
كشفت أعمال التنقيب الحديثة في مدينة "آني" الأثرية بولاية قارص شرقي تركيا، عن ساعة شمسية حجرية، تعود إلى نحو ألف عام، تمّ اكتشافها داخل ما يُعرف بالحمام الكبير. كانت هذه الساعة مصممة بشكل نصف دائري مقسّم إلى 12 جزءًا، وتثبت في وسطها قضيب معدني يلقي بظله على الأقسام؛ لتحديد الوقت بحساب دقيق اعتمادًا على موقع الشمس .
يُعد هذا الاكتشاف فريدًا من نوعه في العصور الوسطى، لجهة تعبيره عن مستوى رفيع من الفهم العلمي للزمن واستخدام الضوء الطبيعي كأداة قياسية. ورغم أنّ الحضارات الرومانية والهيلينية سبق أن طوّرت مثل هذه المعدات، إلا أنّ هذه الساعة هي واحدة من أندر النماذج التي بقيت من العصر الوسيط، ممّا يجعلها مرآة حيوية لقدراتهم المعمارية والفكرية .
خضعت الساعة لأعمال ترميم دقيقة خلال العامين الماضيين، ضمن مشروع كبير تنفذه وزارة الثقافة والسياحة التركية. وقبل نحو أسبوعين، تمّ بعناية عرضها للجمهور في متحف قارص للآثار والإثنوغرافيا، لتصبح واحدة من أبرز القطع الجاذبة للزوار والباحثين من تركيا وخارجها .
تمتد مدينة آني الأثرية على مساحة نحو 85 هكتارًا، وضمّت جذور حضارات متعددة، بما في ذلك مساجد وكنائس وسور دفاعية وقصور وحمّامات. وكانت عبر العصور ملتقى بين مناطق القوقاز والأناضول، وحافظت على ثراء ثقافي متميز .
الساعة الشمسية المكتشفة تمثل نقطة تحول في فهمنا لتراث المنطقة، وتؤكد أنّ سكان آني في العصور الوسطى لم يكونوا مكتفين بالمفاهيم الفلسفية أو العقائدية، بل امتلكوا معرفة عملية بعلوم الفلك والهندسة الزمنية، يُعاد اليوم الاحتفاء بها بوصفها رمزًا لإبداع متواصل، ينبع من عبق الحقيقة التاريخية وحاجة الإنسان إلى ضبط الزمن.