آخر هدايا ترامب لإسرائيل: هدم قرية الخان الأحمر في القدس

آخر هدايا ترامب لإسرائيل: هدم قرية الخان الأحمر في القدس


10/12/2020

تعود قضية "الخان الأحمر" إلى الواجهة من جديد، بعد قرار المحكمة الإسرائيلية العليا الذي يقضي بهدم القرية وتهجير سكانها قسراً، وذلك بهدف تنفيذ الاحتلال الصهيوني لمشروعه الاستيطاني المسمّى "القدس الكبرى"، والذي من شأنه أن يفصل مدينة القدس نهائياً وبشكل كامل عن امتدادها الفلسطيني، لا سيما بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لدولة "إسرائيل"، في نهاية عام 2017.

قرية الخان الأحمر تشكّل حلقة وصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وبالسيطرة عليها من قبل الاحتلال سيتمّ عزل القدس وتقسيم الضفة إلى كانتونات منفصلة

 والخان الأحمر، هي منطقة صحراوية تمتدّ على الطريق بين القدس وأريحا، سميت بهذا الاسم نسبة لرمالها التي تميل إلى الحمرة، وتبلغ مساحتها، بحسب مسح الأراضي والسكان عام 1945، نحو 16380 دونماً، ويقطنها نحو 180 شخصاً، يعيشون في خيام وأكواخ، وتعود أصولهم إلى قبيلة الجهالين البدوية التي طُردت على يد عصابات الاحتلال من النقب الفلسطينيّ، عام 1952.

قرار للمحكمة الإسرائيلية العليا يقضي بهدم القرية وتهجير سكانها قسراً

وطلب رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع بيني غانتس، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، من المحكمة العليا الإسرائيلية، تأجيل تنفيذ مخطط إخلاء وهدم القرية البدوية "الخان الأحمر"، شرق القدس، لمدة أربعة أشهر، على الأقل.

وجاء هذا الخطاب الخطّي، ردّاً على التماس تقدّمت به حركة "ريغافيم" اليمينية الاستيطانية، والتي تقدمت بستة التماسات خلال العقد الأخير أمام المحاكم، بهدف تهجير سكان الخان الأحمر، لإخلاء المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم، وإقامة بؤر استيطانية مكانها.

اقرأ أيضاً: بروفيسور فرنسي أمريكي يتحدى جرافات الاحتلال تضامناً مع "الخان الأحمر"

وكان نتنياهو قد جمَّد تنفيذ قرار إخلاء الخان الأحمر، في20 تشرين الأول (أكتوبر) 2018، بعد تحذير المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، في 17 تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه، من أنّ هدم تجمّع "الخان الأحمر" وتهجير السكان عنوة في أراضٍ محتلة، يعدّ جريمة حرب بموجب ميثاق روما.

وفي أواخر آب (أغسطس) عام 2017؛ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أنّ الحكومة الإسرائيلية ستقوم بإخلاء التجمعات بأكملها خلال عدة أشهر، وحكمت المحكمة العليا في إسرائيل مرتين بهدم قرية الخان الأحمر بأكملها، في 24 أيار (مايو) 2018، ثم مرة أخرى في 5 أيلول (سبتمبر) 2018، بعد التماس عاجل من سكان القرية.

وقد وصفت منظمة العفو الدولية "أمنستي" تهجير سكان الخان الأحمر بأنّها جريمة حرب، وطالبت في تغريدة لها على موقع تويتر، خلال العام 2018، منسّق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بعدم إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب جرائم، "لأنّ العالم يشاهد"، بحسب تعبيرها.

اقرأ أيضاً: هل يكون "الخان الأحمر" ملحمة صمود في وجه عنجهية إسرائيل؟

ودعا مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، عام 2004، إسرائيل لوقف هدم المنازل الفلسطينية، وفقاً للقرار رقم 1544، بالإضافة لما جاء في المواد 147 و53 و33 من اتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 50 من اتفاقية لاهاي، والتي تحظر جميعها على دولة الاحتلال أن تدمّر أيّة ممتلكات خاصة، ثابتة أو منقولة، تتعلّق بأفراد أو جماعات، دون وجود دواعٍ "حربية".

ظروف حياتية صعبة

بدوره، قال المتحدث باسم تجمّع الخان الأحمر، عيد الجهالين: إنّ "سكان الخان الأحمر عبارة عن لاجئين ينتمون لقبيلتَي الكعابنة والجهالين، تمّ تهجيرهم من منطقة النقب خلال النكبة الفلسطينية، عام 1948، وهي تجمّع بدويّ من بين 46 تجمعاً فلسطينياً في الضفة الغربية"، مبيناً أنّه "تمّ احتلال القرية خلال العام 1967، لإقامة مشروع استيطاني يربط القدس الشرقية بالبحر الميت، لعزل المدينة المقدسة، وفصل شمال الضفة عن جنوبها".

عيد الجهالين

ويضيف الجهالين، خلال حديثه لـ "حفريات": "سكان القرية، الذين لا يتجاوز عددهم 200 نسمة، يعيشون ظروفاً حياتية صعبة، ويرفض الاحتلال تزويدهم بالخدمات والبنى التحتية اللازمة، كالكهرباء والماء والصحة والتعليم، ويمنعهم عنهم تراخيص بناء، فمنازلهم مشيّدة من الإطارات والخيام والألواح المعدنية"، مشيراً إلى أنّ "هناك مستوطنتَين هما "معاليه أدوميم وكفار أدوميم" تحيطان بالقرية، تمّ بناؤهما بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، خلال العام 1967".

الباحث في شؤون القدس، جمال عمرو  لـ"حفريات": الاحتلال الإسرائيلي يحاول استغلال الفترة المتبقية من ولاية الرئيس ترامب، لتنفيذ أكبر عملية تهجير وتطهير عرقيّ

وتحيط بالقرية خمسة تجمعات سكنية فلسطينية تقع بالقدس المحتلة، هي: أبو ديس، والعيزرية، وعناتا، والعيساوية، والنبي موسى، وتضمّ القرية مسجداً ومدرسة واحدة، تتبع لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وتمّ تشييدها من الإطارات المطاطية خلال عام 2009 من قبل مانحين دوليين، وتضمّ 170 طالباً.

نقل سكان القرية

وأكّد الجهالين أنّ "هناك مقترحات ومحاولات إسرائيلية لنقل سكان القرية إلى منطقة "جبل البابا"، الذي يقع على مشارف بلدة أبو ديس الفلسطينية، إلا أنّ المنطقة هي عبارة عن مكرهة صحيّة، تستخدم لتجميع مياه الصرف الصحي، ومكبّ للنفايات"، موضحاً أنّها "مقترحات تمّ رفضها، ولن يتمّ التعامل معها طالما تنتقص من حقوقنا وثوابتنا الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: مريضات فلسطينيات بسرطان الثدي تقتلهن إجراءات الاحتلال الإسرائيلي

الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أحدث الطرق التكنولوجية لمراقبة القرية عن بعد، من خلال استخدام الطائرات المسيرة، لمتابعة ورصد التحركات على الأرض، ومنع أيّة محاولة فلسطينية لبناء أيّ منزل أو منشأة داخل القرية، وذلك بهدمها بشكل كامل من قبل الجرافات العسكرية بحجة البناء دون ترخيص.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تستولي على آثار فلسطينية لخلق تاريخ مزيف لأكاذيب الاحتلال

ودعا الجهالين إلى "ضرورة حشد المتضامنين الأجانب والفلسطينيين بأعداد كبيرة داخل القرية على مدار الساعة"، مبيناً أنّ "الاحتلال الإسرائيليّ قد يلجأ لهدم القرية في حال تراجعت أعداد المتضامنين؛ حيث سيكون من الصعب على سكان القرية، التي يشكّل الأطفال ما يزيد عن 51% منهم، مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وحدهم، بالتالي، تمهيد الطريق أمام الاحتلال للسيطرة على كافة التجمّعات البدوية المحيطة بالخان الأحمر".

عزل مدينة القدس

ويرى الباحث في شؤون القدس، جمال عمرو أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يهدف من وراء هدم قرية الخان الأحمر إلى توسيع حدود بلدية القدس، لتحدّها من الجنوب مستوطنة عتصيون، ومن الشرق مستوطنة معاليه أدوميم، ومن الشمال بيسجات زئيف"، مبيناً أنّ "هدم الخان سيمهّد الطريق لهدم المزيد من التجمعات البدوية شرق القدس، والتي يزيد عددها عن 26 تجمعاً بدوياً، ويقطنها أكثر من 6 آلاف نسمة، بهدف زيادة أعداد المستوطنين وتقليص نسبة السكان المقدسيين، بحسب المخططات الصهيونية، إلى أقلّ من 20% من مجموع السكان في مدينة القدس".

جمال عمرو

وتابع عمرو خلال حديثه لـ "حفريات": "القرية تشكّل حلقة وصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وبالسيطرة عليها من قبل الاحتلال سيتمّ عزل مدينة القدس وتقسيم الضفة إلى كانتونات منفصلة عن بعضها، في محاولة لربط مدينة القدس بشبكة أنفاق وسكك حديدية مع المستوطنات المجاورة للخان الأحمر"، مشيراً إلى أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يحاول استغلال الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتنفيذ أكبر عملية تهجير وتطهير عرقيّ بحقّ الخان الأحمر والقرى البدوية المحيطة بمدينة القدس، لأغراض التوسّع الاستيطاني".

اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يمارس العقاب الجماعي ويحرم فلسطينيين من بطاقة الهوية

وأضاف عمرو" "(مشروع "E1) الاستيطاني، الذي تسعى إسرائيل للقيام به في مدينة القدس، يهدف إلى عزل قرى حزما وعناتا والطور عن محيطها الفلسطيني، من الناحية الشرقية لمدينة القدس، وصولاً إلي قرية الخان الأحمر، وذلك لتسهيل الوصول إلى مستعمرة معاليه أدوميم، التي تعدّ من أكبر مستوطنات القدس، لتحقيق مشروع القدس الكبرى الاستيطاني".

اقرأ أيضاً: فلسطينيون يروون لـ"حفريات" كيف أطفأ الاحتلال الإسرائيلي عيونهم

ويقع الخان الأحمر في المنطقة "ج"، التي تخضع إلى السيطرة الإسرائيليّة، وتشكّل هذه المنطقة 61% من أراضي الضفّة الغربيّة؛ حيث حافظت فيها إسرائيل على سيطرة شبه تامّة، وذلك عقب توقيع الاتّفاق الانتقاليّ بين إسرائيل ومنظّمة التحرير الفلسطينيّة، المعروف بـ "أوسلو 2"، عام 1995؛ حيث قسّمت إسرائيل الضفّة الغربيّة إلى ثلاث مناطق: المنطقة "أ"، والمنطقة "ب"، والمنطقة "ج".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية