الإسلاميون في السودان يراهنون على ورقة الشارع لإجهاض فرص التسوية

الإسلاميون في السودان يراهنون على ورقة الشارع لإجهاض فرص التسوية

الإسلاميون في السودان يراهنون على ورقة الشارع لإجهاض فرص التسوية


01/11/2022

دخل السودان مرحلة جديدة من المظاهرات والمظاهرات المضادة، لكن هذه المرة بين القوى المدنية التي تكافح لإنهاء الانقلاب على السلطة المدنية وبين فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير الذين بدأت ملامح عودتهم إلى الشارع علنا لإجهاض مفاوضات التسوية بين المكون العسكري والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، برعاية مباشرة من آلية ثلاثية تضم بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة إيغاد.

وحذرت أحزاب سياسية في مقدمتها الحزب الشيوعي الاثنين من إمكانية أن يقوم أنصار البشير بتوظيف أذرعهم العسكرية داخل الجيش للقيام بانقلاب جديد يمكنهم من القبض على مفاتيح السلطة مرة أخرى.

ونظمت تنسيقيات لجان المقاومة تظاهرة في الخرطوم الأحد للمطالبة بإنهاء الانقلاب على السلطة وأعلنت “تمكسها بالسلمية التي أحرجت الانقلابيين” بعد يوم واحد من احتجاجات مماثلة دعا إليها حزب المؤتمر الوطني المحلول، الحاكم سابقًا، وتيارات إسلامية أخرى تحت شعار “موكب الكرامة”.

في المقابل تجمع قرابة ثلاثة آلاف متظاهر ينتمون إلى النظام السابق أمام مقر بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم السبت احتجاجا على وساطتها في الأزمة، وطالبوا بطرد المبعوث الأممي فولكر بيرتس وعبروا عن رفض ما أسموه بـ”التدخلات الأجنبية في شؤون بلادهم” ونددوا بتسوية قد تتوصل إليها قوى الحرية والتغيير والجيش.

وأكدت هذه التظاهرة أن فلول البشير لديهم قدرة على التواجد في الشارع بأعداد يمكن أن تتزايد وتعبر عن عدم ضعف الحاضنة السياسية والشعبية لهم، لأن الإسلاميين يبحثون عن أفق للعودة إلى السلطة بالاستفادة من تعقيدات المشهد الراهن واستثمار الاحتجاجات لخلق أرضية جديدة لهم.

وتجد الحركة الإسلامية، وهي مظلة رئيسية يتجمع تحتها فلول البشير، فرصة مواتية حاليا، لأن رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان يواجه ضغوطاً من المجتمع الدولي وقوى مختلفة لتسليم السلطة وتشكيل حكومة مدنية وسط خلافات حول وضعية الجيش في هياكل السلطة الانتقالية.

وتفرض هذه الحالة حاجة الجيش إلى ظهير سياسي يحظى بشعبية في شارع لا يتفق على رؤية موحدة مع القوى المدنية ومطالب قوى الحرية والتغيير التي قد تؤدي إلى أزمة مضاعفة.

وتشير قوى مدنية عديدة إلى وجود علاقة بين البرهان واحتجاج فلول النظام السابق الأخير بالتعامل اللين من قبل قوات الأمن معه، حيث سمحت بالتظاهر بلا اعتراض، بينما استخدمت العنف مع تجمعات أخرى طالبت بإنهاء الانقلاب على السلطة.

وقال المحلل السياسي الشفيع أديب إن مظاهرات أنصار البشير جاءت بدعم من البرهان الذي استخدم شعارات دينية في خطاباته الأخيرة بتأكيده عقب صلاة الجمعة الماضية في إحدى الخلاوي “أنه لن يفرط في الدين الإسلامي ولن يسمح بالمساس به”، وبعد أن استعاد فلول البشير مواقعهم في كثير من الوظائف الحكومية التي فُصلوا منها.

وأوضح أديب في تصريحات لـ”العرب” أن من شارك في التظاهرات وقادها هم أنصار حزب المؤتمر الوطني وارتدوا ثوباً إسلاميًا تماشيًا مع طبيعة المشهد الراهن والمطالبة بالانفتاح على كافة القوى الموجودة في الشارع، ورفع أنصار الحزب شعارات من قبيل رفض التدخل الأجنبي، وهي ذات الشعارات التي رفعها المؤتمر الوطني من قبل، لكن هذه المرة تخدم بشكل مباشر المكون العسكري الذي هدد بطرد البعثة الأممية أكثر من مرة.

وتنشط الآلية الثلاثية واللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات في إعداد تسوية سياسية بين العسكريين والمدنيين على أساس مشروع الدستور الانتقالي الذي أعدَّته نقابة المحامين.

وجاءت مسيرات أنصار البشير بعد أيام من دعوة أطلقها رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم غندور، دعا فيها منتسبي الإسلاميين للتواجد في الشارع “باستمرار وانتزاع حقوقهم وأخذها بأيديهم”.

ويشير حديث غندور إلى المزيد من التصعيد على وقع مفاوضات جديدة قد تجري بين المدنيين والعسكريين للوصول إلى تسوية.

وركزت الحركة الإسلامية في الفترة الماضية على استقطاب المزيد من الأنصار وعززت حضورها سياسيا مستثمرة الأزمة التي غرق فيها السودان بسبب الشد والجذب بين الجيش والمدنيين، فيما تحاول البروز كقوة بديلة للفوضى السياسية والاجتماعية، بجانب تحالفها مع قوى صوفية لديها صلات بنظام البشير نشطت الفترة الماضية عبر “مبادرة نداء أهل السودان” التي واجهت رفضًا من القوى المدنية.

ويقول مراقبون إن الإسلاميين لم يختفوا من الساحة السودانية منذ سقوط نظام البشير، وحزب المؤتمر الوطني الذي حظر القانون ممارسته للسياسة استأنف نشاطه بصور وأشكال مختلفة وطرح رئيسه من قبل إمكانية أن يكون الحزب معارضة مساندة للسلطة، لكن ذلك لم يكن مقبولاً من القوى الأخرى ما دفع الإسلاميين للاستمرار في العمل السياسي وتكوين نشاط حزبي يمكن أن يصبح له تأثير على الساحة.

وشكّل إعلان الحركة الإسلامية عن مبادرة أهل السودان خطوة تكتيكية لإعادة ترتيب صفوفها والبحث عن ملاذ آمن من باب التفرغ للعمل الاجتماعي والدعوي، وهو تحرك بدا في توقيته ومضمونه محاولة لاستعادة الشعبية بعد انهيار حكم البشير.

وأعلنت 10 تنظيمات وتيارات إسلامية في أبريل الماضي تشكيل ما يسمى “التيار الإسلامي العريض” والذي ضم كيانات إسلامية، من بينها جماعات سلفية، وحددت مجموعة أهداف قالت إنها تسعى لتحقيقها، بينها صيانة السيادة الوطنية وتنزيل قيم الدين على جميع أوجه الحياة وإصلاح الشأن السياسي.

وأوضح المحامي ورئيس لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة العامة نبيل أديب لـ”العرب” أن تظاهرة فلول البشير جاءت محدودة ولن تغير من الاعتقاد السائد بأن عناصر نظامه غير مرحب بهم في المجتمع وأظهرت ضعف المؤتمر الوطني.

كما أن التظاهرة خاطبت المجتمع الدولي باعتباره سبباً في استبعاد الحزب المنحل في حين أن الذي قرر ذلك هو الشعب، ولن يكون هناك تأثير ملحوظ لهم الفترة المقبلة.

ولفت إلى أن التسوية ستكون بين المدنيين فقط وأن المكون العسكري خارج الخارطة السياسية وسوف ينفذ ما يتفق عليه المدنيون، لكن لدى الجيش مطالب تتعلق بوضعيته لاحقا وهو أمر مقبول بعيداً عن هياكل الحكم.

عن "الحرة"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية