
قال الكاتب والمحلل السياسي محمد شقير: إنّ المسار السياسي لحزب العدالة والتنمية "ذراع الإخوان المسلمين في المغرب"، لا يكمن فقط في المرجعية الدينية والصيغة التي تم بها إدماجه في المشهد السياسي، بل أيضاً في الفترة السياسية القصيرة التي سمحت بقيادته الحكومة في الوقت الذي سبقته فيه أحزاب عريقة إلى النضال السياسي، ولم تتمكن من ترؤس الحكومة إلا بعد أعوام عدة.
وأضاف شقير، في تصريح لجريدة (هسبريس)، أنّ الحزب الإسلامي ترأس الحكومة بسبب ظرفية حراك سياسي إقليمي تمثل في تداعيات ما سُمّي الربيع العربي لمدة (10) أعوام، وقد أصيب لاحقاً بنكسة انتخابية ما زال إلى حد الآن لم يستفق منها، مؤكداً أنّ هذه النكسة سهلت عودة عبد الإله بنكيران إلى المشهد السياسي بعدما تم إعفاؤه؛ إذ جرى انتخابه على رأس حزب جمّد فيه العديد من قياديه عضويتهم، أو ابتعدوا عنه بشكل قاطع.
وأفاد شقير بأنّ هذا الوضع جعل الحزب في أفق الاستحقاقات المقبلة يتردد بين "إعادة انتخاب بنكيران رغم كل المشاكل التي جرها عليه بسبب شعبويته وعدم احترامه لبعض الحدود الحمراء، بما فيها تهجمه الأخير على الرئيس الأمريكي، المعروف هو أيضاً بشعبويته، وبين البحث عن شخصية قيادية جديدة".
يبدو أنّ الحزب لم يتخلص حتى الآن من نكسته الانتخابية، وتاريخه المرتبط بشخصية بنكيران التي تغطي بشكل كبير على صورة الحزب وأنشطته.
وأوضح شقير أنّ هذا التردد يتمثل في أنّه إلى حد الآن "لا توجد أيّ شخصية داخل الحزب عبّرت عن رغبتها في منافسة بنكيران"، ويبدو أنّ الحزب لم يتخلص من نكسته الانتخابية حتى الآن، ومن تاريخه المرتبط بشخصية بنكيران التي تغطي بشكل كبير على صورة الحزب وأنشطته، وما زال يفتقد القدرة على بلورة تصورات جديدة للتعامل مع مستجدات الوضع السياسي، والبحث عن طرق استرجاع مكونات الحياة الانتخابية التي كانت تتعاطف معه وتسانده.
وشدد المحلل السياسي شقير على أنّ نجاح حزب العدالة والتنمية يبدو صعباً، وحتى لو نجح في ترميم بنياته التنظيمية وترشيح شخصية قيادية جديدة، فإنّه "لن يعود بالقوة نفسها التي كانت له في السابق، مقارنة بأحزاب كبرى كالتجمع الوطني للأحرار والاستقلال، وسيعاني من الوضع نفسه الذي عاشه الاتحاد الاشتراكي بفقدان الفئات المساندة له".
وأشار شقير إلى أنّ عزف حزب (المصباح) على الوتر الديني مستقبلاً لن يفيده في استقطاب أصوات الفئات المحافظة أو المتدينة بعد توقيعه على اتفاقية أبراهام، وبعدما قبل بنكيران معاشه في الوقت الذي أصرّ فيه على تقليص المعاشات المدنية.
يُذكر أنّ حزب العدالة والتنمية يتجه بقيادة أمينه العام عبد الإله بنكيران لعقد مؤتمره الوطني في نيسان (أبريل) المقبل في ظل تشتت وانقسامات كبيرة بين قادته.