أمنية واقتصادية... هذه كُلفة رفع العقوبات عن إيران

أمنية واقتصادية... هذه كُلفة رفع العقوبات عن إيران


09/02/2022

استؤنفت أمس مباحثات إحياء الاتفاق النووي في فيينا، في ظلّ التعنّت الإيراني، ومواصلة النظام  تطوير صناعاته النووية بشكل يخالف الاتفاق الذي عُقد في 2015.

وتجري إيران والقوى المنضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين)، مباحثات لإحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة منه أحادياً عام 2018، وتشارك واشنطن في المباحثات بشكل غير مباشر.

وتهدف المباحثات لإعادة واشنطن إلى الاتفاق ورفع عقوبات فرضتها على طهران بعد الانسحاب، مقابل عودة الأخيرة لاحترام التزاماتها النووية التي بدأت تدريجياً التراجع عن غالبيتها بعد خروج واشنطن من الاتفاق.

 

إيران تستعد بشكل مبكر لرفع العقوبات الأمريكية لتصدير الملايين من براميل النفط، وهو أمر إذا تمّ، فسوف يسبب حالة من عدم الاستقرار في أسعار النفط، وإرباك السوق.

 

ويبقى السؤال: ما الأضرار التي سيسببها الاتفاق النووي؟ وكيف ستشكّل إيران خطراً غير مسبوق على القطاعات الاقتصادية من ناحية تدفق نفطها بشكل غير منظم، وحول قطاع التسلح من حيث تطوير منظومة الصواريخ، وتزويدها لميليشيات إرهابية بالأسلحة والعتاد؟

النظام الإيراني لا يخفي تلك المساعي التخريبية على مستوى الإقليم والعالم بأسره، فقد اعترف على لسان رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، أول من أمس، بأنّ إيران "ستكون من بين أكبر مصدّري الأسلحة في حال إلغاء العقوبات".

وفي هذا الخصوص، أشار محمد باقري إلى "الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة ذات الاستخدامات المختلفة"، وقال: إنّ تعاوننا في مجال الأسلحة تتمّ متابعته بشكل جيد مع بعض الدول في فترة ما بعد إلغاء العقوبات، وفق ما نقل موقع "إيران إنترناشيونال".

 

محمد باقري: إيران ستكون من بين أكبر مصدّري الأسلحة في حال إلغاء العقوبات عنها

 

وأفاد نادي المراسلين الشباب بأنّ باقري أضاف أنّ "الجمهورية الإسلامية الإيرانية بلغت خلال هذه الفترة مراحل جيدة في مجال تصدير الأسلحة إلى بعض الدول، وتمّ إبرام اتفاقيات في هذا المجال أيضاً، وتجري مفاوضات مع دول مختلفة في مجال شراء الأسلحة".

وقد وردت في الأشهر الأخيرة تقارير عديدة عن إرسال إيران أسلحة حربية إلى حكومات متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإلى الأطراف المتحاربة في بلدان بعيدة.

وذكرت وسائل إعلام منها وكالة "رويترز"، في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، أنّ الحرس الثوري أرسل أسلحة إلى الحكومة العسكرية في ميانمار.

اقرأ أيضاً: رفع العقوبات عن إيران، رسائل خاطئة أم مؤامرة مقصودة؟

وفي سياق متصل، اتّهم رئيس منطقة تيغراي الإثيوبية، يوم 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إيران بمفاقمة الأزمة في البلاد من خلال تقديم المساعدة العسكرية والمالية للحكومة الإثيوبية، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

وبالعودة إلى التهديدات الإيرانية في حال رفع العقوبات عنها، أفادت وكالة "تسنيم" بأنّ الحرس الثوري كشف عن صاروخ باليستي (خيبر شكن) قادر على إصابة أهداف على بعد (1450) كيلو متراً، بمناسبة الذكرى الـ(43) لانتصار الثورة الإسلامية.

وجاء موعد الإعلان عن تلك الصواريخ بالتزامن مع الجلسة الـ9 لمباحثات فيينا؛ ممّا يعكس المخاطر التي سترافق عملية رفع العقوبات عن إيران.

اقرأ أيضاً: ما العقوبات التي رفعتها أمريكا عن إيران؟ ومتى ستُستأنف مفاوضات فيينا؟

وبحسب "تسنيم"، فإنّ صاروخ "خيبر شكن" أو "كاسر خيبر" يُعدّ من الجيل الثالث لصواريخ الحرس الثوري بعيدة المدى، و"يصل مداه إلى (1450) كم، ويعمل بالوقود الجامد، ولديه إمكانية المناورة لتخطي الدروع الصاروخية والأنظمة المضادة للصواريخ".

 

إيران تُصدّر أسلحة حربية إلى حكومات متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية كالجيش الميانماري والجيش الإثيوبي

 

هذا، وتعتبر رشاقة الصاروخ وسرعته المميزة في إصابة الأهداف على مدى (1450) من خصائص هذا الصاروخ، حيث تمّ تقليص وزن الصاروخ إلى ثلث ما كان يزن في الجيل السابق، كما أنّ عملية التحضير لإطلاقه تستغرق وقتاً أقلّ بكثير من النماذج السابقة، وتضاعفت سرعة هذه العملية إلى (6) أضعاف، وصُمّم هذا الصاروخ وتمّ تصنيعه بصورة كاملة بالاعتماد على الخبرات المحلية في إيران، وفق "تسنيم".

وقال قائد قوة الجو فضاء للحرس الثوري العميد حاجي زاده: إنّ "قوة الرأس الحربي للصاروخ تضاعفت، نظراً لاستخدام المزيد من المواد المتفجرة"، مؤكداً أنّ "هذا الصاروخ أضاف قدرات كبيرة لقوة الجو فضاء للحرس نظراً لإمكانياته وخصائصه".

ووفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، فقد توظف إيران رفع العقوبات عنها بتصدير مزيد من السلاح تصديراً مباشراً، أو تهريباً، للميليشيات التي تخوض حربها بالوكالة كميليشيات الحوثي الإرهابية، والميليشيات العراقية التابعة لها، والجماعة المسلحة في سوريا، وحزب الله اللبناني.

وبحسب الصحيفة، فإنّ رفع العقوبات يعني أسلحة وعتاداً وطائرات درون وصواريخ باليستية جديدة تصل إلى خنادق التنظيمات المسلحة، والتي تستهدف المدنيين في السعودية والإمارات واليمن وسوريا والعراق، والتي تستهدف أيضاً المصالح الأمريكية في بعض الدول العربية، لهذا يمكن القول إنّ رفع العقوبات عن إيران سيكون ضمن القرارات غير المدروسة من الولايات المتحدة، والتي ستدفع الثمن غالياً في ظلّ عدم سيطرة طهران على الميليشيات، وهذا بات جليّاً في العراق.

اقرأ أيضاً: إيران ترفض المحادثات مع واشنطن وضغوط على بايدن لمنع رفع العقوبات

أمّا اقتصادياً، فإنّ إيران تستعد بشكل مبكر لرفع العقوبات الأمريكية عنها بمجرد التوصل إلى صيغة توافقية تنهي الانسداد في مفاوضات فيينا النووية، لتصدير ملايين من براميل النفط الخام سريعاً، وهو أمر إذا تمّ، فسوف يسبب حالة من عدم الاستقرار في أسعار النفط، وإرباك المنظمات العالمية المعنية بتنظيم القطاع.

 

الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ باليستي يصل مداه إلى (1450) كيلومتراً، ويصيب الهدف بـ"دقة عالية"

 

وقد يبدو من المبكر الحديث عن اتفاق قريب يعيد إحياء الاتفاق النووي للعام 2015 الذي تحللت منه الولايات المتحدة في العام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وقابلته طهران بخروقات واسعة لالتزاماتها النووية، لكنّ طهران بدأت تُعدّ نفسها للحظة فارقة ومفصلية تراهن عليها لانتشال اقتصادها من الركود، وإنهاء حالة من الاضطراب المالي، وفق ما أورده موقع "ميديل إيست أون لاين".

وبدأت طهران بالفعل في تخزين المزيد من النفط على ناقلات مع دخول المحادثات النووية آخر مراحلها.

وقد رفعت الحكومة الأمريكية بعض العقوبات المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، في بادرة حسن نيّة يوم الجمعة الماضي لدفع المحادثات، وتتوقع واشنطن توصل المفاوضات إلى نتيجة في الأسابيع المقبلة.

وأدى فرض العقوبات الأمريكية إلى تقلص صادرات النفط الإيرانية من (2.8) مليون برميل يومياً في 2018 إلى مستوى متدنٍ عند نحو (100) ألف برميل يومياً في 2020.

وتفيد شركة البيانات والتحليلات كبلر بأنّ متوسط صادرات النفط الإيرانية حالياً في حدود ما بين (600 و700) ألف برميل يومياً، وفق "رويترز".

ويبدو أنّ إيران كانت تنقل النفط إلى مكان ما استعداداً لاستئناف صادراتها في نهاية المطاف.

وتشير كبلر إلى أنّ مخزونات إيران العائمة قفزت من حوالي (63) مليون برميل في أوائل كانون الأول (ديسمبر) إلى (87) مليون برميل في شباط (فبراير) الجاري، ويبلغ مخزون إيران البري حالياً (49) مليون برميل.

 

إيران ستوظف رفع العقوبات عنها بتصدير مزيد من السلاح للميليشيات التي تخوض حربها بالوكالة، كالحوثيين، والميليشيات العراقية السورية، وحزب الله اللبناني

 

وتشير تقديرات شركة الاستشارات إف.جي.إي إلى أنّ إيران لديها مخزون من الخام يبلغ في المجمل (90) مليون برميل، منها (5) ملايين برميل عائمة.

وتقول إف.جي.إي: إنّ حوالي (60) مليون برميل من النفط مخزّنة على اليابسة في إيران، و(25) مليون برميل في مستودعات مؤجّرة بالخارج، خاصة في الصين.

وإجمالي مخزونات طهران من المكثفات عند مستوى مرتفع يبلغ نحو (120) مليون برميل، منها (68) مليون برميل عائمة، بحسب إف.جي.إي.

وتمتلك إيران رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، وتشير بيانات من أوبك تستند إلى مصادر ثانوية إلى أنّ إنتاج النفط الإيراني ارتفع من متوسط عند مليوني برميل يومياً في 2020 إلى (2.4) مليون برميل يومياً في 2021، وتخطط طهران لزيادة الإنتاج إلى (3.8) ملايين برميل يومياً بعد رفع العقوبات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية