الإمارات وجهة حضارية وعالميَّة لدعم الإخاء الإنساني

الإمارات وجهة حضارية وعالميَّة لدعم الإخاء الإنساني

الإمارات وجهة حضارية وعالميَّة لدعم الإخاء الإنساني


07/02/2023

لبنى الهاشمي

لا عجب أن تصبح الإمارات أيقونة العمل الدبلوماسي الإنساني في العالم؛ وفنار للأخوة الإنسانية، لأن هناك طودًا شامخًا من حكَّام وشيوخ لهم أيادٍ بيضاء، ودعماً للإنسانيَّة غير محدود في مشارق الأرض ومغاربها؛ فقد سجَّلت وجودها الإنساني في كلِّ ميدان عبر أذرعها الإغاثيَّة والخيريَّة المتعدِّدة، ناهيك عن تذليل الصِّعاب أمام العمل من أجل المبادرات الحضارية والإنسانية، كما استطاعت الإمارات بجدارة أن تحيي قيمًا إنسانيَّة مفقودة، وأهمها قيمة التسامح والإخاء الإنساني.

إن أصدق امتحان لأي فكرة نهضويَّة حضاريَّة، يتوقف نجاحها على مدى حاجة المجتمع إليها، واعتدالها، ونزاهة دعاتها، وموافقتها لفكرة الإصلاح المجتمعي. الدعوات السلميَّة لا تتغيَّر، ولا تخفي وراءها إلا الخير والإصلاح.

وقد برز الدور الإماراتي في نشر الإخاء الإنساني، والانتقال به من الإطار المحلي إلى الإطار العالمي، وذلك من خلال انطلاق مهرجان الأخوة الإنسانيَّة على مدى أربعة أيام، تحت شعار «مُتحدون بإنسانيتنا المشتركة»، فيما يعيد بناء ثقافة جديدة مقبلة على الحياة والسعادة والإيجابيَّة، وقبول الآخر.

إن هذا المهرجان مناسبة كريمة تعكس الجهود المخلصة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي عمل جاهدًا على مدى سنوات لإنجاح هذا المشروع الإنساني الكبير، بحيث يجتمع العالم على مبادئ وثيقة الأخوة في الرابع من فبراير (شباط) عام 2019؛ ليكون بداية لعمل عالمي كبير من أجل الإنسان في كل مكان، لتشكِّل هذه الوثيقة نهضة ثقافيَّة وحضاريَّة، بحيث تصل ثقافة الأخوة الإنسانيَّة للجميع، كرؤية إماراتيَّة استشرافيَّة مستقبليَّة لما ينبغي عليه أن يكون مجتمعنا الإنساني فيما بعد.

إن هذه المبادرات الحضاريَّة الإماراتيَّة يُراد منها خلق تيَّار عالمي للسلام والتسامح، وإيجاد أرضيَّة مشتركة بين المجتمعات الإنسانيَّة والدينيَّة، وإقامة تحالف حضاري ضد التطرُّف والإرهاب بين المؤمنين بالسلام؛ لأن الدين في نظر هؤلاء أصبح دعوة للعنف ومصدرًا للكراهية، فكان لا بدَّ من ترسيخ مبدأ الانفتاح على الآخر، وتعزيز مفاهيم الأخوة والوحدة الإنسانيَّة والدينيَّة.

كما تحمل هذه المناسبة في أعطافها الكثير من المعاني النبيلة، والمواقف القيمة في ترسيخ الصورة الإيجابيَّة للدولة، وترفع من رصيدها المعنوي والقيمي، وتعمِّق تجربة الإمارات الفريدة في ترسيخ مكانتها لتصبح وجهة عالميَّة لإطلاق المبادرات الحضاريَّة لدعم الإخاء الإنساني، بل نشر القيم الإنسانيَّة العليا، والارتقاء بهذه القيم المهجورة؛ بغية نبذ ثقافة العنف، وإيجاد سبل لفضِّ النزاعات والصراعات، ولخلق تيار سلام قوي يناهض تيار العنف.

إن الناس كلهم مدعوون إلى أن يكونوا وسطًا فى كثير من الأحيان، بعد أن أصبح المواطن العربي ضحيَّة لدعاية منظَّمة حجبت الصورة الكليَّة عن التديُّن المتسامح، وبعد أن أصبحنا جميعًا ضحيَّة "نجوم الدعاة" الذين كان جلُّ اهتمامهم منصبًّا على العقائد والفروض والشعائر، وحينما أفرغت معاني الدين الإسلامي من قيمه وأخلاقه، بعد أن اكتسب تديُّننا معطيات جديدة من الجفاف الروحي والفراغ الأخلاقي، ذلك الجفاف الذي أفرز عاهات فكريَّة من كراهية الآخر ومن العنف والجلافة، وبعد أن عشنا حقبات مع المختلفين عقديًّا وفكريًّا ومذهبيًّا، والحمد لله صرنا نتعايش جنبًا إلى جنب في فضاء أخلاقي واسع، يستوعب القوميات والأعراق دون أن يلغي ثقافاتها وفضائلها، بل عزَّزها واستفاد منها، فأصبحت الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة مزيجًا متوازنًا من ثقافات الشعوب الأخرى.

لقد أخذت دولة الإمارات العربيَّة المتحدة على عاتقها مسؤوليَّة القيام بدورها الريادي في العمل على دعم المؤسسات الدينيَّة الوسطيَّة في أنحاء المعمورة، والترويج للاسلام المتسامح الذي اختلَّ معياره في أذهاننا، وكان لا بدَّ من مواجهة محاولات مغرضة فى أكثر من جهه للانتقاص من مكانة علماء الاعتدال، والحيلولة دون الاستفادة من فكر المجددين، وإفساح المجال للعلماء الربانيين، وتفعيل أدوار المنابر الوسطيَّة، مثل الأزهر فى كل منابر الإعلام، وصياغة نموذج جديد للفكر الديني، قادر على مواكبة تحولات الحياة في العصر الجديد.

إن الإمارات قد تخطت كل الصعاب وتجاوزت كل الحساسيات التي يمكن أن تعقِّد مساعي السلام، فقد تصدرت المشهد السياسي بالكثير من الأجندات والمؤتمرات والاجتماعات السلميَّة؛ لتأكيد هذه القيم ولتحرير المفاهيم، وتصحيح التصوُّرات، كان أهمها التصدي "لانحرافنا عن التسامح والإخاء" حيث كان من مظاهره وأسبابه الضرب على عصب التعايش؛ لتصبح الإمة العربيَّة غارقة في وحل الإرهاب، ومنهزمة في أمنها الوطني.

لهذا كانت الإمارات الملاذ الآمن لقيم "التسامح" و"الإخاء"، و "الوسطيَّة"؛ فهي ليست استراتيجيَّة حكوميَّة فحسب، بل هي ثقافة ومسؤوليَّة وطنيَّة بحتة يحتمها ذلك الإرث العظيم الذي يقع على كاهل الإنسان الإماراتي، لأجل العمل المكثف ومضاعفة الجهد لتحقيق إسهامات كبرى نحو الرقي والتقدم، ونشر رسالة الخير والإنسانيَّة، وبعث قيم التسامح الذي تحمله الإمارات للبشريَّة، لبناء قدرات الأفراد، وتكوينهم لاستبطان هذه المعاني، وتربية الضمير المستمد من المرجعيات الأصيلة، والتسامح الديني.

فخورون بك أيها الوطن، وفخورون بقادتنا النبلاء الأفذاذ الذين حفروا اسمك في العالمين بحروف من نور، وغارسين لكل القيم الإنسانيَّة النبيلة، من الخير والحق والعدل والإخاء والتسامح.

عن موقع "24"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية