ما هي دلالات التقارب الحمساوي - الأميركي؟

ما هي دلالات التقارب الحمساوي - الأميركي؟

ما هي دلالات التقارب الحمساوي - الأميركي؟


09/03/2025

فتحي أحمد

يبدو أن حماس بدأت تشعر بأن ورقة الأسرى لم تأتِ أكلها كما يجب، وفي نفس الوقت تعي الحركة مدلولات التسريبات من داخل الغرف المغلقة في إسرائيل، نيتها، أي إسرائيل، استئناف الحرب عاجلاً أم آجلاً ضد حماس، وإنهاء حكمها في غزة، وإعادة القطاع برمته إلى عهد العصور المظلمة حتى لا يكون مكانًا يصلح للعيش الآدمي. وحسب مصادر مطلعة، كشفت أن الإدارة الأميركية أجرت محادثات استطلاعية مع حركة حماس قبل أسبوعين، بهدف إطلاق سراح أسرى يحملون الجنسية الأميركية، بينهم أسير حي وأربعة جثامين. ونقل موقع “يديعوت أحرونوت” عن مصادر إسرائيلية أن هذه الاتصالات جرت عبر آدم بوهلر، مبعوث ترامب لشؤون الأسرى، الذي عقد عدة لقاءات مع مسؤولين كبار في حماس بقطر.

فحركة حماس تدرك دور ترامب في التأثير على إسرائيل، والتقليل من فرص استئناف الحرب، بمعنى أن مفاتيح الحرب والسلام بيد ترامب. لهذا أرادت الحركة القبض على ورقة أهم من ورقة التبادل وهي كسب الود الأميركي لعل وعسى تحقق ما تريده حماس في وقف الحرب على غزة، وانسحاب إسرائيل من غزة، وأن تبقى الحركة المسيطرة على القطاع.

تصريحات قادة حماس الأخيرة حول التفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة تحول جديد لديهم، وقد سبق ذلك ما صرّح به موسى أبومرزوق، أحد قادة حماس الفاعلين، بأن حركته على استعداد للتفاوض مع الإدارة الأميركية في ما يتعلق بالقطاع. فكانت تصريحاته بمثابة بالون اختبار وسبر أغوار الأميركيين. ولا توجد هناك تصريحات عبثية، فكل ما يصرح به حقيقة. فحماس اليوم في ورطة، ونجدها تتعلق بقشة لكي تخرج ببعض الانتصارات، منها تقهقر الجيش الإسرائيلي إلى ما قبل السابع من أكتوبر وأن تبقى هي من تدير الحكم في غزة.

يتداعى للذهن أن ترامب يريد أن يحقق انتصارًا في ما يتعلق بتحرير جزء كبير من الرهائن حاملي الجنسية الأميركية، وبعض الأسرى الإسرائيليين، وذلك بالتفاوض. وهذا يعتبر مكسبًا مقارنة مع سلفه جو بايدن الذي عجز عن تحرير رهينة واحدة. وهذا في علم التفاوض يعتبر إنجازًا لأن عدم إراقة الدماء في حالة تحرير الأسرى يعتبر تقدمًا وأنموذجًا ناجحًا في إدارة الأزمات.

نكررها مرة أخرى، حماس تريد أن تبقى شرطي القطاع، وتتحكم بكل المفاصل هناك. فهذا المطلب لا يتوافق مع ترامب صاحب مشروع ريفييرا غزة. وقد جاء رد ترامب مزلزلًا لينسف كل الجهود: “يمكنكم الاختيار: إطلاق سراح جميع الرهائن الآن أو مواجهة الجحيم لاحقًا. أطلقوا سراح الجميع فورًا وإلا سأرسل لإسرائيل ما تحتاجه لتقضي عليكم. هذا هو التحذير النهائي.” ويضيف ترامب “إلى شعب غزة، مستقبل جميل ينتظركم، ولكن ليس إذا احتجزتم رهائن. إذا فعلتم، فأنتم أموات وسيكون هناك جحيم بانتظاركم.”

بعد انتهاء القمة العربية، كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أعلن في ختام القمة “اعتماد البيان الختامي للقمة وكذلك خطة إعادة إعمار وتنمية غزة”، معربًا عن ثقته بأن ترامب سيكون قادرًا على تحقيق السلام في الصراع الذي دمر القطاع الفلسطيني الصغير والمحاصر. بعد ساعات من اعتماد جامعة الدول العربية لخطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، رفضت كل من أميركا وإسرائيل المقترح. وفيما أعلن البيت الأبيض رفضه للخطة قائلاً إنها لا تعالج الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، اعتبرت الخارجية الإسرائيلية أن القمة فشلت في معالجة الواقع بعد 7 أكتوبر 2023.

المشهد: قلب حماس على أميركا ترامب، وقلب ترامب على الحجر. مشروع ترامب في تحويل غزة إلى سنغافورة الثانية ما زال قائمًا. فرغم تخوف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من التقارب بين أميركا وحماس من خلال اللقاءات المباشرة في قطر، فهذا الخوف غير مبرر بعد تصريحات ترامب الأخيرة. فإسرائيل تدرك مدى جدية الرئيس الأميركي في تحقيق مشروعه الاقتصادي في غزة كما أسلفت في ثنايا هذه المقالة بأن ترامب يريد تحرير الرهائن بوسائل دبلوماسية حتى يسجل في صحيفته.

لعل من المهم هنا تذكر أن أميركا الحالية تعرف ماذا تريد، وهي متأكدة بإنجاز ملف غزة حسب رؤية زعيمها الحالي. ولكن حركة حماس باتت في يدها ورقة واحدة وهي إحراز تقدم في المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية على قاعدة إنهاء الحرب، وهدنة طويلة المدى. ولكن هذا الذي تريده حماس يتعارض تمامًا مع نوايا ترامب ومخططاته.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية