سارة ربيع
تتجه الأنظار إلى الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا سابقاً، باعتباره مفتاح الحل لما تمر به بلاده من تطورات سياسية، بعد أن أشارت تقارير إعلامية، اليوم (الثلاثاء)، إلى توليه رئاسة مؤتمر يهدف إلى التخطيط لمستقبل الجزائر، بعد إعلان بوتفليقة عدم خوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
وظهر الإبراهيمي، أمس (الاثنين)، بين كبار المسؤولين الذين استقبلهم الرئيس، لإعلان قرار عدم الترشح لولاية خامسة، وذلك بحضور قائد الأركان قايد صالح، والوزير الأول المستقيل أحمد أويحيى، وشخصيات سياسية أخرى.
وقال الأخضر عقب الاجتماع: «كان لي الشرف أن أُستقبل من قِبل الرئيس بوتفليقة بعد عودته من العلاج من سويسرا حتى أطمئن على صحته وأوضاعه».
وأشاد الإبراهيمي بسلوك المحتجين قائلاً: «الشباب الذين خرجوا في شوارع بلدنا تصرفوا بمسؤولية أثارت إعجاب الجميع في الداخل والخارج»، داعياً إلى «الاستمرار في التعامل بعضنا مع بعض بهذه المسؤولية والاحترام المتبادل وأن نحوّل هذه الأزمة إلى مناسبة بناء وتشييد».
وتشير تقارير إعلامية إلى أن علاقة الإبراهيمي وبوتفليقة توطدت خصوصاً بعد إصابة الرئيس في 27 من أبريل (نيسان) 2013، بجلطة دماغية أقعدته على كرسيٍّ متحرك، ويظهر الإبراهيمي على الساحة، كلما تناولت الصحافة الحديث عن «تدهور صحة الرئيس» ويخرج لوسائل الإعلام بعد لقائه معه «ليُطمئن الشعب على صحة الرئيس»، حيث وصفته التقارير بأنه صديق الرئيس الذي يستأنس بآرائه الدبلوماسية، حسب ما قال المتحدث باسم «جبهة التحرير الوطني» في تعليق سابق نقلته «الشرق الأوسط» عام 2017.
ويمتلئ تاريخ الدبلوماسي المخضرم بمحطات مؤثرة في تاريخ المنطقة، وتنتظر الآونة الراهنة جولة جديدة للإبراهيمي بعد أن اعتبر البعض «الأزمة السورية» محطته الأخيرة في مسيرته الدبلوماسية والسياسية.
وخاض الإبراهيمي الذي وُلد في يناير (كانون الثاني) عام 1934، طوال تاريخه السياسي، العديد من الأحداث وتولى الكثير من المناصب، منذ أن كان شاباً في العشرينات من عمره، مثل جبهة التحرير الوطني في جاكرتا، بعد أن تلقى تعليمه في الجزائر وفرنسا، حيث درس القانون والعلوم السياسية.
وحمل حقيبة بلاده الدبلوماسية في بريطانيا في سبعينات القرن الماضي في الفترة بين عامي 1971 و1979، كما عمل مستشاراً دبلوماسياً للرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد، في الفترة بين عامي 1982 و1984.
ومع دخوله أروقة الأمم المتحدة حقق نجاحاً واسعاً خلال توليه منصب مبعوث الأمم المتحدة في لبنان عام 1989، ولُقِّب بـ«مهندس الطائف»، خلال الواسطة السعودية بين النواب اللبنانيين بمدينة الطائف للاتفاق على نهاية الحرب الأهلية اللبنانية الأولى والتي استمرت ما يقرب من 15 عاماً.
واستمر عمله الأممي في أفغانستان والعراق في الفترة من 1997 حتى عام 1999، وفي عام 2012 عُيِّن الإبراهيمي مبعوثاً مشتركاً للجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا، بهدف إيجاد حل لسفك الدماء والحرب الأهلية التي دارت لأكثر من 18 شهراً، خلفاً للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان الذي استقال.
ورغم انشغاله بمنصبه الأممي، فإنه لم يغب عن بلاده الجزائر، وكان لها نصيب من مهامه الأممية في عام 2008، حين ترأس اللجنة الدولية للتحقيق في ملابسات الهجوم الإرهابي الذي استهدف مكاتب الأمم المتحدة في العاصمة الجزائرية يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) 2007، وأوقع 17 قتيلاً من موظفي الأمم المتحدة. وشكل اختيار الإبراهيمي آنذاك حلاً وسطاً بعد أن رفضت الحكومة الجزائرية حينها قرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تشكيل اللجنة الدولية بحجة السيادة وعدم التشاور معها قبل اتخاذ قرار تشكيل اللجنة.
وارتبط اسم الأخضر في الفترة الأخيرة بالأزمة السورية، خصوصاً بعد أن أصبح موفد الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا عام 2012، في محاولة لإيجاد حل للأزمة السورية، وحاول الإبراهيمي عبر مفاوضات شاقة أن يجمع ممثلين عن المعارضة والحكومة السورية في مؤتمرين اثنين عُرفا باسم «جنيف1» و«جنيف2»، وفي 13 مايو (أيار) 2014 استقال الإبراهيمي بعد أكثر من عشرين شهراً من الجهود العقيمة، بعد أن حذّر من إجراء انتخابات رئاسية في سوريا، مؤكداً أن حصولها سينسف مفاوضات السلام الرامية لوضع حد لسنوات من النزاع.
وعلى الجانب الاجتماعي، كوّن الإبراهيمي عائلته، ورُزق بـ3 أبناء: صالح وسالم، وابنته ريم المذيعة السابقة في قناة «سي إن إن» التي أصبحت بعدها «الأميرة ريم» بعد زواجها بالأمير علي بن الحسين، شقيق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وخلال مشواره حصد الإبراهيمي عدة جوائز، منها جائزة الحكام الخاصة لتفادي النزاعات من مؤسسة «شيراك»، التي أسّسها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لنشر السلم العالمي.
عن "الشرق الأوسط" اللندنية