو عدم ارتدائه من جهة أخرى.

ويُعدّ استهداف العمائم والحجاب تمرّداً على المؤسسة الدينية الإيرانية، التي وظفت الدين لإحكام قبضتها على رقاب الناس وللتحكم في كل مناحي الحياة بالأمر وبالقمع، وبكل الوسائل التي لا تجعل الجماهير تخرج عن فلك تلك المؤسسة التي أرست قواعدها "الثورة الإسلامية".

هل فعلاً تمّ حل شرطة الأخلاق؟

في محاولة لاسترضاء الجمهور، وإيجاد طريقة لإنهاء الاحتجاجات التي قتل فيها (470) شخصاً على الأقل، وتمّ اعتقال أكثر من (18) ألف شخص، وفقاً لجماعات حقوقية، وحملة القمع العنيفة التي أعقبت ذلك، زعمت النيابة العامة في إيران حلّ "شرطة الأخلاق" التي وُجهت لها أصابع الاتهام في مقتل أميني (22) عاماً، إثر اعتقالها على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس.

وقال المدعي العام الإيراني حجة الإسلام محمد جعفر منتظري الأحد: إنّه تم حل "شرطة الأخلاق"، التي غالباً ما تُتهم بارتكابها تجاوزات في حق النساء الإيرانيات، كما حدث مع الشابة مهسا أميني التي لقيت مصرعها بعد اعتقالها.

وأعلن أنّ "مجلس الشورى والسلطة القضائية يعملان" على مراجعة القانون الذي يفرض على النساء وضع غطاء للرأس.

وقال منتظري مساء السبت، في مدينة قم المقدّسة لدى الشيعة: إنّ "شرطة الأخلاق ليست لها علاقة بالقضاء، وألغاها من أنشأها"، ردّاً على سؤال تم طرحه عن سبب "حلّ شرطة الأخلاق"، وذلك خلال مؤتمر ديني.

ويأتي هذا الإعلان الذي يُعتبر مبادرة حيال المحتجين، بعدما قررت السلطات السبت مراجعة قانون 1983 بشأن الحجاب الإلزامي في إيران الذي فُرض بعد مرور (4) أعوام على الثورة الإسلامية في 1979.

وتم إنشاء هذه الشرطة التي تُعرف محلياً باسم "كشت إرشاد" (أي دوريات الإرشاد) في عهد الرئيس الإيراني السابق المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد من أجل "نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب".

وقالت قناة "العالم" الرسمية الناطقة باللغة العربية: إنّ "أقصى استنتاج يمكن أن يستشفّ من كلام منتظري هو أنّ دوريات شرطة الآداب لم تكن مرتبطة ديناميكياً بجهاز القضاء منذ إنشائها".

وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية: إنّها اتصلت بمكتب العلاقات العامة لشرطة طهران، وإنّ المسؤولين تهربوا من السؤال حول دوريات الإرشاد، وحين سؤال وزير الخارجية الإيراني عن ملاحظات منتظري أثناء زيارته لصربيا لم ينفِ حسين أمير عبد اللهيان الأمر، ولم يؤكده.

وكان منتظري قد أخبر البرلمان الإيراني السبت بأنّه سوف يُجرى النظر في القانون الذي يفرض على النساء ارتداء الحجاب.

مؤخراً تزايد عدد النساء اللاتي يسرن دون ارتداء الحجاب وبالقرب من قوات الباسيج

لكنّ قناة العالم الحكومية الناطقة بالعربية أصدرت بعد ذلك تقريراً يشير إلى أنّ تعليقات منتظري قد أسيء فهمها، وقال التقرير: إنّ هذه الشرطة ليست على صلة بالقضاء الذي ينتمي إليه، وشددت على عدم تأكيد أيّ مسؤول رسمي حلّ شرطة الأخلاق.

وقال موقع "سي إن إن": إنّ شرطة الآداب "لم تنتهِ، ولم تُحلّ"، لكنّه أضاف أنّ "آليتها من المحتمل أن تتغير، وهي نقطة كانت قيد المناقشة قبل أعمال الشغب".

وكانت هناك تقارير عن ضرب "شرطة الأخلاق" لمهسا بعصا، بينما قالت الشرطة إنّها ماتت نتيجة نوبة قلبية.

أشكال متعددة لشرطة الأخلاق

وعرفت إيران أشكالاً متعددة من "شرطة الأخلاق" منذ اندلاع الثورة الإسلامية في 7 آذار (مارس) 1979، تاريخ فرض الحجاب الإلزامي على كافة النساء، حيث أصبح الزي الرسمي الذي يجب أن ترتديه كل النساء اللواتي تولين مناصب قيادية في الدولة أو تزوجن من وزراء، تعبيراً عن أنّه الرداء الذي يرضى عنه الخميني في دولته الجديدة.

وتطبيقاً لتعليمات "الأخلاق" يلعب (26) جهازاً دوراً في موضوع الحجاب والعفاف، الجانب الأكبر منها له دور ثقافي، والجزء الأصغر منه تنفيذي، وهو الذي تتولاه القوات الأمنية الإيرانية.

والجهاز المعروف حالياً باسم "دورية الإرشاد" هو السلطة الرئيسية التي يناط بها مراقبة الالتزام "بالسلوك الإسلامي"، وقد بدؤوا دورياتهم عام 2006 من أجل منع الأزياء التي يعتبرها الجهاز "غير محتشمة".

ولاحقاً تقرّر تشكيل فرقة نسائية عرفت باسم "أخوات زينب" تراقب مدى التزام النساء بالحجاب و"عدم الإسراف" في استخدام مستحضرات التجميل، إلا أنّه تقرر إلغاء هذا التنظيم في أوائل التسعينات؛ بسبب عنف منتسباته الشديد تجاه الإيرانيات، حتى وصفن بأنهنّ "سببن الرعب للنساء في الشوارع".

وبحسب دراسة إيرانية، فقد اعتقلت السلطات الإيرانية (30) ألف امرأة بين عامي 2003 و2013، وتعرّضت (460) ألف امرأة أخرى للتوبيخ؛ بسبب سوء ارتداء الحجاب.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية