
يمضي العام الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولا أفق لحلٍّ تفاوضي ينهي أكبر مأساة إنسانية في التاريخ الحديث، مع تعنت حكومة الاحتلال ومضيها في مخططها لاحتلال غزة والإطباق على الضفة الغربية، للتحكم بكامل التراب الفلسطيني عبر سياسة المجازر والاعتقال والاستيطان.
وفي الأسبوع الأخير من العام الأول للحرب، صعّدت دولة الاحتلال من هجماتها الدامية ضد قطاع غزة، فقصفت بعنف وبشكل متعمد مناطق النزوح "الإنسانية" ومراكز الإيواء، والمنازل المدنية، وأسقطت مئات الضحايا، ونفذت سلسلة تدابير عسكرية جديدة، تثبت نيتها في الإبقاء على احتلال قطاع غزة.
وقد صدر تقرير رسمي عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أشار إلى ارتكاب الجيش الإسرائيلي (3628) مجزرة منذ بدء الحرب، أدت إلى سقوط (51615) شهيداً ومفقوداً، منهم (10) آلاف مفقود، وأكثر من (42) ألف شهيد، من بينهم (16891) شهيداً من الأطفال.
وفي دلالة على خطورة الوضع في القطاع، تطرقت عدة تقارير دولية إلى الأمر، وأكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) فيليب لازاريني أنّ الحرب أصبحت بعد عام تمثل "كابوساً لا نهاية له"، وأنّها جعلت من قطاع غزة مكاناً "غير صالح للعيش"، وقد حذّر من مخطط إسرائيلي لـ "تجريد" الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، وتعديل المعايير من جانب واحد لحل سياسي في المنطقة.
وأكد أنّ سكان غزة يواجهون الأمراض والموت والجوع، لافتاً إلى أنّ "جبال القمامة" ومياه الصرف الصحي تملأ الشوارع، مع ترقب أهالي غزة فصل الشتاء، وما يرافقه من سقوط الأمطار وانخفاض درجات الحرارة التي تعمق معاناتهم.
هذا، ونشرت الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية آخر الإحصائيات المتعلقة بمعاناة الفلسطينيين في غزة، وأكدت وقوع (51615) شخصاً، منهم (10) آلاف مفقود، وسجلت استشهاد (16891) طفلاً، و(171) طفلاً رضيعاً وُلِدوا واستشهدوا، و(710) أطفال استشهدوا خلال الحرب وعمرهم أقل من عام، و(63) استشهدوا نتيجة المجاعة.
وبحسب الرابطة، فقد استشهد (11458) امراة، و(986) شهيداً من الطواقم الطبية، و(85) شهيداً من الدفاع المدني، و(174) شهيداً من الصحفيين، و(520) شهيداً تم انتشالهم من (7) مقابر جماعية داخل المستشفيات.
وبلغ عدد الجرحى والمصابين في قطاع غزة (96359)، و(396) جريحاً ومُصاباً من الصحفيين والإعلاميين.
وأكدت الرابطة أنّ (25973) طفلاً يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، و(3500) طفل يتعرّضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، و(12) ألف جريح بحاجة إلى السفر للعلاج في الخارج، و(10) آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج، و(3) آلاف مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج، هذا إلى جانب (1,737,524) مصاباً بأمراض معدية نتيجة النزوح، و(71338) حالة عدوى التهابات كبد وبائي بسبب النزوح، و(60) ألف سيدة حامل تقريباً مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية، و(350) ألف مريض مزمن في خطر بسبب منع إدخال الأدوية.
أمّا عن الاعتقالات التي نفذتها قوات الاحتلال خلال عام، فإنّ (310) حالات اعتقال من الكوادر الصحية، و(36) حالة اعتقال صحفيين ممّن عُرفت أسماؤهم، إلى جانب نزوج أكثر من (2) مليون فلسطيني.
وبما يتعلق بالقطاع التعليمي، فقد أوضحت الرابطة في تقريرها الذي وصل (حفريات) نسخة منه أنّ (125) مدرسة وجامعة دمّرت بشكل كلّي، و(337) دمّرت بشكل جزئي، وأنّ (11500) طالب وطالبة قتلوا خلال الحرب، و(750) معلماً ومعلمةً وعاملاً في سلك التعليم تم قتلهم، إلى جانب (115) عالماً وأستاذاً جامعياً وباحثاً.
ودمّرت إسرائيل (611) مسجداً بشكل كلّي، و(214) بشكل جزئي، و(3) كنائس دمّرت كليّاً، و(150) ألف وحدة سكنية دمّرت بالكامل، و(80) ألف وحدة غير صالحة للسكن، و(200) ألف وحدة مدمّرة جزئيّاً.
ووفق القطاع الطبي، فقد أخرج العدوان الإسرائيلي (34) مستشفى و(80) مركزاً صحياً من الخدمة، واستهدفت إسرائيل (162) مؤسسة صحية، و(131) سيارة إسعاف.
ودمّرت إسرائيل (206) مواقع أثرية وتراثية، و(3130) كيلو متر من شبكات الكهرباء، و(36) منشأة وملعباً وصالة رياضية، و(700) بئر مياه.
وقدّرت الرابطة الخسائر الأولية المباشرة في القطاع نتيجة التدمير الإسرائيلي بـ (33) مليار دولار.
ورغم فقدانهم الأمل في إمكانية انتهاء الحرب قريباً، بات الهمّ الشاغل لأهل قطاع غزة البحث عن توفير ما يأكلون وما يلبسون، وما زالوا يعانون كثيراً من نقص حاد في الطعام، خاصة مع استمرار قيام سلطات الاحتلال في تقليص كميات الطعام التي تمرّ من خلال معبر كرم أبو سالم الخاضع لسيطرة الاحتلال بالكامل.
ويغيب حالياً عن الأسواق الكثير من الأصناف الغذائية، وهو ما ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة المرضى والمصابين بأمراض لها علاقة بنقص التغذية، وترتفع بسبب الحصار وقلة الأطعمة أسعار المواد الغذائية بشكل يفوق قدرات السكان، الذين أعلن البنك الدولي عن بلوغ نسبة الفقر بينهم 100%، وقد أشار إلى أنّ التضخم تجاوز 250%، بسبب تبعات الحرب المستمرة على القطاع منذ نحو عام، بحسب ما نقلت وكالة (رويترز).
ويدلل على ذلك آخر تحديث أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، حين أكد أنّ شركاء المنظمة الأممية الذين يعملون على تقديم المساعدات الغذائية نبهوا إلى أنّه بسبب النقص المستمر في الإمدادات، لم يتلقّ أكثر من (1.4) مليون شخص في جميع أنحاء غزة حصصهم الغذائية الشهرية في أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي.
وأصدر مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، تحديثاً عن صحة وكثافة الأراضي الزراعية في قطاع غزة، ووجد أنّ حوالي 68% من حقول المحاصيل الدائمة في القطاع أظهر انخفاضاً كبيراً في الصحة والكثافة في أيلول (سبتمبر) 2024.