أزمة المقاتلين الأجانب في سوريا الجديدة: التحدي الأخطر أمام الشرع

أزمة المقاتلين الأجانب في سوريا الجديدة: التحدي الأخطر أمام الشرع

أزمة المقاتلين الأجانب في سوريا الجديدة: التحدي الأخطر أمام الشرع


02/06/2025

بعد ستة أشهر على دخوله دمشق رئيسًا لسوريا إثر الإطاحة ببشار الأسد، يواجه أحمد الشرع (المعروف سابقًا بأبي محمد الجولاني) معضلة بالغة التعقيد، تتمثل في مصير آلاف المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانبه. هؤلاء الذين شكّلوا في السابق أحد أعمدة قوته، باتوا اليوم تهديدًا سياسيًا وأمنيًا متزايدًا لنظامه الانتقالي.

وقد سلط تقرير موسّع لصحيفة واشنطن بوست الضوء على هذا الملف، مشيرًا إلى أن الشرع منح بعض هؤلاء المقاتلين مناصب عليا في وزارة الدفاع، بل اقترح تجنيسهم، وهي خطوة أثارت حفيظة الولايات المتحدة. 

فبعد لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض، غرّدت المتحدثة باسم البيت الأبيض مؤكدة أن واشنطن طالبت بطرد جميع "الإرهابيين الأجانب" من سوريا.

لكن المشكلة أعمق من مجرد تسوية دبلوماسية. فبعض هؤلاء المقاتلين، بحسب منظمات رصد، متورطون في موجات عنف طائفي، كالهجوم الذي وقع قبل شهرين في الساحل السوري وأودى بحياة مئات العلويين. كما أن قطاعًا من المتشددين بدأ ينتقد الشرع ويتهمه بالتراجع عن تطبيق الشريعة والتعاون مع أميركا وتركيا.

ميدانيًا، تقول الصحيفة إن الحكومة السورية الجديدة أمرت هؤلاء الأجانب بالاختباء وتجنّب التحدث للإعلام، لكن حضورهم لا يزال مرئيًا في إدلب ومحيطها، إذ يتجوّل رجال بملامح آسيوية وأوروبية، بعضهم يرتدي زيًا عسكريًا وآخرون بملابس مدنية في محلات الحلاقة والأسواق والمساجد، وكلهم تحت مراقبة مشددة.

هذا وتشير التقديرات إلى وجود نحو 5 آلاف مقاتل أجنبي في سوريا، غالبيتهم مندمجون في المجتمع المحلي، وبعضهم أنجب أطفالًا ولا يرغب في العودة إلى بلاده خوفًا من الاعتقال أو الإعدام. يقول أحدهم، فرنسي يُدعى مصطفى: "أنا مطلوب في أغلب الدول الأوروبية… لا مكان آخر لي غير هنا".

يرى باحثون مثل برودريك ماكدونالد أن ما يجري "اختبار حاسم" لقدرة الشرع على إدارة سوريا الجديدة دون أن تتحول إلى أزمة أخرى تحت ضغط الخارج وغليان الداخل

وفي مواجهة الضغوط الغربية، اتخذ الشرع خطوات لمحاصرة المشكلة دون تفجيرها، حيث أوقف منح الرتب العليا للأجانب، ودمج عددًا منهم في وحدات الجيش الجديد، واضعًا الحرس الرئاسي بيد موالين أجانب لا يملكون قواعد سلطة خاصة، وبرغم ذلك، فإن تسريبات أشارت إلى استمرار تذمر متشددين يرون في هذه الإجراءات تراجعًا عن الأهداف "الجهادية".

ويرى خبراء مثل جيروم دريفون أن الحكومة تحاول تجنب كسر هذا التحالف الهش. وقال إنهم "لا يريدون استفزازهم… فبإمكانهم الاختفاء أو الانضمام لجماعات متطرفة جديدة"، على حد قوله. 

وأضاف أن الخطورة تكمن في احتمالية اندلاع تمرد داخلي أو تصعيد طائفي إذا فُقد هذا التوازن الدقيق.

في المقابل، أبدى المبعوث الأميركي توماس باراك بعض الرضا عن الخطوات المتخذة، واصفًا إياها بأنها "ملموسة"، لكن من دون تفاصيل إضافية. بينما يرى باحثون مثل برودريك ماكدونالد أن ما يجري "اختبار حاسم" لقدرة الشرع على إدارة سوريا الجديدة، دون أن تتحول إلى أزمة أخرى تحت ضغط الخارج وغليان الداخل.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية