أشهر 10 مسارح في العالم... هنا تصنع ذائقة البشر

أشهر 10 مسارح في العالم... هنا تصنع ذائقة البشر

أشهر 10 مسارح في العالم... هنا تصنع ذائقة البشر


21/09/2023

داليا محمد

أثناء تنسيق بعض مجلدات الصور القديمة، صادفتني مجموعة تعود لعام 2008 التقطتها في حفل لفرقة "آر إي أم" R.E.M. للروك البديل أحيتها في قاعة ألبرت الملكية في لندن لنصرة الشعب الفلسطيني لمناسبة مرور 60 عاماً على ذكرى النكبة.

ما زلت أتذكر حماستي لتلك الحفلة، فقد كانت أول فعالية ثقافية أحضرها في لندن منذ انتقالي للعمل والعيش فيها، وزيارتي لمكان أبهرتني فيه البوابات الضخمة المصنوعة من الزجاج والحديد المزخرف والنقوش الفنية التي تكاد تنطق متحدثة عن تاريخه وتراثه.

لطالما سحرتني المسارح التي أعتبرها بمثابة معبر سحري إلى عوالم من الفن والتعبير الإنساني، إذ تتجلى القصص وتحيا الشخصيات على المنصة بألوانها الزاهية وأصواتها الجميلة، ما يجعلها أماكن استثنائية تجمع بين الإلهام والترفيه وقلباً للحياة الثقافية في المدن.

تأتي المسارح بأشكال وأحجام متنوعة، من الصغيرة المتواضعة إلى الكبيرة الفاخرة، وتضمن للجمهور تجربة فريدة ومثيرة في كل مرة، إنها أماكن للعرض الفني حيث ينطلق الفنانون في رحلاتهم الإبداعية ويقدمون أعمالًا فنية تترك أثراً عميقاً في نفوس المشاهدين.

قاعة ألبرت الملكية كانت هي واحدة من مسارح عدة عالمية ضمن قائمة الأماكن التي أرغب في زيارتها، وعلى رغم أن هذه القائمة طويلة، لكنني سأختزل حديثي اليوم، بترتيب عشوائي، عن 10 من أبرز المسارح والقاعات العالمية:

1 ـ قاعة ألبرت الملكية

هذه القاعة الكائنة في لندن، التي تعرف أيضاً بـ رويال ألبرت هول، تعد واحدة من أشهر المرافق الفنية في العالم، إن لم تكن الأشهر، وتعد محجاً لأبرز الفعاليات الموسيقية الكلاسيكية والعروض الثقافية. بمجرد دخول المرء عبر البوابات، يفتح أمامه المشهد الداخلي المبهر للصالة المتميزة بسقفها المرتفع ذي القوس الكبير المزين بألوان زاهية ونقوش معقدة، تبرزها الأضواء المتدلية من السقف بأناقة، ناشرة إضاءة دافئة ولامعة في المكان.

لا يمكن أن تغفل العين عن الكراسي الفاخرة الموزعة بعناية كي توفر إطلالة رائعة على المنصة، ولا جو الفخامة والتاريخية في القاعة التي تتردد فيها عظمة الفعاليات التي استضافها المكان على مر العقود، وأثناء التوجه إلى مقعده، بين الهمسات والهمهمات الهادئة للجمهور المتجمع في انتظار بدء العرض، يشعر الزائر برابط مع مكان فريد من نوعه كان ثمرة حب جمع بين الملكة فيكتوريا وزوجها ألبرت واهتمامهما الشديد بالفن والثقافة.

كان ألبرت صاحب فكرة إنشاء هذه القاعة الضخمة انطلاقاً من رغبته في توفير مكان دائم لإقامة المعارض والحفلات الموسيقية، لكنه توفي قبل أن يتحول حلمه إلى واقع. بعد وفاته قررت فيكتوريا تخصيص هذه القاعة لذكرى زوجها وأطلقت عليها اسم قاعة ألبرت الملكية للفنون والعلوم وافتتحت رسمياً سنة 1871 بحضور الملكة وابنها أمير ويلز.

منذ ذلك الحين، لم تتوقف القاعة عن استضافة المئات من الأحداث المهمة والمشهورة، مثل حفلات الموسيقى الكلاسيكية والروك والبوب والأوبرا والباليه والسيرك والسحر والخطابات والجوائز.

2 - دار الأوبرا في سيدني

يعد هذا المسرح رمزاً معمارياً وثقافياً لمدينة سيدني وأستراليا بشكل عام، وتعد زيارته تجربة مثيرة ومميزة لا تنسى، بدءاً من التصميم الخارجي الفريد والبارز الذي وضعه المهندس المعماري الدنماركي يورن أوتزون على هيئة أشرعة بيضوية مرتبة بطريقة معقدة تطل على الميناء الجميل، يتمتع بمنظر خلاب خلال النهار وتحت تأثير إضاءته الليلية.

عند دخولك المبنى، ستجد نفسك في بهو فسيح ومذهل يعكس روعة التصميم الداخلي للبناء الذي يحتوي على ست قاعات للعروض ومتحف ومكتبة ومطعم ومقاه وغيرها من المرافق.

القاعة الرئيسة في هذا البناء الذي افتتح سنة 1973 مصممة لاستضافة 2679 شخصاً بطريقة توفر لهم أفضل تجربة من حيث الرؤية والإضاءة وتوزيع الصوت سواء كان العرض موسيقى كلاسيكية أم باليه أم موسيقى معاصرة.

تتميز الدار باستضافتها "مهرجان سيدني للأوبرا" السنوي في شهر يناير (كانون الثاني) الذي أطلقه المخرج ريتشارد بونين عام 1977، ويقدم أكثر من 100 عرض ويجذب ما يزيد على 300 ألف زائر.

منذ تأسيسها تعرضت الدار لمجموعة حوادث متفرقة من حريق ثانوي وانهيار جزء من سقفها واصطدام سفينة سياحية بأحد أعمدتها، لكن أبرزها كان هجوماً قامت به عام 1997 جماعة إرهابية متطرفة تطالب باستقلال أستراليا فجرت قنبلة في أحد المداخل ما أدى إلى إصابة 10 أشخاص.

3 - مسرح البولشوي

تأسس هذا المسرح الواقع في موسكو، روسيا، عام 1776 في عهد الإمبراطورة كاثرين الكبرى وبدأت العروض الرسمية فيه عام 1780. تم تكليف المهندس المعماري الروسي جوزيف بوفيت بتصميمه، فجاء بهذه التحفة الشهيرة بواجهتها الفاخرة وديكوراته الداخلية الفخمة. تعرض المسرح إلى حريق ضخم ثم أعيد افتتاحه سنة 1825، وطالته النيران مرة ثانية بعد بضعة عقود، لكن تم افتتاحه أخيراً في عام 1856 وما زال محافظاً إلى يومنا على أسلوب بناء الباروك الروسي.

يعرف مسرح البولشوي بأداء الأوبرا والباليه الكلاسيكي على أعلى المستويات ويشتهر بتقديم الأعمال الكبيرة من تأليف الموسيقيين الروس والعالميين الشهيرين مثل تشايكوفسكي وبروكوفيتش وشوبان وغيرهم. كما يشهد المسرح عروضاً دورية لأعمال الباليه الشهيرة مثل "بحيرة البجع" و "كسارة البندق" و"روميو وجولييت" التي تجذب الجماهير المحلية والعالمية.

يتميز المسرح بقاعاته المتعددة الفخمة وتشمل قاعة الأوبرا الكبيرة المعروفة أيضاً بـ "المسرح الكبير" وتتفرد بتفاصيلها الزخرفية المذهلة ولوحاتها الجدارية المبهجة وتتسع لأكثر من 2000 متفرج، ما يجعلها من أكبر القاعات في العالم، وهناك قاعة الأوبرا الصغيرة التي تستخدم لعروض الأوبرا والباليه الكلاسيكية والمعاصرة وتمتاز بتصميم أكثر حداثة مقارنة بالمسرح الكبير وتجمع بين الفخامة والتكنولوجيا العصرية. أما القاعة القيصرية فتقام فيها عروض الموسيقى الكلاسيكية والموسيقى الغربية ويميزها ديكورها الراقي وأثاثها الفاخر. عادة ما تقام العروض التصويرية والموسيقية الصغيرة في قاعة كونسرت زال التي تؤمن لجمهورها متوسط الحجم جواً دافئاً وحميمياً، أما قاعة المكتب فتستضيف فعاليات متعددة، بما فيها الاجتماعات والمعارض والعروض المختلفة.

4 - مسرح لا سكالا

انتقاء مسرح واحد من إيطاليا لتركيز الحديث عنه لم يكن بالمهمة السهلة في بلد يضم الكولوسيوم الروماني في روما والمسرح اليوناني في تاورمينا ومسرح البندقية، لكن مسرح لا سكالا الواقع في مدينة ميلانو يعد أشهر مسرح في البلاد. دار الأوبرا العالمية هذه افتتحت سنة 1778 واسمها مشتق من كنيسة سانتا ماريا ديلا سكالا الموجودة في الموقع نفسه.

عندما تقترب من مسرح لا سكالا، تشعر بتوجس ودهشة في الوقت نفسه، بدءاً بالواجهة الضخمة والفخمة التي تظهر أمامك بكل أبهة وكأنك تشهد عرض أزياء فاخراً، وصولاً إلى الزجاج الملون والتماثيل الفنية على الواجهة التي تضيف لمسة من السحر والألق، يعد هذا المسرح موطناً لعديد من الأعمال الأوبرالية الشهيرة والمؤلفين والمغنين والموسيقيين، ويضم أكبر أوركسترا في إيطاليا وتستضيف قاعته أيضاً عروض الباليه والكورال والمسرح الدرامي، ويتسع لأكثر من 3000 متفرج.

في عام 1776 شبت النيران في المسرح متسببة بواحد من أكثر الأحداث الأليمة التي شهدها المكان وأدت إلى تدمير جزء كبير من المبنى، واضطر المسرح إلى إغلاق أبوابه لفترة طويلة من الزمن لإجراء أعمال إصلاح وإعادة بناء، واستؤنفت الأنشطة فيه بعد عامين.

أعيد بناء المسرح مرة أخرى بعد تدميره جزئياً خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تم تمويل جزء كبير من المشروع عن طريق التبرعات الخاصة والإسهامات المالية من الأفراد والمؤسسات المختلفة في إيطاليا وخارجها، وافتتح المسرح المعاد بناؤه في عام 1946 واستمر في تقديم العروض الفنية على مدار السنوات بشكل مشهود له بالتألق والجودة.

منذ عام 2016، تنظم الدار وتستضيف جزءاً من فعاليات مهرجان "لا سكالا في المدينة" السنوي الذي يشمل تقديم عروض موسيقية ومسرحية وباليه وسينمائية في أماكن مختلفة من المدينة، وإشراك الجمهور في تجارب فنية مبتكرة ومتنوعة. يعد المسرح أحد رموز الثقافة الإيطالية والأوروبية، ويستقطب زواراً من أرجاء العالم كافة، ونظراً لطابعه التقليدي ينصب التوجه فيه على العروض التقليدية والكلاسيكية.

5 - مسرح غارنييه

يقع هذا المسرح الشهير في قلب العاصمة الفرنسية باريس ويعد معلماً رئيساً في المدينة وأشهر المسارح الكلاسيكية فيها. افتتح سنة 1913 ويشتهر بتصميمه الفني البارز وبريادته في تقديم العروض الفنية الكلاسيكية والمعاصرة على حد سواء.

وضع المهندس المعماري الفرنسي أوغستي بيريه والفنان جاك كاتير تصميم المكان بطريقة تجسد الأسلوب الفني الأنيق والراقي للفترة الباروكية، ويتباهى المسرح بواجهته الجميلة المزينة بالمنحوتات والزجاج الملون، ويتميز بصالة فسيحة ومريحة تتسع لجمهور كبير.

يعد مسرح غارنييه مكاناً مهماً لعروض الأوبرا والباليه والموسيقى الكلاسيكية والمسرح، وشهد أداء عديد من أشهر الفنانين والموسيقيين على مر العقود، بما في ذلك عروض من قبل أوركسترا لاموراكيه وأوبرا باريس الشهيرة وباليه رودولف نورييف.

من الجدير بالذكر أن مسرح غارنييه شهد أيضاً لحظات تاريخية مهمة، مثل العرض المثير لرقصة "ربيع أنثى" للمصممة كوكو شانيل في عام 1929، التي أثارت جدلاً كبيراً في ذلك الوقت في مكان يعد رمزاً تاريخياً وثقافياً حيوياً لفرنسا والعالم يحتفي بالفنون والموسيقى الراقية.

6 - مسرح ميتروبوليتان

هذا المكان المعروف اختصاراً بـ "مِت"Met،  هو واحد من أبرز المسارح الأوبرالية في العالم ويقع في مدينة نيويورك، تأسس سنة 1880 لكن افتتاحه بشكل رسمي لم يتم إلا بعد ذلك بثلاث سنوات، يقع المسرح في لينكولن سنتر بلازا في منطقة مانهاتن، ويعد هذا المبنى الضخم جزءاً من مجمع للفنون يضم أيضاً مركز لينكولن للفنون ومدرسة غوليارد للفنون المسرحية.

مساحته الشاسعة التي تسمح له باستضافة أكثر من 3800 متفرج تضعه في قائمة أكبر المسارح في العالم، ويمتاز بتصميم داخلي فاخر وفخم، واللوحات الفنية المذهلة التي تزين سقف قاعته الرئيسة، إلى جانب أحدث التقنيات الصوتية والإضاءة، التي تسمح بتقديم عروض استثنائية تصعب استضافتها في أماكن أخرى. ويعد مسرح ميتروبوليتان موطناً لبعض أبرز فرق ومغني الأوبرا في العالم، ويقام على خشبته حوالى 27 عرضاً أوبرالياً في الموسم الفني الواحد، إلى جانب حفلات موسيقى كلاسيكية وأحداث فنية متنوعة.

مسرح ميتروبوليتان هو المكان الذي مهد للأوبرا في الولايات المتحدة الأميركية والمنصة التي تجذب عشاق هذا الفن وغيره من الفنون المسرحية من جميع أرجاء العالم.

7 - تياترو ديل ليسو

هذا واحد من أبرز مسارح الأوبرا في برشلونة، إسبانيا. ويعد من أحد أقدم المسارح الأوبرالية في أوروبا ومعروف بتاريخه العريق والبراعة الفنية التي يستضيفها، إلى جانب مجموعة من الأحداث المأسوية التي شهدها منذ افتتاحه في عام 1847.

المسرح الواقع في وسط المدينة هو ملكية خاصة ومشهور بمبناه الجميل والضخم وبعمارته النيوكلاسيكية الأنيقة والديكورات الفاخرة في داخله، ويضم قاعة رئيسة وقاعة حفلات موسيقية وقاعة مؤتمرات.

يتسع المكان لأكثر من 2300 متفرج، ويحتوي على مرافق حديثة تتضمن صالات استقبال ومطاعم ومقاهي، ويعد المسرح مركزاً ثقافياً وقطباً مهماً لعروض الأوبرا والباليه عالية الجودة ومنصة لاستعراض المواهب العالمية ويستضيف عروضاً دورية لأشهر الأعمال الكلاسيكية مثل أوبرا كارمن.  

شهد المرفق الذي يعكس التاريخ والثقافة والفن الكاتالوني مجموعة من الأحداث السلبية مثل نشوب حريق هائل سنة 1861 دمر المسرح بكامله، وتعرضه لهجوم إرهابي بواسطة قنبلة في عام 1893 دمر جزءاً كبيراً منه وقتل 20 شخصاً، وانفجار آخر سنة 1994 ناجم عن آلة لحام هز المدينة ودمر جدران المسرح الخارجية وبعض المباني المجاورة وأوقف الأنشطة فيه حتى عام 1999.

8 - دار الأوبرا الوطنية في طوكيو

هي واحدة من أهم المسارح الأوبرالية في اليابان وتعد مؤسسة وطنية مهمة لدعم الفنون الموسيقية والثقافة. تأسست سنة 1966 كجزء من مشروع لتعزيز الثقافة والفنون في البلاد، وبنيت على ضفاف بحيرة شينوبازو الصناعية في منطقة طوكيو بيغ سايت المرموقة في العاصمة اليابانية التي تحتضن عديداً من المرافق الثقافية والتجارية.

تتميز الدار بتصميمها المعماري الأنيق والفريد الذي يجمع بين عناصر العمارة اليابانية التقليدية والحديثة، ويتفرد المبنى بواجهته الزجاجية الكبيرة التي تمتد لأمتار وتسمح بدخول أشعة الشمس طوال النهار، وتتزين بتفاصيل زخرفية رائعة تمزج بين النقوش التقليدية اليابانية والأنماط الهندسية الحديثة في محاولة للموازنة بين الحاضر والماضي.

يحتوي المسرح الرئيس على قاعة فسيحة تتسع لحوالى 1800 شخص، تتميز جدرانها وسقفها بزخرفة فنية متقنة تضفي على المكان جواً من الفخامة والجمال.

الدار مزودة بإضاءة حديثة تساعد على إبراز الأداء على المنصة بشكل أكبر، وتسمح بتغيير الأجواء والتركيز على التفاصيل الفنية والأداء الاستعراضي.

يتيح تصميم الدار استضافة مجموعة متنوعة من العروض الموسيقية والأوبرالية والراقصة والفعاليات الثقافية المحلية والعالمية والإقليمية البارزة، إضافة إلى الأداء المستدام وبرامج التعليم الثقافي التي تهدف إلى تعزيز الفنون المسرحية والموسيقى وجعلها متاحة للجمهور المحلي والزوار.

9 - مسرح تياترو كولون

واحد من أهم وأشهر دور الأوبرا والباليه في العالم، يقع في مدينة بوينس آيرس، الأرجنتين. تأسس سنة 1908 ويعد معلماً ثقافياً وفنياً رفيعاً في الأرجنتين والعالم، ويتميز بتاريخ طويل من الأداء الاستثنائي للأوبرا والباليه والمسرحيات والموسيقى الكلاسيكية، ويشتهر بتقديم إنتاجات عالية الجودة تجمع بين المواهب المحلية والعالمية، ويعد مبنى مسرح تياترو كولون تحفة فنية بحد ذاته ومن أبرز الأمثلة على العمارة الفنية في بوينس آيرس، ويتميز بقبة ضخمة وديكور داخلي فخم، وبتصميمه الذي يجمع بين العناصر الكلاسيكية والرومانسية والعصرية، وتفاصيل زخرفية دقيقة وأشغال فنية فريدة، ويتسع المكان لأكثر من 2400 متفرج ويجذب مئات الآلاف من الزوار إلى المدينة سنوياً.

شهد المرفق حرائق وحوادث عدة على مر العقود، كان أكثرها شهرة ودموية ذلك الذي وقع عام 1983، عندما تعرض المسرح لحادثة حريق كبير أسفر عن تدمير جزء كبير من المبنى وفقدان عديد من الأعمال الفنية والمعدات التاريخية، وأعيد بناء المسرح بعد الحادثة وزود بتعديلات هندسية تحسن السلامة في المبنى وتحافظ عليه، واستعاد تياترو كولون من حينها مكانته كواحد من أهم مسارح العالم.

10 - مسرح الدمى المائية في هانوي

يختلف هذا المكان عن بقية الأماكن السابقة في القائمة بسبب العروض التي يستضيفها، لكنه لا يقل أهمية عنها. يعد المسرح الذي تأسس عام 1969 أحد أهم المعالم الثقافية في فيتنام، وتعود أصول هذا الفن إلى القرون الوسطى، لكن تم تطويره وتحسينه ليصبح الفن الذي نعرفه اليوم. يتميز مسرح الدمى المائية بمبنى جميل يعكس التراث الثقافي المحلي، تتزين واجهته الخارجية بتفاصيل زخرفية ونقوش يدوية تحمل الروح الفيتنامية التقليدية. أما البنية الداخلية فتحتوي على مشغولات خشبية مزينة بشكل جميل تستخدم في أداء العروض.

يستضيف المكان عروضاً ممتعة تستند إلى تقاليد الدمى المائية، وهي من أقدم أنواع الفنون التي تشتهر بها البلاد، إذ يتم التحكم بدمى خشبية تحت الماء بواسطة أسلاك خفية، ما يخلق حركات سلسة وجميلة، وغالباً ما تروي العروض قصصاً تراثية وتقدم مزيجاً من الموسيقى التقليدية والأداء المسرحي.

يعد مسرح الدمى المائية في هانوي جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي لفيتنام وقد تم تسجيله في قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية لمنظمة "اليونسكو"، ويستقطب السياح من جميع أنحاء العالم ويسهم في نشر ثقافة البلاد.

زيارة مسرح أو قاعة فنية ليست مجرد حضور لعرض فني، بل هي رحلة تأخذك إلى عوالم جديدة وتغمرك بالعواطف والتجارب الاستثنائية في أماكن تسلط الضوء على قدرة الإنسان على الإبداع والتعبير عن ذاته. هذه الصروح التي تحتضن الفن والثقافة ستظل مساحات للاحتفال بالتنوع الثقافي وتوثيق التاريخ الفني والاجتماعي ومصدر إلهام لنا جميعاً، وقادرة على ترك بصمة في الذاكرة تبقى نابضة حية ولو بعد سنين.

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية