الأمين العام للتيار الشعبي في تونس لـ"حفريات": نسير نحو الاستقرار

الأمين العام للتيار الشعبي في تونس لـ"حفريات": نسير نحو الاستقرار


31/10/2021

رغم تأكيدات الأمين العام للتيار الشعبي في تونس، زهير حمدي لـ"حفريات" بأنّ بلاده تسير نحو الاستقرار، إلا أنّ الأوضاع السياسية في تونس ما زالت تشهد المراوحة بين عدة ملفات وأزمات تواجه الرئيس قيس سعيّد، وكذا الحكومة الجديدة، التي تمّ تشكيلها مؤخراً بقيادة الدكتورة نجلاء بودن؛ فثمّة تحديات اقتصادية واجتماعية تحتاج إلى معالجة ضرورية وملحة بالموازاة مع الملفات الأمنية، تقع في قمة أولويات الفريق الوزاري ومؤسسات الدولة، التي تحاول تعقّب مصادر الفساد التي شكّلتها جماعة الإخوان، خاصة بعد التصنيف السلبي الحديث لوكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، وقد رأت الأخيرة أنّ هذا التراجع في التقييم السيادي لتونس جاء نتيجة "ضعف الحوكمة وتفاقم الاعتقاد بعدم تمكّن الحكومة التونسية من تنفيذ التدابير والإجراءات التي تضمن وصول التمويلات اللازمة لتلبية المتطلبات المرتفعة على مدى السنوات القليلة القادمة".

حوار وطني في تونس

كما أنّ الدعوات المتكررة من قصر قرطاج بخصوص تدشين حوار وطني تواجه سجالاً محتدماً مع الاتحاد العام التونسي للشغل، حيث طالب الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، بأن تشارك الأحزاب في العملية الديمقراطية، وتساءل: "ما هو الخيار السياسي الذي سنسلكه؟ وما هو دور الأحزاب؟ كثيرون بدؤوا بجلد الأحزاب. ولا توجد ديمقراطية في العالم تبنى من دون أحزاب".

وشدّد الأمين العام للمنظمة العمالية والنقابية الأكبر في تونس على ضرورة أن تضحى "محاسبة الأحزاب عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات، وأنّ إرادة الشعب هي من ستسقط هذا الطرف وتعطي الثقة للطرف الآخر".

مطلع الأسبوع الماضي، أوضح الطبوبي، خلال حضوره مؤتمراً لمناقشة "اتفاق التبادل الحر في قارة أفريقيا"، أنّه من غير المتوقع أن تكون ثمة استدارة للخلف فيما يخصّ "الحكم الفردي"، وقال: "نريد نظاماً سياسياً لا يقوم على اليد المطلقة، لا عودة إلى الحكم الفردي".

الرئيس قيس سعيّد يريد أن ينطلق الحوار الوطني من مجالس محلية، تتكون من الشباب التونسي، في محاولة منه لتوظيف الحوار الوطني في خدمة مشروعه السياسي

وبينما أكّد الرئيس التونسي على أنّ الحوار الوطني سيكون مختلفاً ومغايراً عن التجارب السابقة، وسوف يشمل الشباب، إلا أنّ الاتحاد التونسي يضغط من أجل إيجاد صيغة أكثر وضوحاً، تضع محددات كاملة حول ماهية الإصلاحات السياسية التي يتوخى تنفيذها سعيّد ومخرجاتها، وذلك عبر مشاركة كافة قوى المجتمع المدني، مشدداً على "مبدأ التشاركية" في اتخاذ القرارات، وقال الطبوبي: "لا توجد قطيعة مع الرئاسة، لكن هناك اختلاف في وجهات النظر".

انفتاح تونس على شراكات جديدة

ويتحفظ الاتحاد على بقاء السلطات كافة في قبضة الرئيس التونسي، وذلك منذ القرارات الدستورية الاستثنائية التي تم اتّخاذها، في 25 تموز (يوليو) الماضي، على خلفية احتدام حالة الاستقطاب بين مؤسسات الدولة، تحديداً بين الرئاسة والبرلمان بقيادة حركة النهضة (فرع الإخوان بتونس) وزعيمها راشد الغنوشي، الأمر الذي تسبّب في تعطيل الخدمات العامة وشلّ مرافق الدولة، وانهيار المنظومة الصحية تحت وطأة الانتشار الكثيف لفيروس كورونا.

ولذلك؛ أوضح الأمين العام للاتحاد أنّه بصدد بناء تصوّر لنظام سياسي وقانون انتخابي، بينما سيخضع لمراجعة المؤسسات الإدارية للاتحاد قبل أن يضحى موقفاً رسمياً لها، وأردف الطبوبي: "نريد حكماً متوازناً يقوم على الرقابة والمسائلة والمؤسسات الدستورية ودولة القانون والمؤسسات".

 

اقرأ أيضاً: التونسيون يرحبون: 10 نساء في حكومة تقودها امرأة

وفي حديثه لـ "حفريات"، قال الأمين العام للتيار الشعبي في تونس، زهير حمدي؛ إنّ أوضاع بلاده تسير باتجاه الاستقرار لصالح القرارات الدستورية التي اتخذها الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في 25 تموز (يوليو) الماضي، موضحاً لـ "حفريات"؛ أنّه "داخلياً بعد تشكيل الفريق الوزاري بقيادة نجلاء بودن، وتحقيق تقدم في الأزمة الصحية الخاصة بجائحة كورونا، شرعت الحكومة في معالجة الأولوية الأخرى المتمثلة في الوضع الاقتصادي الذي يحظى بأهمية بالغة، سواء من الشعب أو مؤسسات الدولة".

 

اقرأ أيضاً: هل أعلن قيس سعيّد وفاة مشروع الإسلام السياسي في تونس؟

وكان المدير العام للتمويل والدفوعات الخارجية في البنك المركزي، عبد الكريم لسود، قد أعلن، مؤخراً، بدء شراكات جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي ووصفها بـ "الإيجابية"، حيث انطلقت المفاوضات مع الإمارات والسعودية بغية الحصول على تمويل إضافي لموازنة تونس، وموضحاً أنّه "سيتم فتح الباب لتعبئة موارد الدولة عن طريق التعاون الدولي".

وبحسب وكالة "فرانس برس"؛ فقد كشفت عن مصدر رسمي في البنك المركزي "وجود نقاشات متقدمة جداً مع كلٍّ من المملكة العربية السعودية والإمارات لجهة تعبئة موارد الدولة".

اقرأ أيضاً: تونس تطوي صفحة فساد "الإخوان"

وعليه، يرى الأمين العام للتيار الشعبي في تونس؛ أنّ تحسين الوضع الاقتصادي، وتعبئة الموارد الداخلية، وإيجاد مصادر تمويل خارجية بديلة، تعدّ بمثابة "أمّ المعارك" بالنسبة للمرحلة القادمة. لافتاً إلى أنّ "منظومة الإخوان" و"ماكينة الفساد" التابعة لها قد عملت بدأب وبوتيرة منتظمة وسريعة على تدمير مقومات الاقتصاد التونسي بالكامل، بينما أغرقت البلاد في الديون، بالتالي، ثمة ضرورة ملحّة وحيوية باتجاه "تعبئة الموارد واسترجاع أموال الدولة، ثم مجابهة التهريب والحدّ من التوريد العشوائي، وكذا الحدّ من تدهور الخدمات والقدرة الشرائية، وأخيراً البحث عن شركاء جدد عربياً ودولياً".

اقرأ أيضاً: تونس تحبط مخططاً إرهابياً وتحارب الممولين له

ويردف حمدي لـ "حفريات": "هذا التعافي الاقتصادي بواسطة تدشين شراكات مع الدول العربية من شأنه أن يمكننا من مواجهة الضغوط الخارجية التي توظفها جماعة الإخوان، وهذه الضغوطات مردّها رغبة قوى معينة في الحفاظ على الجماعات الوكيلة التي سلمتها رقاب الشعب التونسي ومقدراته، وكذلك الحفاظ على تونس باعتبارها نقطة ارتكاز للتنظيم الإرهابي، حتى يتسنى لهم ابتزاز دول عربية أخرى من خلال استمرار الدور الوظيفي المكلفين به، والمتمثل في مشروع الفوضى الذي ضرب المنطقة".

اصطفاف الاتحاد التونسي في المربع الوطني

كما أنّ انحياز اتحاد الشغل لإجراءات 25 تموز (يوليو) الماضي، يمثل "ضربة مباغتة ومؤثرة" تلقتها منظومة الفساد والإرهاب ورعاتها في الخارج التي كانت تراهن على استدراج المنظمة النقابية خارج المربع الوطني، لكن أُسقط في أيديهم، وفق الأمين العام للتيار الشعبي بتونس، وقد اصطف الاتحاد مع النخبة والقوى الوطنية، بينما يخوض الآن معركة حماية السيادة الوطنية وفرض إرادة الشعب التونسي.

ويتابع: "الصعوبات التي تواجهنا، حتى الآن، أقلّ بكثير مما توقّعنا، وهذا يبعث بتفاؤل كبير في إنجاح المسار السياسي الديمقراطي، وإعادة البناء بأسرع وقت وبأقل تكلفة".

وقد سبق للأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، محمد علي البوغديري، أن كشف، الإثنين الماضي، عن لقاءات مرتقبة ستنطلق قريباً بين الأمين العام للاتحاد والرئيس التونسي، لجهة مناقشة عدد من الملفات، موضحاً أنّ اتحاد الشغل معني بالحوار الوطني الذي دعا له سعيّد، حيث إنّه يمثل "قوة حقيقية" في البلاد، بحسب تعبيره.

وشدّد الاتحاد، في بيان، على ضرورة "التصدي إلى دعوة البعض لجهات أجنبية للخوض في الشأن الداخلي للبلاد من أجل تأمين عودتهم إلى الحكم والهيمنة على مفاصل الدولة".

الأمين العام للتيار الشعبي في تونس زهير حمدي لـ "حفريات": التعافي الاقتصادي بتدشين شراكات مع الدول العربية يمكننا من مواجهة الضغوط الخارجية التي توظفها جماعة الإخوان

ومن الواضح؛ أنّ مواقف الرئيس التونسي تتطابق وموقف الاتحاد العام التونسي للشغل فيما يخصّ "طيّ صفحة العمل البرلماني" و"عدم العودة إلى الوضع السياسي الذي كانت عليه تونس في فترة ما قبل قرارات 25 تموز (يوليو)"، وفق الصحفي والمحلل السياسي التونسي، بسام حمدي.

ويضيف لـ "حفريات": "يبدو أنّ مسألة عدم عودة البرلمان التونسي للعمل باتت محسومة، كما أصبحت محل توافق وطني، وتساند منظمات المجتمع المدني قيس سعيّد في الخيارات التي اتبعها، بشرط أن يحدّد سقفاً زمنياً للحالة الاستثنائية القائمة".  

ومثّلت قضية إجراء حوار وطني "نقطة خلافية" بين سعيّد والاتحاد العام التونسي للشغل، وفق الصحفي والمحلل السياسي التونسي، لافتاً إلى أنّ "سعيد يريد أن ينطلق الحوار الوطني من مجالس محلية، تتكون من الشباب التونسي، في محاولة منه لتوظيف الحوار الوطني في خدمة مشروعه السياسي الذي ينبني على الديمقراطية القاعدية، أو ما تسمى "الديمقراطية المجالسية". وفي المقابل، أعتقد أنّ اتحاد الشغل يريد أن يظلّ الحوار الوطني آلية قادرة على خلق الحلول للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يمكن تطويعها لخدمة أيّ مشروع سياسي، وقد برز ذلك في تأكيده على أنّ مؤسسات الدولة هي التي تشرف على إدارة حوار وطني، كما يبدو أنّ هذه النقطة الخلافية ستفتح باب جدال بين الرئيس والمنظمة النقابية الأكبر في تونس، وقد تتسبّب في تعمّق الأزمة السياسية في البلاد".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية