إيران تعبث في المغرب. بهذا الاستنتاج خلصت ردود الفعل التي أعقبت القرار المغربي، القاضي بقطع كل الاتصالات الديبلوماسية مع إيران، والذي أعلنه وزير الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، رداً على "التورط الإيراني الواضح من خلال حزب الله في التحالف مع البوليساريو لاستهداف الأمن الوطني والمصالح العليا للمملكة، من خلال اعتماد مدربين عسكريين تابعين لحزب الله، سافروا إلى تندوف لتأهيل قيادات من جبهة البوليساريو الانفصالية في هذا الشهر على استخدام صواريخ أرض-جو".
وأدانت دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة، تدخلات إيران في شؤون المغرب الداخلية عبر أداتها مليشيا حزب الله الإرهابية التي تقوم بتدريب عناصر ما يسمى جماعة "البوليساريو" بهدف زعزعة أمن المملكة المغربية.
محلل مغربي: لا يجب التهاون مع هذه القوى ويجب تبنّي لغة الحزم وعدم التسامح مع حرب العصابات
وذكرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيان لها، اليوم، أنّ الإمارات تؤكد وقوفها إلى جانب المملكة المغربية الشقيقة "في مواجهة كل ما يهدد أمنها وسلامتها واستقرارها ووحدتها الترابية".
وأضاف البيان الذي نشرته وكالة (وام) أنّ الإمارات "تقف إلى جانب المملكة المغربية صفاً واحداً في كل ما يضمن أمنها واستقرارها بما في ذلك قرارها الحاسم تجاه التدخلات الإيرانية وإجراءاتها تجاه هذه التدخلات الواضحة، كما تؤكد مجدداً موقفها التاريخي والمبدأي المؤيد لوحدة التراب المغربي".
وفي تغريدة على حسابه على "تويتر" أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، أنّ بلاده تقف مع المغرب في حرصها على قضاياها الوطنية وضد التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية.
وأكد قرقاش: "سياستنا وتوجهنا الداعم للمغرب إرث تاريخي راسخ أسس له الشيخ زايد والملك الحسن، رحمهما الله، وموقفنا ثابت في السراء والضراء".
السعودية تدعم المغرب
المملكة العربية السعودية شددت على موقفها الداعم للمغرب في كل ما يهدد أمنها واستقرارها ووحدتها الترابية.
وأضاف مصدر في وزارة الخارجية السعودية، أنّ "حكومة المملكة تدين بشدة التدخلات الإيرانية في شؤون المغرب الداخلية من خلال أداتها ميليشيا حزب الله الإرهابية التي تقوم بتدريب عناصر ما يسمى بجماعة (البوليساريو)؛ بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المملكة المغربية الشقيقة".
وقال المصدر إنّ "السعودية تؤكد وقوفها إلى جانب المملكة المغربية الشقيقة في كل ما يضمن أمنها واستقرارها، بما في ذلك قرارها بقطع علاقاتها مع إيران."
وأعلنت المملكة المغربية، أمس، قطع علاقاتها مع إيران، وإغلاق سفارتها في طهران، وطرد السفير الإيراني من الأراضي المغربية، بسبب دعم طهران -عن طريق مليشيا حزب الله الإرهابية- جبهة البوليساريو.
السعودية تؤكد وقوفها إلى جانب المملكة المغربية بكل ما يضمن أمنها واستقرارها لا سيما قرارها بقطع علاقاتها مع إيران
وتحت عنوان "إشعال الصحراء يعيد علاقات الرباط وطهران إلى نقطة "الصفر" كتبت صحيفة "هسبريس" المغربية الإلكترونية بأنه "في الوقت الذي نفى حزب الله، الذي يحظى بدعم إيراني كبير، في بيان رسمي، الاتهامات الموجهة إليه من قبل المغرب بتسليح وتمويل وتدريب الجبهة الانفصالية، أكد المغرب على أنه يتوفر على أدلة دامغة وأسماء ووقائع محددة تؤكد دعم حزب الله للبوليساريو لاستهداف المصالح العليا للمغرب".
ويأتي قرار الرباط في سياق محموم تعيشه منطقة الشرق الأوسط، في خضم الصراعات الملتهبة التي يشهدها العالم العربي، وتغيّر خريطة التحالفات في المنطقة الأكثر تأزماً في العالم، إذ سارعت عدد من الدول العربية إلى مباركة خطوة المغرب، مسجلة "رفضها تدخل إيران في الشأن الداخلي للمملكة".
خلفيات قرار المغرب
وحول خلفيات قرار المغرب قطع علاقاته مع إيران في هذه الظرفية، ربط المحلل السياسي المغربي، مصطفى طوسة، في تصريح للصحيفة هذا القرار "بالحقبة التي يعيشها مسار التسوية السياسية لقضية الصحراء"، مضيفاً أنّ "المغرب يحقق منذ سنوات متتالية إنجازات دبلوماسية بنجاحاته في الترويج لفرضية الحكم الذاتي بجعل منتديات نافذة في العالم تقتنع بجديتها وفاعليتها كمخرج سياسي لهذه الأزمة التي دامت أكثر من أربعين سنة".
ورأى أنّ "تداعيات هذه الإنجازات المغربية أثارت غيظ وحقد القوة المعادية لوحدته الترابية، التي وجدت في سياسة الهروب إلى الأمام وسياسة الأرض المحروقة سبيلاً لتغطية فشلها وعجزها، ومن ثم اللجوء إلى عناصر من حزب الله، بتمويل وتعبئة سياسية إيرانية جزائرية، لمحاولة إشعال جبهة عسكرية كتلك التي تلتهب على أرض اليمن".
القرار المغربي من طرف الدبلوماسية المغربية، كما يقول مراقبون في الرباط يبرز أن ساعة الحقيقة دقت
وبخصوص الخيارات المعروضة أمام المغرب بعد طرد السفير الإيراني، أوضح طوسة أنه "لا يجب التهاون مع هذه القوى، ويجب تبني لغة الحزم وعدم التسامح مع أي مؤشر يهدف إلى رفع شعار حرب العصابات على تخوم الصحراء المغربية عن طريق الاستعمال السياسي والعسكري لعناصر من حزب الله من طرف القيادة الاستخباراتية الإيرانية".
خريطة التحالفات الدولية
وعما إذا كانت للأمر علاقة بخريطة التحالفات الدولية الجديدة والمتغيرات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، أعرب المحلل السياسي عن اعتقاده بأنّ "المغرب يربط موقفه ومقاربته السياسية بخريطة تحالفات دولية واهية يمكنها أن تتغيَّر في أي وقت"، قبل أن يستدرك قائلاً: "بل يبدو أنّ السلطات المغربية وصلت إلى قناعة بأنّ إستراتيجية زعزعة الاستقرار، التي يتبعها النظام الإيراني، مستعملاً الخبرة واليد العاملة والموارد البشرية لحزب الله، وصلت إلى أوجها"، حيث إنّ "هناك ظرفية تعيش فيها إيران مرحلة شيطنة من طرف المجموعة الدولية، واتهامات بأنها تقوم بأنشطة تخريبية في مختلف بقاع العالم، لكن لا يبدو هذا العامل محركاً أساسياً للخيارات المغربية، بل المحرك هو الدفاع والأمن القومي والوحدة الترابية ضد أي خطر ومن أي مكان جاء".
القرار المغربي من طرف الدبلوماسية المغربية، كما يقول مراقبون في الرباط، يبرز أنّ "ساعة الحقيقة دقت، وأنّ على الجميع أن يحدد موقفه، وأن الأقنعة سقطت، وتكشف الأدوار الخلفية التي تلعبها بعض الدول التي تهدد الأمن القومي المغربي".