مرحلة جديدة في السعودية تجاه "الإخوان" والإسلام السياسي

الإسلام السياسي

مرحلة جديدة في السعودية تجاه "الإخوان" والإسلام السياسي


02/12/2017

في الرابع والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي تحدَّث ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على هامش مشاركته في جلسة حوارية في منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" عن حرب المملكة الصريحة على التطرف، وبدء تحجيم الجناح الديني الحركي في السعودية، تمهيداً للقضاء عليه قائلاً "سوف نقضي على التطرف في القريب العاجل"، مشيراً إلى أنّ "الأفكار المدمرة" بدأت تدخل السعودية في العام 1979 في إطار مشروع "صحوة" دينية تزامن مع قيام الثورة الإسلامية في إيران. كانت تلك التصريحات علامة واضحة على العهد الجديد الذي تعيشه المملكة.
 

ثلاثة معانٍ
ولقد عنى كلام ولي العهد السعودي ثلاثة أمور:
الأول، أنّ هذه التصريحات هي الأولى من نوعها على لسان مسؤول سعودي كبير بهذا المستوى.
الثاني، أنّ تصريحات ولي العهد تعكس مرحلة تحوّل سعودية جديدة إزاء حركات الإسلام السياسي، وعلى رأسها "الإخوان" و"السرورية"؛ حيث انتقل انتقاد الأمير الشاب لها من إطار الغرف المغلقة والجلسات الخاصة بالنخب والمسؤولين إلى الفضاء العام والتصريحات العلنية.
الثالث، أنّ هذه التصريحات ليست موقفاً سعودياً وحيداً؛ بل هو مدعوم بعمل تشارك فيه مؤسسات الدولة السعودية كافة، ويعكس نظرتها الجديدة لـ "الإخوان المسلمين" وتيارات الإسلام السياسي والجهادي.
 

مؤشرات إلى المرحلة الجديدة
يمكن الإشارة إلى  مؤشرات ودلائل عديدة على المرحلة الجديدة في السعودية تجاه تلك التيارات الإسلاموية:
1. لقد سبق موقف ولي العهد السعودي الصريح تأكيد "مركز الحرب الفكرية"، المرتبط بوزارة الدفاع السعودية، تخوين جماعة "الإخوان" والقول على موقع المركز على "تويتر" في (19 تشرين الأول/أكتوبر 2017) إن "أصول الجماعات المتطرفة كالإخوان والسرورية تتركز على عزل الشعور الوطني من الوجدان؛ فلا تجد في أطروحاتهم أي مشاركة تُشعِر باللحمة الوطنية، كما لا تجد لتلك الجماعات أي إشارة للدولة الوطنية، إلا عند النيل منها، مضللين ببكائياتهم حماسة الشباب المغرر به، فكانوا وقود الإرهاب ومسرح الفتنة"، وفق موقع المركز على "توتير" (fekerksa@).

علماء سعوديون يربطون فكر "الإخوان" بالجماعات المتطرفة، من حيث اشتراكهما في أمرين: مبدأ التكفير، والخروج على الحاكم

2. أعلن "المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف" (اعتدال ) وبشكل صريح استهدافه جماعة "الإخوان المسلمين"؛ إذْ بعد مرور 24 ساعة من تدشين حساب "اعتدال" الرسمي على "تويتر" في الثاني والعشرين من أيار (مايو) الماضي، غرّد أمين عام "اعتدال"، الدكتور ناصر البقمي؛ عبر حسابه الشخصي على "تويتر"، محذّراً من "الإخوان المسلمين" و"السروريين". وقال البقمي "تاريخياً: الإخوان المسلمون وراء كل تطرف، وهم المظلة الحاضنة لكل الجماعات التكفيرية؛ فكأنها الجناح السياسي، والجماعات المسلحة الجناح العسكري". وأضاف: "‏الإخوان المسلمون والسروريون يتفننون باستخدام التقية لإخفاء توجّهاتهم مخادعةً للناس في سبيل استقطاب المجندين، ومن واجبنا التنبيه إلى خطرهم وكشفهم".
3. لتأكيد بدء تشكُّل سياسةٍ سعودية غير مواربة ضد جماعة "الإخوان المسلمين" قامت وزارة الثقافة والإعلام السعودية بحجب موقع "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" والموقعين الرسميين ليوسف القرضاوي والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القرة داغي. وفي الثالث والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) 2017  أضافت الدول الأربع المقاطعة لقطر، إلى قائمة الكيانات الإرهابية، كلاً من المجلس الإسلامي العالمي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وقال بيان صادر عن الدول الأربع "المنظمتان اللتان أضيفتا للقائمة جماعتان إرهابيتان تعملان على دعم الإرهاب عن طريق الخطاب الإسلامي واستخدامه كغطاء لتيسير العديد من الأنشطة الإرهابية".
 

خلاف في المنهج وليس في الوسائل
4. كان من أهم مؤشرات التحول الجديد في السياسات السعودية ضد جماعة "الإخوان" موقف المؤسسة الرسمية الدينية في دعم السلطات الأمنية والسياسية السعودية في سياستها الجديدة ضدهم وضد تيارات الإسلام السياسي. ففي  15 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 أكدت هيئة كبار العلماء أنّ خلافها مع جماعة "الإخوان" الإرهابية في "المنهج" قبل أن يكون في "المسائل"، على حدّ تعبيرها، مشيرة إلى أنّ تنظيمات "داعش" و"القاعدة" و"الإخوان" "خدعوا الناس". وأضافت الهيئة عبر موقعها الرسمي :"البعض يعتقد أنّ خلافنا مع الإخوان في مسائل محددة ومعدودة وهذا ليس بصحيح؛ فالخلاف معهم في المنهج قبل أن يكون في المسائل"، وفق تصريحات الأمين العام للهيئة، التي أكدت أنّ "داعش والقاعدة والإخوان امتطوا الإسلام لآرائهم وأهوائهم وخداع الناس، ومن يدعو شبابنا إلى الانتظام معهم فقد أخطأ وضل سواء السبيل". كما شددت الهيئة على أنّ  "الإرهاب جريمة تستهدف الإفساد؛ بزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس، والممتلكات الخاصة والعامة".

تصريحات الأمير محمد بن سلمان تعكس مرحلة تحوّل سعودية جديدة إزاء حركات الإسلام السياسي، وعلى رأسها "الإخوان" و"السرورية

5. على مستوى المواقف الشخصية، قال الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء إن الأشخاص الذين يعملون مع الجهات الخارجية ضد مصالح الوطن "مفسدون في البلاد"، داعياً إلى تطبيق العقوبات الرادعة التي تمنعهم وتنذر غيرهم. وانضم الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ عبد الرحمن السديس، لتأييد الحكومة السعودية بقوة، مُشيداً بـ "ما يقوم به جهاز أمن الدولة من مكافحة التطرّف والإرهاب، وما يقوم به رجال الأمن من عمل مشرّف في حماية الوطن والمقدّسات من عبث المندسّين والخونة والإرهابيين".
6. من المواقف المبكرة، والتي سبقت تصريحات ولي العهد السعودي، المشار إليها أعلاه، كان موقف الأمين العام لهيئة كبار العلماء د. فهد بن سعد الماجد؛ ففي 24 أيلول (سبتمبر) 2017 كتب مقالاً في صحيفة "الرياض" بعنوان (جماعة الإخوان.. هل هي خطر على المسلمين؟ ) ربط فيه فكر "الإخوان" بالجماعات المتطرفة، من حيث اشتراكهما في أمرين: مبدأ التكفير، والخروج على الحاكم.
7. في تطور نوعي جديد حذرت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السادس والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) 2017 من خطر الاتحادات التي تصنف نفسها على أنها علمية، وهي بالأساس قامت على أفكار حزبية، وأغراض سياسية، ولا تمتُّ للعلم والعلماء بصلة. وقالت في بيان لها (إنه من خلال رصدنا لما يصدر عن هذه الاتحادات، لا سيما ما يسمى "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، لاحظنا أنه ينطلق من أفكار حزبية ضيقة، مقدماً مصلحة حركته على مصلحة الإسلام والمسلمين، وكان لهذا الاتحاد دور في إثارة الفتن في بعض الدول الإسلامية والعربية على وجه الخصوص). وأضافت الأمانة العامة في بيانها "ننصح الجميع، ولا سيما طلبة العلم، بالابتعاد عن الانتساب إلى هذه الاتحادات".

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية