الإخوان المسلمون في سويسرا.. قصة سعيد رمضان وابنه!

الإخوان المسلمون في سويسرا.. قصة سعيد رمضان وابنه!


كاتب ومترجم جزائري
06/08/2019

ترجمة: مدني قصري


كشف صحفيان فرنسيان مؤخراً أنّ "مؤسسة قطر الخيرية" قد استثمرت الكثير من الأموال في أوروبا لدعم شبكات ومصالح وشخصيات الإخوان المسلمين.

لعب سعيد رمضان دوراً فعّالاً بتنظيم فروع جماعة الإخوان في فلسطين والأردن قبيل إنشاء إسرائيل

في العام 2014؛ تمّ توظيف أربعة ملايين يورو في شبكة الإخوان المسلمين في سويسرا وحدها؛ أي تقريباً ما تمّ استثماره في ألمانيا، وهو ما يثير الدهشة، نظراً إلى بصمة ألمانيا الأعلى على المستوى العالمي، إضافة إلى دعم مشاريع المتحف والمسجد، المرتبطة بالفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين، قدمت قطر أيضاً للناشط الإسلامي الفرنسي السويسري، طارق رمضان، دخلاً منتظماً يصل إلى 35000 دولار شهرياً "كمستشار" لـ "مؤسسة قطر الخيرية"، يمكن تفسير اهتمام قطر بسويسرا بالتاريخ الطويل لأنشطة الإخوان المسلمين في هذه الدولة، كانت البلاد في قلب شبكات الإخوان المسلمين في أوروبا منذ أواخر الخمسينيات، ويعود السبب في ذلك، إلى حدٍّ كبير، إلى وجود عائلة رمضان فيها.

طرد واستقرار

والد طارق، سعيد رمضان، انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في سنّ المراهقة، وفي العام 1945؛ أصبح السكرتير الخاص لحسن البنا، مؤسس الحركة، ولعب سعيد رمضان دوراً فعّالاً في تنظيم فروع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين والأردن في الأعوام التي سبقت إنشاء "إسرائيل".

في العام 2014 تمّ توظيف 4 ملايين يورو في شبكة الإخوان المسلمين في سويسرا وحدها

طُرد رمضان مرّتين من مصر؛ أوّلاً من قِبل الملك فاروق، ثم من قِبل جمال عبد الناصر، بعد خلاف ناصر مع منظمة الإخوان، جاب رمضان العالم العربي وباكستان لعدة أعوام، قبل أن يستقرّ مع عائلته في جنيف، العام 1958، في منفاه، وفي الأعوام التي تلت ذلك، تلقى الدعم من دول معارضة لطموحات ناصر في الهيمنة الإقليمية والاشتراكية العربية.
بمساعدة من حلفائه؛ افتتح سعيد رمضان مركزاً إسلامياً في "فيلا" كان حصل عليها من علي بن عبد الله علي آل ثاني، أمير قطر آنذاك، العام 1959، في البداية؛ تمّ الترحيب بإنشاء المركز الإسلامي من قبل السلطات السويسرية، وظنّت هذه الأخيرة أنّ رمضان شخصية موالية للغرب؛ لأنّها كانت تَعرف معارضته لجمال عبد الناصر.
في جنيف؛ نشر سعيد رمضان مجلة "المسلمون"، المجلة الفكرية الرئيسة لجماعة الإخوان المسلمين، والعام 1962؛ أصبح رمضان سفيراً متجولاً للرابطة الإسلامية العالمية الناشئة التي أنشأتها المملكة العربية السعودية، وكان هدف عمله الصحفي والسياسي والديني؛ حماية الشتات الإسلامي المتزايد في أوروبا من تأثير الثقافة الغربية، وتعزيز هُويته الإسلامية، وقد ساعدت شبكة الإخوان المسلمين في الغرب في المساهمة في تحقيق هذا الهدف، واعتبر رمضان أنّ جنيف هي أساس توسع الشبكة.

" قطر الخيرية" استثمرت الأموال بأوروبا لدعم الإخوان

منافسة شرسة بين الناصرية والرمضانية 

ومع ذلك، كان لرمضان العديد من الأعداء، وكانت مصر تناهض رمضان في كل مرّة، وتضغط على قطر لسحب دعمها له، بعد ذلك؛ كان على رمضان أن يجد لغة جديدة لمركزه الإسلامي.
في سويسرا؛ كان لدى النظام المصري جهاز مراقبة متطور لعملياته ضد جماعة الإخوان المسلمين، والذي لم يُستخدَم فقط لمراقبة المتشددين المصريين، ولكن أيضاً لجمع المعلومات حول الجالية اليهودية السويسرية، ولتنظيم حملات ضدّ إسرائيل، وكانت المنافسة بين مصر كدولة والإخوان المسلمين كتنظيم متشدد للفوز في الصراع من أجل التأثير على الطلاب العرب في أوروبا شرسةً بشكل خاص.

اقرأ أيضاً: وثائقي فرنسي عن حفيد مؤسس "الإخوان" طارق رمضان
لقد جعل رمضان من هذه المنافسة هدفاً رئيساً لدعاية جماعة الإخوان المسلمين، وكانت المجموعة الصغيرة من المصريين الذين كانوا يدرسون في الجامعات السويسرية تميل إلى انتقاد ديكتاتورية ناصر؛ لذلك أرسلت مصر الناصرية آنذاك وكيلاً خاصاً إلى سويسرا لحث الطلبة العرب ودفعهم لإنشاء منظمة طلابية عربية جديدة، خالية من التأثير الرمضاني الإخواني، وقد حصل الطلاب الموالون للزعيم جمال عبد الناصر على تمديد لمِنَحِهم الدراسية... .

لعبة رمضان المزدوجة
في هذه الأثناء؛ أدرك السويسريون بشكل متزايد أنّ رمضان كان يلعب لعبة مزدوجة: لقد قدّم نفسه كصديق مُعادٍ للشيوعية للسلطات السويسرية، بينما كان يعارض الحضارة الغربية، بما في ذلك سويسرا نفسها... وصف تقرير سويسري داخلي "موقف منشورات جماعة الإخوان المسلمين" إزاء العادات والأفكار الغربية، والتي عادة ما تكون غير متسامحة أو حتى عمياء، فهم (أي الإخوان)، على وجه الخصوص، يُندّدون بالغرب بسبب تلويثه للعالم الإسلامي (...)، وماديته ونسبيته، كما وُجِّهت من قِبلهم تحذيرات مستمرة أوّلاً وقبل كلّ شيء ضدّ التعليم الجامعي العقلاني، لتعامله السلبي مع الإسلام والدين والتاريخ".

قدمت قطر لطارق رمضان دخلاً منتظماً يصل إلى 35 ألف دولار شهرياً كمستشار لمؤسسة قطر الخيرية

كشف تقريرٌ آخر؛ أنّ جماعة الإخوان المسلمين كانت مهووسة بفكرة التحالف بين اليهود والصليبيين ضدّ الإسلام، وفي قلب هذا التحالف إسرائيل، وهي دولة توصَف بأنّها "تجسيد لفكر الجحيم، وخليط وُلِد من المواجهة بين الصهيونية الجشعة، والتي تنبع من التلمود المزيف والتوراة المزيفة، والتي تشكّلت وتجسّدت في بروتوكول حكماء صهيون وروح الصليبيين، المستوحاة من الغيرة، التي تبرّر الكثير من أسباب الغضب ضدّ الإسلام".
"في رأينا؛ لا يمكن سحق هذا الطفل المشوَّه إلا باستخدام سلاح العقيدة الدينية والإيمان، وأيُّ نظام من المعتقدات أقوى وأكثر قدرة على سحق اليهود والصليبيين من نظام الإسلام؟"، ومع ذلك؛ فإنّ إدراك السويسريين أنّ سعيد رمضان كان ناشطاً معادياً للغرب، ومعادِياً للسامية، لم يحقق أيّ تأثير على تطوّر سياسة سويسرا.

سعيد رمضان

سويسرا تغضّ الطرف

في العام 1965، أعلن المصريون أنّ جماعة الإخوان المسلمين قد حاولت تنظيم انقلاب على ناصر، واتُّهِم سعيد رمضان بأنّه عقل هذه المحاولة... الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان اعتقدتا أنّ جماعة الإخوان المسلمين كانت في مرحلة نهائية من التراجع، فوجئتا بهذه الأحداث، وشككتا في الاتهامات المصرية بأنّها كانت تتواطأ سرّاً مع جماعة الإخوان المسلمين. وفي ذات السياق، فقد رأت مصر في تقاعس سويسرا عن سحب تصريح الإقامة من رمضان، دليلاً على التأثير الأمريكي والبريطاني على السياسة السويسرية، ومع ذلك؛ ففي المناقشات الداخلية التي أجرتها السلطات السويسرية حول وضع إقامة رمضان المستقبلية في سويسرا، لم يتم اكتشاف أيّ تأثير من هذا النمط.

اقرأ أيضاً: 35 ألف يورو شهرياً يتقاضاها المفكر الإسلامي طارق رمضان.. من يدفعها؟ ولماذا؟
كان السويسريون متعاطفين مع رمضان بسبب معارضته للاشتراكية وناصر، في الواقع؛ استهدف تأميم مصر بشكل كبير الاستثمارات السويسرية في مصر، وأعوام التجسس والدعاية التي قامت بها مصر في سويسرا أدّت إلى زيادة غضب السلطات السويسرية؛ لذلك كان السويسريون يميلون إلى غضّ الطرف عن أنشطة رمضان.

توسيع شبكة الإخوان أوروبياً
يبدو أنّ التطور الجيوسياسي يبرر هذه السياسة، بعد حرب الأيام الستة، ومع هزيمة جيوش ناصر، أصبح السويسريون يعتقدون أنّ صعود الإسلاميين كان متوقعاً، وأنّ "أصدقاء سعيد رمضان يمكنهم الاستيلاء على السلطة في الأشهر المقبلة في أيّة دولة من الدول التي تعتبر تقدمية أو اشتراكية، والتي اهتزت بعمق بسبب الأحداث الأخيرة".

كانت المنافسة بين مصر الناصرية والإخوان المسلمين في الستينيات للفوز بصراع التأثير على الطلاب العرب في أوروبا شرسة

مع عدم الرغبة في مهاجمة قادة المستقبل، تبنّى السويسريون موقفاً أكثر مواتاة تجاه سعيد رمضان وعائلته، هذا التقييم، وليست الروابط المزعومة بين سعيد رمضان وأجهزة الاستخبارات الغربية، السبب في السماح لرمضان بالبقاء في سويسرا، بفضل هدوئه المكتسب حديثاً في جنيف، تمكّن سعيد رمضان من توسيع شبكة الإخوان المسلمين بانتظام، بفضل موهبته في الترويج الذاتي.
في مقابلة له العام 1975، على سبيل المثال، ادّعى أنّ المركز الإسلامي يشرف على أربعين مسجداً في أوروبا الغربية، وادّعى أنّه زعيم السبعة ملايين مسلم، الذين يقيمون في القارة، وكانت طموحات سعيد رمضان بلا حدود، كما سيؤكّده التطور المستقبلي لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا.
طارق رمضان

تعاون مع إيران وليبيا القذافي
في الثمانينيات؛ بدأت تقارير الاستخبارات الغربية تحذّر من النفوذ المتزايد للإخوان المسلمين في أوروبا الغربية، في كفاحها ضدّ الأنظمة التي تحكم بلدانها الأصلية، عملت جماعات الإخوان المسلمين في أوروبا بالتعاون مع جمهورية إيران الإسلامية الناشئة حديثاً، ومع العقيد الليبي معمّر القذافي، وهما نظامان مشهوران بدعمهما للإرهاب المعادي للغرب.

أدرك السويسريون أنّ رمضان كان يلعب لعبة مزدوجة: معاداة للشيوعية بينما كان يعارض الحضارة الغربية

في سويسرا؛ كان الوسيط بين الإخوان المسلمين وإيران يُدعَى أحمد هُوبر هُوب "Ahmed Huber Hube"، وهو صحفي متمرس؛ كان اشتراكياً، لكنّه اعتنق الإسلام في الستينيات من القرن الماضي، وكان هوبر من أوائل المتحولين المنتمين للمركز الإسلامي لسعيد رمضان في جنيف، ومن المفارقات؛ أنّ معاداة هوبر وكراهيته للسامية إزاء إسرائيل جعلته معجباً كبيراً بالزعيم المصري، جمال عبد الناصر، الذي كان أحد الدوافع الرئيسة لتحوّله الإسلامي، وكان ناصر منبوذاً من قبل الإخوان المسلمين لقيامه بحملة قمع ضدّ الجماعة في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وكان الإسلاميون يرون أنّ قومية ناصر العربية بِدعة مرفوضة.

اقرأ أيضاً: معضلة الدين والتديّن في واقعة طارق رمضان
أصبحت معاداة هوبر للسامية أكثر تطرفاً على مرّ السنين، بعد أن رحّب بحماسة بالثورة الإيرانية 1978-1979، زار هوبر البلاد في عام 1983، وخلال إقامته في إيران، تمّ الاتصال بِهوبر من قبل مسؤولي الحكومة الدينية؛ الذين طلبوا منه المساعدة في تشكيل تحالف بين الإسلاميين الإيرانيين واليمين المتطرف الأوروبي ضدّ "الشياطين العظماء الثلاثة": الصهيونية والماركسية ونمط الحياة الأمريكي.
تُظهِر التقارير الصادرة عن الشرطة السويسرية؛ أنّ هوبر واصل التفاعل بانتظام مع السلطات الإيرانية، وقد جعل من طموح طهران في الجمع بين أيديولوجيتها واليمين الأوروبي المتطرف مهمّة حياته الرئيسة، وعمل هوبر بلا كلل لنشر قضية إيران في سويسرا، سواء بين المسلمين السويسريين أو غير المسلمين، لكن على مدار الأحداث، لم يحقق هوبر سوى نجاح محدود للغاية.

بنك التقوى ودوره في تمويل الإخوان
رغم أنّ هوبر كان يعمل بشكل أساسي لصالح إيران، إلا أنّه شارك في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، عام 1988، تم تأسس بنك التقوى في سويسرا من قبل يوسف ندا وغالب حمت، وهما ناشطان بارزان في جماعة الإخوان المسلمين، لتمويل المشاريع المتعلقة بالإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم، وكان هوبر وفرانسوا جينود، الناشط القومي الاشتراكي البارز وراعي الجماعات المتششدة الفلسطينية، يرأسان مجلس إدارة المنظمة. في التسعينيات؛ كان هوبر يَحضُر بانتظام أحداثاً في منظمة الطلاب المسلمين في الولايات المتحدة، وهي منظمة تابعة للفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين.

العام 1965 أعلن المصريون أنّ الجماعة حاولت تنظيم انقلاب على ناصر واتُّهِم سعيد رمضان بأنّه عقلها المدبر

بعد أحداث 11 سبتمبر 2001؛ أدرج الأمريكيون بنك التقوى وهوبر في قائمتهم للإرهابيين، مشتبهين في أنّ البنك المذكور كان يموّل تنظيم القاعدة، لكنّ التحقيقات القضائية السويسرية فشلت في إثبات هذه الادعاءات.
لم تكن جماعة الإخوان المسلمين المجموعة الوحيدة التي تنُازِع من أجل قلوب وعقول المغتربين المسلمين في أوروبا، لقد قامت حكومات الدول ذات الغالبية المسلمة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، بتمويل المراكز الثقافية، ورعاية معاهد البحوث، وإرسال الدعاة لزيادة نفوذها في أوروبا، ولم تكن سويسرا، مع عدد سكانها المسلمين الصغير، ذوي الأصول البلقانية، ومعظمهم من العلمانيين، في قلب هذه المنافسة، إلا أنّها كانت مركزاً إستراتيجياً للإخوان المسلمين، الذين استخدموا البلاد كقاعدة للتنسيق والتخطيط، كما في حالة بنك التقوى.

دور جان زيغلر في إعداد رمضان

كانت فترة الثمانينيات عقداً مهماً في نسل سعيد رمضان، الذي أصبح متورطاً بشكل متزايد في النشاط السياسي، وكان طارق رمضان يخالط الدوائر اليسارية في جنيف، ويصادق الزوجين الشيوعيين المثيرين للجدل، جان زيغلر وإريكا ديوبر-باولي، وكلاهما يتمتعان بسلطة سياسية كبيرة في سويسرا الناطقة بالفرنسية، ورقة كبيرة في الصراعات المستقبلية التي شارك فيها رمضان، عام 1993، عندما قام طارق رمضان بحملة لإطلاق مسرحية فولتير Voltaire"" "محمد"، التي عُرضت في جنيف، حظي بدعم من إيريكا ديوبر باولي، الملحقة الثقافية للمدينة.

اقرأ أيضاً: الإسلامي طارق رمضان يعترف بـ"ممارسة الإغواء"
كانت هذه واحدة من الحالات الأولى التي نجح فيها نشطاء إسلاميون في حملة قمع حرية التعبير والفنّ في الغرب، بعد أن فقدوا الدعوة لإلغاء كتاب "آيات شيطانية"، أثناء قضية سلمان رشدي في العام 1989، وفي العام 1995؛ مُنع طارق رمضان من دخول فرنسا بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية الإسلامية الدموية.
دافع جان زيغلر، النائب البرلماني الاشتراكي في برن بسويسرا، عن طارق رمضان، مطالباً الحكومة السويسرية بالطعن في قرار فرنسا والدفاع عن معتقدات رمضان الإسلامية.

بعد هزيمة العرب العام 1967 أصبح السويسريون يعتقدون أنّ صعود الإسلاميين كان متوقعاً

لعب جان زيغلر أيضاً دوراً مهمّاً في إعداد مهنة طارق رمضان المستقبلية، باعتباره "مثقفاً" مسلماً رائداً، أطروحة دكتوراه رمضان حول "الإصلاحيين" الإسلاميين، والتي شملت جدّه حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، تم الحُكم عليها بأنّها وثيقة دفاعية وتبريرية لشخصٍ بعينه، وليست بحثاً علمياً من قِبل اثنين من أعضاء لجنة تحكيم الخبراء، وبالتالي تمّ رفضها، حتى مدير دكتوراه رمضان، تشارلز جينكواند، المتخصص في العالم العربي، رفضها وانتقدها بشدة، قائلاً: "إنّها أطروحة إشكالية للغاية وأيديولوجية، ولا تجلب شيئاً جديداً، طلبتُ من طارق رمضان إجراء تصحيحات، لكنّه لم يغيّر كثيراً في نصّه، أعتقد أنّه سخِر مني". لولا ديوبر-باولي وزيغلر، لكانت مهنة رمضان الأكاديمية قد وُلدت ميّتة، ومع ذلك تدخّل الشيوعيان لدى الجامعة، وحذّرا من فضيحة إعلامية إذا رُفِضت أطروحة رمضان، ونجح الضغط، وعقدت الجامعة هيئة محلفين جديدة، أعطت لرمضان أسوأ تصنيف ممكن، ودرجة "مقبول"، دون أيّ امتياز، وهو ما أنهى أمل رمضان في شغل منصب أكاديمي في سويسرا.
ومع ذلك، حصل رمضان في نهاية المطاف على منبر في جامعة أكسفورد، التي يساهم في تمويلها حلفاؤه في قطر.

الاتحاد السويسري الإسلامي يحلّ محلّ جمعية مسلمي ومسلمات سويسرا

في العام 1995؛ توفّي سعيد رمضان، وأصبح نجله، هاني رمضان، وهو الأقل شهرة بين الأَخوين، رئيساً للمركز الإسلامي في جنيف، وفي العام 1994؛ أسس الإخوة رمضان جمعية "مسلمي ومسلمات سويسرا"، والتي كانت تطمح إلى أن تصبح منظمة جامعة للعديد من المساجد العربية التي تقع معظمها في سويسرا الناطقة بالفرنسية.
لقد ذكرت الصحافة أنّ منشورات تشيد بالجهاد في الجزائر قد تمّ توزيعها في اجتماع التأسيس؛ توقفت المجموعة عن العمل في أوائل العقد الأول من القرن العشرين، وحلّ محلها الاتحاد السويسري الإسلامي (LMS)، وهي منظمة عضو في اتحاد المنظمات الإسلامية التي تشرف على جماعة الإخوان المسلمين، وقاد التونسي، محمد كرموس، الشخصية المركزية في المشهد الإسلامي السويسري، الاتحاد السويسري الإسلامي، منذ إنشائه عام 1994 وعام 2008.

اقرأ أيضاً: تجميد حسابات شقيق طارق رمضان للاشتباه في تمويله الإرهاب
أنشأ كرموس وزوجته نادية العديد من المنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين في سويسرا على مرّ أعوام، والتي تمّ تمويل البعض منها من قِبل قطر. على سبيل المثال؛ تلقى متحف الحضارات الإسلامية في لا شو دو فوندز، بقيادة نادية كرموس، تبرعاً بقيمة 1.4 مليون فرنك سويسري (1.1 مليون جنيه إسترليني) من قطر، ووصف الصحفي الاستقصائي السويسري سيلفان بيسون، الزوجين كرموس، بأنّهما "العمود الفقري لإسلاموية رخوة تتطور في المجال الثقافي السويسري".

دور النهضة التونسية

في العام 1991؛ قمعت حكومة زين العابدين بن علي التونسية، "النهضة"، الفرع التونسي لجماعة الإخوان المسلمين، لقد تم سجن أكثر من 8000 ناشط في هذه الحركة، وقد فرّ كثيرون آخرون إلى أوروبا، بما في ذلك إلى سويسرا، تمّ تعزيز مجتمع الإخوان المسلمين في سويسرا دون شكّ، من خلال تدفق مقاتلي النهضة من تونس، منذ ذلك الحين، أصبح العديد من المتشددين الإسلاميين في سويسرا من أصل تونسي.

اقرأ أيضاً: أفكار الإسلامي طارق رمضان الدينية التعصبية أخطر من قصصه العاطفية
في جنيف؛ المركز العالمي للدبلوماسية المفتوحة والسرية، أنشأ نشطاءُ حركة النهضة عدّة منظمات غير حكومية. العربي قاسمي، على سبيل المثال، وهو قائد سابق لحركة النهضة في المنطقة الشمالية الغربية من تونس، والذي فرّ إلى سويسرا، كان عضواً في مجلس إدارة جمعية الإغاثة الفلسطينية، التي كان الأمريكيون يتهمونها بأنّها الفرع السويسري لشبكة تمويل حماس، المسمّى "اتحاد الخير" (Union of Good) ، وهناك عضو آخر في المجلس يُدعَى أنور الغربي، كان مسؤولاً عن المنظمة غير الحكومية "الحقّ للجميع"roit pour tous ). في أوج ذروتها، عام 2010، نظمت منظمة "الحقّ للجميع" رحلات للنواب اليساريين إلى قطاع غزة، ودعت كبار مسؤولي حماس والإخوان المسلمين إلى سويسرا، ونظمت مناسبات ثقافية مع طارق رمضان وجان زيغلر، حليفه السابق، بعد سقوط بن علي، تولّى العديد من اللاجئين التونسيين في سويسرا قيادة الحكومة الجديدة، بقيادة النهضة.
أصبح الغربي مستشاراً للشؤون الدولية للرئيس التونسي، منصف مرزوقي، في حين انضم العربي قاسمي إلى مجلس شورى النهضة، مجلس إدارته، وقد أصبح هدفاً للنقد والسخرية، عام 2014؛ عندما قام بالتحريض على العنف ضدّ خصومه في شريط فيديو.

الاتصال مع حماس
أضحى وجود العديد من نشطاء جماعة الإخوان المسلمين ذا فائدة للسياسة الخارجية السويسرية، عندما صوّت السويسريون، عام 2009، في استفتاء لحظر بناء المآذن، كان زعيم حزب النهضة، رشيد الغنوشي، من بين أكثر المعارضين لهذا القرار، وسمح وجود الكثير من نشطاء حزب النهضة وجماعة الإخوان المسلمين في البلاد للمسؤولين السويسريين بلقائهم، وهذا في مناسبات عديدة، لتهدئة التوترات في العالم الإسلامي قبل أن يبدأ نوع من تكرار فضيحة الكاريكاتيرات الدنماركية.

اقرأ أيضاً: طارق رمضان يرتدي قناع اليسار الجذري
من ناحية أخرى؛ كان لهذا النهج المريح للإسلاموية عواقب سلبية كثيرة، وأدّت الاتصالات مع الإسلاميين، خاصةً مع حماس، خلال ولاية وزيرة الخارجية الاشتراكية، ميشلين كالمي-ري (2003-2011)، إلى الإضرار بعلاقات سويسرا مع إسرائيل والولايات المتحدة. وبالمثل؛ فإنّ العديد من السويسريين الـ 90 الذين انضموا إلى الجهاديين في سوريا والعراق في الأعوام الأخيرة كانوا من أصل تونسي، وهذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى الشبكات الإسلامية التي سُمِح لها بالتجذّر في سويسرا.


المصدر: eeradicalization.com/fr


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية