إيران تواصل ابتزاز الغرب: وفد "سري" بريطاني لحل أزمة مزدوجي الجنسية

إيران تواصل ابتزاز الغرب: وفد "سري" بريطاني لحل أزمة مزدوجي الجنسية


14/12/2021

رغم اللغة الخشنة التي استعملتها بريطانيا، مؤخراً، باتجاه إيران على خلفية أزمة الملف النووي، وذلك بالتزامن مع الإجراء الذي قام به البرلمان البريطاني بوضع ثلاث شخصيات إيرانية على قائمة العقوبات، إلا أنّ ملف المعتقلين الأجانب، أو بالأحرى مزدوجي الجنسية، قد فرض اتجاهاً مغايراً لمحاولة التوصل لحل وتسوية في هذا الشأن.

محادثات جديدة لتحرير الرهائن الأجانب

وزار وفد بريطاني "سري" العاصمة الإيرانية، طهران، لمناقشة سداد دين قيمته 400 مليون جنيه إسترليني، يعود لفترة حكم الشاه، في سبعينات القرن الماضي، ويتعلق بصفقة أسلحة تم إجهاضها بعد اندلاع الثورة الإسلامية ووصول الخميني للسلطة، عام 1979، الأمر الذي تعتبره لندن السبب الرئيسي وراء احتجاز البريطانيين من أصول إيرانية، وتصفهم بأنّهم "رهائن دبلوماسيون".

وبحسب صحيفة "الغادريان" البريطانية، فإنّ وفداً من المملكة المتحدة سافر جواً إلى إيران، بهدف "مناقشة سداد دين قيمته 400 مليون جنيه إسترليني، تقول عائلات المعتقلين إنّه مرتبط باحتجاز السجينين البريطانيين الإيرانيين نازانين زغاري راتكليف، وأنوشه عاشوري".

اقرأ أيضاً: بعد إنهاء مهام التحالف في العراق... هل تترك أمريكا الساحة لداعش ولميليشيات إيران؟

ومن جهته، قال سفير إيران في لندن، محسن بهاروند، إنّ الوفد البريطاني زار طهران، في أعقاب تأكيد بلاده على أنّها سوف تنخرط في المحادثات النووية، وتابع: "كان لدينا اتفاق وقعنا عليه، لكن بعد يومين من التوقيع قالت حكومة المملكة المتحدة إنّها لا تستطيع تنفيذه بسبب عقوبات الولايات المتحدة. أردنا استخدام هذه الاتفاقية لإخبار شعبنا بأنّنا نتلقى إشارات جيدة من المملكة المتحدة، وأنّنا سنكون قادرين على تسريع جهودنا لمساعدة مزدوجي الجنسية وما شابه ذلك".

اعتبرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أنّ محاكمات السلطات الإيرانية الجائرة، وسوء المعاملة، أثناء الاحتجاز، لا تقتصر على المواطنين الإيرانيين، بل تمتد للأجانب

ورغم تأكيد السفير الإيراني على وجود تقدم في المحادثات بين الطرفين، بخصوص أزمة المعتقلين الأجانب، والتي تقودها وزارة الخارجية البريطانية مع ملالي طهران؛ حيث قال السفير البريطاني إنّ "الجهود تبذل لحل المشكلة"، لكنه شدد، في الوقت ذاته، على رفضه أن تقوم بريطانيا بتسديد الدين على هيئة مساعدات إنسانية، وقال: "هذا لا يتعلق بالمساعدة، لأنّ أموالنا هنا ونريد أموالنا، الأمر بسيط للغاية، نريد الحصول على أموالنا. إيران لا تصر على تلقي فوائد على هذه الأموال التي كانت موجودة في بريطانيا، منذ أربعين عاماً، وإلا فإنّها ستصل إلى المليارات".

مناورة إيرانية للالتفاف على العقوبات

ويشير المحلل السياسي الإيراني، مهدي عقبائي، إلى أنّ طهران تقع تحت وطأة عقوبات أوروبية وأمريكية، على خلفية خروقاتها لحقوق الإنسان، وانتهاكاتها المتكررة و"الممنهجة" للنشطاء والسياسيين والمعارضة بمختلف توجههاتها، بوجه عام، ومزدوجي الجنسية، بوجه خاص، لافتاً في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ زيارة الوفد البريطاني ليست الأولى من نوعها؛ حيث إنّه "عام 2014، قام وفد بريطاني برلماني بزيارة إيران، وكان على رأسه وزير الخارجية السابق، جاك سترو، لكنّها لم تحقق نتائج عملية على أيّ مستوى، سواء فيما يخص أزمة المحتجزين الأجانب، أو غيرها من القضايا السياسية والإقليمية الأخرى".

وتابع عقبائي: "البرلمان البريطاني وضع مجموعة شخصيات إيرانية على قائمة العقوبات، من بينهم علي قناعة كار، محقق في محكمة ايفين، شمال طهران، وغلام رضا ضيائي الرئيس السابق لسجن إيفين، وعلي رضواني مراسل هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، والأخير إعلامي إيراني معروف، وله برنامج شهير بعنوان: "لا مجاملة"، كما أنّه معروف بصلاته القوية ببين دوائر النظام، بينما يقوم بإجراء مقابلات مع مسؤولين إيرانيين، وكذا محتجزين في معتقلاتهم، وهي المقابلات التي يصفها حقوقيون بأنّها "قسرية" لإجبارهم على نزع اعترافات منهم".

المحلل السياسي مهدي عقبائي لـ"حفريات": طهران تحت وطأة عقوبات أوروبية وأمريكية، على خلفية خروقاتها لحقوق الإنسان، وانتهاكاتها المتكررة والممنهجة للنشطاء والسياسيين والمعارضة ومزدوجي الجنسية

يتفق والرأي ذاته، المحلل السياسي علي رضا اسدزاده، والذي يرى أنّ طهران تعمد إلى "الالتفاف" على العقوبات الأمريكية من خلال عدة وسائل وحيل، مرجحاً في حديثه لـ"حفريات" أنّ "المحادثات مع إيران بخصوص ملف مزدوجي الجنسية، لن تحقق نتائج في ظل تعثر الملفات الأخرى بين البلدين، ومن ثم؛ فالسياسة الإيرانية التقليدية تقوم على الابتزاز والضغط، وتستخدم قضية المحتجزين في سبيل تحقيق مصالحها السياسية والخارجية، كما سبق وفعلت مع الولايات المتحدة".

اقرأ أيضاً: كيف تنظر الإمارات إلى المحادثات النووية الإيرانية في فيينا؟

منتصف العام الحالي، دانت مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى سياسة إيران بخصوص المعتقلين الأجانب من أصول إيرانية، كما شددت على ضرورة مواجهة "الممارسات والسياسات الاقتصادية التعسفية والقسرية". وقالت في بيان رسمي: "باعتبارنا من الدول التي تدعم انفتاح المجتمعات والتجارة الحرة والعادلة في إطار نظام شفاف وقابل للتنبؤ به، وفقاً لقواعد ومعايير دولية، فنحن متحدون في قلقنا من الممارسات التي تقوض مثل تلك الأنظمة الاقتصادية الحرة والنزيهة، بما يشمل مجالات التجارة والاستثمار وتمويل التنمية".

إدانة أممية

إلى ذلك، اعتبرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أنّ "محاكمات السلطات الإيرانية الجائرة، وسوء المعاملة، أثناء الاحتجاز، لا تقتصر على المواطنين الإيرانيين، بل تمتد للأجانب". كما طالبت بضرورة أن "تتوقف إيران عن استخدام الاعتقال التعسفي وسوء معاملة الرعايا الأجانب كجزء من سياستها الخارجية، ومعاملة كل مواطن إيراني وأجنبي على حد سواء، واحترام حقوق الإنسان الأساسية".

ووثقت المنظمة الحقوقية حالات 14 مواطناً ثنائي الجنسية، اعتقلتهم مخابرات الحرس الثوري الإيراني، منذ عام 2014؛ إذ اتهمتهم المحاكم الإيرانية في حالات كثيرة بالتعاون مع "دولة معادية" دون الكشف عن أيّ دليل. وتابعت: "الأجهزة الأمنية الإيرانية صعدت استهدافها لمواطنين إيرانيين ثنائيي الجنسية ومواطنين أجانب، ترى أنّ لهم صلات مع مؤسسات أكاديمية واقتصادية وثقافية غربية".

اقرأ أيضاً: البرلمان الإيراني يتجه لحظر تربية الحيوانات الأليفة... ما القصة؟

كما قرر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أنّ "عمليات الاعتقال والاحتجاز في عديد من هذه الحالات كانت تعسفية، وأنّ السلطات استهدفت الأشخاص على أساس أصلهم القومي أو الاجتماعي، وذلك بوصفهم مواطنين ثنائيي الجنسية أو أجانب.

 ويتسم احتجاز هؤلاء الأفراد بانتهاكات خطيرة في الإجراءات القانونية، إذ تمنع السلطات الإيرانية، بشكل منهجي، المتهمين بجرائم الأمن القومي من إمكانية الوصول إلى المحامين الذين يختارونهم خلال مرحلة التحقيق. ففي 23 تموز (يوليو) عام 2018، أعلنت عائلة راتكليف أنّ قاضياً إيرانياً أكد أنّه لن يُفرج عنها مؤقتاً، أو بكفالة، أو عن طريق عفو لأسباب إنسانية، إلى أن يتم سداد ديون حكومة المملكة المتحدة إلى إيران".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية