
أحدثت ثورة الذكاء الاصطناعي تحوّلًا جذريًّا في مجال الأنشطة المتطرفة، ومكَّنت المتطرفين من العمل بكفاءة وفعالية غير مسبوقة.
وسلط تقرير لدار الإفتاء المصرية الضوء على التطرف في العصر الرقمي، حيث أصبحت قدرات إنشاء المحتوى التي يوفرها الذكاء الاصطناعي سلاحًا قويًّا في ترسانة المتطرفين.
ويستخدم المتطرفون خوارزميات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لإنتاج دعاية ضخمة مصممة بسرعة، وذلك العمل يشمل النصوص والصور والفيديوهات التي يمكن استخدامها في التطرف وتجنيد الأفراد.
وأوضح التقرير أنّه في أعقاب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) استغلت الجماعات الإرهابية هذه الأزمة لترويج آرائها المتطرفة على مستوى العالم من خلال منصات عديدة على الإنترنت. وخلال سعيهم لتعزيز نفوذهم، وتجنيد أعضاء جدد، وتوسيع رقعتهم، وإعادة بناء شبكاتهم السيبرانية والأرضية، تكيف المتطرفون مع ذلك الظرف الطارئ مستفيدين من التأثير الاجتماعي والسياسي العالمي للوباء.
وأكد تقرير دار الإفتاء أنّ الأتمتة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي ساعدت في نشر المحتوى المتطرف بيسر، ذلك أنّ الروبوتات والخوارزميات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تعمل على أتمتة نشر الدعاية عبر منصات الإنترنت المختلفة، بما يضمن وجودًا مستمرًّا ومتوائمًا عبر الإنترنت.
على سبيل المثال، وفقًا لجريدة (وول ستريت جورنال)، اتخذ Tik Tok إجراءً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 لتحديد وإزالة عشرات الحسابات المجهولة المؤيدة لـ (داعش)، بعد أن قام التنظيم بتحميل مقاطع فيديو تحوي أناشيد له باللغة العربية، إلى جانب بيانات يتعهَّدون فيها بالولاء "حتى الموت" للتنظيم.
تقرير دار الإفتاء: الأتمتة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي ساعدت في نشر المحتوى المتطرف بيسر
وتُسخَّر قدرات الذكاء الاصطناعي في إضفاء الطابع الشخصي لجعل المحتوى المتطرف يبدو أكثر إقناعًا، فمن خلال مواءمة الرسائل بما يتناسب مع المعتقدات والمصالح ونقاط الضعف للأفراد، تستغلُّ جماعات التطرف هذا الطابع الشخصي للغاية في إثارة المحفزات العاطفية والتحيزات المعرفية لدى الأفراد المحتمل تجنيدهم.
ويُعدُّ الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين؛ فبينما يتيح تقديم فوائد جمَّة للمستفيدين، يتطلب الأمر أيضًا مراقبة دقيقة وتقييمًا لتأثيراته السلبية المحتملة على المجتمع.
وشددت دار الإفتاء على ضرورة أن يعمل صانعو القرار والمجتمعات على وضع إطار تنظيمي يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وآمنة. ويجب أن يتحقق التوازن بين تحقيق الفوائد التي يوفرها، وبين حماية الأمان والخصوصية للأشخاص.
ويستخدم المتطرفون تقنية "ديب فاك" لإنشاء مقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية مقنعة تظهر فيها شخصيات نافذة كأنّها تؤيد إيديولوجياتهم. هذه التقنيات تقوِّض الثقة وتعرقل الجهود المبذولة في مراقبة المحتوى والتحقق من الحقائق؛ ممّا يطمس الحدود بين الواقع والخيال.
وقد استفادت الجماعات المتطرفة من قوة الذكاء الاصطناعي في تعزيز قدراتها الأمنية بشكل كبير. ويمكن للجماعات تحديد الثغرات في الأنظمة والشبكات الإلكترونية بسرعة ودقة، ممّا يتيح لها وضع استراتيجيات هجوم سيبراني متطورة.
ويشير ذلك أيضًا إلى أنّ المتطرفين يمكنهم استخدام خوارزميات التعلُّم الآلي لمواءمة أساليب الهجمات السيبرانية وتطويرها استنادًا إلى الاستجابات التي يواجهونها.
بالإضافة إلى استغلال الذكاء الاصطناعي لأغراض هجومية، استخدمت الجماعات المتطرفة الأدوات والتقنيات المعتمدة لحماية شبكاتها الرقمية. فبإمكان هذه التقنيات أن تساعد المتطرفين في تشفير رسائلهم وتأمينها؛ ممّا يجعل من الصعب للغاية على السلطات اعتراض أو فكّ تشفير اتصالاتهم.