خطر صامت... الإخوان يجددون خلاياهم ويستقطبون جيلاً جديداً من الأطفال

خطر صامت... الإخوان يجددون خلاياهم ويستقطبون جيلاً جديداً من الأطفال

خطر صامت... الإخوان يجددون خلاياهم ويستقطبون جيلاً جديداً من الأطفال


08/07/2025

رغم النجاحات الأمنية والدبلوماسية في محاربة الإرهاب وتفكيك خلاياه في مصر ودول عديدة، إلا أنّ ما يُخفيه الهدوء الظاهري على السطح يُنذر بتحول صامت ومخيف: استمرار جماعة الإخوان في تجنيد الشباب، وتجديد خلاياها، وخلق أجيال جديدة مهيأة للعنف والتطرف.

الكاتب الصحفي المصري خالد صلاح في مقالته "إنذار مبكر"، أطلق تحذيراً جريئاً، مشيراً إلى أنّ الأفكار المتطرفة ما تزال حية، وعمليات التجنيد قائمة، والمجتمع لم يُكمل بعد معركته مع جذور التطرف.

"الهدوء الظاهري في مصر لا يخفي خطراً صامتاً: تجنيد جديد يقوده الإخوان من تحت الأرض، بأدوات رقمية وعاطفية مدروسة."

 

ويرى صلاح، في مقالة نشرها عبر صحيفة (اليوم السابع)، أنّ جماعة الإخوان ما تزال تعمل في الظل، عبر (7) مراحل لإعادة التجنيد: استثارة الغضب الاجتماعي والاقتصادي، وإحياء خطاب الكرامة الدينية والسياسية ضد إسرائيل، والترويج لمظلومية "المقاومة" مقابل خنوع الدول، ونشر أساطير الفساد وتحريض الشباب ضد الإعلام والدولة، وزجّ اسم مصر في صراعات إقليمية مشبوهة، وترسيخ وهم "العصبة المؤمنة" كأداة للتمرد الداخلي، والوصول إلى مرحلة التكليف والدعوة إلى العمل الإرهابي.

ويؤكد صلاح أنّ رائحة هذا التجنيد تُشمّ في سلوكيات فردية وتحريض رقمي خبيث على منصات التواصل، في تعليقات ومنشورات وصور تُعيد بث الخطاب العاطفي والدعائي القديم.

"خالد صلاح دقّ جرس الإنذار مبكراً: الإخوان يعيدون إنتاج خلاياهم عبر سبع مراحل تبدأ بالغضب وتنتهي بالدعوة إلى الإرهاب."

 

في السياق ذاته، كشفت مؤسسة (ماعت) الحقوقية في تقرير عن قلق متزايد في أوروبا، لا سيّما في ألمانيا، من نشاط جماعة الإخوان في استقطاب اللاجئين وتجنيدهم عبر جمعيات دينية تابعة. ووصفت أجهزة الأمن الألمانية الجماعة بأنّها "أكثر خطراً من (داعش والقاعدة)".

وأوضح التقرير، الذي نشره موقع (العين الإخبارية)، أنّ "جماعة الإخوان الإرهابية تتركز في ولاية شمال الراين، ويديرها القيادي إبراهيم الزيات الذي حُكم عليه غيابيًا في مصر، وأطلق سراحه في عهد حكم الجماعة".

"تجنيد الإخوان يبدأ من الطفولة البريئة وينتهي بعضوية عاملة تطيع بلا نقاش وتنفّذ بلا تفكير."

 

وأشارت المؤسسة إلى طلب نواب الحزب الديمقراطي في ألمانيا باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة ضد الجماعة الإرهابية، بعد أن وصفوا الجماعة بأنّها أكثر خطورة من تنظيمي (داعش والقاعدة) الإرهابيين.

وتشير دراسات إلى أنّ جماعة الإخوان تبدأ التجنيد في سن مبكرة لا تتجاوز التاسعة، عبر أنشطة اجتماعية تبدو بريئة، تتدرج لاحقاً إلى تلقين فكري صارم وتدريب تنظيمي. وتُقسّم الجماعة أعضاءها إلى مراتب، مثلها مثل التنظيمات العسكرية، ممّا يعكس شدة البنية التنظيمية ونوايا الاستدامة.

"تقرير ماعت: ألمانيا ترى في الإخوان تهديداً أخطر من داعش والقاعدة مجتمعَين، وتطالب بخطوات حازمة ضدهم."

 

ويشير العديد من الدراسات البحثية إلى أنّ جماعة "الإخوان" تعتمد على السيطرة الإيديولوجية عبر استهداف النشء الأصغر سناً لتضمن ولاءهم عند الكبر، ممّا ساعدها على التمكين المجتمعي في مصر وأنحاء أخرى قبل أن تتمكن من ارتقاء السلطة في عام 2012 ثم سقطت سريعاً بعد عام واحد.

وبحسب الباحث الأمريكي في شؤون الجماعات الإسلامية لدى معهد واشنطن إريك تريجر، فإنّ جماعة الإخوان تستهدف الأطفال لتجنيدهم ابتداءً من سن التاسعة لتلقينهم فكرياً وإيديولوجياً، وفي الجامعات يستكشف أعضاء الإخوان المحليون الأعضاء الجُدد في كل الجامعات، ويبدأ هؤلاء المتعهدون بتجنيد الأعضاء بالتقرب إلى الطلاب الذين يُظهرون أمارات قوية على التقوى، ويقوم بعض أعضاء الإخوان بمقابلة ومصادقة الطلاب الجُدد وإشراكهم في أنشطة عادية غير سياسية، مثل كرة القدم ومساعدتهم في دروسهم لبناء علاقات، مع أهدافهم من أجل التدقيق في تدينهم، ويمكن لعملية التجنيد هذه أن تستغرق عاماً كاملاً.

"الطفل في مشروع الإخوان ليس مجرد متلقٍ بريء، بل مادة خام لصناعة متطرّف مؤمن بمظلومية مقدسة وخطاب كراهية متقن."

 

ووفق شبكة (الإندبندنت) توجد درجات في الانتساب إلى "الإخوان"، حسب مستوى الولاء وفترة العمل لصالح أهداف الجماعة، لافتة إلى أنّ الأطفال يشكّلون عصب تلك الجماعات والعناصر الرئيسية في كل نشاط مشبوه يقومون به، في ظل الحصانة القانونية التي يحظون بها  في الكثير من الدول الأوروبية التي تلتزم بعدم استجواب الأطفال أو اعتقالهم أو توجيه أيّ تهم إليهم.

وفي السياق ذاته كشف الباحث المصري طارق أبو السعد، الذي أمضى أعواماً طويلة داخل جماعة "الإخوان المسلمين" قبل أن يخرج منها، كشف تجربته الشخصية مع الجماعة معتبراً أنّه اختبر طريقة الإخوان في التجنيد.

"طارق أبو السعد: جُنّدت صغيراً بهدية وابتسامة، ثم تدرجتُ حتى صرتُ أداةً بيد تنظيم لا يعترف بالإرادة الفردية."

 

وقال أبو السعد في برنامج "مراجعات" الذي يُعرض على شبكة (العربية): إنّ جماعة الإخوان استقطبته في سن صغيرة من خلال أنشطة "مدارس الجمعة"، وهي فصول تقوية وتعليم موازية كانت تُقام داخل المساجد، مستهدفة الأطفال والشباب لتكوين ارتباط عاطفي بهم.

ووصف أبو السعد هذه المرحلة بأنّها تعتمد على "تجنيد عاطفي"، من خلال الزيارات والهدايا  والمسابقات التي تجعل الطفل يشعر باهتمام خاص من الجماعة. 

وبدأ انتماء أبو السعد الفعلي في المرحلة الثانوية، حيث اعتبر نفسه إخوانيًا، وتدرج في مراتب العضوية وصولاً إلى منصب "عضو عامل". 

"البيئة الرقمية للإخوان تنفث التحريض من خلال منشورات وتعليقات تنفخ نار الغضب باسم الدين والكرامة المفقودة."

 

وأوضح أبو السعد أنّ الجماعة تُربي أعضاءها على الطاعة المطلقة والتسليم للقيادة، مع إقصاء النقاش الحر أو اتخاذ قرارات مستقلة، مؤكداً أنّها تعتمد على التلاعب العاطفي لتجنيد الأفراد، ثم تحويلهم إلى أدوات لتحقيق أهداف سياسية، وغالباً ما يتم تجاهل إرادتهم الفردية أو رؤيتهم الخاصة. 

ويرى خالد صلاح أنّ الحل لا يكمن فقط في المواجهة الأمنية، بل في شن حرب ثقافية ودينية صريحة ضد "الأساطير" التي تسوقها الجماعات باسم الدين. ويدعو إلى تفكيك سردية الخلافة الإسلامية المثالية، من خلال قراءة نقدية للتاريخ الإسلامي، تكشف حقيقته السياسية والدموية بعيداً عن القداسة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية