الإسلاميون على هوى الانقسام الأمريكي

الإسلاميون على هوى الانقسام الأمريكي

الإسلاميون على هوى الانقسام الأمريكي


29/01/2024

عبدالرحمن جعفر الكناني

المسلمون منقسمون في واقع وجودهم الطائفي: إسلاميون مؤدلجون وضعوا الدين في قالب برنامج سياسي تندرج طموحاته نحو استلام السلطة؛ ومسلمون تصفهم الأدبيات الأمريكية بـ "التنويريين" الذين يرون الإسلام دين عقائدي غير قابل للأدلجة في كيان سياسي.

انقسم المسلمون في العالم الأمريكي على هوى الانقسام بين الحزب الديمقراطي "اليساري" والحزب الجمهوري "المحافظ". فالانتعاش السياسي في خارطة صراع تنافسي على مغانم الوجود، لا يبلغ أحد نشوته إلا في حاضنة كبرى تغذي أتباعها بمستلزمات النمو والبقاء.

استقطب الحزب الجمهوري "المحافظ" المسلمين التنويريين المهاجرين المستجيبين لهذا الاستقطاب خوفا من العزلة في مجتمع متنوع الأعراق والأديان، بينما استقطب الحزب الديمقراطي "اليساري" الإسلاميين المؤدلجين، الذين لا يقبلون الآخر وفق رؤية عقائدية.

إشكالية الانقسام تتنامى تعقيداتها ومخاطرها في المجتمع الإسلامي، مخاطر تعددت أبعادها بين اجتماعي وأمني، أفرزت صراعا أخذ البعد السياسي الأعمق، حبس مجتمعات في عنق أزمات شلت نموها الحضاري.

الانقسام المذهبي المتوارث منذ عصور مضت، نما وتجبر في ظل نظم إسلامية مؤدلجة، اقتسمت الإسلام بمذهبيه، وأضحى الصراع الطائفي أكبر، في ظل قوى تذكي جذوته وجدت لكياناتها القائمة امتدادا حيويا عالميا.

الصراع الإسلامي تخطى حدوده الجغرافية، ووصل إلى القارة الأمريكية الشمالية وغذى صراع حزبين يتداولان على السلطة، بعد إن استنفذت أوروبا قدراته الاستثمارية في مخططات سياسية استغنى عنها الزمن الراهن، لكن أحزابها الليبرالية ما زالت تنفتح على طرفي الصراع انفتاحا غير متوازن.

اشتد ذلك الاستقطاب في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وتصاعد في عهد خلفه الرئيس دونالد ترامب الذي أسقط كل تراتيب الحزب الديمقراطي في إدارة الشؤون السياسية.

سياسة باراك أوباما لم تستهو المسلمين التنويرين، الذين يرفضون إزدواجية المعايير التي يعتمدها الحزب الديمقراطي في النظر إلى المسلمين، متخطيا مبادئه الليبرالية، داعما "الاخوان المسلمين" و"ملالي إيران" والتنظيمات المتطرفة لاسيما بعد ما عرف بـ "ثورات الربيع العربي"، معتبرا إياها أداة للاعتدال ومحاربة الإرهاب والتطرف.

وأضحى موقف الحزب الديمقراطي المؤيد للإسلاميين المؤدلجين، نقطة خلاف كبرى على سطح الخلافات مع الحزب الجمهوري في إدارة شؤون الشرق الأوسط، تجلت في تقييم مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.

لا يخفي الإعلام الأمريكي، اتساع حدة الصراع الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية في ظل الجمهوريين والديمقراطيين، إلى درجة إعلان "التنويريين" مخاوفهم من الإسلاميين "المتشددين" الذين انتزعوا مقعدا في مجلس الكونغرس الأمريكي.

برز شكل هذا الصراع حين كان التنافس على مقعد في الكونغرس الأمريكي تشغله الصومالية إلهان عمر عضو الحزب الديمقراطي التي تحظى بدعم "الاخوان المسلمين" وسعي العراقية داليا العقيدي "التنويرية " التي تنتمي للحزب الجمهوري لإنتزاعه.

إلهان لم ينقطع هجومها على "التنويريين" الرافضين لفرض النقاب والداعين لترسيخ المساواة، أما داليا العقيدي فقد وجدت في الإيرانية الرافضة للحجاب الإجباري في بلدها الناشطة مسيح على نجاد سندا لها.

الإنقسام "الإسلاموي" الذي بدى في مشهد صراع نسائي في واشنطن على مقعد في الكونغرس، لم يحسم في وطنه، فكيف يحسم في دائرة التنافس الدائم بين الحزب الجمهوري الرافض لارتداء الدين لباس السياسة والحزب الديمقراطي المتعاطف مع أدلجة السياسة بأصول دينية؟

عن "ميدل إيست أونلاين"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية