أيُّ فرص لدول الخليج من الحرب الروسية-الأوكرانية؟

أيُّ فرص لدول الخليج من الحرب الروسية-الأوكرانية؟


08/03/2022

قد يكون من الأسئلة التي تفرزها الحرب الروسية-الأوكرانية الاستفهام عن مدى تأثيرها وانعكاسها على دول الخليج؟ وعمّا إذا كانت فرصها تفوق التحديات من هذه الحرب؟. هذه الأسئلة وثيقة الصلة بمحاولة استشراف المكانة الجيوسياسية للدول الخليجية في ظل حرب لم تشهدها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وإذا تمددت وطالت، فإنّ أمن الطاقة ومستقبلها سيحددان أدوار الدول الخليجية خلال السنوات العشر المقبلة، على الأقل، وبالتالي تحديد مكانتها الاستراتيجية في الاقتصاد العالمي

اقرأ أيضاً: مع تصاعد التوتر في أوكرانيا.. ما احتمالية حدوث حرب نووية؟ وما تداعياتها؟

سيكون اتفاق "أوبك بلس" على المحك خلال المرحلة المقبلة، لكن من الوارد أن يكون من مصلحة دول الخليج زيادة إنتاجها من النفط والغاز وتعويض النقص الروسي، وقد يكون في ذلك زيادة في المكانة الجيوسياسية لدول الخليج، وهو أمر يساعدها في تحصيل موارد ضخمة لتمكينها من التحول باتجاه موارد الطاقة المتجددة والنظيفة وتطبيق استراتيجيات الحياد الكربوني والاستدامة.

قد تكون قطر من الرابحين لأن التوسع المستمر في قدراتها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال قد يترجم إلى صادرات تحل محل بعض مبيعات الغاز الروسي في أوروبا بحلول منتصف عقد العشرينيات

ويقول تحليل نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" إنّه على المدى الطويل، سيتعرض السياسيون الأوروبيون لمزيد من الضغوط للتقليل من اعتماد بلدانهم على الفحم والنفط والغاز الروسي. هذا صحيح، على الرغم من أنّه وفقاً للمعلق الاقتصادي ماثيو كلاين (Matthew Klein)، تزايد اعتماد أوروبا، الذي لم يتناقص، على الطاقة الروسية بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014. والفارق هذه المرة – بافتراض صحة ذلك – هو الإجماع القوي في أوروبا على معارضة تصرفات روسيا.

سيكون اتفاق "أوبك بلس" على المحك خلال المرحلة المقبلة

قد تكون قطر من الرابحين لأن التوسع المستمر في قدراتها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال قد يترجم إلى صادرات تحل محل بعض مبيعات الغاز الروسي في أوروبا بحلول منتصف عقد العشرينيات من هذا القرن. وقد تجد دول الخليج، مثل عُمان والسعودية والإمارات، القادرة على تنفيذ مشاريع الطاقة الهيدروجينية الخضراء والمصادقة عليها، عملاء في أوروبا يتقبلون هذه الطاقة، ويحرصون على التقليل من مدخلات الهيدروجين الأخضر من روسيا، إلى أدنى حد ممكن، في الاستخدامات المختلفة، مثل المَركبات والتدفئة والشحن، وفق ما يفيد المعهد.

قطاعات أخرى

وتعمل حالة الغموض بشأن مسار الأزمة الأوكرانية، وبالتالي بشأن نطاق وعمق العقوبات المستقبلية، على رفع العواقب الجيوسياسية على السلع والبضائع المصنعة، لا سيما تلك التي تعتبر روسيا منتجاً مهماً لها. وهذا يشكل فرصاً أو تحديات أمام الشركات الخليجية، اعتماداً على المنتج المقصود.

اقرأ أيضاً: مع تصاعد التوتر في أوكرانيا.. ما احتمالية حدوث حرب نووية؟ وما تداعياتها؟

ويشرح المعهد الأمريكي ذلك بالقول: على سبيل المثال، كانت روسيا والإمارات ثاني وسادس أكبر مصادر تصدير الألمنيوم إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2019. مهما كانت الاحتمالية ضئيلة في أن تواجه صناعة الألمنيوم الروسية عقوبات، فإنّها من المرجح أن تعمل على تنشيط البحث عن خيارات غير روسية. سوف تستفيد على الفور كل من شركة الإمارات العالمية للألمنيوم وشركة ألمنيوم البحرين، أو ALBA – اللتين تعتمدان على الاتحاد الأوروبي في صادراتهما بنسبة 22٪ و12٪ على التوالي – من ارتفاع أسعار الألمنيوم، على الرغم من أنّ افتقارهما حالياً للقدرات الاحتياطية يحول دون زيادة المبيعات. ومع ذلك، على المدى المتوسط، قد تكون زيادة حصتهما في السوق من الألمنيوم الأخضر مربحة وحكيمة.

ضغط تضخم الأسعار، وخاصة في الغذاء، سيكون عبئاً في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بالنسبة لمعدن النيكل هنالك قصة مختلفة، حيث تبلغ حصة روسيا 17٪ من الصادرات العالمية. وعلى الرغم من أن روسيا ليست مَصدرًا حيويًا، إلا أنها على درجة كافية من الأهمية بحيث قد تؤدي الاضطرابات في الإمدادات الناتجة عن الصراع العسكري المطول مع أوكرانيا إلى زيادة مشاكل سلسلة التوريد الموجودة مسبقًا، والتي أخرت التوسع السريع في قدرات الطاقة المتجددة في دول الخليج. هذا لأن النيكل يستخدم في تصنيع بطاريات الليثيوم واللوحات الشمسية ومولدات الطلاء – جميع المكونات الرئيسية لتوليد الطاقة المتجددة.

اقرأ أيضاً: غزة: عائلات ترقب الحرب في أوكرانيا بمشاعر القلق على أبنائها

بالنسبة لمعدن النيكل هنالك قصة مختلفة، حيث تبلغ حصة روسيا 17٪ من الصادرات العالمية. وعلى الرغم من أنّ روسيا ليست مَصدراً حيوياً، إلا أنها على درجة كافية من الأهمية بحيث قد تؤدي الاضطرابات في الإمدادات الناتجة عن الصراع العسكري المطول مع أوكرانيا إلى زيادة مشاكل سلسلة التوريد الموجودة مسبقًا، والتي أخرت التوسع السريع في قدرات الطاقة المتجددة في دول الخليج. هذا لأن النيكل يستخدم في تصنيع بطاريات الليثيوم واللوحات الشمسية ومولدات الطلاء – جميع المكونات الرئيسية لتوليد الطاقة المتجددة.

استغلال اللحظة

ويتابع المعهد الأمريكي: تخضع الآن عمليات تصدير أشباه الموصلات إلى روسيا لضوابط أمريكية صارمة نتيجة للأزمة الأوكرانية؛ وهذا يؤثر بشكل مباشر على دولة الإمارات من خلال ملكيتها لشركة جلوبال فاوندرز لتصنيع الرقائق (GlobalFoundries). ومع ذلك، فإنّ تراجع العرض العالمي الحالي لأشباه الموصلات وما نتج عنه من ارتفاع للأسعار، إلى جانب حقيقة أنّ روسيا هي مستهلك صغير ومباشر لأشباه الموصلات، التي تعد الشركات الصينية المصنعة للرقائق بمثابة المزود الرئيسي لمعظم احتياجاتها من الرقائق، ينبغي أن يعوض أي خسارة في الإيرادات نتيجة الامتثال لضوابط التصدير الأمريكية.

كارين يونغ: إنّ ضغط تضخم الأسعار، وخاصة في الغذاء، سيكون عبئاً في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستكون دول الخليج مصدراً متوقعاً للدعم المالي للآخرين

وتقول كارين يونغ في تحليل نشره "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن إنّ ضغط تضخم الأسعار، وخاصة في الغذاء، سيكون عبئاً في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستكون دول الخليج مصدراً متوقعاً للدعم المالي للآخرين. وعند مستويات الإنتاج الحالية، يوفر سعر 100 دولار لبرميل النفط دفعة كبيرة لإيرادات تصدير النفط في دول مجلس التعاون الخليجي، (فكيف وقد تجاوز ذلك بكثير حالياً) لدرجة أنّ المحللين يتوقعون عدم وجود عجز في الميزانية بين الدول الأعضاء الست في مجلس التعاون الخليجي في عام 2022 إذا استمر أسعارالنفط على ما هي عليه. وتقول يونغ: السؤال الكبير هو كيف قد يسعى مصدرو النفط والغاز الخليجيون إلى كسب حصة في السوق من روسيا والعمل كمصدر لاستقرار إمدادات الطاقة في أوروبا. إنه قرار تجاري وسياسي. على المدى القصير، لا يوجد حل بسيط. تصدر قطر الغاز الطبيعي المسال بالقرب من قدرتها، وكانت المملكة العربية السعودية متحفظة لكسر اتفاقية أوبك + ، السارية منذ أواخر عام 2016، وتوسيع الإنتاج بشكل كبير. ومع ذلك، تفوقت المملكة العربية السعودية على روسيا في معركة للحصول على حصتها في السوق في بداية الوباء في ربيع عام 2020، مما أدى إلى زيادة الإنتاج ودفع الأسعار إلى الانخفاض. وتضيف يونغ: هناك فرصة لاستغلال هذه اللحظة، خاصة إذا تعرضت الصادرات الروسية لتحدي المزيد من العقوبات المالية التي استهدفت قطاع النفط أو الآلية التي تستخدمها البنوك لقبول الدفع مقابل تجارتها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية