الأزمة الليبيبة: صدام جديد يلوح في الأفق حول القاعدة الدستورية

الأزمة الليبيبة: صدام جديد يلوح في الأفق حول القاعدة الدستورية

الأزمة الليبيبة: صدام جديد يلوح في الأفق حول القاعدة الدستورية


07/11/2022

بينما صوّت المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بالإجماع، على منع ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين في الانتخابات الرئاسيّة، دعا المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب لجلسة عامة اليوم الإثنين؛ الأمر الذي يعمق  الخلاف الجاري بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان، حول القاعدة الدستورية، ويجعل من الصعوبة بمكان تحديد موعد حاسم لإجراء الانتخابات.

كان مجلس الدولة، مطلع الشهر الجاري، توصل إلى تفاهم وتوافق بين أعضائه بشأن كافة مواد القاعدة الدستورية، التي ستجرى على أساسها الانتخابات في البلاد، خلال جلسة عامة استمرت على مدى يومين، واتفق خلالها الأعضاء على ألّا يحمل المترشح للرئاسة جنسية دولة أخرى، وألّا يترشح العسكريون إلا بعد مرور عام على تقديم استقالتهم، بيد أنّ هذه الشروط لن يوافق عليها البرلمان؛ الذي يطالب بالسماح للجميع بالترشح، وعدم إقصاء أيّ مواطن أو حرمانه من المشاركة، وخوض المنافسة على منصب الرئاسة.

خلط الأوراق

نحو ذلك، يؤكد النائب جبريل أوحيدة، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ ما صوت عليه مجلس الدولة الاستشاري فيما يخص القاعدة الدستورية، لم يتم الاتفاق عليه في حوار القاهرة بين اللجنتين برعاية ستيفاني ويليامز، كما لم يجر بشأنه أيّ تفاهم بين عقلية صالح والمشري في لقاء جنيف، ولم يتشاورا حوله في لقاء  المغرب مؤخراً.

جبريل أوحيدة: جلسة النواب القادمة ستكمل جدول أعمالها السابق، دون الخوض في ما ذهب إليه المجلس الأعلى للدولة

يتابع أوحيدة تصريحاته، لافتاً إلى أنّه لا يعتقد أنّ مجلس النواب سيتعاطى معه في الجلسة التي دعا إليها عقيلة صالح اليوم، مؤكداً أنّه من الواضح أنّ السيد خالد المشري يهدف إلى خلط الأوراق من جديد؛ للعودة لمربع حوار لجنة الــ (75) مرة ثانية، وشل مجلس النواب عن أعماله المقررة .

يختتم النائب جبريل أوحيدة تصريحاته، مشيراً إلى أنّ جلسة مجلس النواب القادمة ستكمل جدول أعمالها السابق، لمناقشة الملفات المعلقة، دون الخوض في ما ذهب إليه المجلس الأعلى للدولة.

جبريل أوحيدة: من الواضح أنّ خالد المشري يهدف إلى خلط الأوراق من جديد؛ للعودة لمربع حوار لجنة الــ (75) مرة ثانية، وشل مجلس النواب عن أعماله المقررة

من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة مقربة من مجلس النواب، لـ"حفريات"، أنّ ملف القاعدة الدستوريّة سيكون على رأس الملفات التي سيتم مناقشتها خلال جلسة مجلس النواب اليوم، فضلاً عن بعض الملفات المدرجة للنقاش من الجلسة السابقة.

مسار الأزمة واحتمالات الصدام

هذا، وعبّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، عبدالحميد الدبيبة، عن تفاؤله بعد استكمال المجلس الأعلى للدولة في ليبيا التصويت على القاعدة الدستورية، وإحالتها إلى اللجان المختصة؛ لوضع الضبط النهائي لها.

وأضاف الدبيبة، في تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أنّه ما يزال يطالب بأن تمضي باقي الإجراءات في أسرع وقت ممكن؛ للخروج بقاعدة دستورية سليمة، تكون محل قبول عند كل الليبيين، مشدداً على مطالبته أيضاً بأن تفي كلّ الأطراف بالتزاماتها تجاه العملية الانتخابية. وأكد الدبيبة على أنّه ليس أمام الليبيين إلّا الانتخابات؛ لإنهاء المراحل الانتقالية.

إلى ذلك؛ ستعمق هذه التطورات من مسار الأزمة الليبية؛ إذ من المتوقع أن يرفض المشير خليفة حفتر استبعاده من الترشح للانتخابات الرئاسيّة، ما يرفع سقف سيناريوهات الصراع الميداني، فضلاً عن كون ذلك سيعقد جهود المبعوث الأممي عبد الله باثيلي؛ لإيجاد حلول توافقية، وإخراج ليبيا من أزمتها السياسية.

من جانبه، أبدى عضو مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، معارضته لقرار مجلس الدولة الاستشاري، الخاص بمنع مزدوجي الجنسية والعسكريين من الترشح للانتخابات. وقال العرفي في تصريحات صحفية: "من المفترض أن تمنح لهم الفرصة للترشح أيضاً". مشيراً إلى أنّ هناك اتفاقاً بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري، على أن يؤجل القرار في هذا الأمر لمجلس النواب المقبل. وتابع قائلاً: "أعتقد أنّ هناك مخططاً لتشكيل حكومة ثالثة مصغرة، بسلطة تنفيذية واحدة، بمجلس رئاسي جديد، تسير بالبلاد إلى الانتخابات، وذلك لحل جميع الخلافات السياسية".

فيما قال عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، خلال تصريحات تليفزيونية: لقد اتفقنا في الجلسة الأخيرة، على منع مزدوجي الجنسية والعسكريين من الترشح للانتخابات.

سعد بن شرادة: لقد اتفقنا في الجلسة الأخيرة على منع مزدوجي الجنسية والعسكريين من الترشح للانتخابات

ومن المؤكد أنّ مجلس النواب لن يقبل بما وصل إليه مجلس الدولة، بشأن المواد الخلافية في القاعدة الدستوريّة؛ كون الخلاف مقتصراً فقط على مادتي ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وهذا ما لم نتفق عليه منذ اجتماعات الصخيرات.

ويضيف بن شرادة، أنّ لقاء عقيلة والمشري الأخير في المغرب، لا يمثل اتفاقاً لحل الأزمة؛ بل مساومات على المصالح الشخصية.

تناقضات الأعلى للدولة

بدوره، يذهب أحمد العبود، الكاتب السياسي الليبي، في تصريحاته لـ"حفريات"، نحو التأكيد على كون ما جرى من تصويت على القاعدة الدستورية من جانب المجلس الأعلى للدولة، يصب في حيز السلوك المعتاد من قبل المجلس، الذي اعتاد علي ممارسة سياسات متناقضة، فكلما طالب جولة تفاوضية مع مجلس النواب، برعاية دولية أو إقليمية، ويخرج اللقاء بإطار تفاهم أو عمل، وبمجرد أن يعود أدراجه، ويعقد جلساته، ينقلب على هذه التفاهمات والتعهدات. مضيفاً: "تستطيع ملاحظة ذلك فيما حصل في اجتماعات الغردقة وشرم الشيخ والقاهرة، وكذا عندما استضافت جنيف رئيسي المجلسين، في جلسات الحوار حول القاعدة الدستوريّة. حدث ذلك سابقاً ويحدث الآن، بعد لقاءات المغرب حول المناصب السيادية. لقد أصبح ذلك بمثابة السمة السائدة  للسلوك التفاوضي لمجلس الدولة".

أحمد العبود: تحالف مجلس الدولة يدرك جيداً أنّه ليس من مصلحته التوافق مع مجلس النواب

يتابع العبود تصريحاته، لافتاً إلى أنّ تحالف مجلس الدولة يدرك جيداً أنّه ليس من مصلحته التوافق مع مجلس النواب، ما يقود إلى تغيير المناصب السيادية، خاصّة وأنّ الوضع الحالي يتسم بقبضة تحالفه على مفاصل الدولة ومؤسساتها المالية والاقتصادية، والمقصود هنا؛ تحالف الإسلام السياسي، وأجنحته وأمراء الحرب، وقادة الميليشيات برعاية دار الإفتاء، بحسب قول أحمد العبود.

ولهذا يتمسك مجلس الدولة بشروط الترشح التي تقصي العسكريين بالدرجة الأولي، وكذا مزدوجي الجنسية بدرجة أقل، في القاعدة الدستورية؛ ليصنع موقفاً تفاوضياً، ربما يمنحه تنازلات أكبر من البرلمان.

أحمد العبود: ما جرى من تصويت على القاعدة الدستورية من جانب المجلس الأعلى للدولة يصب في حيز السلوك المعتاد من قبل المجلس الذي اعتاد علي ممارسة سياسات متناقضة

 الحقيقة الأخرى التي ينبغي الالتفات إليها؛ أنّ مجلس الدولة منقسم اليوم، وما يجمع أعضاءه من تيار الإسلام السياسي، هي ثوابت السيطرة على مفاصل الدولة؛ من خلال المناصب السيادية؛ مصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة، والمؤسسات المالية والاقتصادية.

كما أنّ العداء للمؤسسة العسكرية، ولشخص المشير خليفة حفتر، أمر رئيس في ذهنية المجلس الأعلى للدولة وحلفائه لهذا؛ نجد أنّ جل النصوص الدستورية الإقصائية؛ تفصل على مقاس الرجل. هذا هو الثابت، أمّا المتغير؛ فهو أنّ مجلس الدولة المسيطر على  كثير من أعضائه من قبل الميليشيات، وقادة التشكيلات المسلحة، يحاول المناورة لقدوم رئيسه خالد المشري، كبديل  للحكومتين؛ الدبيبة / باشاغا.

نحو ذلك يبدو الحديث دائراً عن  حكومة ثالثة، وثمة سؤال يعزز ذلك؛ لماذا يرفع مجلس الدولة سقف التفاوض، بأن يظهر في شكل المتشبع والمتعنت في كل هذه القضايا والاستحقاقات السياسية والدستوريّة؟

مواضيع ذات صلة:

قرار مجلس الأمن حول ليبيا يُبقي الوضع على ما هو عليه

تشاؤم ليبي بشأن جمع الفرقاء: التغيير لا يتم إلا بالقوة

لقاء الفرقاء الليبيين في المغرب: توزيع مناصب أم تقاسم غنائم؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية