أفكار الإسلامي طارق رمضان الدينية التعصبية أخطر من قصصه العاطفية

أفكار الإسلامي طارق رمضان الدينية التعصبية أخطر من قصصه العاطفية


كاتب ومترجم جزائري
18/02/2018

المحقّقون الفرنسيون الذين يستجوبون الإسلامي طارق رمضان كانوا يرون فيه طرطوفاً جديداً (طرطوف ممثل ملهاة موليير الذي أصاب حظاً وافراً من العلم، واختبر الناس وشؤونهم). وقد اكتشفوا "نبياً جديداً" يُنكر على الرجال الحقّ في الحُكم عليه.

قبل أكثر من عشرين عاماً، عندما كان معروفاً فقط ضمن دائرة صغيرة في سويسرا، كان طارق رمضان يشرف ويدير نادياً ثقافياً مسلماً في جنيف. وكانت نشرةُ النادي تسمَّى "معالم"، في إشارة إلى "معالم على الطريق"، العمل الرئيسي لسيد قطب، المفكر الأكثر راديكالية في جماعة الإخوان المسلمين. هذا المفكر الذي أعدمه جمال عبد ناصر في عام 1956 كان أوّل من أحدث صدعاً بين المسلمين الحقيقيين والمسلمين المزيّفين. فوفقاً له، المسلمون المزيَّفون ليسوا أفضل من اليهود. ويمكن إعدامهم دون رحمة. تفسيرٌ إجراميّ يتبنّاه اليوم تنظيمُ "داعش". بالكاد في الثلاثين من عمره، أعلن طارق رمضان لأوّل أتباعه "أنه كان يعلم بالفعل أنه سيموت من أجل الإسلام". "كان بالفعل مناوراً في ذلك الوقت. في النادي كان يضع الدُّمى في المقدمة، ولكن من الخلف كان هو الذي يقود كل شيء"، هكذا يروي عضو سابق أعلن في ذلك الوقت قطيعته مع الإسلامي.

رمضان "مستقبل الإسلام"

تربّى طارق رمضان، حفيد حسن البنا، مؤسسُ جماعة الإخوان المسلمين، على يد أمٍّ ما انفكت تكرر: "أنت كائنٌ متفوّق. المسلمون الآخرون ليسوا على هذه الأرض إلا لكي يخدموك". وعلاوة على ذلك، ألم نسمع بالصيغة الصادِمة المنسوبة إلى السوداني حسن الترابي: "مستقبل الإسلام هو طارق رمضان!". في عام 1993، وبرفقة الباحث الفرنسي فرانسوا بورغات، كان طارق رمضان في الخرطوم، خلال المؤتمر السنوي للمنظمة الإسلامية العالمية، التي تضم الحركات الإسلامية الأكثر تطرفاً في العالم. كان حسن الترابي، الذي توفي 2016، يلقَّب بـ "البابا الإسلاموي الزنجي". في ذلك الوقت كان طارق رمضان يُتقن تماماً التقية؛ أي إخفاء المعتقد. هناك لم يكتفِ طارق رمضان بإنكار صِلاته بجماعة الإخوان المسلمين؛ بل ذهب إلى حد إطراء علاقاته العميقة مع مسيحيٍّ تقدمِيّ، يدعَى بيير دوفريسن، رئيس تحرير Courrier، الصحيفة اليسارية الوحيدة في سويسرا الناطقة بالفرنسية. وفي كتابه "الإسلام في أسئلة" الذي شاركه في تأليفه آلان غريش، يصف طارق رمضان "صديقه" بيير دوفريسن، بوالدِه الروحي.

تربّى رمضان، حفيد حسن البنا على يد أمٍّ ما انفكت تكرر: "أنت كائنٌ متفوّق. المسلمون الآخرون ليسوا على هذه الأرض إلا لكي يخدموك"

