مخيمات داعش في العراق وسوريا.. تحديات الإغلاق وإعادة التأهيل وسط مخاطر التطرف المستمرة

مخيمات داعش في العراق وسوريا.. تحديات الإغلاق وإعادة التأهيل وسط مخاطر التطرف المستمرة

مخيمات داعش في العراق وسوريا.. تحديات الإغلاق وإعادة التأهيل وسط مخاطر التطرف المستمرة


09/04/2025

تعد مخيمات داعش، مثل مخيم الهول في شمال شرق سوريا، من أكثر الأماكن التي تشهد معاناة إنسانية فادحة، خاصة للأطفال والنساء. فقد تم إنشاؤها لاستيعاب أفراد عائلات مقاتلي التنظيم، الذين تم القبض عليهم بعد انهيار دولة الخلافة، ورغم النداءات المتكررة من المنظمات الحقوقية والدولية، لا تزال هذه المخيمات تمثل تحديًا كبيرًا في مواجهة قضايا حقوق الإنسان والأمن الإقليمي. 

في الوقت ذاته، هناك مساعٍ دولية وإقليمية لإغلاق هذه المخيمات وتحقيق إعادة تأهيل للاجئين والمعتقلين، ولكن تظل هذه المساعي معقدة بسبب التحديات السياسية والأمنية، مما يفرض ضرورة إيجاد حلول عاجلة ومستدامة لإعادة تأهيلهم بعيدًا عن دائرة العنف والتطرف.

لكن السلطات العراقية تصطدم، في سعيها لإغلاق ملف النزوح، المترتّب على حقبة سيطرة تنظيم داعش على مناطق شاسعة في شمال العراق وغربه، بعائق عدم جاهزية مناطق النازحين الأصلية لاستقبال العائدين إليها وتوفير أساسيات العيش لهم من مساكن لائقة ومرافق عمومية وبنى تحتية، فضلا عن موارد الرزق ومواطن الشغل.

رغم النداءات المتكررة من المنظمات الحقوقية والدولية لا تزال هذه المخيمات تمثل تحديًا كبيرًا في مواجهة الأمن الإقليمي

مساع حثيثة لإغلاق المخيمات 

شدد رئيس مجلس الوزراء العراقي على ضرورة التعاون مع المفوضية في مسألة إعادة الاندماج المجتمعي ودعم البنية التحتية في مناطق العودة، والدعم المادي والنفسي والاجتماعي للنازحين، مؤكداً أهمية عودة النازحين العراقيين الموجودين في مخيم الهول، وأن تعمل جميع  الدول على أخذ رعاياها من المخيم، خصوصاً أنّ العراق بات قريباً جداً من إنهاء إغلاق المخيمات.

وأوضح السوداني أنّ العراق يستضيف آلاف اللاجئين من دول الجوار، مؤكداً  العمل مع المفوضية لبناء نموذج رائد لمعالجة ملفات النزوح واللجوء في المنطقة.

قدمت الجهات المعنية توصيات إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن إعادة نازحي مخيم الهول من العراقيين غير المتورطين بقضايا أمنية.

أوضح السوداني أنّ العراق يستضيف آلاف اللاجئين من دول الجوار، مؤكداً  العمل مع المفوضية لبناء نموذج رائد لمعالجة ملفات النزوح واللجوء في المنطقة

وقال وكيل وزير الهجرة في العراق كريم النوري لوكالة الأنباء العراقية (واع): إنه "عقد اجتماع للجنة العليا المشكلة بحضور مستشار الأمن الوطني والعمليات المشتركة وجهاز المخابرات ووزارة الهجرة، لتقديم تقييم للمرحلة السابقة".

وأشار إلى أنه "تم تقديم توصيات المرحلة المقبلة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من أجل النظر فيها أو الموافقة أو إقرارها ووضع الرؤية الكاملة لإعادة من تبقى من العراقيين في مخيم الهول من غير المتورطين بقضايا أمنية نحو مركز الأمل للتأهيل المجتمعي".

وأكد وكيل وزير الهجرة كريم النوري لوكالة الأنباء العراقية أن "الوزارة تعمل جاهدة من أجل إنهاء هذا الملف وملف النازحين"، مبينًا، أن "التغيرات التي تحدث تستدعي منّا وقفة سريعة من أجل إنهاء هذا الملف" وفق تعبيره.

وكان مصدر في وزارة الهجرة والمهجرين، أكد لـ"إرم نيوز" الأربعاء الماضي استعداد العراق لإعادة 150 عائلة عراقية من عائلات "داعش" من مخيم "الهول" في سوريا إلى البلاد، مؤكدًا عزم الحكومة إنهاء ملف العراقيين العالقين هناك سريعًا.

وأكد المصدر أن "مخيم الهول مازال يضم أكثر من 17 ألف عراقي بينهم عناصر في التنظيم، والآلاف من عائلاتهم من النساء والأطفال، الذين يعيشون هناك في ظروف قاسية".

الخطر يتفاقم

في غضون ذلك، عثرت قوى الأمن الداخلي التابعة لـ"قسد"، في اليوم الثاني من حملتها على مخيم "روج"، على مراكز سرية لتدريب اليافعين والأطفال على فكر تنظيم داعش المتطرف. وصادرت أسلحةً خفيفةً ومعدات لوجيستية، بينها حواسيب وهواتف جوالة، ووثائق ومهمات تحتوي على أختام وتحركات خلاياه النائمة في هذا المخيم المنزوي.

واستهدفت الحملة تفتيش جميع الخيام بدقة، وعثرت على مراكز لتدريب الأطفال والمراهقين، وإعطائهم دروساً ودورات بالفكر المتطرف، إضافة لأجهزة جوالة ومعدات لوجيستية، كما جرت مصادرة ورقة مهمّات تُستخدَم من قبل خلايا التنظيم، في تحركاتها واتصالاتها مع مواليه.

وقالت القوات الأمنية أنهم كشفوا مخططات لمجموعات تقوم بالعمل على ترتيب صفوف (داعش) وتحشيد مناصريه. ورصدوا تلك التحركات الخطيرة لهذه الخلايا، خصوصاً داخل هذه المخيمات التي تضم أعداداً كبيرة من عوائل عناصر التنظيم، منوهةً بأن الحملة مستمرة حتى تحقيق أهدافها لحماية القاطنين وقسم الحراسة في هذا المخيم.

السلطات العراقية تصطدم في سعيها لإغلاق ملف النزوح بعائق عدم جاهزية مناطق النازحين الأصلية لاستقبال العائدين إليها وتوفير أساسيات العيش لهم

يشار إلى أن مخيم روج الذي يقع في منطقة صخرية معزولة بالريف الجنوبي الشرقي لبلدة المالكية "ديريك" قرب الحدود العراقية، من بين عدد من المخيمات التي تُحتجز فيها أسر أفراد وعائلات لها صلات بتنظيم داعش على مدى السنوات الماضية. 

ويضم حالياً نحو 2600 شخص، بينهم قرابة 900 امرأة أجنبية تتحدَّر من 50 جنسية غربية وعربية، و65 في المائة من قاطنيه أطفال دون سن الـ14 عاماً. ومن بين النساء أمهات لأكثر من 800 طفل من الذكور معزولين يعيشون في مراكز للتأهيل والتدريب، التابعة للإدارة الذاتية وتشرف عليها "قوات سوريا الديمقراطية".

وتشير معطيات استخباراتية إلى أن شبكات التنظيم تعمل على استعادة المؤيدين داخل المخيم، وأن "التحقيقات الأولية كشفت عن وثائق خاصة بالتنظيم تظهر وجود تحركات سرية من أجل تمويل عمليات تحرير قاطني هذه المخيمات"، والأخطر من هذه التحركات تحويل خيام إلى مراكز سرية لتعليم الأطفال واليافعين، وتدريبهم على أفكار وتعاليم الفكر (الداعشي) المتشدد والمتطرف.

مصير غامض

وكان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعليق الأعمال الخارجية للوكالة الأميركية للتنمية لمدة 90 يوماً، قد أثار مخاوف بشأن مصير عشرات آلاف النازحين في مخيمات الإيواء بشمال شرق سوريا.

وتعد الوكالة الأميركية ممولاً وشريكاً رئيسياً للعديد من المنظمات والجمعيات الخيرية العاملة في الشأن الإنساني بهذه المناطق، وخاصة في مخيمي الهول وروج، واللذين يقطنهما عوائل مرتبطة بتنظيم "داعش".

ويضم مخيما "الهول" و"روج" الخاضعين للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، ما يقارب 60 ألف شخص من جنسيات مختلفة، معظمهم سوريون وعراقيون.

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعليق الأعمال الخارجية للوكالة الأميركية للتنمية لمدة 90 يوماً، مخاوف بشأن مصير عشرات آلاف النازحين في مخيمات الإيواء بشمال شرق سوريا

وعبّر مسؤولون في الإدارة الذاتية عن مخاوفهم بأن يشكل القرار الأميركي "تهديداً أمنياً للمخيمات"، التي تضم عوائل مرتبطة بتنظيم "داعش"، محذرين من إمكانية "حصول تمرد أو فرار جماعي نتيجة نقص الخدمات".

وقالت مديرة مخيم الهول إن "نحو 60% من الدعم المقدم للمخيم كانت من الولايات المتحدة، وليس هناك أي جهة قادرة على تعويض أعمالهم".

ويقضي قرار ترمب، الذي دخل حيز التنفيذ في 20 كانون الثاني / يناير الماضي، بخفض كبير في المساعدات الأميركية الخارجية، بما في ذلك إلغاء 92% من تمويل برامج التنمية والمساعدات التي تديرها "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية".

جيل جديد وقنابل موقوتة

مع تسارع وتيرة عمليات إعادة عوائل داعش من مخيم الهول في سوريا إلى العراق واستعداد البلاد لاستقبال عددا من سجناء داعش في سجون قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد)، ينشأ جزء من جيل مقبل من الدواعش في مخيمات اللاجئين شمال شرقي سوريا، وسط الفوضى وأعمال العنف، الأمر الذي يثير المخاوف من انعكاس ذلك سلبا على العراق.

في السياق، حذر النائب العراقي محما خليل، اليوم الأربعاء، من خطورة الجيل الثاني لداعش الإرهابي على الأمن والاستقرار داخل العراق، لافتا إلى أهمية الحذر من الدواعش الموجودين في سوريا وضمان عدم نقلهم لداخل العراق.

حذر النائب العراقي محما خليل من خطورة الجيل الثاني لداعش الإرهابي على الأمن والاستقرار داخل العراق

وقال خليل في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “عوائل داعش في مخيم الهول تعتبر قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وتلحق الضرر بالعراق، وبالتالي فأن التوجه نحو المجيء بهم الى العراق يعتبر من الكوارث”.

وأضاف أن “وزيرة الهجرة والمهجرين والأجهزة الأمنية تتحمل مسؤولية المجيء بعوائل الدواعش إلى العراق عبر نقلهم من مخيم الهول وتسكينهم في الداخل العراقي، إذ تحتاج هذه العائلات الى التأهيل قبل التسكين في مخيم الجدعة”.

وأشار إلى أن “الفترة الماضية شهدت هروب اكثر من 500 داعشي من سجن غويران في سوريا، كما ان هناك اكثر من 9 آلاف من عناصر داعش الإجرامي موجودين في سجون قسد، حيث إن إطلاق سراحهم يمثل برنامج لاستهداف استقرار العراق بالجيل الثاني من داعش الإرهابي”.

وتتصاعد المخاوف في العراق من تحركات داعش في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة، خاصة مع الخطط الدولية لتفكيك السجون التي تقع في منطقة الإدارة الذاتية تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الكردية شمال شرق سوريا، لاسيما وانه جاء بالتزامن مع عمليات عسكرية مستمرة، فقد نفذت القوات العراقية ضربات جوية استهدفت عناصر التنظيم في عدة مناطق، أبرزها كركوك وراوه.

الجدير بالذكر أن سجون (قسد) تضم حوالي 10 آلاف معتقل من مقاتلي داعش بينهم حوالي 3 آلاف أجنبي، وحوالي 4 آلاف عراقي، بحسب الأرقام الرسمية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية