أوروبا تستفيق.. وحزب الله في مرمى نيرانها

أوروبا تستفيق.. وحزب الله في مرمى نيرانها


15/09/2020

حسام حسن

من ليتوانيا إلى ألمانيا مرورا بسويسرا وصربيا والنمسا، تلقى حزب الله اللبناني خلال الأشهر الماضية، الضربة تلو الضربة، ما بين حظر وتقييد ورقابة ومراجعات، ما أدخل المليشيا الإرهابية أصعب فتراتها منذ تدشين أنشطتها المشبوهة في أوروبا.

وأمس الأول، أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، عزم بلاده حظر حزب الله بالكامل، مضيفا على حسابه بموقع "تويتر": "على خطى أسلافنا الكرام، تواصل صربيا الكفاح ضد جميع التهديدات للسلام، في الداخل والخارج".

جاء ذلك بعد أسابيع قليلة من قرار ليتوانيا حظر عناصر حزب الله من دخول أراضيها لمدة 10 سنوات، لما يمثله التنظيم من تهديد للمصالح الأمنية للبلاد.

وفي بيان نشر على صفحة الوزارة بموقع تويتر، قال وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفيسيوس "بعد أخذ المعلومات التي حصلت عليها مؤسساتنا وشركائنا في الاعتبار، نستنتج أن حزب الله يستخدم وسائل إرهابية تشكل تهديدا لأمن عدد كبير من البلدان، منها ليتوانيا".

وأضاف "الأشخاص المنتمين لحزب الله ممنوعون من دخول ليتوانيا"، مشددا على أن "الحظر سيظل ساري المفعول لمدة ١٠ سنوات".

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة بليك السويسرية في 22 أغسطس/آب الماضي أن الحزب الديمقراطي المسيحي (يمين وسط)، أحد الأحزاب المكونة للحكومة في سويسرا، قدم طلبا لحظر حزب الله، ويدرسه المجلس الاتحادي (الحكومة) في الوقت الحالي.

وتابعت الصحيفة "يريد المجلس الاتحادي التحقيق فيما إذا كانت مليشيا حزب الله نشطة أيضًا في سويسرا، وإعداد تقرير شامل عن وضع التنظيم والأفرع التابعة له وأنشطته في البلاد، وحظره".

ونقلت الصحيفة عن رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي غيرهارد فيستر قوله إن "حزب الله لا يشكل تهديدا لإسرائيل فحسب، بل لكل دول أوروبا". وتابع "حظر حزب الله يمكن سويسرا من مراقبة خلايا التنظيم بشكل جيد في البلاد".

تحركات سويسرا وليتوانيا وصربيا لم تكن منفردة، وإنما حلقات في سلسلة طويلة من الإجراءات في عدة دول أوروبية، تهدف بالأساس إلى تجفيف منابع تمويل الحزب، ووقف أنشطته المشبوهة.

بريطانيا.. حظر وفضح  

واتخذت السلطات البريطانية سلسلة من الإجراءات ضد حزب الله على مدار 19 عاما. ففي عام 2001، وضعت وزارة الداخلية البريطانية جناح الأمن الخارجي للحزب على قائمة الإرهاب، ثم مددت الحظر في عام 2008 ليشمل مجلس شورى الجهاد، الذي يمثل الذراع العسكري للحزب وكل الوحدات التابعة له.

وفي مارس/أذار 2019، أدرجت بريطانيا الجناح السياسي لحزب الله على قائمة الإرهاب، ليصبح الحزب بالكامل محظورا في الأراضي البريطانية.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لكن لندن عمدت إلى فضح شبكات وعلاقات الحزب مع التنظيمات الإرهابية والعنيفة حول العالم.

وتوصلت الاستخبارات البريطانية إلى أنّ تحالفاً نشأ بين "حزب الله" وجماعة "الجيش الإيرلندي الجمهوري الجديد"، تضمن مدّ الحزب اللبناني نظيره الأيرلندي بالمال والسلاح، بحسب تقرير نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قبل يومين.

ووفق التقرير، حصل "الجيش الجمهوري الإيرلندي الجديد"، أكبر جماعة جمهورية إيرلندية معارضة، على قذائف هاون وأسلحة هجومية عدّة، فضلاً عن تمويل مالي.

ألمانيا.. حظر كامل

اتخذت الداخلية الألمانية قرارا في 30 أبريل/نيسان الماضي، بحظر المليشيا اللبنانية بجناحيها العسكري والسياسي في ألمانيا، بعد ضغوط كبيرة من كل مؤسسات الدولة بدءا من البرلمان إلى الاستخبارات الداخلية.

ووضعت هذه الخطوة نهاية لسنوات طويلة من استغلال الأراضي الألمانية في جمع التمويلات اللازمة لعمليات المليشيا اللبنانية، عبر سلسلة من الأعمال الإجرامية في مقدمتها غسيل الأموال وتجارة المخدرات.

وبذلك، باتت كل أنشطة حزب الله في الأراضي الألمانية محظورة بقوة القانون، بما يشمل حظر رفع علم الحزب في أي مظاهرات أو فعاليات.

ورغم ذلك، لا تزال أصوات ألمانية مثل موقع "يونجه فراي فيلت"، تطالب بالقبض على عناصر الحزب في الأراضي الألمانية، وتجميد أرصدة مؤسساته ومعاملاتها البنكية، لوضع نهاية لكل أنشطتها العلنية والسرية.

النمسا.. مطالبات برلمانية بإجراءات فعالة

في 30 مايو الماضي، أصدر البرلمان النمساوي توصية غير ملزمة للحكومة باتخاذ إجراءات قوية ضد أنشطة حزب الله في البلاد.

ونصت التوصية البرلمانية على أن "الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله غير مبرر، فحزب الله منظمة إرهابية بالكامل". وتابعت "جهود الحكومة النمساوية المضنية لمكافحة أنشطة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي يقوم بها حزب الله على الأراضي النمساوية، محل ترحيب كبير، لكننا بحاجة إلى إجراءات أخرى أكثر قوة".

وتابعت: "نطالب الحكومة النمساوية باتخاذ التدابير المناسبة والفعالة ضد الأنشطة الإرهابية والإجرامية من قبل أنصار حزب الله في النمسا".

وأضافت: "نطالب الحكومة بمنع تمويل حزب الله من خلال أنشطة غسيل الأموال، والعمل على إعادة تقييم أنماط التعامل مع حزب الله داخل الاتحاد الأوروبي".

وتأتي هذه الخطوة لتزيد الضغط على حزب الله في النمسا، بعد أن اتخذت البلاد قرارا في مارس/آذار 2019، بحظر استخدام شعارات أو أعلام حزب الله في أراضيها. 

وبخلاف الدول السابقة، تحظر هولندا حزب الله بالكامل، فيما يفصل الاتحاد الأوروبي منذ يوليو/تموز 2013، بين جناحي الحزب السياسي والعسكري، حيث يصنف الأخير إرهابيا ويحظره، لكن لا يصف الجناح الأول بنفس الوصف، بداعي الحفاظ على قنوات اتصال مع حكومة لبنان الذي يعد الحزب جزءا منها.

لكن هذا الموقف يضع بروكسل في مرمى انتقادات وضغوط لا تنقطع، ومطالبات مستمرة بحظر حزب الله بشكل كامل.

وقبل يومين، طالب مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، الاتحاد الأوروبي بحظر حزب الله اللبناني بالكامل والتوقف عن التفرقة بين جناحيه العسكري والسياسي.

ومؤخرا، أرسل 236 من النواب البرلمانيون في الولايات المتحدة وكندا، خطاب مفتوح إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، يدعونها إلى إلغاء التمييز بين الذراع السياسية لحزب الله، المسموح لها بالعمل عبر القارة، وذراعه العسكرية، المصنفة منظمة إرهابية.

وطالب النواب الاتحاد الأوروبي بإدراج حزب الله بأكمله منظمة إرهابية وحظر أنشطته بالكامل في الدول الأوروبية.

ولم تكن هذه أول الضغوط على الاتحاد الأوروبي، حيث دعا نائب رئيس البرلمان الأوروبي نيكولا بير، مؤسسات التكتل إلى حظر حزب الله بالكامل.

وقال بير في تصريحات صحفية في مايو الماضي "حظر ألمانيا لحزب الله اللبناني خطوة طال انتظارها، والآن يجب أن يتبع تلك الخطوة بشكل سريع، حظر كامل لأنشطة الحزب في كل الاتحاد الأوروبي".

وتابع "من غير المقبول أن يواصل حزب الله الظهور والتحرك بحرية في أوروبا". وأضاف "لا يزال الاتحاد الأوروبي يفصل بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله، وهذا يمنح مؤسسات ومنظمات الحزب الثقافية الفرصة للتحرك بحرية في أوروبا، ونشر الكراهية وممارسة التحريض". 

فيما قالت صحيفة "دي فيلت" الألمانية في تقرير نشرته مؤخرا إن "مكافحة خطر حزب الله في أوروبا تكسب زخما جديدا يوما بعد يوم"، متوقعة أن تسير دول أوروبية أخرى في نفس مسار ألمانيا وهولندا وبريطانيا، وتحظر الميليشيا اللبنانية في الفترة المقبلة حتى وإن لم يتخذ الاتحاد موقفا حازما موحدا من المليشيا اللبنانية. 

لكن مسؤولا أوروبيا تحدث لـ"العين الإخبارية" مفضلا عدم ذكر اسمه، قال إن الاتحاد الأوروبي "لا يزال يعمل بقراره الصادر في 2013، والذي يحظر الجناح العسكري في الأراضي الأوروبية ويفرض عليه عقوبات، ولا ينطبق نفس الأمر على الجناح السياسي". 

وتابع "وفي الوقت الحالي، لا توجد مناقشات موضوعية داخل أروقة المجلس الأوروبي من أجل تغيير هذا الوضع". 

أما لورا براراد، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية والمعنية بقضايا الأمن الداخلي والهجرة فقالت إن المفوضية تتعاطى مع كل المنظمات المتطرفة، ومنها الإخوان وحزب الله، وفق استراتيجية موحدة. 

وقالت في هذا الإطار "تتصدى المفوضية مع السلطات المحلية في الدول الأعضاء، للتنظيمات الإسلامية المتطرفة بشكل استباقي"، لافتة إلى أهمية الدور الذي تقوم به شبكة التوعية ضد التطرف في الاتحاد الأوروبي لأنها تعمل على نشر الوعي بخطر المنظمات المتطرفة. 

وتضم شبكة التوعية ضد التطرف العديد من الأكاديميين وصانعي السياسات لتبادل المعرفة والخبرات المباشرة بهدف منع ومكافحة التطرف العنيف. وتعمل شبكة التوعية ضد التطرف تحت قيادة المفوضية الأوروبية وتعد ركنا أساسيا في استراتيجية الاتحاد الأوروبي في مكافحة التطرف في الفترة بين 2020 و2025. 

عن "العين الإخبارية"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية