
تشهد الدوائر العسكرية والسياسية في شرق السودان توترات متزايدة على خلفية الانقسام الحاد داخل تيار الإسلاميين المرتبط بالحركة الإسلامية ـ الجناح المحلي لجماعة الإخوان المسلمين ـ حول مصير القيادي البارز أحمد هارون، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، والذي فرّ من سجن كوبر في نيسان (أبريل) 2023.
بحسب مصادر عسكرية تحدثت لـ (إدراك)، فقد احتدم الخلاف خلال اجتماع مغلق عُقد هذا الأسبوع في منتجع "أركويت"، الذي تحول في الأشهر الأخيرة إلى مركز لاتخاذ قرارات استراتيجية من قبل قادة الحركة الإسلامية والعسكريين الموالين لها، في ظل غياب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
شخصيات نافذة في الأجهزة الأمنية والعسكرية تطالب علي كرتي بضرورة إعادة أحمد هارون إلى سجن كوبر.
الاجتماع الذي ضم شخصيات نافذة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، بالإضافة إلى الأمين العام للحركة الإسلامية والقيادي التاريخي في جماعة الإخوان المسلمين السودانية علي كرتي، شهد مطالبات واضحة من جانب بعض القادة الأمنيين بضرورة إعادة أحمد هارون إلى سجن كوبر الذي استكملت السلطات أعمال صيانته مؤخرًا.
لكن وفقًا لمصادر حضرت الاجتماع، فقد قوبلت هذه المطالبات برفض قاطع من علي كرتي، الذي اعتبر أيّ محاولة لإعادة هارون إلى السجن بمثابة "خيانة للحركة الإسلامية"، وقال في لهجة تهديد: "عودة هارون إلى السجن ستكون على جثة الحركة". هذا التصريح الصادم كاد أن يؤدي إلى اشتباك مفتوح بين الأطراف المشاركة في اللقاء.
كرتي، الذي يُنظر إليه كقائد فعلي للحركة الإسلامية في السودان منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، يتزعم معسكرًا محافظًا داخل تيار الإسلاميين يرفض تقديم أيّ تنازلات، بينما يقود جناح آخر ـ يُعتقد أنّه مدعوم من السياسي الإسلامي السابق إبراهيم محمود ـ المساعي لإعادة التموضع السياسي من خلال التواصل مع المؤسسة العسكرية.
مراقبون: "السودان قد يكون على أعتاب جولة جديدة من التوتر السياسي، مع تزايد احتمال انفجار صراع داخلي بين أجنحة الإسلاميين أنفسهم".
في هذا السياق، يرى مراقبون أنّ السودان قد يكون على أعتاب جولة جديدة من التوتر السياسي، مع تزايد احتمال انفجار صراع داخلي بين أجنحة الإسلاميين أنفسهم، وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف نفوذهم التاريخي داخل المؤسسة العسكرية، وربما يقوّض أيّ محاولات للعودة إلى المشهد السياسي من بوابة الانتخابات أو التسويات.
الخلاف بين التيارين الإخوانيين بدأ يُلقي بظلاله الثقيلة على الجيش السوداني والأجهزة الأمنية، فقد أفادت المصادر أنّ هناك "انقسامات حادة" بدأت تظهر داخل القيادات الوسطى، مع مخاوف من أن يتحول هذا الصراع إلى نزاع علني قد يعمّق التصدعات في المؤسسة العسكرية التي تواجه بالفعل ضغوطًا كبيرة في ظل الاقتتال المستمر مع قوات الدعم السريع في مناطق عدة.
وكان أحمد هارون، الذي يشغل موقعًا محوريًا في جناح كرتي، قد فرّ من سجن كوبر في نيسان (أبريل) 2023 خلال حالة من الفوضى الأمنية. وفي تسجيل صوتي قال هارون إنّه غادر السجن بمساعدة القوات النظامية، متعهدًا بتسليم نفسه "حينما تعود الدولة إلى وضعها الطبيعي"، وهو وعد لم يُنفذ حتى الآن.