ازدواجية الإخوان واعتلال الميزان في قضايا حقوق الإنسان

ازدواجية الإخوان واعتلال الميزان في قضايا حقوق الإنسان


26/12/2020

على الرغم من الشعارات الرنانة التي صدّعت بها جماعة الإخوان رؤوس الناس منذ أكثر من تسعين عاماً، فيما يتعلق بالنزاهة والعدالة والإنصاف والاستقامة والمصداقية، إلا أنّ ممارساتها على الأرض تكشف الانهيار الأخلاقي للجماعة التي ظلت منذ تأسيسها عام 1928 تحتكم للأيديولوجيا الضيقة، وتكيل بمكيالين، بحسب مصالحها وهوى أجندتها السياسية. وأما الدين فمنها براء.

ولو أنّ الجماعة تحتكم لاعتبارات الإسلام الحقيقية، لعملت بالحديث النبوي الشريف الذي يعد معيار عمل للنزاهة، حيث يروى عن أبِي هُريْرة أنه قَال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُبْصِرُ أحَدُكُمُ الْقَذَاةَ في عَيْنِ أخِيهِ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عَيْنهِ". 

لماذا تقيم جماعة الإخوان الدنيا على ما تزعم أنه انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر ولا تشير إلى ما هو أفظع منها في قطر وتركيا وإيران؟

فلماذا تقيم جماعة الإخوان الدنيا على ما تزعم أنه انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر، مثلاً، ولا تشير إلى تلك الانتهاكات، وما هو أفظع منها في قطر وتركيا وإيران. لماذا تبصر القذاة في عين الآخرين ولا ترى الجذع في عينها. أهذا هو الدين الذي تختبىء وراءه، وتستر به عيوب خطابها المثقوب بالأباطيل؟

وفي سياق هذه الإباطيل، نفى مصدر أمني مصري، مؤخراً، ما يتم تداوله من قبل جماعة "الإخوان المسلمين" وبعض "المنظمات الموالية لها" من ادعاءات بوجود عقاب جماعي داخل أحد السجون.

وأكد المصدر أنّ ما يتم تداوله في هذا الشأن "عار تماماً من الصحة"، كما نقلت "روسيا اليوم" عن "صدى البلد.

وأوضح المصدر أنّ "ما تم تداوله من ادعاءات في هذا الصدد يأتي في إطار نهج جماعة الإخوان الإرهابية في نشر الأكاذيب والشائعات في محاولة لتأليب الرأي العام".

الكيل بمكيالين

في المقابل، تصدرت تركيا قائمة الدول التي يتعرض شعبها لانتهاك حقوق الإنسان، لكنّ أحداً لم يسمع أو يقرأ أو يشاهد أي تقرير صادر عن المنابر الإعلامية الإخوانية التي تمولها قطر، يقول كلمة بخصوص هذا الملف، لكن تلك المنابر الموتورة إن هي رأت أي خطأ لدى خصومها، فإنها تسلط عليه أدوات التكبير والتضخيم حتى تحوله بقوة إشاعاتها الشيطانية إلى قضية، لكنها قضية منتفخة بالهواء، سرعان ما تتلاشى أمام دبوس صغير يثقب جعبة الأكاذيب.

وتشير إحصاءات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى انتهاك تركيا المادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الخاصة بحماية حرية الفكر والتعبير عن الرأي خلال 40 دعوى قضائية.

وفيما يخص انتهاك بنود مختلفة من المادة السادسة المتعلقة بحق المحاكمة العادلة، احتلت تركيا المرتبة الثانية بواقع 53 إدانة. كما تصدرت تركيا القائمة من حيث انتهاك مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان خلال 140 دعوى قضائية.

اقرأ أيضاً: تركيا المهددة بقوائم سوداء تخنق المجتمع المدني

ومنذ محاولة الانقلاب اعتقلت السلطات التركية عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين في القطاع العام والمدرسين والقضاة، بدعوى انتمائهم لجماعة فتح الله غولن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة.

أين المشاعر الحقوقية الملتهبة للجماعة؟

وشهدت تلك الفترة وفاة نحو 200 شخص في ظروف مشبوهة، أو تحت التعذيب، أو بسبب المرض جراء ظروف السجون السيئة، وفرار عشرات الآلاف إلى خارج البلاد، وفق التقارير الأخيرة التي نشرتها المنظمات الدولية ومنها تقرير منظمة العفو الدولية.

لماذا تبصر "الجماعة" القذاة في عين الآخرين ولا ترى الجذع في عينها. أهذا هو الدين الذي تختبىء وراءه، وتستر به عيوب خطابها المثقوب بالأباطيل؟

فأين المشاعر الحقوقية الملتهبة لجماعة الإخوان، أم أنّ هؤلاء الضحايا على مذبح الخليفة أردوغان ليسوا من صنف الإنسان الذي تدافع (كذباً) عنه أبواق الجماعة؟

أما في إيران، ربيبة الجماعة، ومحج زعماء الإخوان، فإنّ سجل طهران في مجال حقوق الإنسان حافل بالانتهاكات، حيث أفاد تقرير للخارجية الأمريكية حول إيران، باستمرار الاعتقالات التعسفية والقمع الوحشي المميت وقطع الاتصالات، في ظل غياب نظم وتحقيقات شفافة لمحاسبة الجناة، بحسب موقع "الحرة".

ووفقاً للفصل السادس من التقرير، تستهدف الحكومة الإيرانية مواطنيها بسبب أنشطتهم السلمية وممارستهم لحرية الرأي والتعبير والمعتقد. ومنذ نيسان (أبريل) 2020، هناك أكثر من 500 سجين رأي معتقلين في إيران، حسب التقرير الذي ذكر، أيضاً، أنّ الإجراءات لا تفي عادة بالمعايير القانونية والالتزامات الدولية لضمان محاكمات عادلة، بما في ذلك منع الحصول على المشورة القانونية، وعرقلة الجهود المبذولة لحماية الحريات الفردية، فضلاً عن استهداف المحامين المتخصصين في حقوق الإنسان بشكل مباشر.

فهل صدر عن منابر الإخوان ما يشير، ولو عرضاً، إلى هذه الانتهاكات، أم أنّ أبصارها فقط مصوبة إلى القذاة؟!

الانتهاكات الحقوقية في قطر

وأما عن الانتهاكات التي لا تتوقف في قطر لحقوق الإنسان، فلا منابر الجماعة وأبواقها وميليشياتها الإلكترونية، ولا قناة "الجزيرة" التي تزعم الرأي والرأي الآخر، تتحدث بحرف عن هذه الانتهاكات التي وثقتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" في التقرير العالمي 2020، وأكدت أنّ العمال الوافدين وطالبي اللجوء وعديمي الجنسية والنساء في قطر ظلوا عرضة للإساءة في 2019 رغم القوانين واللوائح الجديدة التي تهدف إلى حماية الحقوق بشكل أفضل.

وأفاد الموقع الإلكتروني للمنظمة بأنه في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أعلنت الحكومة القطرية عن إصلاحات مهمة تسمح للعمال الوافدين بتغيير وظائفهم ومغادرة البلاد دون موافقة صاحب العمل، وهي العناصر الرئيسية لنظام الكفالة الذي يربط تأشيرات العمال الوافدين بأصحاب عملهم والتي مكّنت من إساءة معاملة العمال واستغلالهم. كان من المتوقع تنفيذ الإصلاحات في كانون الثاني (يناير) 2020. مع ذلك، يبدو أنّ هناك عناصر أخرى في نظام الكفالة يمكنها أن تترك لأصحاب العمل بعض السيطرة على العمال.

وطردت قطر أيضاً طالبي لجوء رغم وضعها قانون للجوء في 2018، وظلت عائلات بأكملها سُحِبت منها الجنسية بشكل تعسفي منذ 1996، محرومة من حقوق الإنسان الرئيسية دون وجود سبل واضحة لاستعادة جنسيتها الملغاة.

ويتابع تقرير "هيومن ورايتس ووتش": ظل أفراد عديمي الجنسية من عشيرة الغفران، الذين سحبت السلطات الجنسية القطرية تعسفياً منهم منذ أكثر من عقد، محرومين من حقوقهم في العمل، والحصول على الرعاية الصحية، وتلقي التعليم، والزواج، وإنشاء أسرة، والتملك، فضلاً عن حرية التنقّل، ولم تلتزم قطر بتصحيح وضعهم.

وطوال عام 2019، هددت إدارة البحث والمتابعة التابعة لوزارة الداخلية شخصَيْن بالترحيل مراراً لأسباب غامضة، رغم رغبتهما المعلنة بطلب اللجوء بموجب قانون 2018.

وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تمرّر قطر بشكل استعراضي القوانين واللوائح المصممة لحماية حقوق العمال واللاجئين على الورق، لكن دون تنفيذ فعال وإنفاذ صارم، لا تساوي هذه القوانين ثمن الحبر المكتوبة به ويبقى الناس عرضة لسوء المعاملة الخطير. لا يمكن لقطر أن تدّعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان بينما لا تحترم معاناة المجتمعات، كتلك التي سحبت جنسيتها".

اقرأ أيضاً: بعد وفاة المحامية إبرو تيمتيك... هل تعيد تركيا النظر بملف حقوق الإنسان؟

فلماذا لا تتحدث أبواق الإخوان عن هذه الانتهاكات، أم أنّ الحديث عنها محرم شرعاً بحسب فتاوى فقهاء الظلام في الجماعة التي تجيز الهجوم على مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وتمنعه على قطر. فأي "إسلام" هذا الذي تزعمه الجماعة، وأي عدل وأي حق وأي إنصاف تتستر به؟

الصفحة الرئيسية