استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين تركيا وإسرائيل.. ماذا عن حماس وفلسطين؟

استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين تركيا وإسرائيل.. ماذا عن حماس وفلسطين؟


18/08/2022

لم تمر شهور كثيرة على سقوط قناع الزيف عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لطالما استغل القضية الفلسطينية كشعار أجوف في دعاياته الانتخابية، حتى سقطت كل الأقنعة تباعاً، فقد أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد مساء أمس الأربعاء تطبيعاً كاملاً للعلاقات التركية مع الكيان الصهيوني بعودة سفراء البلدين، بعد طردهما بالتبادل في 2018 بعد مقتل متظاهرين فلسطينيين في غزة.

الإعلان عن التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل يأتي بعد نحو (6) أشهر من استقبال دافئ غير مسبوق أعدّه أردوغان، الذي دأب على الهجوم على إسرائيل خلال مسيراته الانتخابية ووصفها بأنّها "دولة إرهاب"، لنظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في مطلع آذار (مارس) الماضي، في زيارة هي الأولى لرئيس إسرائيلي منذ (15) عاماً.

 حماس والتطبيع

تلك الزيارة التي جاءت بناءً على دعوة لحوحة من أردوغان، حملت الكثير من المؤشرات على تسارع وتيرة الخطوات التركية لنيل ثقة الكيان الصهيوني، فقد تعهد أردوغان وهرتسوغ حينها بفتح فصل جديد في العلاقة، غير أنّ تل أبيب لم تُبدِ حماستها وقتها، وسط تقارير عن قائمة من الشروط تتعلق بخفض الدعم التركي لحركة حماس الفلسطينية.

 تطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية لا يمكن قراءته بمعزل عن الشروط التي نشرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، نهاية أيار (مايو) الماضي، بعد أيام من زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى القدس، والمتمثلة في طرد تركيا لقادة حركة حماس من أراضيها لـ"توثيق العلاقات".

الإعلان عن التطبيع الكامل يأتي بعد نحو (6) أشهر من استقبال دافئ غير مسبوق أعدّه أردوغان لنظيره الإسرائيلي

فيما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أمس، إلى أنّ إسرائيل طالبت السلطات التركية بمنع نشطاء حماس في تركيا من شن هجمات ضد إسرائيل، دون أنّ توضح النطاق الزمني لهذا الطلب.

 على مدى الأعوام الـ10 الماضية، كان صالح العاروري يدير مقرّاً لحركة حماس في إسطنبول، وهو القيادي الحمساوي الذي أصرت تل أبيب على رحيله عن الأراضي التركية لتطبيع العلاقات مع أنقرة.

أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الإسرائيلي تطبيعاً كاملاً للعلاقات التركية مع الكيان الصهيوني بعودة سفراء البلدين

 

 وفي سبيل التطبيع الكامل للعلاقات مع الكيان الصهيوني، رضخت تركيا، على ما يبدو، للشروط الإسرائيلية، فقد أفاد موقع "إسرائيل هيوم" العبري، في نهاية نيسان (أبريل) الماضي، "أنّ تركيا قامت بترحيل العشرات من المرتبطين بحركة حماس في دوائر مختلفة."

 ونقل الموقع العبري عن مسؤول فلسطيني قوله: إنّ "تركيا سلمت بالفعل العديد من أعضاء حماس النشطين إلى إسرائيل"، مضيفاً: "العشرات من الأشخاص المرتبطين بحركة حماس في دوائر مختلفة تم ترحيلهم من تركيا"، وبعض العناصر لهم صلات بالجناح العسكري للتنظيم الإرهابي.

 ورجّح مراقبون أن تُبعد أنقرة قيادات الصف الثاني لحركة حماس من أراضيها إلى وجهة ثالثة، غير أنّ ذلك الموقع العبري قال إنّ الخيارات أمام الحركة "محدودة".

 إمساك العصا من المنتصف

على الرغم من أنّ كل المؤشرات تسير في اتجاه تخلي تركيا عن حركة حماس وعن القضية الفلسطينية، نقلت إذاعة "فرنسا 24" عن جاويش أوغلو قوله أمس: إنّ تركيا "لن تتخلى عن القضية الفلسطينية"، في سياسة تركية معهودة لإمساك العصا من المنتصف، ولا سيّما قبل انتخابات 2023، التي يواجه فيها أردوغان وحزبه خسارة محققة قبل خوضه الترشح لولاية ثالثة، استغلالاً لثغرة في الدستور التركي تمنحه حق الترشح لولاية ثالثة في حال حلّ البرلمان.

تركيا سلمت العديد من أعضاء حماس النشطين إلى إسرائيل

 وعلى الرغم من محاولات أردوغان، الذي يحلم بعودة خلافة عثمانية نصّب نفسه فيها خليفة للمسلمين، التسويق لعدائه الشديد لدولة الاحتلال الإسرائيلي لأغراض انتخابية بحتة، ظلت العلاقات الاقتصادية بين البلدين مزدهرة، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل بنسبة 30% في عام 2021 إلى (7.7) مليارات دولار، من (4.9) مليارات دولار في عام 2020

 

تطبيع العلاقات لا يمكن قراءته بمعزل عن الشروط المتمثلة في طرد تركيا لقادة حركة حماس من أراضيها لـ"توثيق العلاقات"


.

 وتوترت العلاقات بين البلدين ظاهرياً على مدار (12) عاماً على خلفية مداهمة جنود الاحتلال الإسرائيلي لسفينة "مافي مرمرة" التي حاولت كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.

قبل أنّ تعود مرة أخرى في 2016 بعد تسوية توصل إليها البلدان، فقد أسقطت تركيا تهمها الجنائية ضد الضباط الإسرائيليين المتورطين في المداهمة، مقابل دفع إسرائيل تعويضات بحوالي 20 مليون دولار لصندوق تعويضات لعائلات القتلى في "مافي مرمرة"، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

منفعة للإسرائيليين

على أنقاض القضية الفلسطينية، ربما يحاول الرئيس التركي، البحث عن طوق نجاة لاقتصاد بلاده الذي تدهور بشدة خلال فترتي ولاية أردوغان، ولا سيّما لاستنزافه موارد الدولة التركية في الإنفاق على معارك وعمليات عسكرية ترمي إلى توطيد حكمه وحده بحثاً عن نصر عسكري قد ينقذه من خسارة حتمية في انتخابات 2023.

 

في سبيل التطبيع الكامل للعلاقات مع الكيان الصهيوني، رضخت تركيا، على ما يبدو، للشروط الإسرائيلية


 وفي حين بدا أردوغان متحمساً لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بالكامل بحثاً عن ذلك الطوق، نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله أمس: إنّ "تطبيع العلاقات مع تركيا منفعة اقتصادية لمواطني إسرائيل".

وبعد عدة ساعات من الإعلان، قال أردوغان في مكالمة هاتفية مع لابيد، إنّه يدعم تطوير التعاون والحوار بين تركيا وإسرائيل "على أساس مستدام"، وفقاً لـ "أكسيوس".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية