إيران ترفض المحادثات مع واشنطن وضغوط على بايدن لمنع رفع العقوبات

إيران ترفض المحادثات مع واشنطن وضغوط على بايدن لمنع رفع العقوبات


01/12/2021

في ظلّ ترقّب القوى الدولية المنخرطة في "خطة العمل المشتركة" عودة إيران للمحادثات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، ثمّة توترات جديدة تخيّم على المسار التفاوضي بفيينا، مجدداً. وبالتزامن مع انطلاق الاجتماعات غير الرسمية في العاصمة النمساوية بين وفود الدول المتبقية في الاتفاق النووي، عشية بدء الجولة السابعة من المفاوضات النووية، والأولى في عهد الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي، تصاعدت لهجة التصريحات بين طهران وواشنطن، لا سيما بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أفاد بعدم التوصل إلى أيّة حلول أو تفاهمات مع النظام الإيراني بخصوص مجموعة من المسائل العالقة.

وبحسب وزارة الخارجية الإيرانية؛ فإنّ طهران لن تجري محادثات مع الوفد الأمريكي في فيينا إلا بعد رفع العقوبات كافة. وقال المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، الإثنين: "فريق التفاوض الإيراني دخل فيينا بتصميم جادّ للتوصل إلى مبادئ اتفاق ويفكر في محادثات موجهة نحو النتائج"، وتابع: "لن تكون هناك محادثات ثنائية مع الوفد الأمريكي خلال محادثات فيينا. يجب على الطرف الأمريكي أن يأتي إلى فيينا بهذا النهج لإزالة الجمود الذي أحدثته المفاوضات السابقة، ورفع العقوبات المفروضة على إيران، والتي فرضوها منذ عام 2015 بعلامات وهمية".

شروط إيران غير الواقعية

عاود النظام الإيراني، مجدداً، التأكيد على مطالبه المتشددة بخصوص رفع جميع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وكذا الحصول على ضمانات "جادة" و"كافية" بعدم انسحاب الولايات المتحدة، مرة أخرى، من الاتفاق النووي، الأمر الذي تنبذه إدارة بايدن، حتى الآن.

الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، سيزيد من موقفها المتصلب كما سيضاعف عمليات التصعيد ضدّ المصالح الأمريكية في المنطقة، وهو ما قد يؤدي، إلى إطالة أمد المفاوضات

ومن ناحية أخرى، تواجه إدارة بايدن ضغوطات جمّة بخصوص مسألة رفع العقوبات عن النظام الإيراني في مقابل تعليق الأخيرة أنشطتها النووية؛ إذ يقود عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي، السيناتور الجمهوري تيد كروز، حملة قوية، مؤخراً، بهدف منع حدوث ذلك، بينما غرد على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "‏الرفع الكامل للعقوبات ليس شيئاً يمكن أن يمنحه جو بايدن لنظام طهران، لأنّ هذا غير قانوني بشكل فاضح".

وأردف كروز: "مرة أخرى، ما لم يقدم بايدن صفقة إيران إلى مجلس الشيوخ كمعاهدة، فإنّ الرئيس الجمهوري المقبل للحزب الجمهوري سيعيد فرض أقصى قدر من الضغط في اليوم الأول لإدارته".

اقرأ أيضاً: مشروع قانون أمريكي لوقف أنشطة الطائرات المسيرة الإيرانية.. على ماذا ينصّ؟

واللافت أنّ ثمّة اتجاهات عديدة داخل الولايات المتحدة، وبين دوائر مختلفة، رسمية وغير رسمية، ترى بأنّ إيران تهدف إلى "المماطلة" و"المناورة" لجهة إحداث قفزات نوعية في مشروعها النووي، بحسب الباحث المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور عبد السلام القصاص، الذي أبلغ "حفريات"؛ أنّ "النظام الإيراني، تحديداً في ظلّ إدارة إبراهيم رئيسي، يسعى إلى الدخول في مفاوضات استنزافية، وتوظيف كافة التناقضات السياسية والإقليمية الموجودة لكسب الوقت، ومن ثم، الحصول على أكبر قدر من المكاسب والتنازلات، سواء من واشنطن، أو ترويكا الاتحاد الأوروبي (فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا)".

اتهامات أوروبية لإيران

ويشير القصاص إلى أنّ الجمهوريين في الكونغرس سبق أن طالبوا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بالكشف عن سياسات بايدن باتجاه طهران، كما بعثوا برسالة إلى بلينكن للإجابة عن دور الولايات المتحدة فيما عرفت بـ "المحادثات السرية" مع كوريا الجنوبية، وتسهيل دفع نحو مليار دولار لإيران.

الباحث المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور عبد السلام القصاص، لـ "حفريات": "النظام الإيراني يسعى إلى الدخول في مفاوضات استنزافية، وتوظيف كافة التناقضات السياسية والإقليمية الموجودة لكسب الوقت

ومن بين مقدمي الرسالة النائب الجمهوري، بريان ستيل، الذي قال إنّ إدارة بايدن تقوم باستخدام "ثغرات عند التعامل مع النظام الإيراني. مرة أخرى أسأل أسئلة مباشرة للإجابة عنها بنعم أو لا، بشأن مشاركة الولايات المتحدة في تسهيل قيام كوريا الجنوبية بدفع فدية لإيران".

وتابع: "إذا كانت إدارة بايدن مشاركة في تحويل أموال لإيران، فإنّه يجب إطلاع الكونغرس والشعب الأمريكي على هذا الأمر.. يواصل مسؤولو إدارة بايدن التهرب ورفض الإجابة عن أسئلة من أعضاء الكونغرس تتعلق بهذه القضية، أريد إجابات، يجب إطلاع الكونغرس على تصرفات الإدارة".

اقرأ أيضاً: بعد إعلان نتائج الانتخابات النهائية...الفصائل العراقية الموالية لإيران تلوح بالتصعيد

وقبيل بدء الجولة السابعة من المفاوضات النووية في فيينا، بعد توقف دام لأكثر من شهرين، دون تحقيق أيّة نتائج، أعلنت طهران رفضها طلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من أنشطة ورشة تجميع أجهزة الطرد المركزي، الأمر الذي نجم عنه اتهام دول الترويكا لإيران بأنّها تعيق إحياء الاتفاق النووي، وقد أصدرت بياناً مشتركاً حذرت فيه من احتمالية تجميد المفاوضات النووية.

اقرأ أيضاً: الإمارات وإيران... هل تغير طهران من سياستها المعادية؟

وفي أعقاب عودة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من إيران، نهاية الأسبوع الماضي، وقد وصف الزيارة بأنّها "غير مرضية"، صرح المتحدث الرسمي باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، بأنّ بلاده "لا تمتلك أيّة مواد نووية (مشعة) في منشأة كرج النووية، وهي تقوم بصناعة أجهزة الطرد المركزي، لذلك فهي غير مشمولة برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وتابع كمالوندي: "نحن لا نخشى من ذلك... قادرون على إنتاج أجهزة الطرد المركزي بسعة عالية، ولن نطلب الإذن من أحد لذلك، وبحسب المادة الرابعة من معاهدة حظر الانتشار النووي، هذا حقنا، ولا توجد هناك أيّة قيود".

كما اتّهم المتحدث الرسمي باسم المنظمة الإيرانية الوكالة الدولية، بأنّها تقوم بمعاملة تمييزية لإيران، وقال: "إنه واقع. لا تعامل الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران كما يجب، وذكرنا بذلك عدة مرات"، كما أوضح أنّ "المنظمات العالمية خاضعة لتأثير الدول القوية؛ تموّل الدول القوية هذه المنظمات وتضغط عليها".

ما الذي يضعف حركة بايدن؟

وفي حديثه لـ "حفريات"، يشير الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور مصطفى صلاح، إلى أنّ هناك مجموعة من الضغوط التي تتعرض لها الإدارة الأمريكية، وذلك فيما يتعلق بإمكانية الحفاظ على سياستها حيال عدم امتلاك طهران الأسلحة النووية، وقد أفرزت التغييرات في الإدارة الأمريكية ثم صعود تيار متشدد للحكم في إيران "مجموعة من الآليات الجديدة التي تهدف إلى التوصل لاتفاق جديد وفق مسار فيينا، كما تأتي الضغوط الإسرائيلية على الإدارة الأمريكية بالتزامن مع وجود ضغوط داخلية على إدارة بايدن بشأن عدم السماح لإيران بامتلاك هذه الأسلحة".

وضمن السياق ذاته، فقد شهدت المفاوضات شكلاً من أشكال المساومة حول كثير من النقاط التي لم تقتصر على البرنامج النووي، وإن كان الملف الأخير هو محور المفاوضات، بحسب صلاح، لكنّ ما يزيد الأمر صعوبة هو "اشتمال المفاوضات على جوانب أخرى سياسية وعسكرية. ومن ثم، فإنّ الضغوط القائمة ستزيد من فرص عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين في ظلّ التصعيد المتبادل، كما سيترتب على ذلك انحصار هامش الحركة للرئيس الأمريكي جو بايدن، الأمر الذي قد يسمح لإيران في المقابل بهامش أوسع للمناورة".

ويختتم: "الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، سوف يزيد من موقفها المتصلب تجاه المفاوضات، كما سيزيد من عمليات التصعيد ضدّ المصالح الأمريكية في المنطقة، وهو ما قد يؤدي، في النهاية، إلى إطالة أمد المفاوضات بما يسمح لإيران بامتلاك أوراق تفاوض أكثر تاثيراً".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية