
منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان في منتصف نيسان (أبريل)؛ تتزايد الاتهامات لعناصر تنظيم الإخوان بالتورط في إشعال تلك الحرب، والوقوف إلى جانب الجيش في الاقتتال، لكنّ اللافت ما حدث أخيراً، وهو انشقاق الكثير من الإخوان والالتحاق بصفوف قوات الدعم السريع، ممّا يعكس حالة الجيش المتردية والهزائم على أرض الواقع، وأطماع الإخوان المسلمين الذين يتبعون سياسة اللعب بالورقة الرابحة، لكي يحققوا أهدافهم السياسية.
ووفق ما نقلت شبكة (الحرة)، فقد اختار عدد من قادة الحركة الإسلامية ونظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير مساندة قوات الدعم السريع خلال الحرب الحالية، ممّا فرض الكثير من التساؤلات عن تغيير المواقف وتأثيرها على الصراع الحالي.
وحتى الأسابيع الماضية أعلن عدد من منسوبي الإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني الانضمام إلى قوات الدعم السريع، في حين أعلن ضابط برتبة عميد يُدعى عمر حمدان، الإثنين الماضي، الانضمام إلى القوة التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ (حميدتي).
وفي نيسان (أبريل) الماضي أعلنت الحركة الإسلامية، وهي المرجعية الدينية لنظام البشير، في بيان، فصل نائب أمينها العام حسبو محمد عبد الرحمن، "بعد أن ثبت انحرافه عن مبادئ وأهداف الحركة، وانضمامه إلى قوات الدعم السريع المتمردة، وفق ما نقل موقع (سودان تريبيون).
وقد تولى عبد الرحمن مناصب عليا في عهد النظام السابق، وكان نائباً لرئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، ونائباً لرئيس الجمهورية السابق عمر البشير.
وقبل يومين تداول ناشطون على نطاق واسع معلومات عن تعيين عبد الرحمن مستشاراً لقائد قوات الدعم السريع، لكنّ الناطق باسمها نفى صحة تلك المعلومات.
وتشير تقارير بصحف سودانية محلية إلى أنّ الناطق باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي كان أحد أبرز قادة قطاع الشباب والطلاب في حزب المؤتمر الوطني.
وقد ضمّ المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، الذي جرى تأسيسه بعد اندلاع الحرب، عدداً من قادة وأعضاء الإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني، أبرزهم المستشار الباشا طبيق.
كما أعلن عدد من العناصر الشبابية والطلابية في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني مواقف مساندة لقوات الدعم السريع، وانضم آخرون إليها فعليّاً، مثل الصحفي إبراهيم بقال سراج، والناشط عبد المنعم الربيع.
اختار عدد من قادة الحركة الإسلامية ونظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير مساندة قوات الدعم السريع خلال الحرب الحالية.
هذا، ويرى مراقبون أنّ الإخوان المسلمين أدركوا أنّ الجيش يتعرض لهزيمة كبيرة على ارض الواقع، لهذا عادوا إلى اللعب على كل الأوتار حتى يضمنوا الحصول على المكتسبات السياسية.
وأضاف مراقبون لـ (حفريات) أنّ الحركة الإسلامية لا تكترث للجيش أو للقوات المسلحة أو حتى للشعب الذي يعاني، وهمّها الوحيد هو العودة إلى المشهد، بغضّ النظر عن الدبابة التي ستنقلها، أكانت للجيش أم لقوات الدعم السريع.
وشدد مراقبون على أنّ قفز بعض الإخوان من حضن الجيش إلى حضن قوات الدعم السريع، ليس مفاجئاً، فالحركة تعمد دائماً إلى توزيع الأدوار لتكون الرابح الأكبر في كل الصراعات والحروب.
الحركة الإسلامية تعلن فصل نائب أمينها العام حسبو محمد عبد الرحمن، بعد أن ثبت انضمامه إلى قوات الدعم السريع.
ويرى المحلل السياسي محمد حامد جمعة أنّ بعض الذين اختاروا المساندة أو الانضمام إلى قوات الدعم السريع، خلال الحرب الحالية، رأوا أنّ المشروع الذي تطرحه قوات الدعم السريع يتوافق مع رؤيتهم.
وقال جمعة لموقع (الحرة): إنّ "بعض القادة وعدداً من العناصر غادروا الحركة الإسلامية، وانضموا إلى قوات الدعم السريع، بدوافع قبلية ومناطقية وجهوية"، إذ ينتمي كثيرون منهم إلى دارفور.
وينتمي معظم مسلحي قوات الدعم السريع إلى القبائل العربية التي تسكن دارفور، بما في ذلك (حميدتي) الذي ينحدر من قبيلة الرزيقات، التي ينتمي إليها حسبو عبد الرحمن.
وأشار المحلل السياسي إلى أنّ بعض المجموعات التي تركت الحركة الإسلامية، وساندت قوات الدعم السريع، ترى أنّها تعرضت للإقصاء وحُرمت من شغل مناصب قيادية داخل الحركة أو في حكومة النظام السابق، ولذلك رأت أنّ مشروع قوات الدعم السريع ربما يحقق لها بعض أهدافها".
في المقابل، يشير الباحث في الشأن السوداني عمار صديق إسماعيل إلى أنّ المجموعات التي انضمت إلى قوات الدعم السريع من الحركة الإسلامية، آمنت بعدالة قضية قوات الدعم السريع، وبالرؤية التي تطرحها.
الناطق باسم قوات الدعم السريع، الفاتح قرشي، كان أحد أبرز قادة قطاع الشباب والطلاب في حزب المؤتمر الوطني.
وقال إسماعيل في تصرح صحفي: إنّ "الحديث عن دوافع قبلية أو جهوية أو مناطقية دفعت تلك المجموعات إلى قوات الدعم السريع، لا يبدو منطقياً أو معقولاً، بدليل أنّ منسوبين لمعظم الأطياف السياسية والفكرية بالسودان انضموا إلى قوات حمدتي".
وأشار الباحث في الشأن السوداني إلى أنّ قوات الدعم السريع تتبنّى قضية العدالة الاجتماعية ورفع الظلم عن الأقاليم المهمشة والمظلومة، وتنادي بإنصاف كل السودانيين، وعدم حصر الامتيازات على جهات أو مكونات بعينها، ممّا أغرى كثيرين لمساندتها".
وبدوره، يرى المحلل السياسي الجميل الفاضل أنّ انسلاخ بعض القادة من الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وانضمامهم لقوات الدعم السريع، يحاكي ما حدث داخل الحركة في أعوام سابقة، لافتاً إلى أنّ "خلافات الحركة دائماً ما تتحول إلى صراع دموي".
وقال الفاضل: إنّ "انشقاق نائب الأمين العام للحركة الإسلامية حسبو محمد عبد الرحمن، وانضمامه إلى قوات الدعم السريع، وفق ما ذكره بيان رسمي للحركة الإسلامية نفسها، يدلل على وجود صراع بينه وبين الأمين العام للحركة علي كرتي، المتهم بالضلوع في إشعال الحرب.
ولفت المحلل السياسي إلى أنّ "الصراع الحالي بين حسبو وكرتي يشابه الصراع الذي حدث بين الرئيس السابق عمر البشير وبين الأمين العام للحركة الإسلامية السابق الراحل حسن الترابي في 1999".
جمعة: إنّ الذين اختاروا المساندة أو الانضمام إلى قوات الدعم السريع خلال الحرب الحالية، رأوا أنّ المشروع الذي تطرحه قوات الدعم السريع يتوافق مع رؤيتهم.
وأضاف أنّ "الصراع بين الترابي والبشير قاد إلى اصطفاف جهوي وقبلي داخل الحركة الإسلامية، وتحوّل إلى حرب طاحنة في دارفور عام 2003، أدت إلى مقتل أكثر من (350) ألف شخص، وفق الأمم المتحدة".
ومضى قائلاً: "التجربة تتكرر بتماثل شديد بين الحالتين، إذ دائماً ما تتخذ صراعات الحركة الإسلامية طابعاً جهوياً ودموياً عنيفاً".
وفي السياق قالت صحيفة (الراكوبة) السودانية: إنّ المئات من الضباط الإسلاميين يتواجدون في قيادة قوات الدعم السريع، كما أنّ بعض مستشاري حميدتي السياسيين والأمنيين كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أنّ الحركة ستكون الرابح الوحيد بعد انتهاء الحرب، سواء بانتصار الجيش أم بانتصار قوات الدعم السريع، لكن بمستويات متفاوتة، خاصة أنّهم يُحكمون سيطرتهم على المؤسسات العسكرية التابعة للجيش.
يُذكر أنّ الحرب الدائرة تخدم الأهداف الاستراتيجية للحركة الإسلامية، وتمكنها من إعادة سيطرتها على ثروات البلاد ومقدراتها، وأنّ إطالة أمد الحرب تمكّن جماعة الإخوان من إعادة سيطرتها على الحياة السياسية والاقتصادية ومن تمرير أجندتها السياسية.
وقد أدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى مقتل أكثر من (14) ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، وتقول الأمم المتحدة: إنّ نحو (25) مليون شخص، أي نصف سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات، وإنّ المجاعة تلوح في الأفق، هذا إلى جانب تشريد الملايين من المواطنين.