
في خطوة تعكس الكثير من الدلالات أعلنت السلطات السورية توقيف الإخواني المصري الهارب أحمد المنصور، على خلفية تصريحاته التحريضية الأخيرة ضد الحكومة المصرية، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول آلية تعامل السلطة الجديدة في سوريا مع تنظيم الإخوان، والرسائل التي ربما أرادت الإدارة الجديدة إرسالها إلى القاهرة، خاصة في ضوء أنباء عن احتمالات ترحيله إلى مصر.
من هو أحمد المنصور؟
أحمد المنصور هو شخصية مثيرة للجدل تُعرف بانتمائها لجماعة الإخوان المسلمين التي صنفتها السلطات المصرية منظمة إرهابية، بدأ نشاطه السياسي في أعقاب ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، وكان من أبرز المشاركين في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة عام 2013، وعقب فض الاعتصامات وما تبعها من ملاحقة أمنية ضد قيادات وأعضاء الجماعة، قرر المنصور الهروب خارج مصر لتجنب الملاحقة القانونية.
استقر أحمد المنصور في سوريا، حيث وجد ملاذاً وسط الفوضى التي نتجت عن الحرب الأهلية، وانخرط في البداية مع تنظيم "جبهة النصرة"، الذي تطور لاحقاً ليصبح "هيئة تحرير الشام"، وخلال هذه الفترة، أصبح معروفاً بنشاطه التحريضي على منصات التواصل الاجتماعي، حيث بث مقاطع فيديو تنتقد السلطات المصرية بشكل مباشر وتدعو إلى ما وصفه بـ "إسقاط النظام".
لماذا تم توقيفه مؤخراً؟
جاء اعتقال المنصور في 15 كانون الثاني (يناير) 2025 نتيجة لنشاطاته التحريضية ضد الحكومة المصرية، وكان آخرها بث تسجيلات فيديو عبر الإنترنت تضمنت تهديدات صريحة للمؤسسات المصرية، داعياً إلى تغيير النظام في مصر بالقوة، والعمل المسلح، كما طالب عناصر التنظيم داخل مصر بالعمل المسلح خلال الفترة المقبلة.
جاء اعتقال المنصور في 15 كانون الثاني (يناير) 2025 نتيجة لنشاطاته التحريضية ضد الحكومة المصرية، وكان أخرها بث تسجيلات فيديو عبر الإنترنت تضمنت تهديدات صريحة للمؤسسات المصرية، داعياً إلى تغيير النظام في مصر بالقوة، والعمل المسلح، كما طالب عناصر التنظيم داخل مصر بالعمل المسلح خلال الفترة المقبلة
ويرى مراقبون أنّ الاعتقال يعكس تغيّراً في موقف السلطات السورية تجاه استخدام أراضيها قاعدة لنشاطات معادية لدول أخرى، وأشارت تقارير إلى أنّ السلطات السورية أصبحت أكثر تشدداً في التعامل مع العناصر المرتبطة بالجماعات المتطرفة، لا سيّما في ظل محاولات تحسين علاقاتها الإقليمية والدولية.
ما موقف أسرته داخل مصر؟
إحدى النقاط المثيرة التي جاءت بالتزامن مع توقيف المنصور هي موقف أسرته في مصر، ففي تصريح علني بثه والده، أعلن عاطف المنصور التبرؤ من تصرفات ابنه، مؤكداً أنّ العائلة ترفض تماماً النهج التحريضي الذي اتبعه أحمد ضد الدولة المصرية، كما نفى الوالد المزاعم التي أطلقها ابنه بشأن تعرض أفراد العائلة للتضييق الأمني أو الاعتقال، واصفاً ما قاله بـ "الادعاءات الكاذبة".
وأضاف أنّ نجله يريد أن يكون زعيماً، معلناً استنكاره لتصرفاته، مشيراً إلى أنّ الدولة المصرية أنفقت مليون جنيه على شقيق أحمد للحصول على الماجستير من إيطاليا.
هل ستسلم سوريا أحمد المنصور إلى مصر؟
بحسب مراقبين، يُعدّ تسليم أحمد المنصور إلى السلطات المصرية موضوعاً ذا حساسية سياسية وأمنية، ورغم أنّ سوريا ومصر لا تمتلكان علاقات دبلوماسية قوية حالياً، فإنّ التعاون الأمني قد يكون مستثنى من هذه القاعدة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب.
من جانبها، أكدت مصادر قريبة من الأجهزة الأمنية المصرية أنّ القاهرة قد تطلب تسليم المنصور بموجب مذكرات دولية صادرة بحقه، باعتباره مطلوباً في قضايا إرهابية، وفي هذا السياق أشار الخبير الأمني اللواء محمد رشاد، في حديث لموقع (اليوم السابع)، إلى أنّ تسليم المنصور سيكون خطوة إيجابية تعزز التعاون الأمني بين البلدين، وأضاف أنّ سوريا قد تكون راغبة في إرسال رسالة مفادها أنّها لا تدعم الجماعات المتطرفة أو الأفراد الذين يستغلون أراضيها للإضرار بدول أخرى.
تداعيات توقيف المنصور
يرى مراقبون أنّ توقيف أحمد المنصور يبعث برسائل قوية على عدة مستويات؛ أوّلها رسالة ردع داخلية وخارجية، ويُظهر هذا الحدث أنّ السلطات السورية لم تعد متسامحة مع استخدام أراضيها كمنصة للتحريض أو تهديد أمن الدول الأخرى، كما يُرسل إشارة واضحة إلى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المتواجدين في الخارج بأنّ الهروب ليس ضماناً للأمان.
يرى مراقبون أنّ توقيف أحمد المنصور يبعث برسائل قوية على عدة مستويات؛ أوّلها رسالة ردع داخلية وخارجية، ويُظهر هذا الحدث أنّ السلطات السورية لم تعد متسامحة مع استخدام أراضيها منصة للتحريض أو تهديد أمن الدول الأخرى، كما يُرسل إشارة واضحة إلى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المتواجدين في الخارج بأنّ الهروب ليس ضماناً للأمان
بالإضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي، إذ يعكس هذا التوقيف توجهاً نحو تعزيز التعاون الأمني بين دول المنطقة في مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة، كذلك قد يؤدي توقيف أحمد المنصور إلى إحباط محاولات الجماعة لاستغلال المنصات الخارجية للترويج لأفكارها، كما أنّه قد يُضعف من معنويات أعضائها الذين يرون في مثل هذه الشخصيات رموزاً للصمود في وجه الدولة.
من ناحية أخرى، يمكن أن يُستخدم هذا الحدث فرصة لتحسين العلاقات بين سوريا ودول أخرى في المنطقة، حيث يُظهر استعداد دمشق للعمل ضد العناصر التي تشكل خطراً على جيرانها، ومع تطورات الوضع تبقى الأيام المقبلة كفيلة بإظهار تأثير هذه الواقعة على مسار العلاقات الإقليمية ومستقبل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا.