
محمد حسن الساعدي
ربما تعتبر إسرائيل أن قتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والرجل الثاني في حزب الله فؤاد شكر إعلان نصر على محور المقاومة في المنطقة. وربما تسعى من خلال هذا النصر إلى التحرك نحو إنهاء الحرب، أو الذهاب نحو التصعيد وجر الولايات المتحدة إلى هذا الصراع بفتح حرب ومنافسة إقليمية مع إيران وحزب الله، وهو الأمر الذي استوعبته طهران، التي ما زالت تحت الضغط الهائل من أجل الرد، الذي بالتأكيد سيفتح احتمالات التصعيد وإدخال المنطقة في دوامة من الحروب لا تنتهي إلّا بدمار المنطقة ككل.
بعد عملية الاغتيال كثرت الأسئلة والتكهنات حول الخطط الإستراتيجية التي يعمل وفقها بنيامين نتنياهو، والتي بحسب القراءات الأولية تتركز حول أساسين:
الأول، أن عمليات الاغتيال هي بداية لعمليات أخرى سيقوم بها نتنياهو لاغتيال قادة حماس وحزب الله. وكذلك العمل على توجيه ضربة لطهران وبيروت في نفس الوقت، وإطلاق رسالة مفادها “أننا متماسكون أمام العالم”. وكذلك عكس صورة للصلابة أمام المجتمع الإسرائيلي، الذي يرى أنه تورط في هذه الحرب التي لن تنتهي إلا بنهايته، وهذا ما عبّر عنه الشق المعارض داخل الليكود، والانتهاء بإعلان النصر وإنهاء الحرب في غزة من موقع القوة لا الضعف.
نتنياهو يدرك أن الوقت ضيق لديه، وأن عليه الإسراع في حسم المعركة وتحقيق النصر على حماس وحزب الله قبل فوز ترامب بالانتخابات الأميركية
الثاني، التصعيد بشكل كبير ضد حزب الله وإيران من أجل إشعال حرب أكبر في المنطقة، وإيجاد مبرر منطقي من أجل القيام بعمل واسع ضد حزب الله من خلال الاجتياح البري “المحدود”. وفي نفس الوقت التصعيد مع طهران، لإجبار واشنطن على الدخول في هذه الحرب لصالح تل أبيب. ويبدو أن هذا الأمر قد تمت مناقشته فعلاً أثناء زيارة نتنياهو إلى واشنطن. ولكن دون تحديد توقيت محدد، وبغض النظر عن قبول الأخيرة من عدمه فإن واشنطن بالتأكيد ستكون وراء قرار ضرب طهران وبيروت.
الزيارة التي قام بها نتنياهو إلى واشنطن والتي حظي خلالها باستقبال وترحيب من قبل الكونغرس الأميركي، حظيت بالاهتمام، خصوصاً الدعم الكبير الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن لتل أبيب في حربها ضد حماس وباقي الفصائل المسلحة. على العكس من موقف نائبة الرئيس كامالا هاريس التي لها موقف مغاير لموقف بايدن من الحرب على غزة. على العكس من ذلك، في حال فوز المرشح دونالد ترامب فإن الموقف من الصراع سيتغير تماماً، خصوصاً أن موقف ترامب كان واضحاً في حال فوزه بالمنصب في يناير 2025 بتأكيده أنه سيعمل على إنهاء الحرب في غزة فوراً.
نتنياهو يدرك أن الوقت ضيق لديه، وأن عليه الإسراع في حسم المعركة وتحقيق النصر على حماس وحزب الله قبل فوز ترامب بالانتخابات الأميركية، وبدأ يستشعر أن لا خيار أمام واشنطن سوى الوقوف إلى جانب إسرائيل مع إطلاق الصاروخ الأول وهو ما يعني أن طهران وبيروت لن تقفا مكتوفتا الأيدي وستردان بقوة استثنائية على هذا التصعيد، خصوصاً مع تقارير تشير إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد زود حزب الله بصواريخ جو متطورة جداً، وهو ما يعني أن احتمالية استخدام إسرائيل للطائرات أمر ضئيل جداً.
الضربة الإسرائيلية “الوقحة” على طهران، والتي راح ضحيتها إسماعيل هنية حطمت كل الاحتمالات لتعزيز أيّ نصر قد يحققه الكيان الصهيوني على غزة ولبنان. كما هو الحال بالنسبة إلى محادثات وقف إطلاق النار في غزة والتي بالتأكيد تأثرت كثيراً بعد عملية الاغتيال، خصوصاً أن اغتيال هنية أحرج واشنطن كثيراً حيث أتى متزامنا مع توقيت زيارة نتنياهو إلى واشنطن. الزيارة التي انتهت بإعلان بايدن أن “إنهاء الصراع في غزة هو من أولى أولوياته”. وهذا ما يعني أن المنطقة عموماً دخلت في منعطف جديد وتحول خطير قد يتسبب بصراع جديد، سيكون الخاسر الأكبر فيه نتنياهو.
العرب