دراسات غامضة في مصر

"أحد الذين رافقوني في تكويني الفكري هو بيير دوفريسن، الذي كان كاثوليكياً ملتزماً بحقوق الإنسان. كان شخصاً له وقعٌ خاص في نفسيتي... كان صديقا"، هكذا كتب طارق رمضان. إلا أن بيير دوفريسن، الذي مات منذ سنوات عديدة، لم يعد قادراً على مناقضته. ولكنّ أحد أقارب المحرّر السابق لصحيفة Courrier يؤكد أنه لم ير طارق رمضان في بيتِ بيير دوفريسن، ولا حتى سمِع أنهما يعرفان بعضهما البعض". والحال أنّ الأكاذيب الجسيمة لم تزعج ولم تقلق عالم الإسلام السويسري على الإطلاق. وهكذا، ففي كتاب "هل يجب إسكات طارق رمضان؟" للكاتب عزيز زموري الذي نشر في عام 2005، يعلن طارق رمضان في الصفحة 105، بشأن دراسته في القاهرة: "أخذتُ دورات مكثفة لمدة أربعة عشر شهراً (...) لقد غطيتُ مجال تكوين خمس سنوات من الدراسات الإسلامية التي تُدرّسها الجامعات المتخصصة. كان ذلك هدفي، ولكنْ لم أكن أرغب في الحصول على دبلوم. فقط محتوى التدريب هو الذي كان يهمني".

الاحتيال على الأزهر

وهذا لم يمنعه من الادعاء، على موقعه على الإنترنت، أنه "تابع تكويناً مكثفاً في الدراسات الإسلامية الكلاسيكية مع علماء من جامعة الأزهر في القاهرة، وأنه حصل على 7 إجازات (تحفيظ القرآن الكريم) في سبعة تخصصات مختلفة ". ومن غريب الأمور، على أقل تقدير، أنّه في الكتب التي خُصّصت له نسِي طارق رمضان أنْ يذكر أنه درس في الأزهر، أقدم جامعة مسلمة نشطة في العالم، وواحدة من أرقى الجامعات.

في الثلاثين من عمره أعلن طارق رمضان لأوّل أتباعه أنه كان يعلم بالفعل أنه سيموت من أجل الإسلام

وفي الكثير من المقابلات، يفتخر أيّما فخرٍ بحصوله على الدكتوراه التي نالها من الأزهر. وبنفس الطريقة، وبحسب محاوريه، فهو تارة محظور عليه زيارة مصر، وتارة أخرى يحمل جواز سفر مصري. ناهيك عن أنّ طارق رمضان يدّعي أنّ الديكتاتوريات العربية تقاطعه.

من غريب الأمور أنّ رمضان في الكتب التي خُصّصت له نسِي أنْ يذكر أنه درس في الأزهر

أستاذ فريبورغ الزائف

قولُ كلِّ شيءٍ وقولُ عكسه، أمرٌ لم يزعج طارق رمضان إطلاقاً . لماذا الإحراج؟ أتباعُه، الذين يبلغ عددُهم مئات الآلاف، يتبعونه بطريقة عمياء، ويُصدّقون كل أقاويله. لقد كشف موقع Mondafrique أنّ طارق رمضان يدّعي أنه أستاذ الفلسفة والدراسات الإسلامية في جامعة فريبورغ في سويسرا، بينما في الواقع لم يقدّم فيها سوى عرضٍ طوعي عن الإسلام. وفي أعقاب نشْرِ هذا النص على موقع Mondafrique لم يجرؤ أيُّ "رمضاني" على الاتصال بالجامعة المعنية، من باب الفضول، لتقصي الحقيقة. وبنفس الطريقة، أتيحت لكاتب هذا المقال، الصحافي إيان هامل (مراسل صحيفة لوبوان الفرنسية من سويسرا) فرصة مقابلة طارق رمضان في مناسبات عديدة في الصحافة الفرنسية والسويسرية. كما تحدّث هامل مع هاني رمضان، ومع خاله، ومع أصغر إخوة حسن البنا في مصر. ورغم كل الأدلة، ما انفك طارق رمضان يردّد أنه لا هو ولا أيّ من أفراد عائلته التقوا بِـ إيان هامل.

أزمات متواصلة

ضبّاط الشرطة الذين استجوبوا عالم الإسلام واجهوا نفس الظاهرة: فهو يُنكر الأدلة الدامغة دون أدنى انزعاج. وفيما استطاعوا أن يجمعوا في ثلاثة شهور شهادات النساء اللواتي مارسن الجنس معه، ظل طارق رمضان يُنكر وينفي كل ذلك بشكل منهجي. فحتى الأدلة، والتسجيلات، والصور المُساومة لم تجعله ينحني للحقيقة. وفي رسالة إلكترونية بتاريخ 12 أبريل / نيسان 2011، قال حفيد حسن البنا: "كم أودّ أن أنام معك ..! هل ستأتين؟". ولكن لا، فبالنسبة لطارق رمضان، الأمر ليس سوى اتهام فاحش. الحال أنّ خط دفاعه العنيد أنه لم يخن زوجته (التي مع ذلك تعيش منفصلة عنه).

يدّعي رمضان أنه أستاذ الفلسفة والدراسات الإسلامية في جامعة فريبورغ بسويسرا ولكنه لم يقدّم فيها سوى عرضٍ طوعي عن الإسلام

هذه الأخيرة لا زالت حذرة في الوقت الراهن في الدفاع عن زوجها علناً. ففي رأي طارق رمضان أنّ كل هذا ليس سوى مؤامرة سيئة السمعة. مؤامرة صهيونية، بطبيعة الحال. والمشكلة، كما تقول ضحية سابقة من ضحاياه، هي أنّ طارق رمضان أقنع نفسَه بأنه "النور"، والنبي الجديد الذي ينتظره جميع المسلمين منذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم. انطلاقاً من هنا، الأكاذيب، والتهديدات، والضرب والاغتصاب، ليست بالنسبة إليه سوى تفاصيل لا معنى لها. "إنه يقدّر أنه لم يعد بحاجة حتى لأداء الصلاة بعد الآن؛ لأنه على اتصال دائم مع الله". ولكن، هل هو صاحٍ تماماً؟ إنه يتناول باستمرار كميات لا تصدق من الأدوية، ومن المنشطات. وهو ما يسبب نوبات هيجانه.

شكوى الاغتصاب الأولى والثانية المرفوعتان ضده، واللتان تتّسمان ببعض العيوب، قد لا تكفيان وحدهما لإقناع المحكمة

طارق رمضان "سجين سياسي"

وباختصار، بالنسبة إلى طارق رمضان، كلّ من يحاولون وقفَ صعوده لا يمكن أن يكونوا إلا "أعداءه إلى الأبد"، إنهم الإسلاموفوبيون، الشياطين. فلسنواتٍ عديدة، في محاضراته كان طارق رمضان يردّد بقوة على جمهوره قائلا "إذا هاجمني الكفار فالأمر في الواقع هو مهاجمتكم أنتم المسلمون". خطابٌ استوعبه أتباعُه الأكثر إيماناً به. فهؤلاء على الشبكات الاجتماعية، يقدّمون طارق رمضان كـ "سجين سياسي". فحتى النائب (ة) الاشتراكية في مرسيليا، سامية غالي تُلمّح إلى أنّ "المسلم" وليس "الرجل" هو الذي وضعته العدالة الفرنسية في قفص الاتهام.

شهيد التبجيل

وباختصار، فإن شكوى الاغتصاب الأولى والثانية المرفوعتان ضده، واللتان تتّسمان ببعض العيوب، قد لا تكفيان وحدهما لإقناع المحكمة. فالمحقّقون الذين جمعوا العديدَ من معلومات سريّة أخرى من العديد من الضحايا يسعون جاهدين للحصول على المزيد من الشكاوى. فهم لا يقللون من شأن طارق رمضان، الجدَلي المخيف، والمتكلم البارع، والكوميدي المتميّز. فهو قادر على الشهيق والنحيب وهو يذكر احترامه للمرأة، وحبّه للآخر، "سواء كان يهودياً أو مسيحياً". الشرطةُ والعدالة على يقينٍ بأنهم يُمسكون بـ"وحشٍ"، نظريّاتُه الدينية التعصبية أخطرُ من قصصه العاطفية.

"على عكس الاعتقاد السائد ليس طارق رمضان شقيّاً في سجنه. فهو يعيش كشهيد. ويؤكد أحدُ أتباعه السابقين، الذي دمّرته الفكرة القائلة بأنَ الإسلامي المزيف يمكن أن يسقط يوماً مَا من عليائه، أنّ طارق رمضان شهيدٌ سوف يظل المسلمون يُبجّلونه قروناً طويلة.

عن mondafrique


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية